ⴰⵏⵙⴰ ⵏ ⵜⵏⴱⴰⴹⵜ ⵜⴰⵎⵖⵔⵉⴱⵉⵜ

خطوة مهمة نحو تنزيل الورش الاستراتيجي.. افتتاح أشغال “المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة”

افتتحت اليوم الجمعة بطنجة، أشغال المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة، والتي تنظم على مدى يومين تحت شعار “الجهوية المتقدمة بين تحديات اليوم والغد” بحضور رئيس الحكومة وعدد من أعضاء الحكومة ورئيسي غرفتي البرلمان وعدد من المسؤولين المغاربة والأجانب.

وتميزت الجلسة الافتتاحية بالرسالة الملكية السامية التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى المشاركين في هذه المناظرة، والتي تلاها وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت.

ويشكل هذا الحدث، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بمبادرة من وزارة الداخلية وبشراكة مع جمعية جهات المغرب، لحظة مهمة في تنزيل ورش الجهوية المتقدمة، باعتباره إصلاحا هيكليا وخيارا استراتيجيا لتعزيز مسار التنمية الترابية، وذلك في ظل التوجيهات الملكية السامية.

أهداف

تتوخى المناظرة في نسختها الثانية، تكريس التفاعل الجماعي بين الفاعلين المعنيين، مؤسساتيين وغير مؤسساتيين حول الأسئلة ذات الاهتمام المشترك والمتصلة بتنزيل ورش الجهوية المتقدمة، وتقاسم حصيلة تنزيل الجهوية المتقدمة بين المنتخبين والفاعلين والشركاء الوطنيين والدوليين بعد تسع سنوات من الممارسة، وذلك من خلال تسليط الضوء على الإنجازات المحققة بهدف تثمينها، وكذلك الإكراهات من أجل مواجهتها، فضلا عن تقاسم المبادرات الفضلى والتجارب الناجحة لاسيما المتعلقة بالمشاريع الهيكلية.

وتروم المناظرة كذلك، تعميق النقاش وتجديد التفكير في التحديات الكبرى التي تواجه التنزيل الأمثل لورش الجهوية المتقدمة، سواء تعلق الأمر بتحديات الأمس التي لا زالت تتسم بالراهنية أو تحديات اليوم والغد التي تتطلب عملا استباقيا واستشرافيا لمواجهتها بالشكل الذي يسهم في تحقيق الغاية التي ارتضاها جلالة الملك محمد السادس نصره الله، من هذا الورش المجتمعي الواعد. في انتظار الخروج بتوصيات عملية وواقعية وقابلة للتنفيذ لمواجهة التحديات المطروحة على المدى القصير والمتوسط.

تحديات

وللإحاطة بمختلف أبعاد موضوع المناظرة “الجهوية المتقدمة بين تحديات اليوم والغد”، تم اعتماد مقاربة موضوعية تنضبط للخيط الناظم له، في إطار منطقي يربط بين تفعيل الاختصاصات وتعزيز الديمقراطية التشاركية وضمان الالتقائية بين اللامركيز واللاتمركز الإداري في ارتباطهما بين فعالية التخطيط ومتطلبات التنمية.

وتتمثل التحديات الثلاثة في تحدٍّ ذو بعد استراتيجي وظيفي مرتبط بجاذبية المجالات الترابية لجذب الاستثمار المنتج، في علاقتها بفعالية ممارسة الاختصاصات ونجاعة التلقائية بين اللامركزية واللاتمركز الإداري.

ويتمثل التحدي الثاني في كونه ذو طبيعة ميدانية وعملياتية مرتبطة بالتَّصدي لبعض الأزمات والتكيف مع التحولات التي تقتضي تكريس الديمقراطية التشاركية لمواجهة التحديات. فيما يتعلق التحدي الثالث بقدرة الجهات على تطوير وابتكار آليات تمويلية كفيلة بمواجهة هذه التحديات والتأثيرات.

وتتوزع أشغال هذه المناظرة، المنظمة من طرف وزارة الداخلية، بشراكة مع جمعية جهات المغرب، على ست ورشات، تتعلق بـ “تحديات تفعيل إختصاصات الجهة للنهوض بالجاذبية الترابية”، و”الإلتقائية بين اللامركزية واللاتمركز الإداري متطلب أساسي لتحفيز الاستثمار المنتج”، و”تحديات تمويل البرامج الاستثمارية للجهات”، و”تأمين التزود بالماء في ظل الإجهاد المائي بين التحديات الراهنة والرؤى المستقبلية”، و”تطوير منظومة النقل والتنقل المستدامين بالجهات: التحديات والآفاق، و”التحول الرقمي للجماعات الترابية، رافعة لترسيخ الحكامة الترابية وتعزيز المشاركة المواطنة”.

ويشارك في هذه المناظرة مسؤولون حكوميون ورؤساء الجهات، وأعضاء المجالس الجماعية، وخبراء، إضافة إلى فاعلين سياسيين واقتصاديين مغاربة وأجانب. وبحسب المنظمين يشهد هذا الحدث حضور أكثر من 1500 مشارك، و160 ضيفا دوليا، وأكثر من 45 ألف مشارك عن بعد.

مناظرة الجهوية المتقدمة.. جلالة الملك يدعو للخروج بخارطة طريق تتيح اعتماد توجهات استراتيجية للمرحلة القادمة

دعا صاحب الجلالة الملك محمد السادس، اليوم الجمعة، للخروج بخارطة طريق واضحة المعالم ومتوافق بشأنها تتيح اعتماد توجهات استراتيجية للمرحلة القادمة في تنزيل ورش الجهوية المتقدمة.

كما دعا جلالة الملك، في رسالة سامية وجهها جلالته إلى المشاركين في أشغال المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة، التي تستضيفها مدينة طنجة يومي 20 و21 دجنبر الجاري، إلى مواصلة الجهود لمواجهة مختلف التحديات الراهنة والمستقبلية، التي يطرحها هذا الورش المهيكل.

وأشار جلالته، في هذا السياق، إلى سبع تحديات كبرى، تتعلق بالأجرأة الفعلية للميثاق الوطني للاتمركز الإداري، وتدقيق وتفعيل اختصاصات الجماعات الترابية لاسيما منها المجالس الجهوية، وتعزيز الديمقراطية التشاركية على المستوى الجهوي والمحلي، تنفيذا لمقتضيات دستور المملكة.

كما يتعلق الأمر، يضيف جلالة الملك في الرسالة السامية، التي تلاها وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، بتحدي ربط المسؤولية بالمحاسبة، والارتقاء بجاذبية المجالات الترابية لجذب الاستثمار المنتج، وقدرة الجهات على ابتكار آليات تمويلية جديدة، والتصدي لبعض الأزمات والتكيف مع التحولات التي يفرضها واقع اليوم وتأثيرات الغد.

وفي ما يتعلق بتحدي تفعيل مضامين الميثاق الوطني للاتمركز الإداري، سجل جلالة الملك تأخر غالبية القطاعات الوزارية في التفعيل الحقيقي لورش اللاتمركز الإداري، مشيرا إلى أنه بالرغم من أهمية هذا الورش، لازالت تعتري تنفيذه نقائص، ولا سيما في مجال الاختصاصات ذات الأولوية المتعلقة بالاستثمار.

وقال جلالته في هذا الصدد “إن التأخر في وتيرة نقل هذه الاختصاصات إلى المصالح اللاممركزة من شأنه تعقيد الإجراءات الإدارية للاستثمار، وعدم تمكين المستثمرين من إنجازها في ظروف ملائمة”.

وبخصوص تحدي تدقيق وتفعيل اختصاصات الجماعات الترابية، لاسيما منها المجالس الجهوية، أكد جلالة الملك أنه يعد من الشروط الأساسية للتفعيل الحقيقي لورش الجهوية المتقدمة والنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.

وتابع جلالته بالقول ” إلا أن هذا الأمر أيضا، وبالرغم من المجهودات المبذولة في هذا المجال، لم يتحقق بعد على الوجه المطلوب”، داعيا إلى اعتماد مقاربة شاملة تضطلع فيها كل من القطاعات الوزارية المعنية والجماعات الترابية بمسؤولياتها الكاملة، بغية تحقيق الأهداف المتوخاة من تدقيق الاختصاصات الذي يعتبر مدخلا أساسيا للمرور إلى مرحلة التفعيل الكامل.

وبخصوص تحدي تعزيز الديمقراطية التشاركية على المستوى الجهوي والمحلي، تنفيذا لمقتضيات دستور المملكة، أكد جلالة الملك على أهمية تفعيل إشراك المواطنات والمواطنين وجمعيات المجتمع المدني في عملية صياغة وإعداد وتنفيذ ومراقبة وتقييم السياسات العمومية المتخذة بمعية المجالس المنتخبة، لبلوغ الأهداف المتوخاة منها.

وفي ما يتعلق بالتحدي الرابع المتعلق بربط المسؤولية بالمحاسبة في مجال تدبير الشأن الترابي، أبرز جلالته أن الجماعات الترابية الأخرى “بمقدورها كسب رهان التنمية والقطع مع الأنماط التقليدية للتدبير، من خلال إقرار واعتماد آليات الحكامة والديمقراطية والمشروعية والفعالية”.

