تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية الرامية إلى الحفاظ على الموارد المائية وتثمينها، والداعية إلى تعبئة الجهود لتجاوز إشكالية ندرة المياه، ووفاء لالتزامها في البرنامج الحكومي بمنح السياسة المائية أولوية خاصة، توجهت الحكومة نحو إعادة هيكلة منظومة الحكامة المائية وضمان التوزيع العادل للموارد المائية، من خلال إنجاز وإطلاق مجموعة من المشاريع التي تروم تطوير العرض المائي.
وللتغلب على التحديات المعقدة المترتبة عن توالي سنوات الجفاف، عملت الحكومة على نهج حلول مبتكرة لتنويع مصادر الموارد المائية عبر إعطاء الأولوية للربط بين الأحواض والأنظمة المائية والزيادة الهامة في استخدام موارد المياه غير التقليدية بما في ذلك تحلية مياه البحر وإعادة استخدام المياه العادمة المعالجة.
وفي هذا الإطار، وتنفيذا للتوجيهات الملكية السامية خلال ترؤس جلالته لجلسة العمل حول الماء في 9 مايو2023، عملت الحكومة على تسريع تنفيذ البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020 ـ 2027، والرفع من الغلاف المالي من 115 مليار درهم إلى 143 مليار درهم. ولهذه الغاية كثّفت لجنة القيادة اجتماعاتها من أجل تحيين مكونات البرنامج، خصوصا محور تطوير العرض المائي لما له من أهمية قصوى في ظل التغيرات المناخية القاسية التي تعرفها بلادنا.
الربط بين الأنظمة المائية
أطلقت الحكومة برنامج الربط بين الأنظمة المائية والأحواض المائية، حيث تم الشروع في الربط بين الحوضين المائيين لسبو وأبي رقراق عبر إنجاز الشطر الاستعجالي المتمثل في تحويل المياه بصبيب يقدر بـ 15 مترا مكعبا في الثانية، وذلك في مدة قياسية بلغت 10 أشهر بكلفة قدرها 6 مليارات درهم. وقد مكّن هذا المشروع من تأمين حاجيات ساكنة محور الرباط الدار البيضاء التي تناهز 10 ملايين نسمة.
كما أنه ولتأمين احتياجات ساكنة طنجة الكبرى ونواحيها من الماء الشروب والتي تقدر بـ 1.3 مليون نسمة، تم الشروع في إنجاز مشروع الربط بين سد واد المخازن وسد دار خروفة بكلفة تناهز 840 مليون درهم في مدة لا تتجاوز 10 أشهر. وسيمكن هذا المشروع كذلك من توفير مياه السقي لمساحة تقدر بـ 21 ألف هكتار.
من جهة أخرى، أنجزت الحكومة قناة لربط شبكات مياه الشرب بين شمال الدار البيضاء وجنوبها. كما أطلقت مشروعا متكاملا لضمان التزود المائي لجهة الدار البيضاء سطات، عبر الرفع من قدرات محطة أم عزة لمعالجة المياه، وإضافة قناة رابعة لضمان تزويد مدينة الدار البيضاء بصبيب إضافي يبلغ 2 متر مكعب في الثانية، إضافة إلى تزويد جنوب المدينة والمناطق الحضرية المحاذية لها انطلاقا من محطة تحلية مياه البحر بالجديدة.
تحلية المياه
جعلت الحكومة مشاريع تحلية مياه البحر ضمن أولوياتها في قطاع الماء، إذ عملت على التسريع من وتيرة إنجاز محطات تحلية مياه البحر والرفع من القدرة الإنتاجية للبعض منها وإحداث محطات أخرى جديدة، حيث تطور حجم المياه المنتجة من 46 مليون متر مكعب سنويا في 2021 إلى 284 مليون متر مكعب سنويا حاليا بعد إدخال الشطر الأول لكل من محطات أكادير والجرف الأصفر وآسفي والعيون ومحطة الكركارات في الخدمة.
