ⴰⵏⵙⴰ ⵏ ⵜⵏⴱⴰⴹⵜ ⵜⴰⵎⵖⵔⵉⴱⵉⵜ

علاقة الحكومة بالبرلمان.. تعاون مثمر وتواصل دائم واحترام لفصل السُّلط وتوازنها وتعاونها

حرصــت الحكومــة، منــذ تنصيبهــا، علــى تعزيــز التعــاون البناء والتواصل المسـتمر مع المؤسسة التشريعية، في إطـار الاحترام التـام لمبدأ فصـل السـلط وتعاونها الوثيق والمثمر، من خلال الانفتاح على مختلف مكونات المجلسـين، أغلبيـة ومعارضـة، والتفاعـل الإيجابي مـع المبــادرات التشــريعية والرقابيــة وتقييــم السياســات العموميـة طبقـا لأحـكام الدسـتور. وهـو مـا تـدل عليـه الحصيلة المتميزة لهذا التعاون إلى غاية اختتام الدورة التشريعية الخامسة للولاية التشريعية الحادية عشر (2026-2021) بتاريخ 06 فبراير 2024.

 المبـادرة التشـريعية للحكومة

 بلــغ عــدد مشــاريع القوانيــن التــي قامــت الحكومــة بإيداعهــا بغرفتــي البرلمــان مــا مجموعــه 101 مشــروع قانــون، 84 مشــروع قانــون تــم إيداعــه بالأسبقية بمجلس النواب و17 بمجلس المستشارين. كما أبقت علـى 26 مـن مشـاريع القوانيـن التـي كانـت قيـد الـدرس قبـل افتتـاح الولاية التشـريعية الحاليـة.

وبلـغ عـدد مشـاريع القوانيـن المصـادق عليهـا بصفـة نهائيـة مـن طـرف البرلمان 112 قانونا، فيما ظل 15 مشـروع قانون قيــد الــدرس. وبلــغ عــدد اجتماعــات اللجــان البرلمانيــة الدائمـة التـي واكبهـا أعضـاء الحكومة، في إطار دراسـة النصوص التشريعية بالبرلمان بمجلسيه، ما مجموعه 226 اجتماعـا، مـن بينهـا 132 اجتماعـا بمجلـس النـواب و94 اجتماعــا بمجلــس المستشــارين.

تفاعل إيجابي وبناء

حرصت الحكومة على التفاعـل البناء مع مختلف الآليات الرقابية للبرلمان بغرفتيه. وفي هذا الإطار، حرص رئيس الحكومــة علــى الحضــور إلــى البرلمــان بغرفتيــه لتقديــم الأجوبة عــن الأسئلة المتعلقــة بالسياســة العامــة تطبيقــا لأحــكام الفصــل 100 مــن الدســتور، حيــث تــم، منــذ تنصيــب الحكومــة، عقــد 20 جلســة لهــذا الغــرض مــن بينهــا 12 جلســة بمجلــس النــواب و8 جلســات بمجلــس المستشــارين، تــم خلالها تقديــم الأجوبة عــن كافــة الأسئلة المبرمجــة التــي تقدمــت بهـا فــرق ومجموعــات المعارضــة والأغلبية، وعددهــا 156 سؤالا، من بينها 60 سؤالا بمجلس النواب و96 سؤالا بمجلس المستشــارين.

 ومــن أبــرز المحــاور التــي تناولتهــا هــذه الأسئلة، يمكـن ذكـر أوراش السياسـة المائيـة، وتفعيل التغطيــة الصحيــة الإجباريــة والحمايــة الاجتماعية، والمنظومة الصحية، والتربية والتكوين، والتعليم العالي، والحـوار الاجتماعي، والاستثمار ومنـاخ الأعمال، ودعـم المقاولات، والقطاع المالي والبنكـي، والاتمركز الإداري، وتنميــة المناطــق النائيــة، وتمكيــن المــرأة المغربيــة.

وفي إطار تفاعل الحكومة مع أسئلة السيدات والسادة البرلمانيين، بلغ عدد الأسئلة الشفهية، بما فيها الآنية، التــي أجابــت عنهــا الحكومــة 4425 سؤالا. كمــا أجابــت الحكومة عن 13645 سؤالا كتابيا من أصل 19327 سؤالا تم توجيهه من طرف أعضاء غرفتي البرلمان، أي بنسـبة %70.

وعلــى مســتوى طلبــات عقــد اللجــان لدراســة القضايــا الراهنـة، فقـد اسـتجابت الحكومـة لــ 74 طلبـا، ومـن بيـن المواضيـع التـي قـدم أعضـاء الحكومـة عروضـا بشـأنها باللجان المعنية، يمكن ذكر الأمن الغذائي، واستراتيجية النهوض بقطاع الصناعة التقليدية، والسياسة الصناعية الوطنيـة، واسـتراتيجية المناطق اللوجيسـتيكية.

وبخصوص تعهدات الحكومة أمام البرلمان، فقد أجابت الحكومـة عـن 343 تعهـدا التزمـت بـه خـلال أجوبتهـا علـى الأسئلة الشفهية بمجلسي البرلمان، و147 تعهدا أثناء اجتماعات اللجان الدائمـة بمجلس النواب.

ومــن جهــة أخــرى، حرصــت الحكومــة علــى التفاعــل مــع طلبـات لجنـة مراقبـة الماليـة العامـة التـي عقـدت ثلاثـة اجتماعـات، خصصت لتقديم عروض تهم مراقبة تسـيير مؤسسـات التعاون الوطنـي، وتدبير الإعانات الممنوحة للجمعيات من طرف القطاعات الوزارية، ومراقبة تسيير الوكالـة الوطنيـة لإنعاش التشـغيل والكفـاءات.

