ⴰⵏⵙⴰ ⵏ ⵜⵏⴱⴰⴹⵜ ⵜⴰⵎⵖⵔⵉⴱⵉⵜ

المقاربة الحكومية أدمجت البعد الأسري في مختلف السياسات العمومية واعتمدت جيلا جديدا مـن الخدمات لمواكبتها

تقـود الحكومة منـذ تنصيبهـا وبتوجيهات ملكية سـامية إصلاحات اجتماعية وتنموية غير مسبوقة، رغم الظرفية العالمية والوطنية والمناخية الصعبة الناتجة عن تقاطع تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، وآثار جائحة كوفيد19- وتداعيات زلزال الحوز واسـتمرار أزمة الجفاف الحاد.

كل هـذه العوامـل أعـادت ترتيـب سـلم أولويـات بلادنـا، لكــن الإرادة السياســية والوطنيــة الصادقــة كانتــا المحرك الأساسـي لعمـل الحكومة وللوتيرة السـريعة التــي اشــتغلت بهــا، للخــروج مــن الأزمــة بشــكل أقــوى وتحويـل التحديات إلـى فرص وتعزيـز السـيادة الوطنية فــي المجــالات الاســتراتيجية. لذلـك، كان لِزامـا أن تتوجـه مختلـف الجهـود الحكوميـة نحــو تنزيــل الأوراش الملكيــة الاجتماعيــة لتحقيــق الأهــداف التــي ســطرها البرنامــج الحكومــي، لاســيما فيمـا يتعلـق بالسياسـات العموميـة الموجهـة للأسر.

ويأتـي الاهتمـام الـذي توليـه الحكومـة للأسـرة في سـياق وطنـي ملائـم، يتميـز خاصـة بوضـع جلالـة الملـك لقضيـة الأسرة علــى رأس السياســات الوطنيــة فــي بعدهــا القانونــي، وذلــك مــن خــلال التكليــف الســامي لرئيــس الحكومة برفع مقترحات تعديل الهيئة المكلفة بمراجعة مدونـة الأسـرة إلـى النظـر السـامي لجلالة الملـك، أميـر المؤمنيــن، والضامــن لحقــوق وحريــات المواطنيــن.

وبفضــل تعبئــة وفعاليــة مختلــف التدخــلات الحكوميــة الموجهـة للأسـرة المغربيـة، تمكنـت الحكومـة، تفعيـلا للتوجيهـات الملكيـة السـامية، من إسـدال السـتار على حصيلة مرحلية مشرفة فيما يتعلق بتنزيل السياسات الموجهــة للأســرة المغربيــة، لاســيما فــي مجــالات الصحـة والحمايـة الاجتماعيـة والتعليـم والسـكن.

كمـا أن الحكومـة تشـتغل بـكل جديـة ومسـؤولية، منـذ تنصيبهــا لتنزيــل الــورش الملكــي للإصــلاح الشــامل للحمايـة الاجتماعيـة كمجال للتدخل الاسـتراتيجي، بات يسـاهم فـي حماية الأسـر مـن تقلبـات الحياة وتحسـين ظروفهـا المعيشـية.

ولقـد جعلـت الحكومـة الأسـرة المغربية، وخاصـة منها ذات الدخـل المحـدود، محـور سياسـاتها متعـددة الأثـر.

وهكذا نجحت، وفي ظرف وجيز، في تنزيل مجموعة من الأوراش الاجتماعية الكبرى، ومن بينها على الخصوص  الدعــم الاجتماعــي المباشــر، ودعــم الســكن وتعميــم التغطيــة الصحيــة، خصوصــا لفائــدة الأســر الهشــة، ووضع أسـس عـرض صحي جديد قـادر على الاسـتجابة لحاجيـات الأسـر محـدودة الدخـل.

كمـا أن المنجز الحكومي للنصف الأول من الولاية تميز بعـدد من المنجزات التي تخدم الأسـرة، باعتبارها هدفا للسياسات العمومية، سواء على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي، وذلك من خلال تبني إجراءات وإصلاحات هيكليـة فـي إطـار ديمقراطـي تشـاركي، عبـر آليـة الحـوار الاجتماعـي، والتـي أفضـت إلـى منـح فئـات عريضـة مـن الموظفين والأجراء العديد من المكتسبات، مما يؤكد التوجـه الديمقراطي والاجتماعي لهذه الحكومة.

وفـي هذا الإطـار، يجـدر التذكيـر بالزيـادة في الحـد الأدنى لأجــور فــي القطاعيــن العــام والخــاص، بالإضافــة إلــى تحقيــق إنجــازات غيــر مســبوقة فــي مجــال تحســين وضعيــة هيئــة التدريــس، وأســاتذة التعليــم العالــي ومهنيــي الصحــة ومســاعدي الســلطة وغيرهــم، وهــو مـا كان لـه أثـر مباشـر علـى 420 ألـف أسـرة. كمـا عملـت الحكومــة علــى الرفــع مــن قيمــة المعاشــات وتخفيــف الضريبــة علــى الدخــل بالنســبة للأجــراء والمتقاعديــن ذوي الدخــل المتوســط.

وخلاصة، يمكن الجزم بأن المقاربة الحكومية نجحت في إدماج البعد الأسري في مختلف السياسات العمومية التـي أطلقتها، وتنفيذ جيل جديد مـن الخدمات لمواكبة الأســر ومســاعدتها علــى الحفــاظ علــى اســتقرارها واسـترداد دورهـا فـي التنشـئة الاجتماعية.

تعزيز ركائز الدولة الاجتماعية

لقـد وضعـت الحكومـة هدف تعزيـز ركائز أسـس الدولة الاجتماعيــة علــى رأس أولويــات برنامجهــا الحكومــي، وذلـك وفـق رؤيـة تجمـع بيـن ترصيـد المكتسـبات التـي راكمتهــا بلادنــا بقيــادة ملكيــة حكيمــة فــي المجــال الاجتماعــي، وتقديــم حلــول هيكليــة لمعالجــة مكامــن الهشاشـة التـي تشـوب بعـض السياسـات العموميـة المرتبطــة بتنميــة الرأســمال البشــري.