وأضاف جلالة الملك أنه أصبح من الضروري تعزيز مبادئ التخليق ومحاربة الفساد، من خلال تطوير فلسفة الرقابة والمحاسبة، إعمالا للمبدأ الدستوري القائم على ربط المسؤولية بالمحاسبة.

وبالنسبة لتحدي الارتقاء بجاذبية المجالات الترابية لجذب الاستثمار المنتج، كرافعة أساسية لتقوية التنمية المستدامة، شدد جلالة الملك على أنه أصبح من اللازم أن تغتنم جهات المملكة الفرص المتاحة وتعمل على تثمين مؤهلاتها الخاصة.

وتابع جلالته بالقول إن “هذا رهان يتوقف ربحه على توفر استراتيجية إرادية تستهدف تعزيز الجاذبية على عدة أصعدة، من خلال توفير بيئة مواتية للمقاولات، إلى جانب بنيات تحتية حديثة، ويد عاملة مؤهلة وتحفيزات ملائمة، وعبر تثمين ما تزخر به مختلف جهات المملكة من ثروات طبيعية وموروث ثقافي وتاريخي”.

وأشار صاحب الجلالة إلى أن هذا الأمر يستدعي بالضرورة مقاربة مندمجة وتشاركية، مؤكدا أن الجماعات الترابية، والدولة، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، لابد أن يعكفوا سويا على بلورة وتنفيذ استراتيجيات طموحة لتعزيز الجاذبية، مع مراعاة خصوصيات كل جهة.

وبخصوص تحدي قدرة الجهات على ابتكار آليات تمويلية جديدة، أبرز جلالة الملك أن التجربة والممارسة العملية أتثبت أن أشكال التمويلات التقليدية لتمويل الاستراتيجيات والتدابير لم تعد كافية لمواجهة التحديات المطروحة.

وفي هذا الإطار، أكد جلالته على ضرورة بلورة أشكال تمويلية أخرى من شأنها تخفيف الضغط المالي على الجهات والجماعات الترابية الأخرى، مشيرا إلى أن هذا التحدي يسائل الفاعلين الترابيين عن مدى تفعيل النموذج الجديد للميزانية المحلية القائم على النجاعة، من جهة، وعن الانفتاح على أنماط تمويلية جديدة  تتيحها اليوم البيئة التشريعية المؤطرة للمالية المحلية، من جهة أخرى.

وبالنسبة للتحدي السابع والأخير الذي تطرق إليه جلالة الملك، فيتعلق بالتصدي لبعض الأزمات والتكيف مع التحولات التي يفرضها واقع اليوم وتأثيرات الغد.

وفي هذا السياق، أوضح جلالته أن مختلف الجهات قد تواجه جملة من التهديدات المتنامية التي تتوزع من حيث منشأها بين طبيعية واقتصادية وبيئية، مضيفا أن من شأن هذه التحديات، التي غالبا ما تتسم بطابعها المفاجئ وبعدم إمكانية التنبؤ بها، أن تقوض الجهود التنموية إذا لم يتم التصدي لها على النحو وفي الوقت الملائمين.

وشدد جلالة الملك، في هذا الإطار، على أنه يتعين على الجهات أن تبادر إلى تعزيز قدراتها على الاستباق والتكيف والتعلم المستمر، بدل التمسك ببرامج عمل تفتقر للمرونة.

جلالة الملك يوجه رسالة سامية إلى المشاركين في المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة

وجّه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، رسالة سامية إلى المشاركين في المنـاظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة التي تنعقد يومي 20 و21 دجنبر الجاري بمدينة طنجة.

وفي ما يلي نص الرسالة الملكية السامية التي تلاها وزير الداخلية السيد عبد الوافي لفتيت :

” الحمـد لله، والصـلاة والسـلام عـلى مـولانـا رسـول الله وآلـه وصحبـه.

حضـرات السيـدات والسـادة،

يطيب لنا، أن نتوجه إليكم في افتتاح المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة، التي تنعقد تحت رعايتنا السامية، تأكيدا للاهتمام البالغ الذي نوليه لهذا الورش الاستراتيجي، الذي من شأنه المساهمة في توطيد الحكامة الترابية الجيدة وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا، على المستويين الوطني والمحلي.

وإذا كانت النسخة الأولى من هذا الملتقى الوطني الهام قد شكلت مناسبة لاعتماد الإطار التوجيهي المتعلق بتفعيل ممارسة الجهة لاختصاصاتها الذاتية والمشتركة، والذي يعتبر إطارا مرجعيا مبنيا على مقاربة تشاركية، يستشرف سبل التعاون والشراكة بين الأطراف المعنية، فإن هذا الإطار قد شكل وسيشكل دائما مصدر التزام يسائل كافة الأطراف الموقعة عليه.

وإننا نتطلع لأن تشكل هذه المناظرة فرصة لاستعراض حصيلة تنزيل ورش الجهوية المتقدمة، ولتكريس التفاعل الإيجابي بين كافة المتدخلين، من مسؤولين حكوميين وممثلين عن المؤسسات العمومية ومنتخبين، حول الأسئلة ذات الاهتمام المشترك المتصلة بالتفعيل الأمثل لهذا الورش، وكذا البحث عن أنجع السبل لجعل الجهوية المتقدمة رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، قادرة على مواجهة تحديات التنمية، ومعالجة أوجه النمو غير المتكافئ، والتفاوتات المجالية.

حضـرات السيـدات والسـادة،

إذا كانت الولاية الانتدابية الأولى قد تزامنت مع إحداث وتفعيل مختلف هياكل مجالس الجهات، واستكمال إصدار النصوص التطبيقية للقوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية، وكذا اعتماد أولى وثائق التخطيط وبرامج التنمية، فضلا عن إصدار الميثاق الوطني للاتمركز الإداري، فإن الولاية الحالية تقتضي المرور إلى السرعة القصوى من أجل التجسيد الفعلي والناجع لهذا الورش المهيكل على أرض الواقع.

ومن هذا المنطلق، تقتضي المرحلة الحالية وقفة تقييمية للأشواط التي قطعتها بلادنا على درب إرساء أسس الجهوية المتقدمة، وتعزيز اللاتمركز الإداري، ولاسيما فيما يتعلق بتفعيل التوصيات المنبثقة عن الدورة الأولى للمناظرة في هذا الشأن.

وقد سبق لنا أن دعونا في الرسالة التي وجهناها للمشاركين في المناظرة الوطنية الأولى للجهوية المتقدمة لسنة 2019، إلى “وضع إطار منهجي، محدد من حيث الجدولة الزمنية، لمراحل ممارسة الجهات لاختصاصاتها”.

وفي هذا الصدد، يقتضي البعد الاستراتيجي لمسار الجهوية المتقدمة المزيد من انخراط كافة الفاعلين في مسلسل للتشاور والحوار البناء، بما ينسجم مع منطق التدرج والتطور في التنزيل الكامل لهذا الورش، وخاصة فيما يتعلق بتدقيق وتحديد وتملك الاختصاصات وممارستها بشكل فعال، من أجل رفع التحديات التي أفرزتها الممارسة العملية.

حضـرات السيـدات والسـادة،

في سياق حرصنا على ضمان تنزيل أمثل لورش الجهوية المتقدمة، فإننا ندعو إلى مواصلة الجهود لمواجهة مختلف التحديات الراهنة والمستقبلية، التي يطرحها هذا الورش المهيكل، نذكر من بينها سبع تحديات كبرى.

أولا: تحدي الأجرأة الفعلية للميثاق الوطني للاتمركز الإداري :

فكما هو معلوم، حظي ورش اللاتمركز الإداري بعناية خاصة من لدن جلالتنا منذ اعتلائنا العرش، بالنظر لأهميته الاستراتيجية ضمن الدينامية المؤسساتية المواكبة لتنزيل الجهوية المتقدمة.

وقد دعونا، في هذا الصدد، إلى التسريع بتفعيل مضامين الميثاق الوطني للاتمركز الإداري، من خلال الرسالة الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية الأولى للجهوية المتقدمة، حيث شددنا على ضرورة “تعبئة كل الطاقات والانخراط الفعلي لكافة القطاعات الوزارية في تفعيل هذا الميثاق، عبر التسريع من وتيرة إعداد التصاميم المديرية للاتمركز الإداري، والتي يجب أن تكون مبنية على نقل فعلي للاختصاصات الوظيفية والصلاحيات التقريرية إلى المستوى الجهوي”.

غير أنه لوحظ، في هذا الإطار، تأخر غالبية القطاعات الوزارية في التفعيل الحقيقي لورش اللاتمركز الإداري. فبالرغم من أهميته، لازالت تعتري تنفيذه نقائص، ولا سيما في مجال الاختصاصات ذات الأولوية المتعلقة بالاستثمار. حيث إن التأخر في وتيرة نقل هذه الاختصاصات إلى المصالح اللاممركزة من شأنه تعقيد الإجراءات الإدارية للاستثمار، وعدم تمكين المستثمرين من إنجازها في ظروف ملائمة.