كمـا تجاوبـت الحكومـة مـع ثمانية طلبـات للقيـام بمهام استطلاعية وزيـارات ميدانيـة، وشـملت قضايـا متعددة منهــا، وضعيــة مصــب نهــر أم الربيــع، والوقــوف علــى الاستعدادات الجاريـة لتنظيم عملية “مرحبـا”، والوقوف على شبكات توزيع وتسويق المنتجات الفلاحية وشروط وظــروف الإقامة بالأحياء الجامعيــة، ومقالــع الرمــال والرخـام، بالإضافة إلـى زيـارة ميدانيـة لمنشـآت رياضيـة بمدينة سلا وزيارة ميدانية لـكل من المنطقة الصناعية الحـرة ومينـاء طنجـة المتوسـط.

تجــاوب مثمــر

فـي إطـار تجـاوب الحكومـة مـع الآلية الرقابيـة المتعلقـة بتقييــم السياســات العموميــة، وفقــا لأحــكام الفقــرة الثانيـة مـن الفصـل 101 مـن الدسـتور، شـاركت الحكومـة في الجلستين السنويتين لمناقشة وتقييم السياسات العموميــة اللتيــن تــم عقدهمــا، علــى التوالــي بمجلســي البرلمــان، بتاريــخ 18 يوليــوز 2023 واللتيــن تمحــورت أشــغالهما بمجلــس النــواب حــول مناقشــة وتقييــم السياسة المائية ببلادنا والخطة الوطنية لإصلاح الإدارة، وبمجلــس المستشــارين حــول السياســة العموميــة المرتبطــة بالتعليــم والتكويــن ورهانــات الإصــلاح، حيــث قـدم أعضاء الحكومـة المعنيون توضيحات مسـتفيضة معززة بأرقام ومؤشـرات حول ما أنجـز والمبرمج إنجازه.

كمـا تفاعلـت الحكومـة إيجابـا مـع الجلسـة العامـة التـي خصصــت لمناقشــة تقريــر المجموعــة الموضوعاتيــة بمجلــس المستشــارين، بتاريــخ 25 يوليــو 2023 حــول “البرامــج المندمجــة الموجهــة للأشخاص فــي وضعيــة إعاقــة”، مــن خــلال الجــواب علــى مختلــف تساؤلات ومقترحــات المستشــارين والتوصيــات المتضمنــة فــي التقريــر.

وبذلك تبرز مؤشرات حصيلة الإنتاج التشريعي والرقابي وتقييم السياسـات العمومية، بشكل جلي، حجم الجهد المبـذول من قبل الحكومة ومؤسسـة البرلمان لإرساء تعاون فعال وإيجابي في مسار تعزيز البناء المؤسساتي والديمقراطي لبلادنا.

تعزيز فعلية حقوق الإنسان.. خيار ثابت لصون كرامة المواطن

جعلــت الحكومــة مــن مواصلــة إصلاح المســار السياســي والديمقراطــي الــذي انخرطــت فيــه بلادنا، تحــت القيــادة الرشــيدة لجلالة الملــك نصــره الله، التزامــا أساســيا لهــا فــي البرنامــج الحكومــي، باعتبــاره مدخلا لتحقيـق مجموعة مـن الإصلاحات فـي المجالات الاجتماعية والسياســية والثقافيــة وغيرهــا.

وفــي هــذا الإطار، عملــت الحكومــة علــى تعزيــز فعليــة حقــوق الإنسان كخيــار ثابــت لصــون كرامــة المواطــن، مـن خـلال الانفتاح والتفاعـل المسـتمرين مـع الآليات الأممية لحقــوق الإنسان، والانخراط المتواصــل فــي المنظومــة الحقوقيــة الدوليــة، مــع الارتقاء بالحقــوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافيـة والبيئيـة والحقـوق الفئوية، بما يكفل الإنصاف والمساواة وتكافؤ الفرص ومقومــات العيــش الكريــم للمواطنــات والمواطنيــن.

وعلــى مســتوى العلاقــة مــع المؤسســة التشــريعية، عملـت الحكومـة على إرسـاء أسـس تعاون مثمـر وبناء فـي إطـار الاحترام التـام لمبـدأ فصـل السـلط وتوازنهـا وتعاونها. وفي هذا الإطار، تميزت الفترة التي تغطيها هـذه الحصيلـة بإنتـاج تشـريعي نوعـي يعكـس التفاعـل المثمــر للبرلمــان بغرفتيــه مــع المبــادرة التشــريعية للحكومــة، كمــا تميــزت بالتجــاوب البنــاء للحكومــة مــع الوظيفــة الرقابيــة للبرلمــان مــن خــال التفاعــل مــع الأسئلة البرلمانيـة وغيرهـا مـن الآليات الرقابية، فضلا عــن الإسهام الفاعــل للحكومــة فــي تعزيــز آليــة تقييــم السياســات العموميــة.

