قال رئيس الحكومة عزيز أخنوش، إن الحكومة حرصت، تفعيلا للتوجيهات الملكية السامية، على جعل قطاع التعليم أولوية وطنية راهنة وقضية مِحورية تستدعي تجنُّد الجميع لتحقيق أسمى غاياتها.
وأكد أخنوش خلال جلسة المساءلة الشهرية حول موضوع ” تطوير وتحديث المنظومة التعليمية”، الاثنين 5 فبراير 2024، أن إصلاح المدرسة العمومية والجامعة المغربية، يحظى باهتمام كبير من لدن جلالة الملك، محمد السادس نصره الله، منذ اعتلائه عرش أسلافه المنعمين، حيث ما فتئ جلالته يذكر الفاعلين في مجموعة من خطبه السامية، بأن الأمر لا يتعلق بإصلاحات قطاعية بسيطة وعادية، وإنما بمعركة حقيقية ومسار حاسم لرفع التحدي التنموي للمملكة، وفق منظور متكامل يشمل الارتقاء بالبحث العلمي وتأهيل الموارد البشرية وخلق فضاءات تعليمية وجامعية تضمن العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين جميع أبناء المغاربة.
وعدَّد رئيس الحكومة، الصعوبات التي كان يتخبط فيها قطاع التعليم بداية الولاية الحالية، أبرزها مغادرة أزيد من 330 ألف تلميذ مقاعد الدراسة سنويا، ما يشكل أحد أكبر المعيقات التي تعرقل تطور المنظومة التعليمية بجميع مراحلها، إضافة إلى 70 % من التلاميذ لا يتحكمون في المقرر الدراسي عند استكمالهم التعليم الابتدائي. كما أن 30 % فقط من التلاميذ يتمكنون من المقرر الدراسي في التعليم الابتدائي، و10 % فقط في التعليم الإعدادي.
وذكَّر المتحدث أن 23 % فقط من التلاميذ يستطيعون قراءة نص مُكوَّن من 80 كلمة باللغة العربية بسلاسة، و30 % فقط يتمكنون من قراءة نص باللغة الفرنسية مكون من 15 كلمة بسلاسة، و13 % فقط من التلاميذ يستطيعون إجراء عملية قسمة بسيطة، وأن 49 % من الطلبة يغادرون الجامعة بدون الحصول على دبلوم.
وهو التشخيص الذي يتقاطع مع ما جاء به تقرير النموذج التنموي الجديد، يقول أخنوش، والذي حدَّد مكامن الخلل في ثلاثة أبعاد، يتعلق الأول منها بأزمة جودة التعلمات، والثاني بأزمة ثقة المغاربة إزاء المؤسسة التربوية وهيئاتها التعليمية، فيما يرتبط البعد الثالث بأزمـة مكانة المدرسة التي اعتبر التقرير أنها لم تعد تلعب دورها في الارتقاء الاجتماعي وتشجيع تكافؤ الفرص.
تجاوز تراكمات الماضي
وجوابا على هذه التحديات التي تشكل تراكما موروثا لسنوات طويلة، كانت الاختيارات الحكومية واضحة وموضوعية لتجاوز تراكمات الماضي، عبرنا عنها في البرنامج الحكومي الذي يضع التعليم في صلب أولوياته، باعتباره يشكل آلية لتنمية الرأسمال البشري، ورافعة لتدعيم ركائز الدولة الاجتماعية.
ويرى رئيس الحكومة أن تحقيق أهداف الإصلاح التربوي يتطلَّب الانطلاق من مرتكزات واضحة وصحيحة وقناعات مشتركة بين مختلف الفاعلين والمتدخلين في الشأن التعليمي، الشيء الذي مكن من وضع خارطة الطريق 2022-2026 كأفق واضح المعالم، تستمد مرجعيتها الأساسية من التوجيهات الملكية السامية، الرامية إلى تحقيق إصلاح تربوي شامل، وتقوم أرضيتها على أساس الرؤية الاستراتيجية 2015 – 2030 من أجل مدرسة الإنصاف والجودة والارتقاء، والقانون الإطار 51.17 للتربية والتكوين، أخذا بعين الاعتبار توصيات النموذج التنموي الجديد، وأهداف البرنامج الحكومي، وفق مقاربة تشاركية واسعة ساهم فيها جميع الفاعلين التربويين والمتدخلين والشركاء تجسيدا للمسؤولية المشتركة في بناء نموذج مدرسة عمومية ذات جودة للجميع .
وذكَّر أخنوش، أن الحكومة سبق لها وأن قدمت أمام البرلمان سنة 2022، مجموعة من الالتزامات حول خطة إصلاح منظومة التعليم بمرتكزات واضحة وقابلة للتنزيل. وتمكَّنت من الشروع في تنزيل مختلف مكونات الإصلاح التي تضمنتها خارطة الطريق، على الرغم من كل الإكراهات التي صاحَبت الشهور الأولى من الموسم الدراسي الحالي، نتيجة تراكم العديد من الإشكالات العالقة في قطاع التعليم.
كما حرصت الحكومة بكل جدية ومسؤولية على تدبير هذه التحديات وفق مقاربة تشاركية، استدعت استحضار المصلحة الوطنية العليا، وتغليب منطق الحوار، لاسترجاع ثقة جميع الفاعلين، عبر آلية الحوار الاجتماعي المؤسساتي الفعال.