ثانيا: تحدي تدقيق وتفعيل اختصاصات الجماعات الترابية لاسيما منها المجالس الجهوية، والذي يعد من الشروط الأساسية للتفعيل الحقيقي لورش الجهوية المتقدمة  والنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد. إلا أن هذا الأمر أيضا، وبالرغم من المجهودات المبذولة في هذا المجال، لم يتحقق بعد على الوجه المطلوب.

وفي هذا الإطار، ندعو إلى اعتماد مقاربة شاملة تضطلع فيها كل من القطاعات الوزارية المعنية والجماعات الترابية بمسؤولياتها الكاملة، بغية تحقيق الأهداف المتوخاة من تدقيق الاختصاصات الذي يعتبر مدخلا أساسيا للمرور إلى مرحلة التفعيل الكامل.

ثالثا: تحدي تعزيز الديمقراطية التشاركية على المستوى الجهوي والمحلي، تنفيذا لمقتضيات دستور المملكة، وهو ما يقتضي تفعيل إشراك المواطنات والمواطنين وجمعيات المجتمع المدني في عملية صياغة وإعداد وتنفيذ ومراقبة، وتقييم السياسات العمومية المتخذة بمعية المجالس المنتخبة، لبلوغ الأهداف المتوخاة منها.

رابعا: تحدي ربط المسؤولية بالمحاسبة في مجال تدبير الشأن الترابي :

بما أن الجهات بمعية الجماعات الترابية الأخرى أضحت مكونا رئيسيا للامركزية ببلادنا وركيزة أساسية في التدبير الترابي، ومن تم بمقدورها كسب رهان التنمية والقطع مع الأنماط التقليدية للتدبير، من خلال إقرار واعتماد آليات الحكامة والديمقراطية والمشروعية والفعالية، فقد أصبح من الضروري تعزيز مبادئ التخليق ومحاربة الفساد، من خلال تطوير فلسفة الرقابة والمحاسبة، إعمالا للمبدأ الدستوري القائم على ربط المسؤولية بالمحاسبة.

خامسا: تحدي الارتقاء بجاذبية المجالات الترابية لجذب الاستثمار المنتج، كرافعة أساسية لتقوية التنمية المستدامة :

ففي سياق العولمة واشتداد المنافسة، بات من المسلم به أن جاذبية أي مجال ترابي تلعب دورا أساسيا في تحفيز النمو الاقتصادي، وخلق فرص الشغل، وتحسين ظروف عيش المواطنين.

ومن هذا المنطلق، أصبح من اللازم أن تغتنم جهات المملكة الفرص المتاحة وتعمل على تثمين مؤهلاتها الخاصة. وهذا رهان يتوقف ربحه على توفر استراتيجية إرادية تستهدف تعزيز الجاذبية على عدة أصعدة، من خلال توفير بيئة مواتية للمقاولات، إلى جانب بنيات تحتية حديثة، ويد عاملة مؤهلة وتحفيزات ملائمة، وعبر تثمين ما تزخر به مختلف جهات المملكة من ثروات طبيعية وموروث ثقافي وتاريخي.

وهو ما يستدعي بالضرورة مقاربة مندمجة وتشاركية. فلا بد للجماعات الترابية، والدولة، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني أن يعكفوا سويا على بلورة وتنفيذ استراتيجيات طموحة لتعزيز الجاذبية، مع مراعاة خصوصيات كل جهة.

سادسا: تحدي قدرة الجهات على ابتكار آليات تمويلية جديدة :

فقد أثبتت التجربة والممارسة العملية أن أشكال التمويلات التقليدية لتمويل الاستراتيجيات والتدابير لم تعد كافية لمواجهة التحديات المطروحة، مما يقتضي معه بلورة أشكال تمويلية أخرى من شأنها تخفيف الضغط المالي على الجهات والجماعات الترابية الأخرى.

وهذا التحدي يسائل الفاعلين الترابيين عن مدى تفعيل النموذج الجديد للميزانية المحلية القائم على النجاعة، من جهة، وعن الانفتاح على أنماط تمويلية جديدة  تتيحها اليوم البيئة التشريعية المؤطرة للمالية المحلية، من جهة أخرى.

سابعا: تحدي التصدي لبعض الأزمات والتكيف مع التحولات التي يفرضها واقع اليوم وتأثيرات الغد :

بموازاة السعي إلى النهوض بجاذبية المجالات الترابية، لا ينبغي إغفال ضرورة تدبير المخاطر والأزمات. فمختلف الجهات قد تواجه جملة من التهديدات المتنامية التي تتوزع من حيث منشأها بين طبيعية واقتصادية وبيئية. كما أن من شأن هذه التحديات، التي غالبا ما تتسم بطابعها المفاجئ وبعدم إمكانية التنبؤ بها، أن تقوض الجهود التنموية إذا لم يتم التصدي لها على النحو وفي الوقت الملائمين.

ولذلك، لا بد من تبني مقاربة أكثر مرونة وتفاعلية في التخطيط الجهوي. فبدل التمسك ببرامج عمل تفتقر للمرونة، ينبغي للجهات أن تبادر إلى تعزيز قدراتها على الاستباق والتكيف والتعلم المستمر.

إن الجهات المغربية قادرة على بناء مجالات ترابية أكثر قدرة على مواجهة التغيرات والصمود في وجه الأزمات، وعلى مجابهة التحديات الراهنة والمستقبلية، إذا ما قامت بإدماج استراتيجية تدبير المخاطر على نحو كامل ضمن برامجها التنموية. فذلك رهان أساسي من أجل ضمان تنمية مستدامة وشاملة لمجموع ربوع المملكة.

حضـرات السيـدات والسـادة،

من بين هذه الإشكاليات والمخاطر التي تعيق جهود التنمية بجهات مملكتنا العزيزة، والتي يجب مواجهتها والتغلب عليها، هناك: تدبير أزمة الإجهاد المائي، وتطوير منظومة النقل والتنقل، والانخراط في مسار التحول الرقمي.

فمعلوم أن المغرب أصبح، منذ مدة، يعيش في وضعية إجهاد مائي هيكلي، كما سبق وأكدنا على ذلك بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية لسنة 2022.

ولا شك أن إشكالية الإجهاد المائي تسائل كافة المعنيين، بما في ذلك الجهات والجماعات الترابية، المطالبين بالتعامل مع هذا المعطى، بكل ما يقتضيه ذلك من جدية وتظافر للجهود. فالأمر لا يقتصر على توفير التجهيزات المائية فحسب، رغم أهميتها، بل يتعداه إلى ضرورة إرساء حكامة مائية لتعزيز المقاربة المندمجة للسياسة العمومية في مجال الماء، خصوصا وأن مواجهة الإجهاد المائي تعتبر مدخلا أساسيا للتنمية الترابية المستدامة.

ولبلوغ هذا المبتغى، فإن الجهات وباقي الجماعات الترابية مدعوة، كل حسب اختصاصاته، الذاتية والمشتركة، بمعية باقي المتدخلين في هذا القطاع الحيوي، لإطلاق برامج ومبادرات أكثر طموحا في إطار استراتيجية وطنية لاقتصاد الماء بتراب الجهة، والعمل على المساهمة في تنزيلها عبر تدابير إجرائية فعالة.

أما فيما يتعلق بتطوير منظومة النقل والتنقل لتحقيق التنمية الجهوية المندمجة، فمن المؤكد أن هذا القطاع سيعرف خلال السنوات القليلة المقبلة تطورا بوتيرة متسارعة، نظرا للدينامية المتنامية لمكانة بلادنا كقطب جهوي جاذب للاستثمارات، وللأوراش الكبرى التي تم إطلاقها في إطار استعدادات بلادنا لتنظيم كأس العالم 2030.

واعتبارا لذلك وللتحديات الكبرى التي تواجه المغرب في بداية الألفية الثالثة، والطموحات والأهداف الاستراتيجية التي حددتها الدولة، أصبح تطوير منظومة للنقل تتمتع بالشمولية والاستدامة مطلبا أساسيا لتحقيق التنمية الترابية المندمجة، ومدخلا رئيساً لتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية على المستوى الترابي.

ولتحقيق هذا المسعى، فإن الجهات والجماعات الترابية مطالبة بالمساهمة، إلى جانب المجهودات التي تقوم بها الدولة، في تطوير هذا القطاع.

وبخصوص التحول الرقمي بالجماعات الترابية، فقد أصبح اليوم، من جهته، شرطا وليس اختيارا لمسايرة الثورة التكنولوجية التي يعرفها عالم اليوم. فلا يمكن تصور أي عملية تنموية ترابية بدون تنمية رقمية، خصوصا وأننا نشهد إدماجا متزايدا للتكنولوجيا الرقمية في جميع مجالات تدبير الشأن الترابي.

حضـرات السيـدات والسـادة،

استشعارا من بلادنا لحجم التحديات والإشكاليات المطروحة أمامها، ومن منطلق إيماننا بالأهمية البالغة التي يكتسيها ورش الجهوية المتقدمة، وما تقتضيه المرحلة الحالية من وقفة تأملية تقييمية لحصيلة تنزيله، وخصوصا فيما يتعلق بتفعيل التوصيات الصادرة عن النسخة الأولى لهذه المناظرة، فإننا ندعوكم للخروج بخارطة طريق واضحة المعالم ومتوافق بشأنها، تتيح اعتماد توجهات استراتيجية للمرحلة القادمة.