واعتبارا لأهمية ورش إصلاح منظومة العدالة في بناء دولـة الحـق والقانـون، عملـت الحكومـة علـى اسـتكمال مسلســل استقلال الســلطة القضائيــة، كمــا حرصــت علـى تقريـب مرفـق القضـاء مـن المواطنيـن مـن خـلال إحــداث محاكــم جديــدة، فضــلا عــن تبســيط المســاطر وتعزيــز التحــول الرقمــي لمنظومــة العدالــة، لا ســيما عبــر رقمنــة الإجراءات والخدمــات القضائيــة وإرســاء دعائــم المحكمــة الرقميــة. كمــا بــادرت الحكومــة إلــى فتــح ورش المراجعــة الشــمولية للنصــوص القانونيــة المرجعية، ولا سيما قانون المسطرة المدنية وقانون المســطرة الجنائيــة.

وعلى مستوى تعزيز المنظومة القانونية الوطنية، فقد تميـزت الحصيلة المرحليـة للحكومة بإنتـاج قانوني غني ونوعـي وفعـال يوفـر الأساس التشـريعي والتنظيمـي للإصلاحات والأوراش الكبــرى والتزامــات البرنامــج الحكومــي. وفــي نفــس الإطار، حرصــت الحكومــة علــى ملاءمـة المنظومـة القانونيـة الوطنيـة مـع الالتزامات الدوليـة للمملكـة. كمـا حرصـت علـى التفاعـل الإيجابي مـع المبـادرات التشـريعية البرلمانيـة.

وإدراكا منهــا بالــدور الأساسي الــذي يلعبــه المجتمــع المدنــي باعتبــاره شــريكا رئيســيا فــي التنميــة، عملــت الحكومــة علــى إرســاء اســتراتيجية لدعــم استقلالية وهيكلــة وتنظيــم المجتمــع المدنــي ورصــد اعتمــادات ماليـة مهمـة لتنزيلهـا. كما حرصـت على تسـهيل آليات المشـاركة المواطنـة، مـع تطويـر الشـراكة بيـن الدولـة والجمعيــات مــن خــلال الرفــع مــن الدعــم العمومــي، وتعزيـز الحكامة والشـفافية في الولوج إلـى المعلومة.

تعزيز فعلية حقوق الإنسان

انطلاقـا مـن قناعـة الحكومـة بـأن تعزيـز فعليـة حقـوق الإنسان يعــد خيــارا ثابتــا لا رجعــة فيــه، يجســد رؤيــة وتوجــه جلالة الملــك نصــره الله، فقــد عــرف التفاعــل مــع الآليــات الأممية لحقــوق الإنسان، خاصــة منهــا الاستعراض الــدوري الشــامل وهيئــات المعاهــدات، زخمـا هامـا تمثـل فـي فحـص أربعـة تقاريـر وطنيـة فـي أقــل مــن ســنتين.

وفـي ظـل هـذا التفاعـل الإيجابي مـع الآليات الأممية، حظيــت الأوراش الإصلاحيــة التــي تباشــرها المملكــة المغربيــة فــي مجــال حقــوق الإنســان باهتمــام وتثميــن الــدول التــي تفاعلــت مــع بلادنا فــي إطــار آليــة الاستعراض الدوري الشامل، وكذا هيئات المعاهدات.

كمـا وجهـت مختلـف الآليات توصيـات دعت مـن خلالها إلــى مواصلــة الجهــود لإعمال الحقــوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية والفئوية.

فعلــى ســبيل المثــال، شــهدت جلســة فحــص التقريــر الوطنـي في إطـار الجولـة الرابعة من آلية الاستعراض الدوري الشامل تدخل 120 دولة أبدت اهتمامها بمسار بلادنا فـي مجال حقوق الإنسان، ووجهـت 306 توصية، حظيـت 87% منهـا بالقبـول الكلـي أو الجزئـي مـن طـرف بلادنا، التــي اســتند موقفهــا مــن هــذه التوصيــات إلــى قاعدتيــن جوهريتيــن، همــا الاحترام التــام للالتزامات كمــا صادقــت عليهــا المملكــة، والعمــل فــي نطـاق أحـكام الدسـتور.

وتأكيـدا علـى انخراطهـا المتيـن فـي المنظومـة الأممية لحقــوق الإنسان، التزمــت بلادنا عقــب تفاعلهــا مــع هـذه الآليات الأممية بإعـداد تقاريـر مرحليـة عـن تنفيـذ التوصيــات الصــادرة فــي هــذا الإطار. ولهــذه الغايــة، انخرطـت الحكومـة في إعـداد برنامـج عمل وطنـي لتتبع إعمـال مختلـف هـذه التوصيـات بتنسـيق مـع الفاعليـن المعنييـن، مع الحرص على تقويـة البعد الجهوي لهذه التوصيات، من خلال مواكبة الفاعل الترابي بما يضمن مسـاهمته الفعليـة فـي إعمالهـا.

كمــا حرصــت الحكومــة علــى التفاعــل المنتظــم مــع الآليات الأممية التعاقديــة وغيــر التعاقديــة المعنيــة علـى مسـتوى البلاغـات الفرديـة والمشـتركة والنداءات العاجلــة والرســائل الخاصــة، مــن خــلال إعــداد وتقديــم الأجوبة اللازمة بشـأنها فـي الآجال المحددة، بإشـراك مكونـات التنسـيق المؤسسـاتي، فضـلا عـن تتبـع كافـة الحالات موضــوع هــذه البلاغــات أو الشــكايات.

ولتمكيــن الأفراد مــن الولــوج إلــى ســبل الانتصاف الدوليــة، انضمــت بلادنا خــال ســنة 2022 إلــى كل مــن البروتوكــول الاختياري الأول الملحــق بالعهــد الدولــي الخــاص بالحقــوق المدنيــة والسياســية والبروتوكــول الاختياري الملحـق باتفاقية القضاء على جميع أشـكال التمييـز ضـد المـرأة، واللذيـن دخـلا حيـز النفـاذ بتاريخ 22 يوليــوز 2022.