وبخطـى واثقـة وحثيثـة تواصـل الحكومة، بقيـادة ملكية متبصــرة، تنزيــل الأوراش والبرامــج والمخططــات الاسـتراتيجية الرامية إلـى تعزيز دعائم الدولـة الضامنة لحقــوق المواطنيــن الاقتصاديــة منهــا والاجتماعيــة، باعتبارهـا خيـارا لا رجعـة فيـه ولبنـة أساسـية فـي بنـاء صــرح الدولــة الاجتماعيــة. فقــد قطــع المغــرب، خــلال النصــف الأول مــن هــذه الولايـة الحكوميـة، أشـواطا متقدمـة علـى درب التنزيـل الفعلـي لمختلـف الأوراش الاجتماعيـة، وفـي مقدمتهـا مشــروع تعميــم التغطيــة الصحيــة الإجباريــة وورش الدعـم الاجتماعـي المباشـر وبرنامـج دعـم السـكن وكـذا مأسسـة الحـوار الاجتماعي، والتـي تعد آليات أساسـية لتمكيـن المواطـن مـن شـروط العيـش الكريـم تحقيقـا للتنميـة فـي كافـة المجـالات.

ولا خلاف أن ملايين الأسر المغربية ستستفيد بشكل أو بآخــر مــن آثــار هــذه الأوراش، التــي حتمــا ستحســن وضعيتها الاقتصادية والاجتماعية، في ظل الإكراهات القائمــة والرهانــات المجتمعيــة للمواجهــة الهيكليــة لمخاطـر تقلبـات الحيـاة.       

ورش مراجعة مدونة الأسرة

تجسـيدا للعنايـة المولويـة الخاصـة التـي يوليهـا جلالـة الملــك نصــره الله للنهــوض بقضايــا المــرأة والأســرة وحــرص جلالتــه علــى توفيــر أســس تماســك الأســرة، وجــه صاحــب الجلالة حفظــه الله رســالة ســامية إلــى رئيس الحكومة، بتاريخ 26 شتنبر 2023 في شأن إعادة النظــر فــي مدونــة الأســرة. ومــن خــلال هــذه الرســالة، أعطـى جلالة الملـك توجيهاته السـامية بإحـداث الهيئة المكلفــة بمراجعــة مدونــة الأســرة، التــي تتشــكل مــن وزيــر العــدل والرئيــس المنتــدب للمجلــس الأعلــى للســلطة القضائيــة ورئيــس النيابــة العامــة والأميــن العــام للمجلــس العلمــي الأعلــى ورئيســة المجلــس الوطنــي لحقــوق الإنســان ووزيــرة التضامــن والإدمــاج الاجتماعــي والأســرة.

وتنفيــذا للتعليمــات الــواردة فــي الرســالة الملكيــة الســامية، عملــت الهيئــة المكلفــة بمراجعــة مدونــة الأسـرة، فـي إطـار مقاربـة تشـاركية واسـعة، علـى عقـد جلسـات اسـتماع مع مختلف الفاعلين المؤسسـاتيين ومنظمـات المجتمـع المدنـي العاملة فـي مجال حقوق الإنســان وحقــوق المــرأة والطفولــة، بالإضافــة إلــى القضــاة والممارســين والخبــراء.

 وبالنظــر للتكليــف الملكــي الســامي لرئيــس الحكومــة برفــع مقترحــات التعديــل التــي انبثقــت عــن هــذه المشــاورات التشــاركية الواســعة إلــى النظــر الســامي لجلالة الملــك، أميــر المؤمنيــن، فقــد توصــل رئيــس الحكومـة مـن الهيئـة المكلفـة بمراجعـة مدونة الأسـرة بمقترحـات التعديـل، ورفعهـا إلـى المقـام العالي لأمير المؤمنيـن، وفـق الموعـد الـذي حـدده جلالة الملـك، رمز إجمــاع الأمة والمعبــر الأسمى عــن الإرادة العامــة.

 وبعــد المصادقــة الملكيــة الســامية علــى مقترحــات الهيئــة، ســتتخذ الحكومــة المبــادرة التشــريعية مــن أجل إعـداد الصيغـة النهائيـة للتعديلات وذلـك في أفق عرضهــا علــى مصادقــة البرلمــان.

انتخاب المغرب لرئاسة مجلس حقوق الإنسان.. تتويج لمسار حافل واعتراف دولي

شـهدت الفترة التي تغطيها الحصيلة الحكومية لنصف الولاية، حدثا مهما بالنسـبة لبلادنا، تمثـل فـي انتخـاب المغـرب لأول مـرة رئيسـا لمجلـس حقوق الإنسان التابع للأمم لمتحدة، وذلــك برســم ســنة 2024، بعــد أن تــم انتخابــه عضــوا بالمجلـس لولاية ثالثـة تمتـد إلـى غايـة سـنة 2025. كما تميزت نفـس الفترة بتقوية الحضـور المغربي بمختلف الهيئـات الأممية لحقـوق الإنسان، لاسيما مـن خـلال ضمــان تمثيليــة وازنــة للخبــراء المغاربــة فــي هيئــات المعاهــدات، حيــث يتواجــد حاليــا خبــراء مغاربــة بتســع هيئـات مـن أصـل عشـرة.

وقد انتخــب المغــرب يــوم 10 ينايــر 2024 لرئاســة مجلــس حقــوق الإنسان، الهيئــة المرموقــة التابعــة للأمم المتحـدة، بأغلبيـة 30 صوتـا مـن مجمـوع أعضـاء المجلــس السـبعة والأربعون.

إن انتخــاب المغــرب بالأغلبية الســاحقة يشــكل حدثــا حقوقيــا كبيــرا، ومحطــة بــارزة فــي مســار بلادنا فــي مجـال حقـوق الإنسان، التي شـهدت تحت قيـادة جلالة الملـك حفظه الله، إصلاحات عميقة ومكتسـبات هامة ســاهمت فــي تعزيــز الديمقراطيــة والمســاواة بيــن الرجال والنساء وترسيخ العدالة الاجتماعية والمجالية، وضمــان فعليــة حقــوق الإنسان. كمــا يشــكل دفعــة قوية تعزز الخيار الوطني الثابت الـمرصد للمكتسـبات والـمدشن لمرحلــة جديــدة فــي ترســيخ فعليــة حقــوق الإنسان.

ويعتبر هذا الانتخاب، تكريسا للمكانة المستحقة لبلادنا فــي المجتمــع الدولــي، واعترافـا بالدور الذي تضطلــع به كعضــو مؤســس لمجلــس حقــوق الإنسان، علــى مســتوى تعزيــز الحــوار والتعــاون الدولـي للنهـوض بحقـوق الإنسان؛ ويأتـي تتويجـا للعمل البناء للمملكـة المغربيـة مـن أجـل تعزيز أدوار مجلــس حقــوق الإنسان، خصوصــا آليتــه الرئيســية، الاستعراض الــدوري الشــامل.