وإذ نتطلع، في ختام مناظرتكم، للتوصيات والخلاصات الوجيهة والبناءة التي ستتمخض عنها، فإننا نسأل الله تعالى أن يكلل أعمالكم بالنجاح، ويوفقكم لما فيه مصلحة الوطن والمواطنين.

والسـلام عليكـم ورحمـة الله تعـالـى وبـركـاتـه ” .

سيُحدث 20.000 منصب شغل .. تطوير المحطة السياحية “موكادور” باستثمار قدره 2.3 مليار درهم

يُعَدّ التوقيع على اتفاقية تطوير المحطة السياحية “موكادور” باستثمار قدره 2.3 مليار درهم، الذي جرى الخميس 19 دجنبر الجاري، بمدينة الصويرة، محطة هامة ستعزز مكانة مدينة الصويرة في مصاف الوجهات السياحية العالمية. وفي إطار تعزيز دور السياحة كرافعة للتنمية السوسيو اقتصادية بالمملكة، انسجاما مع الرؤيةالملكية المتبصرة.

ويهدف مشروع محطة “موكادور”، والذي يتمتع بأهمية استراتيجية على صعيد الاقتصاد المحلي والوطني، إلى رفع الطاقة الإيوائية إلى 3.700 سرير، بزيادة تقدر بـ 35٪ مقارنة بالطاقة الإيوائية الحالية للمدينة. كما سيمكن من إحداث 20.000 منصب شغل جديد مباشر وغير مباشر.

ويندرج هذا المشروع الطموح بمدينة الصويرة، التي تُعد رمزا للتنوع الثقافي والتراث العالمي، في إطار رؤية شاملة لإنعاش السياحة في بلادنا، تجمع بين تنزيل الاستثمارات الاستراتيجية، وخلق فرص الشغل اللاّئق، وتعزيز التراث الثقافي والطبيعي للمملكة.

وجرى توقيع هذه الاتفاقية خلال حفل ترأسه رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، بحضور مستشار جلالة الملك، أندري أزولاي، من طرف تحالف للمستثمرين السياحيين في الشرق الأوسط، يتكون من نجيب ساويرس، وحسين النويس، وحسام الشاعر. ويعتزم هؤلاء المستثمرون تنفيذ 50٪ من الاستثمارات في محطة “موكادور” بحلول عام 2030.

ويشمل المشروع توسعة فندق “سوفيتيلموكادور”، وإنشاء ثلاثة فنادق مطلة على الواجهة البحرية، و”كلوب ميد”، ونادي شاطئي، وقرية ترفيهية، بالإضافة إلى ملعب للغولف، مما سيعزز جاذبية الصويرة في العرض السياحي المتعلق بالسياحة الرياضية والثقافية.

وفي كلمة بالمناسبة، أكد رئيس الحكومة، أن هذا المشروع سيساهم في ترسيخ مكانة المغرب كوجهة سياحية رائدة، بالنظر لما يمكن أن يخلقه من دينامية اقتصادية واجتماعية في القطاع السياحي، في مدينة الصويرة، مستحضرا دعوة جلالة الملك، نصره الله، إلى أن تصبح الواجهة الأطلسية للمملكة فضاء للتواصل الإنساني، والتكامل الاقتصادي، والإشعاع القاري والدولي.

وأضاف رئيس الحكومة، أن هذا المشروع المتميز يمثل لبنة في المسار المتواصل للبناء ‏والتشييد، وسيساهم في تعزيز البنيات التحتية للمدن وعصرنتها، كما يريدها ‏صاحب الجلالة، أعزه الله.‏

وشدد على أن الحكومة تولي اهتماما كبيرا لتشجيع الاستثمارات ذات الصلة بالقطاع السياحي، وغيرها من القطاعات الأخرى التي تساهم في سلاسل القيمة وخلق فرص الشغل، مبرزا أن الحكومة تتيح للمستثمرين مجموعة من الأدوات والآليات لتنزيل مشاريعهم على أكمل وجه.

حضر هذا الحفل أيضا كل من وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح، ووزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني فاطمة الزهراء عمور، والوزير المنتدب المكلف بالاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية كريم زيدان، وعامل إقليم الصويرة عادل المالكي، والمدير العام للشركة المغربية للهندسة السياحية عماد برقاد، ورئيس المجلس الجماعي للصويرة طارق العثماني، إضافة إلى عدد من الشخصيات وكبار المسؤولين، لاسيما في القطاع البنكي.

رئيس الحكومة يستعرض الإنجازات المحققة في مجال البنيات التحتية الأساسية باعتبارها رافعة للتنمية

قال رئيس الحكومة عزيز أخنوش، إن نموذج “مغرب المستقبل”، الذي يتصوره جلالة الملك محمد السادس نصره الله، يتجسد في رسم معالم “مغرب جديد” قائم على التكامل العميق بين مكتسباتنا الوطنية والإرادة الجماعية، وهو التصور الملكي الذي يراهن في نفس الوقت، على استثمار كافة المؤهلات والإمكانات التي تزخر بها المملكة، في سبيل تحقيق إقلاع حضاري وتنموي شامل، وتوطيد دعائم نموذج وطني متفرد، مبني على رؤية استراتيجية مستقبلية طموحة.

وأكد رئيس الحكومة، خلال تقديم عرضه بالبرلمان خلال جلسة شهرية حول موضوع “البنيات التحتية الأساسية رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية”، الاثنين 16 دجنبر 2024، على أن موضوع “البنيات التحتية” يشكل أهم الأولويات التي ارتكز عليها المسار التنموي الذي يقوده صاحب الجلالة، نصره الله، منذ اعتلاء عرش أسلافه المنعمين، وذلك في إطار مشروع مجتمعي طموح وبمنظور واضح وشامل يقوم على التوازن بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية، وعلى ضمان العدالة المجالية.

وأبرز أن المشاريع الاستراتيجية الكبرى للبنية التحتية شكلت أحد أبرز أوجه التحديث والتطوير الذي تشهده المملكة، في عهد جلالة الملك، حفظه الله، ورافعة لكل الاستراتيجيات القطاعية والتنموية الطموحة التي وضعتها بلادنا. وهو ما مكن المملكة من بلوغ المكانة الرائدة التي صارت تحظى بها في هذا المجال قاريا وإقليميا، حيث احتلت بلادنا المركز الأول إفريقياً في مجال تطور البنية التحتية، برصيد 85,8% حسب “مؤشر الحكامة الإفريقية لسنة 2024” الذي صدر نهاية أكتوبر الماضي. كما أصبح ميناء طنجة المتوسط يحتل المرتبة الأولى في حوض البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا كأكبر ميناء للحاويات، وغير ذلك من الإنجازات المحققة في مجالات البنيات التحتية الكبرى والمتنوعة التي تحدد معالم مغرب اليوم والغد.

واستحضر أخنوش بالأرقام ما حققته بلادنا خلال 25 سنة على مستوى إنجاز البنيات التحتية وتحديثها، مبرزا أن المملكة انتقلت من 80 كيلومتر من الطرق السيارة سنة 1999 إلى 1.800 كيلومتر حاليا. كما صار المغرب يحتل المركز 16 عالميا على مستوى كثافة وجودة الطرق بما يناهز 58 ألف كيلومتر، منها 2.164 كيلومترا من الطرق السريعة، مع معدل طرق معبدة يبلغ حوالي 80%، فضلا عن بلوغ 2.309 كيلومترات من خطوط السكك الحديدية، منها 200 كيلومتر من الخطوط السريعة و64% من الخطوط المكهربة.

وأشار إلى أن عدد المطارات انتقل من 15 مطارا سنة 1999 إلى 25 مطارا حاليا، منها 19 مطارا دوليا، موزعة على مختلف ربوع المملكة، إضافة إلى انتقال عدد الموانئ من 24 ميناء سنة 1999 إلى 43 ميناء حاليا، منها 14 ميناء تجاريا متعدد الاختصاصات، و22 ميناء للصيد البحري، و7 موانئ خاصة بالترفيه، فيما ارتفع عدد السدود من 95 سدا سنة 1999 إلى 154 سدا كبيرا حاليا بسعة تفوق 20 مليار متر مكعب.

ولأن تنمية المجال الترابي يظل أحد التوجهات الكبرى للرؤية الملكية المتبصرة، يؤكد رئيس الحكومة، عملت بلادنا على تدارك الخصاص في الولوج إلى البنيات التحتية الأساسية في الصحة والتعليم والكهرباء والماء، سواء من خلال استثمارات قطاعية أو عبر استثمارات من خلال برامج خاصة، من قبيل برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية بالعالم القروي الذي خصصت له ميزانية 50 مليار درهم برسم الفترة 2017-2023، إلى جانب برنامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.