علاوة علـى ذلـك، تولـي الحكومـة اهتمامـا بالغـا لتنفيـذ التوصيــات الصــادرة عــن هيئــة الإنصاف والمصالحــة المتعلقــة بجبــر الضــرر الفــردي، حيــث تعمــل علــى اسـتكمال معالجـة ملفـات الحالات المتبقيـة المحالـة مــن قبــل المجلــس الوطنــي لحقــوق الإنسان، وذلــك وفــق قناعــة الحكومــة الراســخة بالإسراع فــي إيصــال الحقـوق إلى أصحابهـا، حيث اسـتفاد 466 ضحية وذوي الحقــوق مــن التعويــض المالــي والإدماج الاجتماعي، بمبلــغ إجمالــي بلــغ قرابــة 50 مليــون درهــم.

ومـن أجـل تعزيـز فعليـة حقـوق الإنسان بـكل أجيالهـا، عملــت الحكومــة علــى الارتقاء بالحقــوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافيـة والبيئيـة والحقـوق الفئويـة بمـا يكفـل الإنصاف والمسـاواة وتكافؤ الفـرص ومقومات العيــش الكريــم، وهــو مــا تعــزز باعتمــاد اســتراتيجيات وبرامـج متكاملـة ومندمجـة وفاعلـة تسـتحضر مقاربـة حقــوق الإنسان لضمــان الولــوج الفعلــي للحــق فــي التعليـم والصحـة والشـغل والبيئـة والثقافـة وغيرهـا.

الحكومة المغربية.. أغلبية منسجمة بخارطة طريق متجددة تساير الأولويات وتواجه التحديات

أقـرَّت الحكومـة فـي بدايـة ولايتهـا برنامـج عمـل طمـوح يسـتجيب لتطلعـات المواطنـات والمواطنيـن، ويتوخى امتصــاص تداعيــات الأزمة الوبائيــة العالميــة علــى الظــروف الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا، وتعهــدت بتفعيله على أرض الواقع وتحمل تكاليفه، في إطار من الانسجام والتنسـيق بيـن مكونـات الأغلبية الحكومية.

وشــكَّل ميثــاق الأغلبية الحكوميــة الموقــع عليــه فــي 6 دجنبــر 2021 المنطلــق مــن مرجعيــة وطنيــة ومبــادئ أساسـية مشـتركة وأهـداف اسـتراتيجية متفـق عليهـا، أحــد الآليات المعتمــدة لمصاحبــة تنز يــل البرنامــج الحكومـي وتتبـع تنفيـذه وتقييمـه. كمـا شـكل التفاعـل الإيجابي للحكومــة مــع مختلــف توصيــات مؤسســات وهيئات الحكامة، ذات الطابع الاستشاري أو التقريري، أحــد المرجعيــات التــي اعتمدتهــا الحكومــة مــن أجــل الترسـيخ التدريجـي لمبـادئ الحكامـة الجيـدة وفقـا لمـا نـص عليـه دسـتور المملكـة، ولتجويـد العمـل الحكومي فــي تنزيــل الأوراش التنمويــة الكبــرى التــي انخرطــت فيهــا بلادنا.

وطبعت إكراهات دولية وداخلية حادة النصف الأول من هـذه الولايـة، كان مـن المفتـرض أن تحـد مـن طموحات البرنامـج الحكومـي، أو علـى الأقل أن تبطـئ مـن وتيـرة تنزيـل الحكومـة لالتزاماتها. إلا أن الحكومـة لـم تتـوانَ عــن تنزيــل برنامجهــا الحكومــي علــى الوجــه المطلــوب، وأبانــت عــن قــوة انســجامها وإرادتهــا لمواجهــة الإشكاليات، سـواء الظرفيـة الراهنة منهـا أو الهيكلية الموروثة، واعتمدت مقاربات جديدة لتدبير السياسات العموميـة، تحمـل فـي طياتها حلولا بنـاءة وموضوعية لخدمـة المواطنيـن.

انسجام مكونات الأغلبية

منـذ بدايـة الولايـة الحكوميـة الحاليـة، أسسـت مكونات الأغلبية لتعاقــد سياســي وأخلاقي، مــن أجــل بلــوغ الأهداف المســطرة فــي البرنامــج الحكومــي، الــذي يعكـس الالتزامات الانتخابية للأغلبية، والتـي تتحمـل بإنصـاف وتضامـن تكاليفـه المحتملـة كمـا مكتسـباته المنتظــرة.

وضمانــا للتنزيــل الأمثل للبرنامــج الحكومــي، تعاهــدت مكونــات الأغلبية علــى خــوض تجربــة سياســية جديــدة بثقافـة تدبيريـة مغايرة، وفـق أولويات واضحـة، وأجندة زمنيــة محــددة، وبمنهجيــة جديــدة تقــوم علــى التعــاون البنــاء والاحتــرام المتبــادل بيــن مكونــات التحالــف، وتقطـع مـع أسـاليب الماضـي التـي حالـت دون الارتقاء بمؤسســات التحالــف إلــى هيئــات لصناعــة الحلــول.