ومن المرتقب أن يبلغ هذا الحجم 806 مليون متر مكعب سنة 2026 عبر العديد من المحطات، ومن أهمها محطة الدار البيضاء بسعة أولية قدرها 200 مليون متر مكعب، ومحطة مراكش وابن جرير، ومحطة خريبكة ومحطة الداخلة والشطر الثاني من محطة أكادير.
كما تشتغل الحكومة بصفة حثيثة على الرفع من القدرة الإنتاجية لمياه البحر المحلاة لتفوق مليار متر مكعب سنويا في أفق سنة 2027، إذ ستنجز مجموعة من المشاريع من أهمها الشطر النهائي من محطتي الجرف الأصفر وآسفي، والشطر الأول من محطة الناظور بسعة تبلغ 140 متر مكعب، إضافة إلى محطات طنجة، والصويرة وكلميم.
من جهة أخرى، خصصت الحكومة ميزانية إضافية غير مبرمجة قدرها 2.2 مليار درهم كتدابير عاجلة لاقتناء 200 محطة متنقلة لتحلية مياه البحر والمياه الأجاجة، في مناطق مختلفة من المملكة التي تعرف خصاصا مزمنا في الماء الشروب.
وبفضل دينامية الحكومة سواء في التخطيط لهذه المشاريع أو في تمويلها وإنجازها، ستتمكن المملكة من الصمود أمام الصدمات المترتبة عن التغييرات المناخية.
إنجاز السدود
عملت الحكومة على تتبع أشغال 18 سدا كبيرا، من بينها 14 سدا من أصل 22 سدا مبرمجا في البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020 ـ 2027، مع العمل على تسريع وتيرة إنجاز هذه السدود من خلال تقليص مدة الأشغال المتعلقة بها.
إلى ذلك، تم إنجاز أربعة سدود كبرى، وهي سد تيداس، وسد تودغا، وسد أكدز، وسد فاصك بسعة تخزينية تصل إلى 866 مليون مكتر مكعب، وقد بدأت عملية ملء حقينة هذه السدود الأربعة.
كما سيتم خلال سنة 2024 الشروع في ملء ثلاثة سدود كبرى (مداز بإقليم صفرو، وسد غيس بإقليم الحسيمة، وسد كدية برنة بإقليم سيدي قاسم) بسعة تخزينية تصل إلى 800 مليون متر مكعب ليصل مجموع السدود الكبرى إلى 156 سدا، بزيادة 7 سدود منذ 3 سنوات (2021) بسعة تخزينية إضافية تصل إلى 1.67 مليار متر مكعب.
تحسين جودة المياه ومحاربة التلوث وإعادة استعمال المياه العادمة المعالجة
خصصت الحكومة منذ سنة 2022 مبلغا ماليا قدره 3.6 مليار درهم لتمويل البرنامج الوطني للتطهير السائل المندمج وإعادة استعمال المياه العادمة المعالجة، بهدف الرفع من نسبة الربط بشبكة التطهير السائل في المراكز الحضرية والقروية، ولتطوير استعمال المياه العادمة المعالجة لسقي المساحات الخضراء وملاعب الكولف.
وبهذا الخصوص، تم استعمال 32 مليون متر مكعب في السنة كحجم للمياه العادمة المعالجة في سقي المساحات الخضراء، ومن المرتقب الوصول إلى 100 مليون متر مكعب في السنوات القادمة.
من جهة أخرى، ولضمان جودة المياه المحولة من حوض سبو إلى حوض أبي رقراق، عملت الحكومة على إنجاز عدة مشاريع لمحاربة التلوث الصناعي والتلوث الناتج عن مادة المرج على صعيد الحوض المائي لسبو بكلفة إجمالية تناهز 1.4 ملايير درهم، ولتأمين إنجاز هذه المشاريع التي كان مخططا لها منذ سنوات عديدة بدون نتائج على أرض الواقع، عملت الحكومة على برمجة ميزانيات الاستثمار وميزانيات التسيير في إطار اتفاقيات تم إبرامها مع الفاعلين المحليين.