وســتحرص المملكــة المغربيــة خــلال رئاســتها للمجلــس علــى تقويــة إشــعاع مجلــس حقــوق الإنسان في المنظومة الحقوقية للأمم المتحدة، وعلـى تعزيـز الحـوار والتوافـق والتضامـن الدولـي فــي مجــال النهــوض بحقــوق الإنسان، وحمايــة الحريــات الأساسية، ومكافحــة التمييــز.

المغاربة المقيمون بالخارج.. مسار متجدد للإدماج السوسيوـ اقتصادي

حرصــت الحكومــة خــلال عامي 2022 و2023 علــى تنفيــذ التعهــدات الــواردة فــي البرنامــج الحكومــي ذات الصلــة بالمغاربــة المقيميــن بالخــارج، حيــث تــم تنفيــذ عــدد مــن البرامــج والمشــاريع الراميــة إلــى النهــوض بأوضاعهـم والدفـاع عـن حقوقهـم ومصالحهـم، سـواء ما تعلق بالجانب الثقافي أو التربوي أو الاجتماعي، أو ما تعلـق بالمواكبـة القانونية لتبسـيط المسـاطر ودراسـة ومعالجة شكايات مغاربة العالم، وكذا تعبئة وتشجيع الاستثمارات والكفــاءات ودعــم الديناميــة المقاولاتيــة وجمعيــات مغاربــة العالــم.

وفـي هـذا الإطار، شـكلت التوجيهـات الملكيـة السـامية لصاحـب الجلالة الملـك نصـره الله، خاصـة تلـك الـواردة فـي الخطـاب الملكـي بمناسـبة الذكـرى 69 لثـورة الملك والشــعب، نقطــة تحــول مهمــة فــي تطويــر السياســة العموميــة الموجهــة للمغاربــة المقيميــن بالخــارج، ومنعطفـا نوعيـا رسـم أهـم المعالـم والمرتكـزات التـي يجـب اعتمادهـا مـن أجـل الارتقاء بتدبيـر شـؤون مغاربة العالـم الذيـن يبلـغ عددهـم حوالـي 6 ملاييـن نسـمة فـي أكثر من 100 بلد حول العالم ويشكلون 18% من مجموع المواطنيـن المغاربـة.

وســاهمت الحكومــة، علــى غــرار كل ســنة، فــي تنظيــم عمليـة عبور “مرحبا” تحت الرعايـة الفعلية لجلالة الملك نصره الله، قصد مواكبة واستقبال المغاربة المقيمين بالخـارج أثنـاء عودتهـم إلـى أرض الوطـن. وقـد شـهدت هــذه العمليــة، فــي الســنوات الأخيرة، زيــادة فــي عــدد المغاربـة العائديـن، حيث وصل عـدد الوافدين في 2023 إلى 3,165,328 شـخص، في ارتفاع بنسـبة 2.73% مقارنة بــسنة 2022 وبنسـبة 3.90% مقارنـة بسـنة 2019 كمـا شهدت عملية مرحبا سنة 2023 خروج 3.001.084 بزيادة بلغـت 4،42% مقارنـة مـع سـنة 2022 وسـاهمت جهـود الحكومـة فـي مجـال العمـل القنصلي والاجتماعي فـي تحسـين الخدمـات المقدمـة للمغاربـة المقيميـن بالخـارج وتيسـير التواصـل معهـم، بالإضافة إلــى تعزيــز مشــاركتهم فــي تنميــة المغــرب. وشــملت هـذه الجهود اسـتكمال رقمنة سـجلات الحالـة المدنية، وتعميــم المنظومــة الإلكترونية لتحديــد المواعيــد، بالإضافة إلـى إطلاق عـدة خدمـات قنصليـة إلكترونيـة.

كمـا تـم تيسـير التواصـل مـع مغاربـة العالـم مـن خـال إحداث مركز الاتصال القنصلي متعدد اللغات، والمنصة الإلكترونية ma.consulat. بالإضافة إلى ذلك، تم تأهيل المراكــز القنصليــة المغربيــة بالخــارج، وتقديــم خدمــات اجتماعيـة متنوعـة لفائـدة المغاربـة المقيميـن بالخـارج، ممــا ســاهم فــي تيســير عودتهــم إلــى الوطــن وتوفيــر ظـروف مواتيـة خـلال تفاعلهم مـع الخدمـات القنصلية.

مــن جهــة أخــرى، عملــت الحكومــة علــى تنفيــذ عــدد مــن البرامـج للنهوض بقضايا وشـؤون المغاربـة المقيمين بالخارج، ضمن محاور استراتيجية أساسية تهم التعزيز الهوياتــي، والمواكبــة الاجتماعيــة، وتعبئــة كفــاءات واســتثمارات مغاربــة العالــم.

فعلــى مســتوى التعزيــز الهوياتــي، تمــت مواكبــة أبنــاء المغاربـة المقيميـن بالخـارج علـى مسـتوى تعلـم اللغـة العربيـة والإلمام بالثقافـة المغربيـة حيـث يسـتفيد من ذلــك حوالــي 70.000 تلميــذ ســنويا. وفــي ذات الســياق، تـم تنظيـم جامعـات ثقافيـة لفائـدة 360 طالبـة وطالـبا مـن شـباب مغاربـة العالـم، إضافـة إلـى تنظيـم برنامـج المقامــات الثقافيــة لفائــدة 1.300 مــن أبنــاء المغاربــة المقيميــن بالخــارج.

كما تم تخصيص 868 منحة جامعية لفائدة الطلبة أبناء الجاليـة المغربيـة المقيمـة بالخـارج، وإطلاق مشـروع إحداث آلية لتعبئـة الكفاءات المغربية المقيمة بالخارج ومواكبة حاملي المشاريع، وكذا اعتماد برنامج لمواكبة المغاربــة المقيميــن ببلجيــكا قصــد إحــداث مشــاريع اسـتثمارية صغـرى ومتوسـطة بالمغرب.

وعلــى مســتوى تعبئــة الكفــاءات، تــم إطلاق مشــروع إحداث آلية لتسهيل تعبئة الكفاءات المغربية المقيمة بالخـارج ومواكبـة حاملي المشـاريع. كما حرصت الحكومة على تخليد اليوم الوطني للمغاربة المقيميـن بالخـارج الـذي يصـادف يوم 10 غشـت من كل سنة، وفي سنة 2022 تم تخليده تحت شعار “مساهمة المغاربــة المقيميــن بالخــارج فــي التنميــة المحليــة”، فيمـا تـم تخليـد هـذا اليوم خلال سـنة 2023 تحت شـعار “الشـباب المغاربة بالخـارج: انتظارات وإسـهامات”.