كمــا تحلــت كافــة مكونــات الأغلبية الحكوميــة، بقيــم التضامـن الجماعـي والتنسـيق المسـتمر والتكامـل في المهــام والمنجــزات؛ وقــد تجلــت معالــم هاتــه القيــم الإيجابية فـي العديـد مـن المواقـف، مـن قبيـل قضيـة إصلاح منظومــة التعليــم، والتنســيق والتــآزر بيــن الحكومة وأغلبيتها أثناء التصويت على مشاريع قوانين الماليــة، ومشــاريع القوانيــن المتعلقــة بالمنظومــة الصحيــة وبمنظومــة الدعــم الاجتماعي، وغيرهــا مــن المحطـات التـي أثبتـت تماسـك الأغلبية وانسـجامها.

ولــم يكــن مــن اليســير أبــدا، بلــوغ هاتــه الأهداف السياسـية والدسـتورية في هـذا الحيـز الزمنـي القصير، لولا حس المسؤولية الوطنية وروح التشاور والتعاون ونكـران الـذات؛ التـي أبداهـا أعضـاء الحكومـة ومكونـات الأغلبية ومؤسسـاتها التقريرية، قصد تذليل الصعاب وتمهيـد الطريـق نحـو تحالـف حكومـي يخـدم الوطـن.

واليــوم، تؤســس الحصيلــة المرحليــة لهــذا التحالــف لشـرعية إنجازاتـه المحققـة لفائـدة المواطنين والأسر المغربيـة، ضمـن ديناميـة يقودهـا جلالة الملـك نصـره الله، تبتغـي تحقيـق انتظـارات المواطنـات والمواطنين في العيش الكريم ومواجهة مختلف التحديات المركبة التي تواجهها بلادنا، سواء منها الصحية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو التنموية.

إن الحصيلـة المرحليـة للحكومـة تؤكـد بما لا يـدع مجالا للشــك، أن الحكومــة اســتطاعت النجــاح فــي ترســيخ أسـس الدولـة الاجتماعية، إضافـة إلـى ربـح التحديـات والرهانــات التــي واجهتهــا، مــن خـلال الانخراط الكلــي لمختلــف مكوناتهــا فــي كل المبــادرات التنمويــة، دون الارتكان إلـى تدبيـر الأزمات الظرفيـة فقـط، مـا مكنهـا مـن رفع التحدي التنموي، في ظرفيـة اقتصادية صعبة وغيــر مســتقرة.

ولا شـك فـي أن تكامـل القـدرات والأدوار بيـن مكونـات التحالــف الحكومــي، الــذي تتوفــر فيــه عوامــل النجــاح وصناعــة التغييــر المنشــود، تحــت القيــادة الملكيــة الســامية، ســيضاعف مــن منســوب النتائــج الإيجابية لهاتـه الحكومـة، خاصـة وأن كل مكوناتهـا تشـعر بثقـل الأمانة والمســؤولية الملقــاة علــى عاتقهــا فــي هاتــه اللحظــة السياســية المفصليــة، وتــدرك أن الثقــة التــي وضعــت فيهــا مــن طــرف جلالة الملــك ومــن طــرف الشـعب المغربـي، تسـتوجب العمل الجماعـي لتحقيق مــا ورد فــي البرنامــج الحكومــي كامــلا.

التقائية البرنامج الحكومي

تجمــع بيــن مكونــات الحكومــة مســؤولية سياســية تهــدف اســترجاع ثقــة المواطنــات والمواطنيــن، مــن خــلال التزامهــا بمشــروع سياســي وتنمــوي مشــترك، يعكســه البرنامــج الحكومــي، وتحركــه رغبــة جماعيــة تبتغــي الدفــع بالعمــل الحكومــي إلــى تحقيــق الفعاليــة والمردوديــة والجــدوى.

ولعـل أبـرز تجليـات الانسجام والتنسـيق بيـن مكونـات الحكومة تتمثـل فيما تم تحقيقه على أرض الواقع، في ظـرف سـنتين ونصـف مـن الاشتغال مـن مكتسـبات، تتوافـق وأولويـات البرنامـج الحكومـي بمـا يخـدم الأسر المغربيـة.

ومــا كان لهــذه المنجــزات الحكوميــة أن تتحقــق لولا أن الحكومــة أسســت لفلســفة مبتكــرة فــي تدخلاتها، تعتمــد علــى مبــادئ الالتقائية وانســجام السياســات فــي بعدهــا الشــمولي.

هــذه الفلســفة المبتكــرة فــي الاشتغال ظهــرت جليــا علـى سـبيل المثـال، فـي تدبيـر الحكومـة، انسـجاما مـع التعليمــات الســامية لصاحــب الجلالة، لفاجعــة زلــزال الحــوز، حيــث خلقــت لجنــة بين- وزاريــة مكلفــة ببرنامــج إعـادة البنـاء والتأهيـل العـام للمناطـق المتضـررة مـن زلــزال الحــوز، والتــي عقــدت إلــى حــدود اليــوم تســعة اجتماعــا بحضــور مختلــف القطاعــات ا لوزاريــة المتدخلــة، مــن أجــل المواكبــة الحثيثــة لأوراش إعــادة بنــاء وتأهيــل المناطــق المتضــررة.