وأبرز أنه بفضل هذه الرؤية الملكية المتبصرة في المجالات الاجتماعية وجهود تقليص الفوارق المجالية، انتقل عدد المستشفيات من 112 سنة 1999 إلى 177 سنة 2024، بزيادة قدرها %58. كما انتقل عدد مؤسسات الرعاية الصحية الأولية من 2.138 إلى 3.066 خلال نفس الفترة، أي بزيادة قدرها 143%. كما ارتفع عدد المؤسسات التعليمية من 7.455 مؤسسة سنة 1999 إلى 12.133 مؤسسة سنة 2024، أي بإحداث 4.678 مؤسسة خلال هذه الفترة، منها 62% بالوسط القروي، وانتقل عدد المؤسسات الجامعية من 73 مؤسسة برسم السنة الجامعية 1999-2000 إلى 162 مؤسسة برسم السنة الجامعية 2024-2025، في حين ارتفع عدد المؤسسات التابعة لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل من 185 مؤسسة سنة 1999 إلى 474 مؤسسة سنة 2024، كما تم افتتاح 7 مدن للمهن والكفاءات حاليا على مستوى 7 جهات.

وأفاد رئيس الحكومة أن برنامج “مدن بدون صفيح” مكّن من تحسين ظروف عيش ما يناهز 347.277 أسرة، ومن إعلان 61 مدينة بدون صفيح من أصل 85 مدينة.

أما على صعيد البنيات التحتية المجالية، يقول أخنوش، فمَكّنت تدخلات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من تأهيل 8.200 كيلومتر من المسالك والطرق، واستفادة 230.000 أسرة من الماء الصالح للشرب مع ربط 60.000 مسكن بشبكة الكهرباء، وتأهيل 519 مركز صحي.

وأشار أخنوش إلى أن برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية الموجه أساسا لتنمية المناطق القروية والجبلية ساهم في إحداث وتهيئة 20.864 كيلومتر من الطرق والمسالك، و222 منشأة فنية، و 3.940 عملية تشييد وإعادة بناء وتوسعة للبنيات التحتية التعليمية، و 713 عملية صيانة وتأهيل للبنيات التحتية التعليمية، و 194 عملية تجهيز للمؤسسات التعليمية، و 921 عملية بناء وإعادة بناء وتوسعة وصيانة للبنيات التحتية الصحية، و867 عملية تجهيز للمؤسسات الصحية، إلى جانب إطلاق 734 منظومة للتزويد بالماء الشروب، تم إنجاز 683 منها، وإطلاق 38.403 عملية للربط الفردي والمختلط وعبر النافورات، أُنجزت منها 30.722، وتوسيع شبكة الماء الصالح للشرب بحوالي 1.092 كيلومتر، وكهربة 1.135 قرية، وتمديد الشبكة الكهربائية على طول 1.070 كلم.

وأكد رئيس الحكومة عزيز أخنوش، أن تزامن الولاية الحكومية الراهنة مع الرؤية الملكية السامية لبناء “مغرب المستقبل”، جعل منها ولاية تأسيسية بامتياز على المستوى الإصلاحي، وهو ما يَعدُ بعشرية تنموية فارقة في تاريخ بلادنا، تقوم على ترسيخ أسس الدولة الاجتماعية ونهضة اقتصادية قادرة على خلق القيمة المضافة العالية وإتاحة المجال للمبادرة المقاولاتية وتحفيز الاستثمار.

  وأبرز رئيس الحكومة، أن هذه الاستراتيجية التنموية بعيدة المدى، تراهن الحكومة على أن تستكمل أهدافها الكبرى في أفق 2030، باعتبارها فرصة تاريخية للتسريع بتحقيق هذا التحول النوعي في نموذجنا الاقتصادي. وهو ما باشرت الحكومة بتنفيذه بكامل المسؤولية، عبر التحديد الدقيق للأولويات الاستراتيجية، وإحداث قطيعة مع كل الاختلالات وسوء الحكامة التي شابت تدبير قطاعات عديدة.

وأكد أخنوش أنه منذ تولي الحكومة المسؤولية، كانت الضرورة ملحة، لمراجعة ضعف المقاربات والحلول الكلاسيكية المعتمدة في فترات تدبيرية سابقة، والتي غاب عنها الوضوح وافتقدت للرؤية اللازمة، ولم تعطي النتائج المرجوة منها، في ملفات عديدة، كإشكالية الإجهاد المائي والاستثمار وتأهيل الرأسمال البشري.

ولهذه الغاية، يؤكد عزيز أخنوش، أن الحكومة عملت على تحفيز الاستثمار الخاص لاسيما عبر إخراج ميثاق الاستثمار الذي من شأنه أن يُعطي دفعة ملموسة على مستوى جاذبية بلادنا للاستثمارات الخاصة الوطنية والأجنبية، عبر مختلف التحفيزات التي يقدمها، موازاة مع الإصلاحات التي اتخذَتها فيما يخص مناخ الأعمال.   

من جانب آخر، أشار أخنوش أنه بالرغم من تحدي استعادة التوازنات المالية التي تفاقمت نتيجة أزمة “كوفيد”، فإن الحكومة كانت مصرة على رفع مجهود الاستثمار العمومي بشكل غير مسبوق، حيث ارتفع من 230 مليار درهم سنة 2021، إلى 335 مليار درهم سنة 2024 (و340 مليار درهم برسم مشروع قانون المالية لسنة 2025).

وأبرز أن الحكومة حرصت من خلال هذا المجهود الاستثماري على مواكبة مختلف الاستراتيجيات القطاعية، وعلى سبيل المثال:

  • استراتيجية الجيل الأخضر: حيث تم الرفع من الميزانية المخصصة للقطاع الفلاحي من 15,3 مليار درهم سنة 2021، إلى 19,5 مليار درهم سنة 2024 (و20,2 مليار درهم برسم مشروع قانون المالية لسنة 2025)؛

     الاستراتيجية السياحية: عبر الرفع من الميزانية المخصصة للقطاع السياحي من 1,3 مليار درهم سنة 2021 إلى 1,6 مليار درهم سنة 2024 (و2,6 مليار درهم برسم مشروع قانون المالية لسنة 2025)؛

–     المغرب الرقمي: حيث ارتفعت الميزانية المخصصة للقطاع من 91 مليون درهم سنة 2021 إلى أزيد من 2 مليار درهم سنة 2024 (وأزيد من 2 مليار درهم برسم مشروع قانون المالية لسنة 2025).

البنية التحتة الطرقية والبحرية والجوية

أكد رئيس الحكومة عزيز أخنوش، أن الحكومة عملت منذ تنصيبها على إنجاح عدة تحولات كبرى، وفي مقدمتها إطلاق مشاريع كبرى للبنيات التحتية في مختلف المجالات، سيكون لها الأثر الإيجابي في تعزيز ولوجية بلادنا وتيسير اندماجها الترابي عبر شبكة لوجيستية تستجيب للمعايير الدولية.

وسجل رئيس الحكومة خلال تقديمه عرضا بجلسة عمومية بالبرلمان حول موضوع “البنيات التحتية الأساسية رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية”، الاثنين 16 دجنبر 2024، بارتياح شديد، تربع المغرب على مراكز متقدمة قاريا وعربيا في التصنيفات الدولية من حيث جودة البنية التحتية، وهو ما يعزز من القدرة التنافسية للمغرب، ويرفع جاذبيته على المستويين الداخلي والخارجي.

البنيات التحتية الطرقية والجوية والبحرية

وأبرز أخنوش أن الحكومة تسهر على تنفيذ برامج استثمارية تهم الطرق المزدوجة، عبر تسريع وتيرة إنجاز الطريق السريع تيزنيت – الداخلة على امتداد 1.055 كيلومتر و16 منشأة فنية بكلفة مالية إجمالية تناهز 8,8 ملايير درهم، ستمكن من تعزيز الإشعاع السوسيو-اقتصادي لأقاليمنا الجنوبية. كما تم إرساء نظرة مستقبلية في أفق 2030، تتجسد من خلال تسريع الأشغال المتعلقة ببناء محور برشيد–تيط مليل بكلفة 2,5 مليار درهم، وتثليث محور الدار البيضاء – برشيد.

كما تمت برمجة مشروع الطريق السيار القاري بين الرباط والدار البيضاء بكلفة إجمالية تقدر بــ 6 ملايير درهم، يضيف رئيس الحكومة، ومشروع الطريق السيار كرسيف-الناظور بكلفة إجمالية تقدر بـــ 7 ملايير درهم، من أجل تعزيز ربط جهة الشرق وضمان ربط ميناء الناظور غرب المتوسط الجديد بشبكة الطرق السيارة الوطنية، وهو ما سيكون له وقع بالغ الأهمية على حجم المبادلات التجارية والسياحية وتحسين مستوى الخدمة الطرقية.

1- النقل السككي

وأفاد أخنوش أن الحكومة تعمل على تمديد الخط فائق السرعة من القنيطرة إلى مراكش، على طول 430 كيلومتر بتكلفة تقدر بــ 53 مليار درهم، مع ربط مطار الرباط والدار البيضاء. ومن المنتظر أن يمتد هذا الخط من مراكش إلى أكادير على طول 240 كيلومتر، مع الطموح إلى مواصلة مد شبكة السكك الحديدية نحو جنوب المملكة مستقبلا، خاصة نحو مدينتي العيون والداخلة.