إقرار رأس السـنة الأمازيغية عطلة رسمية مؤدى عنها تتويج متواصل لمسار تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية

جــاء إقــرار الســنة الأمازيغيــة، عيــدا وطنيــا وعطلــة رســمية مــؤدى عنهــا، مــن طــرف جلالة الملــك محمــد السـادس نصـره الله، تتويجـا للعنايـة الكريمـة التـي مـا فتـئ يوليهـا جلالته للأمازيغيـة، باعتبارها مكونا رئيسـيا للهوية المغربية الأصيلة، والتي انطلق مسار تفعيلها مـع الخطابيـن السـاميين للعـرش فـي 30 يوليـوز سـنة 2001 وأجديـر بتاريـخ 17 أكتوبـر .

وقــد كان هــذان الخطابــان إيذانــا ببدايــة مرحلــة جديــدة فـي مسـار التعاطـي مـع المطالـب الأمازيغيـة، فأنشـئ المعهـد الملكـي للثقافـة الأمازيغيـة الـذي كان من بين أهــم صالحياتــه النهــوض باللغــة الأمازيغيــة لتلعــب الأدوار الجديـدة المنوطة بها وتكون لغة المؤسسـات الرســمية المغربيــة. وبنــاء علــى ذلــك، تــم إدراجهــا فــي التعليــم الإبتدائــي منــذ الدخــول المدرســي لســنة 2004-2003 وفـي الإعلام بالتنصيـص عليهـا فـي دفاتر تحمـلات القطـاع السـمعي البصري منـذ 2006، وصولا إلـى الإعتـراف بها فـي دسـتور 2011 لغـة رسـمية للدولة المغربيــة، مــع مــا يفرضــه ذلــك مــن إجــراءات قانونيــة وتنظيمية، من قبيل إخراج القانون التنظيمي المتعلق بتحديـد مراحـل وكيفيـات إدماجهـا فـي مجـال التعليـم وفــي مجــالات الحيــاة العامــة ذات الأولويــة، والقانــون التنظيمي المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربيــة.

وانطلاقا مـن هـذه المرجعيـات، واسـتحضارا لمـا بعـد الاعتراف الرســمي باللغــة الأمازيغيــة، يمكــن الجهــر بـأن عمـل الحكومـة مـن أجـل تفعيـل الطابـع الرسـمي للغــة الأمازيغيــة، ينســجم مــع توجــه الإرادة الملكيــة الراميــة لتعزيــز مبــدأ العدالــة الثقافيــة واللغويــة، مــن خلال تفعيـل رافعة الإدماج في السياسـات العمومية مــن أجــل تنميــة اجتماعيــة ومجاليــة عادلــة، وذلــك فــي إطار الدولة الاجتماعية التي أرادهـا جلالة الملك لبلدنا.

وجــاء البرنامــج الحكومــي متضمنــا التزامــا صريحــا بتفعيــل الطابــع الرســمي لللأمازيغية، ودشــن مرحلــة جديــدة قوامهــا الإجابة عــن المطلــب الرئيســي لــدى عموم المغاربة، من خلال تسريع وتيرة تفعيل الطابع الرســمي للأمازيغيــة أفقيــا وعموديــا، بأجنــدة ورزنامــة مضبوطتين، تتضمن خاصة إحداث صندوق خاص لدعم تفعيــل الطابــع الرســمي للأمازيغيــة وضخــه بميزانيــة تصـل إلـى مليـار درهـم بحلـول سـنة 2025 والتقـدم فـي إدمــاج الأمازيغيــة فــي الإدارة العموميــة.

إشـعاع المغرب على الساحة الدولية والدفاع عن مصالحه العليا.. ريادة متواصلة

تنفيــذا لمضاميــن الخطــب الملكيــة الســامية، التــي تحـث علـى أهميـة “تعزيـز مكانـة المغـرب والدفـاع عـن مصالحه العليا، لاسـيما في ظرفية مشـحونة بالعديد من التحديات والمخاطر والتهديدات”، عملت الحكومة علــى الارتقــاء بيقظــة وفاعليــة الجهــاز الدبلوماســي للدفــاع عــن القضيــة الوطنيــة، والتــي تبقــى علــى رأس أولويات الدبلوماسية المغربية. كما واصلت الحكومة جهودهــا للحفــاظ عــن المصالــح الحيويــة للمغــرب، وتعزيــز موقعــه كبلـد مســؤول وذي مصداقيــة، وفــق النهج الذي رسـمه له صاحب الجلالة نصره الله.

ورغم التحديــات الدوليــة والصعوبــات الإقليميــة والجهويــة، واصـل المغـرب التشـبث بالتزاماتـه مـن خـلال العمـل المشــترك والتشــاور المســتمر مــع كافــة الشــركاء، وتكريـس قيـم التضامـن والتعـاون، والتمسـك بالحـل الســلمي للنزاعــات، واحتــرام ســيادة الــدول ووحدتهــا الترابيــة واســتقلالها السياســي.

الدبلوماســية المغربية على المستوى الثنائي

وحرصـا علـى تنزيـل الرؤيـة المتبصـرة لصاحـب الجلالة نصـره الله، الهادفـة إلـى تنويع الشـراكات التـي ينهجها المغــرب، والتــي تأخــذ بعيــن الاعتبــار التحــولات التــي يعرفهـا العالـم، وتعكس مكانـة بلادنا كشـريك محترم ومطلـوب بفضـل نموذجـه السياسـي والتنمـوي ودوره كفاعـل رئيسـي فـي ترسـيخ الأمن والاستقرار، حرصـت الحكومــة علــى مواكبــة وتجســيد الانخــراط الشــخصي والفاعـل لصاحـب الجلالة، نصـره الله.

ففــي القــارة الإفريقية، عملــت الحكومــة علــى تكثيــف اللقــاءات والزيــارات، وعقــد اللجــان المشــتركة، وفتــح التمثيليـات الديبلوماسـية، وتعزيـز التعـاون فـي مجالات التعليــم والتكويــن، والتعــاون التقنــي، وبرامــج بنــاء وتقويـة القـدرات، واسـتضافة اجتماعـات إقليميـة ودولية تخــص القــارة.