وتجلــت نفــس المقاربــة التــي تعتمــد التنســيق والالتقائية، فـي برامـج أخـرى علـى غـرار تدبيـر إشـكالية الماء، وبرنامج تقليص الفـوارق الاجتماعية والمجالية، الــذي حققــت مــن خلاله بلادنا نتائــج إيجابيــة بفضــل وضــع آليــة بين-وزاريــة تســهر علــى ضمــان الاندماج القطاعـي والتقائيـة التدخلات بالعالـم القـروي، إضافـة إلـى تنزيـل ورش تعميـم الحمايـة الاجتماعية مـن خـلال إحـداث لجنـة قيـادة مركزيـة يعهـد إليهـا التنسـيق بيـن مختلــف القطاعــات الوزاريــة والمؤسســات المتدخلــة فــي تدبيــر ورش الحمايــة الاجتماعية.

كمـا ظهرت نفس المقاربة في تدبيـر الحكومة لملفات أخرى على غرار التشغيل، والتعليم، والحوار الاجتماعي، والتــي أكــدت فيهــم الحكومــة وفاءهــا لفلســفتها فــي الاشتغال، المبنيــة علــى التنســيق والالتقائية فــي تنزيلهـا لمختلـف السياسـات العموميـة.

ولعـل مـا حققتـه هـذه التجربـة الحكوميـة، مـن تدخلات اســتثنائية لمواجهــة الظرفيــة الصعبــة، وأخــرى ذات طابع هيكلي مستدام، لم تكن لترى النور، لولا تماسك الأغلبية وانســجام مكوناتهــا. وهــو مــا أهلهــا لقيــادة مشــروع مجتمعــي ناجــع يتلاءم مــع انتظــارات الأسر ويهدف إلى توسـيع دائـرة الكرامة والسـلم الاجتماعي.

الحكومة ومؤسسات الحكامة

تحـرص الحكومـة علـى خلـق تفاعـل إيجابـي مـع مختلـف مؤسسـات وهيئـات الحكامة ذات الطابع الاستشاري أو التقريــري، وعيــا منهــا بــأن التكامــل فــي الأدوار فــي إطـار النسـق المؤسسـي العـام للدولـة، يشـكل مدخلا أساسـيا لترسـيخ مبـادئ الحكامـة الجيـدة التـي كرسـها دسـتور المملكـة.

وفـي هـذا الصـدد، تسـهر الحكومـة علـى التفاعـل إيجابـا مــع الملاحظات المضمنــة فــي التقاريــر التــي تصدرهــا مؤسسـات وهيئات الحكامة، والتعقيب عليها وتقديم المعطيات والتوضيحات الضرورية بشأنها. كما تعمل علـى تنفيـذ التوصيـات التـي تصدرهـا والتـي تـروم تجويـد العمـل الحكومـي فـي مختلـف المجالات، لاسـيما فيما يتعلـق بتنزيـل الأوراش التنمويـة الكبرى التـي انخرطت فيهـا الحكومـة. كما تعمل علـى مواكبتها قصد تيسـير إنجازهــا لمهامهــا علــى أكمــل وجــه وفــي احتــرام تــام لاستقلاليتها، وقـد أثبتـت الممارسـة العمليـة أهميـة التجـاوب الفعـال بيــن الحكومــة ومختلــف هــذه المؤسســات والهيئــات.

ففيمــا يخــص المجلــس الأعلى للحســابات، تعمــل الحكومـة علـى تتبـع توصياته فـي مختلـف المجالات، وقد تم في هـذا الإطار إحـداث وحـدة متخصصة على مسـتوى رئاسـة الحكومـة، مـن أجـل التتبـع المنتظـم والمتواصـل للإجراءات المتخــذة لتنفيــذ توصيــات المجلــس مــن طـرف القطاعـات الوزاريـة المعنيـة والأجهزة العموميـة الخاضعـة لوصايتهـا، عبـر إدخالهـا فـي المنصـة الرقميـة التــي أحدثهــا المجلــس الأعلى للحســابات لهــذا الغــرض والتــي تضمنــت 389 توصيــة نفــذت منهــا، كليــا أو جزئيــا، 253، أي بنســبة 65%، ويبقــى تنفيــذ 35% منهــا محفوفــا ببعــض الصعوبــات القانونيــة أو التقنيــة أو الزمنيــة.

كمـا تحـرص الحكومة علـى تعزيـز التواصـل والتعـاون مع الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وتجدر الإشارة فـي هـذا الصـدد إلـى الجهـود الحثيثـة التي تبذلهــا الحكومــة مــن أجــل إرســاء الأسس التشــريعية والمؤسسية للوقاية من الفساد ومكافحته. وقد مكنت هــذه الجهــود مــن تحقيــق العديــد مــن المكاســب، علــى مســتوى تعزيــز فعاليــة الإدارة والرفــع مــن نجاعتهــا، لاسيما مــن خـلال تبســيط المســاطر الإدارية وتســريع التحـول الرقمـي.

وحرصــا مــن الحكومــة علــى تكريــس البعــد الأخلاقي فــي ممارســة الأعمال وخلــق بيئــة مواتيــة للاستثمار ودعــم التنافســية، تــم إدراج قيــم النزاهــة والشــفافية والوقايــة مــن الفســاد كدعامــة أفقيــة ضمــن خارطــة طريــق الاســتراتيجية الجديــدة لتحســين منــاخ الأعمال في أفق سـنة 2026 والتي تم إطلاق 70% مـن المبادرات والمشـاريع التـي تضمنتهـا سـنة 2023 مـع بلـوغ نسـبة إنجازهــا أزيــد مــن 40%.