2- النقل الجوي

وذكر رئيس الحكومة أن تعزيز شبكة المطارات ببلادنا وتنزيل خارطة الطريق للسياحة، مكنت من تسجيل حركة النقل الجوي لأرقام قياسية تجاوزت 27,1 مليون مسافر سنة 2023 مقابل 25,1 مليون مسافر سنة 2019، مع بلوغ رقم قياسي جديد بلغ 24,3 مليون مسافر خلال الفترة الممتدة من يناير حتى نهاية شتنبر 2024، بزيادة قدرها 19,7% مقارنة بنفس الفترة من السنة السابقة.

ومواصلة لهذه الدينامية، أبرز أخنوش أن الحكومة وضعت مخططا لمضاعفة سعة النقل الجوي في إطار خارطة الطريق لقطاع السياحة 2023-2026، عبر إطلاق أزيد من 32 خطا جويا جديدا، بسعة إجمالية تقدر بــ 250.000 مقعد، حيث مكنت هذه التدابير من تخفيف العزلة عن مجموعة من الجهات المغربية، وإعطاء دفعة قوية للسياحة من خلال بلوغ 14,5 مليون سائح سنة 2023، بزيادة 34% مقارنة مع سنة 2022، وتحقيق 104 مليار درهم من عائدات السفر، وتأكدت هذه الدينامية خلال سنة 2024، حيث تم تسجيل 14,6 مليون سائح إلى غاية متم شهر أكتوبر الماضي، متجاوزا عدد السياح الوافدين خلال سنة 2023.

وفي هذا السياق المطبوع بديناميته الايجابية، أكد أخنوش أن الحكومة تعمل على توسيع الطاقة الاستيعابية لمختلف المطارات بهدف بلوغ 80 مليون مسافر بحلول سنة 2030 عوض 40 مليون مسافر حاليا، حيث يتم حاليا إنجاز أشغال توسعة وتجهيز كل من مطارات الرباط-سلا وتطوان والحسيمة الشريف الإدريسي، إضافة إلى أشغال تهيئة المطارات بكل من فاس وطنجة ومراكش وبني ملال وزاكورة والناظور.

وفي إطار الاستعداد لاستحقاقات كأس العالم 2030، سجّل عزيز أخنوش، أن الحكومة تعمل على تطوير وتوسعة مطار محمد الخامس الدولي من أجل بلوغ 23,3 مليون مسافر بحلول سنة 2030، عبر إنشاء مدرج ثالث، ومرافق إضافية بمبنى الركاب. كما سيتم بناء محطة قطار فائق السرعة جديدة، مما سيوفر روابط مباشرة من المطار المذكور إلى ملعب الحسن الثاني الكبير (في 20دقيقة) وثلاث مدن أخرى مستضيفة للمونديال (طنجة، والرباط ومراكش).

وأبرز أن الحكومة ستعمل على الرفع من الطاقة الاستيعابية لمطار مراكش لاستيعاب 14 مليون مسافر متوقع بحلول عام 2030، عبر تحسين ومضاعفة مساحة مبنى الركاب، وتوسيع منطقة انتظار الطائرات. كما ستعمل على تجديد مطار أكادير بهدف تعزيز قدرته الاستيعابية لاستقبال ما يعادل 6,3 مليون مسافر بحلول سنة 2030، من خلال إعادة تأهيل وتوسعة المحطة الحالية، إضافة إلى تعزيز البنية التحتية الخارجية. لافتا إلى أن الكلفة الاجمالية لهذه المشاريع تتجاوز 40 مليار درهم.

3- النقل البحري

وقال أخنوش إن الحكومة واعية بالأهمية التي تكتسيها البنية التحتية للموانئ في الاقتصاد الوطني، حيث أن معظم المبادلات التجارية الخارجية للمغرب تتم عبر الطريق البحري، مما يشكل رافعة للاندماج الاقتصادي للمغرب. لذلك تواصل الحكومة تطوير شبكة الربط البحري، عبر بناء العديد من الموانئ، لاسيما ميناء الناظور غرب المتوسط بكلفة بلغت 11,56 مليار درهم، والذي من المتوقع انتهاء الأشغال به خلال الأشهر الأولى من سنة 2025، والتقدم في إنجاز الميناء الجديد الداخلة الأطلسي بكلفة تناهز 13 مليار درهم.

موازاة مع ذلك، تعمل الحكومة على توسعة العديد من الموانئ الأخرى، تلبية للطلب المتزايد على خدماتها، بكل من الجبهة وآسفي وأكادير.

تعزيز الأمن الاستراتيجي لقطاعات ذات أولوية

قال رئيس الحكومة عزيز أخنوش، إن الطابع الهام الذي تكتسيه قضايا السيادة ضمن التوجهات الملكية السامية، دفع الحكومة للتعاطي بجدية ومسؤولية من أجل تعزيز الأمن الاستراتيجي للقطاعات ذات الأولوية، لاسيما فيما يتعلق بمواجهة الإجهاد المائي والسيادة الغذائية، وتعزيز الأمن الطاقي للمملكة والنهوض بالصناعة الوطنية.

وأثار أخنوش انتباه مجلس النواب، إلى أن الحكومة أولت عناية استثنائية لهذه المجالات الحيوية، عبر تمكينها من مسارات واعدة للتحول، وإعادة تشكيل إمكاناتها الإنتاجية. بما يعزز من قدرتها على مواكبة الحاجيات الوطنية ومواجهة المخاطر.

1- الأمن المائي

وكشف رئيس الحكومة أن الحكومة انكبت على تسريع تنزيل البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب والسقي (2020-2027)، وذلك تجسيدا للتوجيهات الملكية السامية التي تروم تعزيز العرض من الموارد المائية لضمان تلبية احتياجات البلاد بنسبة 100% من الماء الشروب وتغطية 80% على الأقل من الحاجيات من مياه السقي.

ولتنمية العرض المائي، يوضح أخنوش، اعتمدت بلادنا برامج استراتيجية في إطار سياسة السدود، كنهج استباقي طويل الأمد لتفادي الانعكاسات الوخيمة المرتبطة بمحدودية موارده المائية وطابعها المتقلب.

موازاة مع ذلك، سجل عزيز أخنوش، أن الحكومة تعمل على تسريع إنجاز المشاريع الكبرى لنقل المياه بين الأحواض المائية بما يضمن الربط المائي بين حوض واد لاو العرائش واللوكوس وحوض وادي أم الربيع، الذي تم إنجاز شطره الأول (بين حوض واد سبو وأبي رقراق) بغلاف مالي يقدر بــ 6 ملايير درهم، بطاقة نقل للمياه تقدر بــ 15 متر مكعب في الثانية.

ولمواصلة دعم إنتاج الموارد المائية غير الاعتيادية، تعمل الحكومة على تسريع وتيرة إنجاز مشاريع تحلية مياه البحر وتطوير صناعة محلية لإنتاج المياه المحلاة مع تشجيع استعمال الطاقات المتجددة لإنتاجها، من خلال مواصلة إنجاز 7 مشاريع وإطلاق الأشغال بــ 9 محطات أخرى جديدة لتحلية مياه البحر في أفق سنة 2030 (تنضاف إلى 14 محطة المتوفرة حاليا)، بهدف الانتقال من طاقة حالية تقدر بحوالي 254 مليون متر مكعب لبلوغ طاقة إجمالية تقارب 1,7 مليار متر مكعب سنويا بحلول 2030. كما سيتم تعزيز الموارد المائية غير الاعتيادية من خلال دعم إعادة استعمال المياه العادمة المعالجة عبر الرفع من الطاقة الخاصة بمعالجة المياه العادمة لبلوغ ما يقارب 100 مليون متر مكعب سنويا في أفق 2027.

وأفاد رئيس الحكومة أنه من أجل التدبير الرشيد والمستدام للطلب على الماء لمواجهة تسارع التغيرات المناخية، اتخذت الحكومة عدة تدابير استراتيجية استباقية بمختلف القطاعات المستعملة للماء، تهم على الخصوص دعم برنامج الاقتصاد في مياه السقي في إطار استراتيجية الجيل الأخضر (2020-2030)، وذلك بهدف توسيع المساحة المجهزة بالتقنيات المقتصدة لمياه السقي لتنتقل من 653 ألف هكتار سنة 2020 إلى 1 مليون هكتار في أفق 2030، لتغطية ما يقارب %64 من مجموع المساحات المسقية. مع توسيع المساحات المسقية على سافلة السدود على مساحة 72.450 هكتارا في أفق 2030، والتي بلغ مستوى إنجازها 38.000 هكتار (53%)، إلى جانب تأهيل البنية التحتية للدوائر السقوية الصغرى والمتوسطة على مساحة 200.000 هكتار في أفق 2030، وإعطاء الأولوية بالخصوص للمناطق الهشة، التي فاقت مساحتها المنجزة 60.000 هكتارا (30%).

2- السيادة الصناعية

وأكد أخنوش أن الحكومة تواصل مجهوداتها لتقوية القطاع الصناعي الوطني، عبر مواكبة منظومتنا الإنتاجية الوطنية والدفع بتحولها النوعي. حيث تم تأهيل شبكة البنيات التحتية التكنولوجية والابتكار الصناعي، بهدف تقوية الاندماج المحلي في مختلف سلاسل القيمة الصناعية وتطوير مهن صناعية جديدة.