 وفــي هــذا الســياق، تــم تكثيــف اللقــاءات والزيــارات مــع وزراء خارجيــة ومســؤولين أفارقــة، وعقــد لجان مشـتركة مـع جزر القمـر، وبوركينا فاسـو، وسـيراليون، غينيــا، والــرأس األخضــر، وأنغــوالا. كمــا تــم فتــح ســفارتين للمغــرب فــي جمهوريــة التوغــو وجمهوريــة المــالاوي، وتعييـن قائميـن بالأعمـال في هاتيـن الدولتيـن، بالإضافة إلــى فتــح ســفارات لــكل مــن كينيــا ومــلاوي وأوغنــدا بالربــاط. وفيمــا يتعلــق بالتعــاون فــي مجــال التعليــم والتكويــن، اســتقبلت المملكــة المغربيــة عبــر الوكالــة المغربيـة للتعـاون الدولـي، 32.830 مـن الطـلاب الأجانب وخصوصــا مــن الــدول الإفريقيــة، مــا يعكــس التزامهــا بدعـم التعليـم فـي القـارة. بالإضافـة إلـى ذلـك، تـم تنظيـم 68 مهمـة تقنية و59 برنامجـا لتعزيز القـدرات، في مختلف المجـالات، واسـتضافة اجتماعـات إقليميـة ودوليـة هامـة، مثل اجتماع الدورة العادية 21 للمجلس التنفيذي لاجتماع دول الســاحل والصحــراء (SAD-CEN)، والمؤتمــر الــوزاري للــدول الإفريقيــة الأطلســية، وأشــغال الــدورة 14 لقمــة الأعمـال الإفريقيـة الأمريكية.

وتعبيــرا عــن مســاعيها مــن أجــل النهــوض بالســلام والاســتقرار بالشــرق الأوســط، اســتمرت الديبلوماســية المغربيــة، تحــت القيــادة الحكيمــة والمتبصــرة لجلالة الملك محمد السـادس، نصره الله، راسـخة على موقفها بخصــوص عدالــة القضيــة الفلســطينية، والحقــوق المشــروعة للشــعب الفلســطيني فــي إقامــة دولتــه المســتقلة، وعاصمتهــا القــدس الشــرقية، بمــا يضمــن الأمــن والإســتقرار لجميــع شــعوب المنطقــة، كمــا تبقــى بقيــادة جلالته رئيــس لجنــة القــدس وراعــي وكالــة بيــت مـال القـدس الشـريف، الـذراع التنفيـذي للجنة، مسـتعدة للمسـاهمة فـي كل جهـد أو مبـادرة مـن أجـل نصـرة هـذه القضيــة، التــي تعــد مــن أولويــات عمــل الدبلوماســية المغربيــة.

وقــد عرفــت ســنتا 2022 و2023 العديــد مــن اللقــاءات والمباحثــات الثنائيــة والزيــارات والاتصالات، الراميــة لدعــم ومناصــرة القضيــة الفلســطينية، والتــي ناهــزت فــي مجموعهــا 112 نشــاطا دوليــا.

كمـا عرفـت ذات الفتـرة، عقـد أربـع لجـان مشـتركة مـع أربـع دول خليجيــة، وهــي الســعودية، وقطــر، وســلطنة عمــان، والبحريــن. واكتســت العلاقــات المغربيــة الأوروبية توجها متجــددا اسـتلزم تكثيـف المشـاورات السياسـية الثنائيـة، وتفعيـل جميــع آليــات التعــاون، بهــدف رفــع منســوب الثقــة بيــن المغــرب ومجمــوع الــدول الأوروبية.

 وفــي هــذا الإطار، شــهدت العلاقــات مــع إســبانيا تحولا كبيــرا فــي موقفهــا مـن ملـف الصحـراء المغربيـة ومبـادرة الحكـم الذاتـي، فـي سـياق النجـاح الكبيـر الـذي حققـه المغـرب فـي هـذا الملـف.

كما شـهدت العلاقات مع فرنسـا تقاربا وانفراجا باعتبارها دولة محورية فـي الاتحاد الأوروبي نظـرا لقدرتها على التأثير في ملـف الحكـم الذاتي لحـل النـزاع المفتعل فـي الصحراء. وعرفـت العلاقـات مـع المملكـة المتحـدة تطـورا ملحوظـا بعـد خـروج بريطانيا مـن الاتحـاد الأوروبي، وتـم الحفاظ على عالقـات جيـدة مـع روسـيا، بعيـدا عـن تبعـات حـرب أوكرانيا. كما عبرت أوكرانيا عن دعمها لمقترح الحكم الذاتي، وتكللت العلاقــات الاســتراتيجية مــع البرتغــال بتوقيــع اتفاقيــات جديدة، وشـهدت العلاقات مـع إيطاليا تجديدا للتعاون في إطار القمة الإيطالية-الإفريقية، كما استأنفت المشاورات السياسـية مـع ألمانيـا، مـع تأييدهـا لمقتـرح الحكـم الذاتـي، وتعـززت أواصـر التعـاون الثنائـي مـع الأراضـي المنخفضـة، بعــد دعمهــا لمخطــط الحكــم الذاتــي.

 وشــهدت العلاقــات مــع بلجيــكا دفعــة قويــة، بعــد الدعــم البلجيكــي لمخطــط الحكـم الذاتـي، فيمـا تـم توطيـد التعـاون الثنائـي مـع تركيـا، بعـد موقفهـا الداعـم للوحـدة الترابيـة للمملكـة.

وفــي ســياق الانفتــاح علــى شــركاء جــدد، تــم تفعيــل آليــات التشـاور السياسـي مـع دول شـمال أوروبـا، وتعزيـز تبـادل الزيــارات مــع النمســا، والانفتــاح علــى دول فيشــغراد مــع دعـم هنغاريـا وبولنـدا وجمهوريـة التشـيك لمقتـرح الحكـم الذاتــي، وشــهدت العالقــات مــع رومانيــا ومالطــا وبلغاريــا واليونـان وقبـرص تعزيـزا، بالإضافـة إلـى تكثيـف الاتصالات مــع دول البلقــان.

وفـي إطـار العلاقـات بيـن المغـرب وبلـدان شـمال أمريـكا، شهدت الشراكة الاستراتيجية تطورا مستداما منذ اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسـيادة المغـرب على صحرائه فـي دجنبـر2020 مما يعكس عمـق التحالف بيـن البلدين شـهدت الشـراكة الاسـتراتيجية مع الولايات المتحــدة الأمريكية تطــورا مســتداما منــذ اعترافهــا بســيادة المغــرب علــى صحرائــه فـي دجنبـر 2020 ومتانــة التعــاون المتجــدد بينهمــا.