أما فيمـا يتعلـق بمكافحة غسـل الأموال، فـإن الحكومة، وتنفيــذا للتوجيهــات الملكيــة الســامية، تبــذل جهــودا متواصلة من أجـل الرفع مـن فعالية المنظومـة الوطنية لمكافحـة غسـل الأموال وتمويـل الإرهاب، لاسيما مـن خلال الهيئـة الوطنيـة للمعلومـات الماليـة المحدثـة لـدى رئاســة الحكومــة. وقــد تــم فــي هــذا الإطار، وبتنســيق  تــام مــع جميــع الفاعليــن المعنييــن، إجــراء العديــد مــن الإصلاحات التشـريعية والمؤسسـاتية والتنظيميـة التي تـروم الرفـع مـن مسـتوى التـزام بلادنا بالمعاييـر الدوليـة ذات الصلـة، وتوجـت هـذه المجهـودات بخـروج بلادنا مـن مسلســل المتابعــة المعــززة، أو مــا يعــرف بـ”اللائحة الرماديـة” لمجموعـة العمـل المالـي (GAFI)، وذلـك خـلال أشــغال الاجتماع العــام للمجموعــة المنعقــد بباريــس مـن 20 إلـى 24 فبرايـر 2023. وفيمــا يخــص مؤسســة الوســيط، تتواصــل الحكومــة بشــكل منتظــم مــع هــذه المؤسســة، حيــث تتلقــى التوصيــات المتعلقــة بالشــكايات والتــي بلــغ عددهــا 168 توصيــة ســنة 2022، تــم التفاعــل بشــكل إيجابــي مــع 115 منهــا وتبقــى 53 منهــا محاطــة ببعــض الصعوبــات علــى مســتوى التنفيــذ.

التوازنات الماكرو اقتصادية.. التزام ثابت وأولوية كبرى للحكومة

جعلــت الحكومــة مــن اســتقرار التوازنــات الماكرو اقتصادية إحدى أولوياتها الكبرى، حتى تضمن فعاليــة البرامــج الاقتصادية والاجتماعية المعتمــدة وتوفــر الشــروط الملائمة للمبــادرات الاستثمارية الخاصــة. إذ يتشــكل البرنامــج الحكومــي مــن أوراش وسياســات عموميــة تتماشــى مــع طموحــات بلادنا الداخليــة والتزاماتهــا الدوليــة، تســتلزم مســاهمة مختلـف الفاعليـن الاقتصاديين والاجتماعيين وتوفيـر إطــار ماكــرو اقتصــادي مســتقر ومحفــز، حتــى تحقــق الأهداف التنمويــة المتوخــاة منهــا.

 ووعيـا منهـا بأهمية هـذه المقاربة، اجتهـدت الحكومة لتحسـين فعاليـة الماليـة العموميـة لبلادنا، مـن خـلال الحفـاظ علـى النفقـات العمومية في مسـتويات جيدة، وتعبئــة هوامــش ماليــة إضافيــة، فضــلا عــن تحقيــق تــوازن مريــح فيمــا يتعلــق بعائــدات العملــة الصعبــة، والحفـاظ علـى نسـب النمـو فـي مسـتويات جيـدة، مـع كســب ثقــة المؤسســات الاقتصادية الدوليــة، رغــم صعوبـة الظرفيـة الراهنـة.

إن النصــف الأول مــن الولايــة الحكوميــة تميــز ببــزوغ إكراهــات دوليــة وداخليــة حــادة، حيــث عــرف المحيــط الدولــي توتــرات جيو-إســتراتيجية ناجمــة عــن الحــرب الروســية-الأوكرانية، أدت إلــى ارتفــاع مهــول لأســعار النفــط والمــواد الأولية، نتــج عنــه تســجيل مســتويات قياســية للتضخــم وتباطــؤ غيــر مســبوق فــي حجــم المبادلات التجاريـة والنمـو الاقتصادي العالمـي. فقـد بلــغ معــدل التضخــم مــا يعــادل 7,8% علــى الصعيــد العالمـي خـلال سـنة 2022 قبـل أن يتراجـع نسـبيا إلـى 5,7% في سـنة 2023.

بالموازاة لذلك، انخفضت نسبة النمــو الاقتصادي العالمــي مــن 3,5% ســنة 2022 إلــى 3,1% ســنويا بالمتوســط خــلال الفتــرة 2026-2024 ولــم يكــن المغــرب بمنــأى عــن التأثيــرات الســلبية لمحيطــه الدولــي، والتــي تعمقــت بســبب موجــة حــادة مـن الجفاف خلال السـنوات الثلاث الأولى مـن العمل الحكومـي، بالإضافة إلـى تعـرض منطقـة الحـوز صيـف الســنة الفارطــة لزلــزال يعــد الأعنف فــي تاريــخ بلادنا المعاصــر.

ورغــم كل هــذه الظــروف، التزمــت الحكومــة بتنفيــذ برامجهــا الاستثمارية والاجتماعية عبــر سياســة ميزانياتيـة إراديـة، حيـث رفعـت مـن مسـتوى النفقـات الإجمالية الجاريــة العموميــة إلــى 27,6% مــن الناتــج الداخلــي الخــام ســنتي 2022 و2023 مقابــل 24% ســنة 2021. كمــا اعتمــدت العديــد مــن الإجراءات الضريبيــة والميزاناتيــة بهــدف الحفــاظ علــى القــدرة الشــرائية للمواطنيــن والقــدرة التنافســية للاقتصاد الوطنــي، لاسيما مــن خــال الرفــع مــن مخصصــات المقاصــة.