وفي هذا الصدد، عملت الحكومة على إطلاق 32 مشروعا جديدا لإحداث وتوسيع المناطق الصناعية ومناطق التسريع الصناعي ومناطق الأنشطة الاقتصادية، موزعة على جميع جهات المملكة. مما سيمكن من توفير عقار صناعي إضافي يقدر بــ3700 هكتار، أي بزيادة 30% من المساحة الإجمالية الحالية (13.600 هكتار)،وهو ما سيساهم في خلق شروط استقبال جيدة للمشاريع الاستثمارية وضمان توزيعها الترابي الأمثل.

وأشار رئيس الحكومة إلى الدينامية الكبيرة التي تعرفها وتيرة إنجاز مجموعة من المناطق الصناعية بعدد من الجهات، وفي مقدمتها “مدينة محمد السادس طنجة-تيك” باعتبارها فضاء صناعيا مندمجا يروم بث دينامية جديدة في الأنشطة الاقتصادية للمملكة وترسيخ مكانتها في الفضاء الأورو متوسطي.

3- الانتقال الطاقي

واستكمالا لملامح الريادة المغربية في مجال البنيات الأساسية ذات المستوى العالي، أكد رئيس الحكومة أن المملكة تُواصل تأسيس منصات مثالية لريادة الأعمال وجذب الاستثمارات العالمية. كما هو الحال بالنسبة للمبادرة الملكية لتغيير نموذجنا الطاقي وتحسين تموقع المملكة في مجال الطاقات المتجددة، مستفيدة من مؤهلاتها الطبيعية وموقعها الجغرافي المتميز.

وسجل أن بلادنا كثفت جهودها لتطوير البنيات التحتية الطاقية، لاسيما مصادر الطاقة المتجددة في إطار استراتيجيتها لخفض الكربون وتعزيز السيادة الطاقية، عبر تعبئة الموارد الوطنية من طاقة ريحية وشمسية وغيرها بغية زيادة الطاقات المتجددة لتبلغ نسبة 52% من المزيج الطاقي بحلول سنة 2030، إضافة إلى اعتماد أساليب النجاعة الطاقية كأولوية وطنية حيث من المنتظر أن يتم تحقيق اقتصاد في الطاقة بنسبة 20 % في أفق 2030. وقد بلغت القدرة الإجمالية المنشأة من الطاقات المتجددة 5.300 ميغاوات، أي ما يعادل 45% من المزيج الطاقي الكهربائي، وذلك إلى غاية متم شهر غشت من سنة 2024.

وفيما يخص البرنامج الوطني للطاقة الشمسية، كشف رئيس الحكومة عن إنجاز 4 محطات ضمن المركب الشمسي نور ورزازات، إضافة إلى نور العيون 1، ونور بوجدور 1، التي بلغت قدرتها الإجمالية ما مجموعه 687 ميغاوات.

وأفاد بأن القدرة الكهربائية المنجزة من خلال الطاقة الريحية، خلال السنة الماضية بلغت عتبة تاريخية بلغت 1858 ميغاواط، متجاوزةً للمرة الأولى القدرة المنجزة من الطاقة المائية (1770 ميغاواط)، لتصبح بذلك المصدر الرئيسي للطاقة المتجددة من حيث القدرة الكهربائية المنجزة.

ولأن تسريع الانتقال الطاقي يشكل محركا رئيسيا لخفض الكربون في الاقتصاد المغربي، يضيف أخنوش، فإنه من المتوقع أن يتزايد معدل الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي بشكل كبير، لينتقل من 4 مليارات درهم سنويًا إلى 15 مليار درهم خلال فترة 2024-2027.

وأبرز أنه ولمواصلة تنزيل رؤية بلادنا الرامية لتعزيز الطاقات المتجددة والرفع من نسبتها في المزيج الكهربائي، عملت الحكومة على إطلاق مشروع الربط الكهربائي بين جنوب ووسط المملكة الذي يهدف إلى تقوية شبكة النقل الوطنية للكهرباء من خلال إنشاء خط للربط الكهربائي بين منطقة بوجدور–الداخلة ومناطق وسط المغرب وذلك بغية توصيل الطاقة المتجددة المنتجة بوتيرة مرتفعة في الجنوب إلى وسط المملكة.

وأوضح رئيس الحكومة أن بلادنا أحرزت تقدما ملحوظا فيما يتعلق بقطاع الغاز الطبيعي، باعتباره رافعة أساسية للانتقال الطاقي وتعزيز القدرة التنافسية للصناعات الوطنية.

وعلى الصعيد القاري، أفاد أخنوش أن مشروع خط أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي يهدف إلى توفير 8.800 مليار متر مكعب من احتياطيات الغاز الطبيعي المؤكدة، وهو ما من شأنه تحسين المستوى المعيشي لقرابة 400 مليون شخص عبر ربط 16 دولة أفريقية على الساحل الأطلسي بتكلفة تبلغ حوالي 25 مليار دولار. كما يروم المشروع تسريع الربط بالكهرباء وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة، وكذا تحفيز مختلف الصناعات لتوفير فرص الشغل وتعزيز التكامل والاندماج الاقتصادي بين الدول المعنية بالمشروع.

وأبرز أنه تفعيلا لعرض المغرب من أجل تطوير قطاع الهيدروجين الأخضر، والذي يعد عرضا عمليا تحفيزيا يشمل مجموع سلسلة قيمة القطاع، فقد حددت الحكومة وعاء عقاريا إجماليا تقدر مساحته بمليون هكتار، سيتم توفير 300 ألف هكتار منها لفائدة المستثمرين خلال المرحلة الأولى. حيث يتم حاليا الاشتغال بدقة على كل الآليات المصاحبة لهذا العرض، بما في ذلك وضع الإطار التنظيمي والمؤسساتي الذي سيمكن من مواكبة هذا الاقتصاد الجديد.

وفي هذا الصدد، وتفعيلا للتعليمات الملكية السامية الهادفة إلى تسريع تنزيله، فقد ‏حرصت لجنة القيادة المكلفة بــ “عرض المغرب” في مجال الهيدروجين الأخضر على الانتقاء الأولي لمجموعة من المشاريع بلغت 40 مشروعا لكبار الفاعلين في المجال، تغطي أساسا الجهات الثلاث للأقاليم ‏الجنوبية للمملكة.

4- الانتقال الرقمي

وحتى تكتمل ملامح هذه الانعطافة النوعية للاقتصاد الوطني، أكد عزيز أخنوش أن الحكومة قامت بإطلاق الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي “المغرب الرقمي 2030″، نظرا لما تُتيحه من إمكانات سوسيو-اقتصادية عالية، لاسيما فيما يتعلق بتحفيز دينامية تشغيل الشباب، وتعزيز مستوى الاندماج الرقمي للمجتمع.

وتهدف هذه الاستراتيجية إلى بثّ دينامية في مجال الاقتصاد الرقمي عبر تقديم خدمات سحابية متنوعة تحترم السيادة الوطنية، وتستجيب للمعايير الدولية، وتلبي احتياجات القطاعين العام والخاص، مع تجويد تغطية شبكة الأنترنيت وتحسين جودة الاتصال للاستخدامات الأساسية، بهدف مواصلة توسيع هذه التغطية في المناطق القروية، وإطلاق الجيل الخامس 5G بحلول سنة 2026.

ولبلوغ هذه الغاية، أكد أخنوش أن الحكومة تعمل على تطوير بنية تحتية رقمية قوية لتلبية الاحتياجات المتزايدة للربط بالإنترنت، عبر الاستثمار في البنية التحتية ذات الصبيب العالي والعالي جدا الثابت والمتنقل في جميع التراب الوطني، بهدف تقليل الفوارق الرقمية الجهوية وضمان الإدماج الرقمي للساكنة المهمشة.

بنية تحتية اجتماعية ذات ولوجية جيدة

قال رئيس الحكومة عزيز أخنوش، إن “مغرب المستقبل” كما ترتسم معالمه تحت القيادة الملكية الرشيدة، لا يختصر في بنيات هيكلية ومواعيد عالمية، بل هو مغرب النهضة الشمولية في أرقى أبعادها الاجتماعية وعدالتها المجالية.

وتماشيا مع الطموح الملكي الكبير للانتقال نحو دولة اجتماعية، أبرز أخنوش أن الحكومة حظيت بشرف وضع لبنات هذا المشروع الملكي الضخم، عبر إقرار سياسة اجتماعية متكاملة، ستشكل صمام أمان ضد كل الصدمات والتحديات المستقبلية. مشيرا إلى أنه من الإنصاف الاعتراف بما حققته الحكومة المغربية اليوم في المجال الاجتماعي، من خلال التزامها المسؤول والفعلي بتعميم الحماية الاجتماعية وفق الأجندة المحددة لها، ووضع إصلاحات مهيكلة لقطاعات الصحة والتعليم وتقليص الفوارق.