 وخـلال ســنتي 2022 و2023 تــم تعزيــز التعــاون فــي المجــالات السياســية والاقتصاديــة والتجاريــة والثقافيــة والعســكرية، مــع إجـراء العديـد مـن اللقـاءات والمباحثـات بيـن المسـؤولين الأمريكييــن والمغاربــة. وفــي إطــار هــذه الشــراكة الاسـتراتيجية، قامـت نائبـة وزيـر الخارجيـة الأمريكـي بزيارة رســمية إلــى المغــرب فــي مــارس 2022 حيــث ترأســت جلســة للحــوار الاســتراتيجي المغربــي الأمريكي، وفــي مارس 2023 زار وزير الخارجية المغربي واشـنطن والتقى بنظيــره الأمريكــي لبحــث تعزيــز الشــراكة الاســتراتيجية والقضايـا ذات الاهتمـام المشـترك.

كمـا تـم عقـد جلسـة جديـدة لمجموعـة العمـل الإفريقية بواشـنطن في مطلع نونبــر 2023 بحضــور وفــد مغربــي، بهــدف تعزيــز التعــاون الثلاثي عبــر القــارة الإفريقيــة. كمــا شــهدت هــذه الفتــرة تبــادل زيــارات عــدة، بمــا فــي ذلــك زيــارة كاتــب الدولــة الأمريكــي للمغــرب فــي مــارس 2022 وزيــارة وفــود مــن مجلـس الشـيوخ الأمريكي ولقـاءات مع كبار المسـؤولين الأمريكيين، إلى جانب زيارة السيدة الأولى لمدينة مراكش فـي يونيـو 2023 ممـا يعكـس قـوة الروابـط بيـن البلديـن وعمـق التعـاون المشـترك.

 كمـا اسـتقبلت الحكومـة فـي أبريــل 2024 وفــدا مــن الكونغــرس الأمريكــي، فــي إطــار زيـارة عمـل للمملكة، مـن أجل تعزيـز التنسـيق الوثيق بين البلديـن بشـأن مجموعة مـن القضايا الإقليميـة والدولية. وتواصلــت وتيــرة العلاقــات الثنائيــة مــع دول أمريــكا الوســطى والجنوبيــة علــى نحــو جيــد خــلال ســنتي 2022 و2023 وعرفــت تطــورا إيجابيــا مهمــا مــن خــلال إغنــاء الأجنــدات الثنائيــة، علــى مســتوى الاتصالات واللقــاءات المختلفـة. ففـي ظـل تنامـي اليسـار الراديكالـي بالمنطقة، والــذي عــادة مــا يمنــح مجــالا خصبــا للمنــاورات العدائيــة ضــدا للوحــدة الترابيــة لبلادنا، قامــت الدبلوماســية المغربيــة بتعبئــة طاقاتهــا مــن أجــل تحصيــن المكتسبات وفتح آفاق جديدة، وهو مـا أفضـى إلـى إعـلان البيـرو عـن قرار ســحب الاعتــراف بالكيــان الوهمــي وقطع جميع العلاقات الدبلوماسية معـه.

كمـا جـددت عـدة دول دعمهـا الصريح لمغربية الصحراء على غرار جمهوريـة غواتيمالا، وكـذا جمهورية الدومينيـكان التي أعربـت عن دعمها “المطلــق” لمغربيــة الصحــراء وعــن نيتهـا دراسـة تدشـين مركـز قنصلـي بأقاليمنا الجنوبية، على غرار غواتيمالا التي قامت بافتتاح قنصليـة عامـة بمدينـة الداخلـة أواخـر سـنة 2022. كمـا زار المغــرب وفــد عــن برلمــان جمهوريــة الشــيلي ووفــد عــن البرلمــان البيروفــي، واللــذان أعربــا عــن دعمهمــا لجهــود المملكـة فـي الدفـاع عـن وحـدة أراضيهـا، وضـرورة الرقـي بالعلاقــات الثنائيــة إلــى أعلــى المســتويات. كمــا توجهــت عمـدة مقاطعـة بويبلـو ليبـري للعاصمـة البيروفيـة ليمـا، علــى هامــش الزيــارة التــي قامــت بهــا للمملكــة فــي مايــو 2023 لمدينـة العيـون حيـث تـم توقيـع اتفاقيـة توأمـة بيـن البلديتيــن.

وتشــهد العلاقــات الدبلوماســية بيــن المغــرب ودول الكاريبــي ديناميــة إيجابيــة، حيــث واصلــت بلادنــا، خــلال الســنتين المنصرمتيــن، توطيــد علاقـات الصداقــة والتضامن والتعاون مع دول هذه المنطقة، من موقعها كشريك استراتيجي لها وفي إطار التعاون جنوب – جنوب.

وهكـذا، عملـت المملكـة على إبـرام وتنفيذ وتمديـد العمل بمذكــرات تفاهــم وخرائــط طريــق مــع 11 دولــة، شــملت مشــاورات سياســية وبرامــج تهــم النهــوض بالتعــاون التقنــي فــي عــدة مجـالات، بمــا فيهــا الميــدان الطلابــي والتكويـن المسـتمر، وكـذا المسـاهمة فـي إنجـاز مشـاريع التنمية السوسيو-اقتصادية.

وتمثلت مساهمات المغرب فــي هــذه البرامــج فــي دعمهــا المباشــر لهــا، إضافــة إلــى التبــرع بهبــات مــن الأســمدة دعمــا للقطــاع الفلاحــي، ومسـاهمة فـي ضمـان الأمن الغذائـي لهـذه الـدول. وقـد سـاهم التواجـد الفعـال للدبلوماسـية المغربيـة بمنطقـة الكاريبــي فــي تعزيــز المكاســب الســابقة وتحقيــق أخــرى جديـدة، خاصة مـا يتعلق بدعـم مغربية الصحـراء والوحدة الترابيــة للمملكــة ومقتــرح الحكــم الذاتــي.

