إدراكا منهــا لأهمية إصـلاح النظــام الضريبــي، أولــت الحكومة منذ تنصيبها أهمية بالغة لتفعيل مقتضيات القانـون الإطار رقـم 69.19 للإصلاح الجبائـي، مـن أجـل وضـع نظـام شـفاف وفعـال مـن شـأنه توضيـح الرؤيـة للفاعليــن، وضمــان عائــدات ضريبيــة إضافيــة موجهــة أساسـا لتمويـل الأوراش الاجتماعية الكبـرى.
وقـد عملـت الحكومـة منـذ إصـدار هـذا القانون-الإطار علــى التنزيــل الفعلــي لأهــداف الإصلاح الجبائــي وفــق مقاربة تدريجية بموجب قوانين المالية لسـنوات 2022 و2023 و2024.
موازنة ضريبية محكمة قادتها الحكومة منذ تنصيبها
تكريســا لمبــدأ العدالــة الجبائيــة فعَّلــت الحكومــة، فــي المنتصــف الأول مــن ولايتهــا، الإصـلاح الشــامل للضريبــة علــى الشــركات، حيــث رفعــت مــن نســبة تضريــب الشــركات الكبــرى تدريجيــا، وأبقــت علــى مســاهمتها التضامنيــة علــى الأرباح والدخـول، وخففت مـن جهة أخرى من العـبء الضريبي علــى المقاولات الصغــرى والمتوســطة والأجــراء والمتقاعديــن.
توحيد سـعر الضريبة على الشركات
تنزيـلا لهـذه الرؤيـة، تـم فـي إطـار قانـون الماليـة لسـنة 2022 الشروع في إصلاح أسعار الضريبة على الشركات وكـذا ترشـيد بعـض التحفيـزات الجبائيـة طبقـا لقواعـد الحكامـة الجيـدة المعمـول بهـا دوليا.
وتــم اســتكمال تنزيــل الإصــلاح الشــامل للضريبــة علــى الشــركات فــي إطــار قانــون الماليــة لســنة 2023، حيــث تبنــت الحكومــة بالنســبة للشــركات الصغــرى والمتوسـطة توجها تدريجيـا نحو توحيد سـعر الضريبة علــى الشــركات فــي نســبة 20% فــي أفــق ســنة 2026 عــوض ســعر 31% بالمــوازاة مــع الرفــع التدريجــي مــن نســبة تضريــب الشــركات الكبــرى لتبلــغ 35% بالنســبة للشركات التي تفوق أرباحها الصافية 100 مليون درهم وفــي 40% بالنســبة لمؤسســات الائتمان والتأميــن والهيئــات المعتبــرة فــي حكمهــا.
ومن أجل تعبئة كامـــل الإمكانات الضريبيـــة في خدمة التضامــن والإدماج والتماســك الاجتماعي تــم إحــداث المسـاهمة الاجتماعية للتضامن على الأرباح والدخول التي تسـاوي أو تفوق مليون درهم برسـم سنوات 2022 و2023 و2024 و2025، وذلـك فـي إطـار التدابيـر الهادفة إلــى إعــادة التوزيــع الفعــال وتقليــص الفــوارق قصــد تعزيــز العدالــة والتماســك الاجتماعيين وكــذا التنميــة الترابيــة وتعزيــز العدالــة المجاليــة وفــق مــا جــاء فــي القانـون الإطار السـالف الذكـر.
ومـن جهة أخرى تـم تخفيض سـعر الضريبـة المحجوزة فــي المنبــع علــى عوائــد الأسهم وحصــص المشــاركة والدخـول المعتبـرة فـي حكمها علـى مدى أربع سـنوات من 15% إلــى 10% كمــا تــم التخفيــض التدريجــي لأســعار الحــد الأدنى للضريبــة وفــق القواعــد التاليــة:
– تخفيـض سـعر الحـد الأدنى للضريبـة العـادي المحـدد في 0,50% إلـى 0,25% .
– تخفيــض ســعر الحــد الأدنى للضريبــة المحــدد فــي 0,25% إلى 0,15% بالنسبة للعمليات المنجزة من طرف المنشــآت التجاريــة فيمــا يخــص مبيعاتهــا المتعلقــة ببعــض المــواد الأساسية.
– تخفيــض ســعر الحــد الأدنى للضريبــة المطبــق علــى المهــن الحــرة مــن 6% إلــى 4%.
تكريـس حيادية الضريبة علـى القيمة المضافة
عملـت الحكومـة مـن خلال قانـون المالية لسـنة 2024، على توطيد نهجها الإصالحي من خلال إصلاح الضريبة على القيمة المضافة، والذي يهدف بشكل أساسي إلى:
– دعــم القــدرة الشــرائية للأسر والتخفيــف مــن آثــار التضخـم مـن خـلال تعميـم الإعفاء مـن الضريبـة علـى القيمــة المضافــة علــى المنتجــات الأساسية ذات الاستهلاك الواسـع خاصة منها المنتوجات الغذائية والدوائيــة.
– تكريــس حياديــة الضريبــة علــى القيمــة المضافــة والتخفيـف مـن حالات المصـدم بالنسـبة للمقاولات الناتج عن تباين الأسعار المطبقة في مختلف مراحل سلاسل إنتــاج الســلع والخدمــات، وذلــك مــن خــلال مطابقــــة الأسعار الحاليــــة للضريبــــة علــــى القيمــــة المضافـــة ) 7%و 10%و 14%و 20% ( بشـــكل تدريجــي لحصرهــا فـــي ســعرين عادييــن فـــي أفــق ســنة 2026 ) 10%و 20%(.