وأفاد أخنوش خلال تقديم عرضه بالبرلمان خلال جلسة شهرية حول موضوع “البنيات التحتية الأساسية رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية”، الاثنين 16 دجنبر 2024، أن بلوغ هذا النجاح، يعكس جهود الحكومة في تشييد صرح مؤسساتي حديث من البنيات التحتية الاجتماعية ذات الولوجية الجيدة، لمواكبة هذا الانتقال التاريخي. حيث أن النتائج المحققة بخصوص تعميم التغطية الصحية الإجبارية والدعم الاجتماعي المباشر، استفادت بشكل كبير من المراجعة العميقة لآليات الاستهداف الاجتماعي للأسر، ومن وضع السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد باعتبارهما بنية تحتية رقمية ساهمت في التوجيه الناجع لآليات الدعم. وقد شمل هذا الإصلاح كذلك تدارك الخصاص الهيكلي في المجالات الاجتماعية، لاسيما في قطاعات الصحة والتعليم والتكوين والسكن والتنمية الحضرية والبشرية بشكل عام.

1- البنيات التحتية الصحية

وسجل أخنوش مواصلة الحكومة تنزيل مشروع تأهيل 1400 مركز صحي للقرب، بلغت وتيرة إنجازها أزيد من 60%. كما تعمل على مواصلة واستكمال بناء وتجهيز المراكز الاستشفائية الجديدة بكل من العيون وكلميم والراشيديةوبني ملال بطاقة سريرية تقدر 1820، إضافة إلى إعادة بناء وتجهيز مستشفى ابن سيناء بالرباط بطاقة تصل إلى 1.044 سرير.

ولفت إلى مواصلة بناء وإعادة تأهيل 78 مؤسسة صحية جهوية وإقليمية و40 مستشفى للقرب، لترتفع الطاقة السريرية لهذه المراكز بــ 7.607 سرير. إضافة إلى إرساء منظومة حكامة فعالة للأمن الصحي ووضع أسس السيادة الصحية، عبر تطوير قدرات إنتاج الأدوية واللقاحات والمستلزمات الطبية الأساسية، مع الرفع من إمكانات رقمنة القطاع. حيث ترجمت الحكومة هذه المجهودات من خلال رفع ميزانية الصحة من 18 مليار درهم سنة 2020، إلى أزيد من 30 مليار درهم سنة 2024 (وحوالي 33 مليار درهم برسم مشروع قانون المالية لسنة 2025).

2- مجالات التربية والتكوين

وأبرز عزيز أخنوش أن الحكومة تواصل، وفق منهجية سليمة ودقيقة، خلق فضاءات مدرسية جذابة قادرة على استيعاب محاور خارطة الطريق الجديدة، لاسيما فيما يخص تعميم التعليم الأولي، وإرساء مؤسسات الريادة، والارتقاء بالرياضة المدرسية، وتطوير المدارس الجماعاتية والأقسام الداخلية والإطعام المدرسي.

وأبرز أخنوش أن الحكومة رفعت من ميزانية القطاع من 62 مليار درهم سنة 2022، إلى أزيد من 85 مليار درهم سنة 2025. كما تستفيد الجامعة المغربية بدورها من هذه الدينامية الانتقالية، حيث وضع المخطط الوطني لتسريع تحول منظومة التعليم العالي، ضمن أهدافه الأساسية مراجعة نموذج الحكامة المؤسسية للقطاع، عبر التركيز على تحسين ولوجية الجامعات الوطنية وتعزيز طاقتها الاستيعابية وإعادة النظر في فضاءات البحث والتحول التكنولوجي.

وأفاد أن الحكومة اعتمدت تدابير غير مسبوقة لتحسين جاذبية التكوين المهني خاصة من خلال التعجيل بإعمال خارطة الطريق المتعلقة بمدن المهن والكفاءات، التي تعرف وتيرة إنجازها مستوى متقدما في الجهات الإثني عشر للملكة، والتي ستشكل رافعة مؤسساتية في تحديد حاجيات الجهات من الكفاءات وصياغة برامج التكوين.

وفي هذا الصدد، يضيف أخنوش، تم افتتاح 7 مدن للمهن والكفاءات حاليا على مستوى 7 جهات، ومن المزمع افتتاح الخمس مدن المتبقية بباقي الجهات برسم الموسم الدراسي 2025-2026، وستوفر هذه المدن عند اكتمالها 34.625 مقعداً بيداغوجياً و5.618 سريراً بالأحياء الداخلية.

وأوضح أنه في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص في تدبير التكوين المهني، بلغ عدد معاهد التدبير المفوض 14 معهداً للتكوين في المهن الاستراتيجية لبلادنا على غرار: صناعة السيارات، الطيران، الطاقات المتجددة، النقل والخدمات اللوجستيكية، والنسيج والألبسة والفلاحة، والتي تحقق معدل إدماج مهني يصل إلى 70.3%.

الاستعدادات لاستحقاقات “مونديال 2030”

أكد رئيس الحكومة عزيز أخنوش، أن التوجهات الاستراتيجية التي ينهجها المغرب، منحته سبقا مهما مقارنة بدول المنطقة، ومكنته من ولوج أسواق وقطاعات جديدة، داخل جغرافية متغيرة للنمو العالمي. مبرزا أن تمكن المغرب من نيل شرف تنظيم كأس الأمم الأفريقية لسنة 2025 وكأس العالم لكرة القدم لسنة 2030، لخير دليل، على أن بلادنا باتت وُجهة جذابة للأحداث الدولية الكبرى.

وأبرز أخنوش خلال تقديمه عرضا بالبرلمان خلال جلسة شهرية حول موضوع “البنيات التحتية الأساسية رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية”، الاثنين 16 دجنبر 2024، أن الحكومة تعمل على تنزيل التوجيهات الملكية السامية للقيام بكل التدابير اللازمة حتى نكون في مستوى دفتر التحملات الذي وضعته الـ (فيفا)، وهو ما يتطلب رؤية مندمجة وتعبئة شاملة في هذا المجال. حيث يشكل الاستعداد لتنظيم نهائيات كأس العالم لكرة القدم سنة 2030 محفزا حقيقيا وفرصة فريدة لتعزيز النمو الاقتصادي في بلادنا من خلال جذب المستثمرين المحليين والأجانب وتسريع الاستثمارات المقررة في عدة قطاعات، بما في ذلك كرة القدم والبنية التحتية الرياضية، والنقل، والسياحة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والأمن والصحة.

وسجل أن عمليات إعادة تأهيل البنيات التحتية التي ستستضيف هذه الاستحقاقات، تجري حاليا في إطار برنامج لإعادة تأهيل وبناء الملاعب الكبرى الذي أطلقته الحكومة بكلفة 20 مليار درهم، بكل من: الرباط، طنجة، مراكش، فاس، أكادير والدارالبيضاء، وتحديث 45 ملعبا وموقعا للتداريب. إلى جانب تشييد الملعب الكبير الحسن الثاني ببنسليمان، بطاقة استيعابية تصل إلى 115.000 مقعد. ويقع هذا المشروع في قلب خطة جديدة للتنمية الحضرية والتخطيط المجالي، حيث سيصبح محوراً رئيسياً لاستضافة الفعاليات الرياضية والثقافية والتجارية على الصعيدين الوطني والدولي.

وفي خضم هذه الدينامية، يؤكد رئيس الحكومة أعطى صاحب الجلالة نصره الله انطلاقة برامج التنمية الحضرية والمندمجة، التي همت مدن طنجة والرباط ومراكش وسلا وتطوان والدار البيضاء باستثمار إجمالي يفوق 60 مليار درھم.

وتتمحور المشاريع التي تدخل في إطار هذه البرامج، حول تثمين التراث الثقافي والحضاري للمدن، والمحافظة على المساحات الخضراء والمحيط البيئي، وتحسين الولوج للخدمات والتجهيزات الاجتماعية للقرب ودعم الحكامة الجيدة، وحماية وتأهيل النسيج العمراني، وتعزيز وتحديث تجهيزات النقل، وتطوير الحركة الاقتصادية وتعزيز وتقوية البنية التحتية والشبكة الطرقية وغيرها.

كما أفاد أخنوش أن الحكومة أطلقت برنامجا خاصا لإعادة تهيئة 6 مدن مستقبلة للاستحقاقات الرياضية المقبلة (الرباط، طنجة، فاس، مراكش، أكادير والدار البيضاء)، همت على الخصوص التهيئة الحضرية، والبنيات التحتية الطرقية، والنقل الحضري، والتجهيزات العمومية، والبنيات التحتية السياحية، والتجهيزات الرياضية والصحية والثقافية والاجتماعية والأمنية. 

وأبرز أن مناقشة موضوع البنيات التحتية الأساسية، ليست مجرد لحظة دستورية عابرة، بقدر ما تمثل استحضارا واعتزازا برؤية متبصرة لملك جعل من المنجزات الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية والتنموية، عنوانا بارزا لانتقال المغرب إلى مصاف الدول الرائدة على الصعيد الدول، وهي رؤية تشكل البوصلة الحقيقية للعمل الحكومي لمواصلة البناء والتشييد، وجعل هذه العشرية منعطفا حاسما في مسار بلوغ “مغرب المستقبل” كما يريده جلالة الملك، حفظه الله، لرعاياه الأوفياء، مؤكدا أن الرهان الكبير اليوم، يبقى هو الانخراط الجماعي وراء هذه الإرادة الملكية السامية، استكمالا للمسار التنموي ببلادنا.