وحقــق المغــرب إنجــازات مهمــة علــى مســتوى القــارة الآســيوية والمحيــط الهــادئ مــن خــال تعزيــز العلاقــات الدبلوماسية والثنائية مع دول المنطقة، وتعزيز التعاون جنوب-جنــوب، ودعــم المقتــرح المغربــي للحكــم الذاتــي فــي الصحــراء، وتعزيــز حضــور المغــرب فــي المنتديــات والمنظمــات الجهويــة الآســيوية. وقــد تضمنــت هــذه الإنجــازات تســجيل خمســة مواقــف داعمــة للمقتــرح المغربــي للحكــم الذاتــي مــن قبــل عــدة دول، وزيــارات وتبــادلات واســعة النطــاق بيــن الــوزراء والمســؤولين الحكومييـن، بالإضافة إلـى تنظيم العديد مـن الاجتماعات والمنتديــات الاقتصاديــة والثقافيــة. وتعكــس هــذه الديناميــة حــرص المغــرب علــى تعزيــز علاقاتــه وتوســيع تأثيـره فـي المنطقة، وتؤكـد على دوره الفاعل في السـاحة الدوليـة وحرصـه علـى المسـاهمة فـي التصـدي للتحديـات العالميــة.

وفــي إطــار انفتــاح المغــرب المســتمر علــى آفــاق تعــاون جديـدة وتعزيـز العلاقات القائمـة مع شـركائنا التقليديين، حققــت الدبلوماســية المغربيــة إنجــازات ملموســة فــي  مجــال الاتفاقيــات، حيــث وقعــت واعتمــدت 409 اتفاقيــة تغطــي مجموعــة واســعة مــن المجــالات السياســية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وتشمل هذه الإنجازات التوقيــع علــى 383 اتفاقيــة ثنائيــة و26 اتفاقيــة متعــددة الأطـراف، بالإضافـة إلـى عـرض والمصادقـة علـى عـدد من الآليـات القانونيـة. وتظهـر هـذه الإنجـازات التـزام المغرب بتعزيـز شـراكاته الدولية ودعـم التعاون الدولـي، إلى جانب حمايــة مصالــح المملكــة فــي الخــارج، وتعزيــز التنميــة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. كما تؤكد على المكانة المتميـزة للمغـرب على السـاحة الدوليـة والتزامـه بمبادئ التعـاون الدولـي واحتـرام القانـون الدولـي.

الدبلوماســية المغربية على المستوى متعدد الأطراف

يعــد المغــرب مــن الــدول الرائــدة فــي تعزيــز الســلام والأمن والحكــم الرشــيد فــي إفريقيــا، والداعمــة للاســتقرار وللســلام الدائــم فــي مختلــف أنحــاء القــارة الإفريقيــة، بالإضافــة إلــى تعزيــز وتقويــة المؤسســات الديمقراطيــة، حيــث شــارك بفعاليــة فــي قمــم الاتحــاد الإفريقــي ومجلــس الســلم والأمن، ودافــع عــن القــرار رقــم 693 الخــاص بالنــزاع الإقليمــي حــول الصحــراء المغربيــة. كمــا عمــل علــى تنظيــم مؤتمــر طنجــة حــول السـلام والأمن والتنميـة فـي إفريقيـا، وتقديـم تمويـل مســتمر لصنــدوق الســلام التابــع للاتحاد الإفريقي.

وســعى المغــرب فــي مجــال التعــاون السياســي إلــى تقديــم مســاهمات قيمــة، حيــث عمــل علــى تنظيــم دورات تكوينيـة لملاحظـي الانتخابـات التابعيـن للاتحـاد الإفريقــي، ودعــم الجهــود المبذولــة لتعزيــز الاســتقرار والســلام، والمشــاركة فــي العديــد مــن الاجتماعــات ذات الصلــة بالحكــم والديمقراطيــة. كمــا أجــرى حــوارا سياسيا على أعلى مستوى مع رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي والمفوضيـن والمسئولين السـامين، ووقـع مذكـرات تفاهـم بيـن المؤسسـة التشـريعية للمملكـة والمؤسســة البرلمانيــة الإفريقيــة.

وفــي مجــال المشــاركة فــي الهيئــات، انتخــب المغــرب رئيسـا للجمعيـة العامـة الدائمـة للمجلـس الاقتصادي والاجتماعــي والثقافــي للاتحاد الإفريقــي، وحصــل علــى العضويـة في المجموعة الاستشـارية لـوزراء الخارجية حـول الإصـلاح المؤسسـاتي للاتحـاد الإفريقي مـا مكن من تعزيـز مكانة المغرب في الاتحـاد الإفريقي وضمان تمثيليـة لصوتـه وتصـوره داخـل الاتحـاد.

أمـا في إطار جامعة الدول العربية، فقد شـهدت سـنتا 2022 و2023 نشـاطا دبلوماسـيا مكثفـا للمغـرب، تميـز بعقد العديد من الاجتماعات على مختلف المستويات، بمـا فـي ذلـك قممـا عربيـة عاديـة واسـتثنائية. وتـرأس المغـرب الـدورة 160 لمجلـس الجامعة على المسـتوى الــوزاري، بالإضافــة إلــى اجتماعــات طارئــة لبحــث التطورات في غزة، وسوريا والسودان، واحتضن الدورة السادسـة لمنتـدى التعـاون العربـي الروسـي.

أمــا فيمــا يتعلــق بمنظمــة التعــاون الإسلامي، فقــد واصـل المغـرب تعاونـه معهـا مـن خـلال مشـاركته فـي العديـد مـن الاجتماعـات والفعاليـات، وأبرزهـا الـدورات السـنوية والاسـتثنائية، بالإضافة إلى اللقـاءات الثنائية مـع الأمين العـام.

كمــا أكــد بيــان لمجلــس دول التعــاون الخليجــي أهميــة الشــراكة الاســتراتيجية مــع المغــرب وتنفيــذ خطــة العمـل المشـترك، وكـذا علـى دعـم المجلـس لمغربيـة الصحــراء والحفــاظ علــى أمــن واســتقرار المملكــة المغربيــة.

وشهدت العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي خلال الســنتين 2022 و2023 ديناميــة قويــة تميــزت بتعــاون متعــدد الأوجه علــى مختلــف الأصعــدة.

فعلــى صعيــد الحــوار السياســي، تميــزت العلاقــات بتبــادل الزيــارات بيــن مســؤولين ســامين مــن الطرفيــن، بالإضافــة إلــى إطــلاق مشــاورات لإرســاء إطــار سياســي مشــترك للتعـاون الثنائـي. أمـا علـى المسـتوى الاقتصـادي، فقـد تم اسـتكمال تفعيل الخطة الاقتصادية والاستثمارية للأجندة الجديدة للبحر الأبيض المتوسط، واستقطاب 8.4 مليـار يـورو مـن الاسـتثمارات العموميـة والخاصة، كمــا تــم اعتمــاد خارطــة الطريــق 2024-2023 للشــراكة الخضراء، وتعبئة 165 مليون يورو لدعم الاستراتيجيتين الوطنيتيــن الجيــل الأخضــر والطاقــة الخضــراء.