– تحقيــق العدالــة الجبائيــة بــإدراج عــدة تدابيــر ترمــي إلــى تســهيل إدمــاج القطــاع غيــر المهيــكل وترشــيد الامتيــازات الضريبيــة وكــذا توضيــح وملاءمــة أحــكام التشــريع الضريبــي.
إصلاح أنظمة فـرض الضريبة على الدخل
في إطار التنزيل التدريجي للأهداف الأساسية للقانون- الإطار السـالف الذكر وتكريسـا لمبدأ العدالـة الجبائية، تم بموجب قانوني المالية لسـنتي 2022 و2023 التنزيل التدريجي لمبدأ فرض هذه الضريبة على مجموع الدخل السـنوي بأسـعار الجـدول التصاعـدي، وذلـك مـن خلال مراجعــة نظــام فــرض الضريبــة علــى بعــض أصنــاف الدخول (الدخول العقارية والمهنية، إلخ)وكذا توسيع نطـاق تطبيـق الحجز فـي المنبـع ليشـمل بالإضافة إلى دخول الأجور والدخول المعتبرة في حكمها دخولا أخرى مثــل الدخــول العقاريــة والأتعاب والعمولات وأجــور السمســرة والمكافآت الأخرى.
كمـا تمـت مراجعـة نظـام فـرض الضريبة برسـم الأرباح العقاريـة بهـدف تعزيـز نجاعـة وفعاليـة الإدارة الجبائية وتوطيد الثقة المتبادلة مع المرتفقين خاصة من خلال منــح الملزميــن إمكانيــة طلــب الــرأي المســبق لإدارة الضرائــب والإعفاء مــن المراقبــة الجبائيــة بالنســبة للخاضعيــن للضريبــة الذيــن يدلــون بإقرارهــم برســم الأرباح العقارية مع الأخذ بعين الاعتبار عناصر شهادة تصفيـة الضريبـة المسـلمة علـى إثـر تقديـم هـذا طلـب.
هـذا إضافـة إلـى تحسـين نظامـي المسـاهمة المهنيـة الموحدة والمقاول الذاتي باعتبارهما نظامين ضريبين واجتماعييــن تحفيزييــن ملائمين لأنشــطة القــرب ذات الدخل المحدود من أجل تشجيع إدماج جميع الوحدات الإنتاجية والتجاريـة والخدماتيـة في القطـاع المنظم. وبالمــوازاة مــع ذلــك، تــم إدراج عــدة تدابيــر لتخفيــف العــبء الضريبــي علــى الأجــراء والمتقاعديــن والمسـتخدمين الجـدد، وذلـك في إطـار تنزيـل التزامات الحكومــة المنبثقــة عــن الحــوار الاجتماعي، مــن خـلال:
– رفــع نســبة الخصــم الجزافــي للمصاريــف المرتبطــة بالوظيفــة أو العمــل مــن 20% إلــى 35% بالنســبة للأشخاص الذيــن يقــل أو يســاوي دخلهــم الإجمالي الســنوي المفروضــة عليــه الضريبــة 000 78 درهــم.
غيـر أنه تحدد هذه النسـبة الجزافية في 25% بالنسـبة للأشخاص الذيــن يفــوق دخلهــم الإجمالي الســنوي المفروضــة عليــه الضريبــة 000 78 درهــم، مــع رفــع ســقف الخصــم مــن 000 30 إلــى 000 35 درهــم.
– رفع نسـبة الخصم الجزافي المطبق على المعاشـات والإيــرادات العمريــة مــن 60% إلــى 70% مــن المبلــغ الإجمالي الخاضــع للضريبــة الــذي لا يتجــاوز000 168 درهـم.
– تمديـد مـدة تطبيـق الإعفاء مـن الضريبـة علـى الدخـل برسم الأجر الإجمالي الشهري في حدود 000 10 درهم والمدفــوع مــن طــرف المنشــآت فــي حــدود 10 أجــراء وكـذا الأجر المدفـوع للأجير بمناسـبة أول تشـغيل له إلى غايـة 31 ديسـمبر 2026.
– إعفــاء التعويضــات الممنوحــة فــي حالــة الفصــل عــن العمل أو المغادرة الطوعية من الضريبة على الدخل فـي حـدود 000 000 1 درهم.
– تشـجيع الادخار في عقود تأمين التعاقد.
إدماج القطاع غير المهيكل ومحاربة التهرب الضريبي
لقد نصت قوانين المالية السالفة على عدة تدابير ترمي إلى مكافحة التهرب الضريبي والقطاع غير المهيكل من أجـل ضمان مسـاهمة الجميـع كل على قدر اسـتطاعته فــي تحمــل النفقــات العموميــة، وفــق مبــدأ العدالــة المنصوص عليه في الفصل 39 من الدستور، نذكر منها علـى الخصـوص تلـك المدرجـة فـي قانـون المالية لسـنة 2024 الهادفــة إلــى تحســين مســطرة فحــص مجمــوع الوضعيـة الضريبيـة للخاضعين للضريبـة وإحداث الحق فــي تصحيــح الخطــأ لتمكيــن الخاضعيــن للضريبــة مــن تصحيـح إقراراتهـم الضريبيـة بشـكل تلقائـي، بالمـوازاة مــع إعــادة إدراج التدبيــر المتعلــق بالتســوية الطوعيــة للوضعيـة الجبائيـة للخاضعيـن للضريبـة.