 وفيمــا يتعلق بالمجال التجاري، فقد تم تفعيل آليات الشراكة المتخصصـة لإزالة الحواجـز التجاريـة، ومواكبـة انخراط المغــرب فــي الاتفاقيــة الإقليميــة الأورو متوســطية. كمـا تم الالتزام بمسـاهمة بقيمة 225 مليـون يورو من المفوضيـة الأوروبيـة ومليـار يـورو مـن بنـك الاسـتثمار الأوروبــي فــي ميزانيــة إعــادة بنــاء وتأهيــل المناطــق المتضـررة مـن آثـار زلـزال الحـوز. وتمـت أيضـا مواصلـة تفعيل الشـراكة المتجددة في شـؤون الهجـرة القائمة منـذ يوليـوز 2022 مع إطـلاق شـراكة المواهـب لتطوير الهجـرة القانونيـة بيـن المغـرب والاتحـاد الأوروبـي.

هـذا وقـد تـم تعزيـز التعـاون الأمنـي مـن خـال الرئاسـة المشــتركة للمنتــدى العالمــي لمكافحــة الإرهــاب، والتعــاون مــع الــوكالات الأوروبية  المتخصصــة، واحتضان المغرب للبرنامج الإقليمي JUST CT لمكافحة الإرهـاب. كمـا تـم إطلاق المباحثـات القطاعيـة لتطويـر التعـاون الثلاثي فـي مجـال المـاء، وتعميـق الحـوار مـن أجـل تسـهيل المشـاركة المغربيـة فـي بعـض البرامـج الأوروبية وتـم كذلـك تفعيـل وضـع “الشـريك مـن أجل الديمقراطيـة” البرلمانيـة والمحليـة، والتصـدي لبعـض المنـاورات التـي تعرضـت لهـا هـذه الشـراكة مـن طـرف خصــوم وحدتنــا الترابيــة، بالإضافــة إلــى منــح جائــزة مركــز الشــمال والجنــوب لرئيســة المجلــس الوطنــي لحقــوق الإنسان، تقديــرا لعملهــا فــي مجــال “حقــوق الإنســان والمســاواة بيــن الجنســين ومنــع التعذيــب علــى المســتوى الوطنــي والإفريقي”.

وواصلـت الحكومـة تعزيـز علاقـات التعـاون والشـراكة مــع وكالات الأمم المتحــدة للتنميــة فــي مختلــف المجالات، بما في ذلك التنمية المستدامة، والاقتصاد، والتجــارة، والملكيــة الفكريــة، وإعــادة الإعمــار بعــد الكـوارث. وقـد تجلـى ذلـك مـن خـال التوقيـع علـى إطـار الأمم المتحـدة للتعـاون مـن أجـل التنميـة المسـتدامة للفتــرة 2027-2023 واعتمــاد برامــج جديــدة للتعــاون مـع منظمة الأغذيـة والزراعـة، وبرنامـج الأمم المتحدة الإنمائي، ووكالــة الأمم المتحــدة للطفولــة، وبرنامــج الأمم المتحـدة للمسـتوطنات البشـرية. كمـا تـم أيضـا تنســيق تعبئــة 238 مشــروع تعــاون بيــن الــوكالات الأممية والقطاعات الوزارية ومؤسسات وطنية أخرى، بالإضافــة إلــى التوقيــع مــع منظمــة الملكيــة الفكريــة علـى خطـاب نوايـا للتعاون فـي مجـال الملكيـة الفكرية. كمـا تعبأت الجهـات الدوليـة لدعم جهود إعـادة الإعمار بالمناطــق المتضــررة بعــد زلــزال الحــوز.

وقد عزز المغرب تواجده في المنظمات الدولية بشكل ملحـوظ مـن خـال نيـل مناصـب قياديـة، والعضوية في مجالــس إدارة العديــد مــن المنظمــات، وذلــك تتويجــا للجهــود الدبلوماســية الدءوبة التــي يبذلهــا المغــرب لتعزيــز دوره الفاعــل فــي مســارات التعــاون المتعــدد الأطراف، وحضــوره الرائــد ومشــاركته الفاعلــة فــي مختلف الاستحقاقات الدولية.

 وتشمل أبرز الإنجازات فـي هـذا المجـال رئاسـة المغـرب لمجموعـة الـ 77 زائـد الصيــن فــرع فيينــا برســم ســنة 2022 وانتخابــه نائبــا لرئيــس الــدورة 78 للجمعيــة العامــة لأمــم المتحــدة، ولرئاســة اللجنــة الحكوميــة الدوليـة لكبــار المسئولين والخبراء في شـمال إفريقيا، والاجتماع المشـترك بين شـمال إفريقيـا وإفريقيـا الغربيـة، ومجموعـة أصدقـاء الدول ذات الدخل المتوسط، ورئاسة مجموعة أصدقاء المراجعــات الطوعيــة الوطنيــة بشــأن تنفيــذ أهــداف التنميــة المســتدامة.

وفــي مجــال الهجــرة، يعتبــر المغــرب رائــدا فــي تنفيــذ الميثــاق العالمــي للهجــرة، ونظــم فــي هــذا الصــدد الاجتماع الــوزاري للبلــدان الرائــدة فــي تنفيــذ اتفاقيــة مراكش، وترأس مبادرة البلدان البطلة في شبكة الأمم المتحدة للهجرة، ونظم العديد من اللقاءات والورشات الإقليمية لتبــادل الخبــرة علــى المســتوى الوطنــي.

وفيما يخـص مكافحـة الإرهاب والتطرف ونزع السـلاح ومنع انتشار الأسلحة النووية، ترأست المملكة لثالث فتــرات متتاليــة المنتــدى العالمــي لمكافحــة الإرهاب، واســتضافت اجتمــاع وزراء التحالــف الدولــي لهزيمــة تنظيــم “داعــش”، وعملــت علــى تطويــر مقاربــة فعالــة لمكافحــة المخــدرات والجريمــة.

أمـا في مجال التغيرات المناخية والتنمية المسـتدامة، تعرف المملكة بالسياسـات الوطنيـة المتخذة في هذا المجـال وتشـارك بفعاليـة فـي دورات مؤتمـر الأطـراف حـول التغيـرات المناخيـة، وتظهر هذه الإنجازات الدور الفاعل للمغــرب فــي الســاحة الدوليــة وحرصــه علــى المسـاهمة فـي حـل التحديـات العالميـة.