وتمكــن الاقتصاد الوطنــي مــن الحفــاظ علــى توازناتــه الماليــة، الداخليــة والخارجيــة، وتحقيــق مردوديــة اقتصاديــة تبقــى إيجابيــة بالمقارنــة مــع المســتوى العالمــي. حيــث أن القطــاع غيــر الفلاحــي اســتطاع أن يحافــظ علــى وتيــرة نمــوه فــي 3% كمتوســط ســنوي، وذلك راجع بالأساس إلى تحسن نمو قطاع الخدمات بمعــدل 5% و4,4% علــى التوالــي ســنتي 2022 و2023 وانتقـل النمـو الاقتصادي الوطنـي إجمالا، رغـم توالـي سـنوات الجفـاف، مـن 1,3% سـنة 2022 إلى 3,2% سـنة 2023 ومــن المتوقــع أن يصــل، حســب الإسقاطات الماكــرو اقتصاديــة، إلــى 3,8% ســنويا فــي المتوســط خــلال الفتــرة 2026-2024.

كما بلغ معدل التضخم 6,6% خلال سنة 2022 ليتراجع إلـى 6,1% خـلال سـنة 2023 ومـن المرتقـب أن ينخفـض إلى أقـل من 3% خلال سـنة 2024، إذ أخذ منحـى تنازليا منـذ الفصـل الثانـي مـن سـنة 2023 لينتقـل مـن 10,1% فـي شـهر فبرايـر، إلـى 8,2% فـي شـهر مـارس، و 4,9% فـي شـهر يوليـوز، و%4,3 فـي شـهر أكتوبـر، و4,3% فـي شـهر دجنبـر 2023. ليصـل فـي فبرايـر 2024 إلـى 0,3% .

وحسـب توقعات بنـك المغرب، من المرتقـب أن يناهز معـدل التضخم 2,2% سـنة 2024 وبفضــل الرؤيــة الاســتراتيجية والإدارة الرشــيدة التــي انتهجتهــا المملكــة لمواجهــة الأزمة وإنعــاش  الاقتصاد، واصلــت بلادنا سياســتها الراميــة إلــى الإصـلاح التدريجــي للنظــام الضريبــي، ممــا مكــن مــن تحسـين الإيرادات الضريبيـة وغيـر الضريبيـة وتوطيـد المداخيل الجارية، حيـث مثلت ما يناهز 23% من الناتج الداخلـي سـنة 2023 عـوض 20% سـنة 2021.

وفـي ظل هــذا التطــور، انخفــض عجــز الميزانيــة إلــى 4,4% مــن الناتـج الداخلـي الإجمالي مـع نهايـة عـام 2023 مقابـل 5,4% سـنة 2022 و5,5% سـنة 2021. ولا تزال الحكومة ملتزمــة بتحقيــق هــدف 4% فــي عجــز الميزانيــة ســنة 2024 والعــودة إلــى مســتوى 3% بحلــول ســنة 2026. وتبعــا للتطــور الإيجابي لصــادرات المهــن الجديــدة للمغــرب، وكــذا تحقيــق مســتويات غيــر مســبوقة لتحويــلات المغاربــة المقيميــن بالخــارج ومداخيــل الســياحة، تــم احتــواء العجــز الجــاري لميــزان الأداءات الــذي انتقــل مــن 2,3% مــن الناتــج الداخلــي الإجمالي خـلال سـنة 2021 إلـى 3,5% فـي سـنة 2022، وإلـى 0,6 % ســنة 2023 بعدمــا ناهــز 3,8% فــي المتوســط خـلال فتــرة 2016-2019.

وفـي هـذا الإطار، تميـزت سـنة 2023 بخـروج المغـرب مــن اللائحة الرماديــة لمجموعــة العمــل GAFI، وكــذا اللائحة المماثلــة لاتحــاد الأوروبي، وهــو دليــل علــى مصداقيـة الإصلاحات الكبـرى والأوراش المهمة التي تقــوم بهــا بلادنا فــي مختلــف المجالات، وســيمكن هــذا التطــور مــن تعزيــز الثقــة فــي الاقتصاد الوطنــي وتحسـين منـاخ الأعمال فـي بلادنا، ممـا سـيتيح جلـب المزيد من الاستثمارات الخارجية وتسهيل العمليات الماليـة وتدفـق رؤوس الأموال، وسيسـاهم لا محالـة فــي تكريــس الاستقرار الماكرو-اقتصــادي لبلادنا.

الالتزامات الحكومية.. عقد راسخ لتعزيز الحوار الاجتماعي ومَأسَسته

تفعيــلا للرؤيــة الملكيــة الســامية التــي رفعــت الحــوار الاجتماعـي ومأسسـته إلـى مرتبـة خيـار اسـتراتيجي، بادرت الحكومـة فور تنصيبهـا إلى بناء علاقات شـراكة متينة مع الفرقـاء الاجتماعييـن، قصـد وضـع أسـس حـوار اجتماعـي منتظــم وتنفيــذ مختلــف الالتزامــات الاجتماعيــة الــواردة فـي البرنامـج الحكومـي، ودعـم وتحسـين القـدرة الشـرائية للمواطنــات والمواطنيــن، وذلــك رغــم صعوبــة الظرفيــة وانعكاسـات الأزمـات العالميـة المتتاليـة علـى الإمكانيـات الماليـة للدولـة.

وفــي هــذا الصــدد وبهــدف تعزيــز العدالــة الاجتماعيــة، اتخــذت الحكومــة مــن الحــوار الاجتماعــي وســيلة رئيســية لصناعـة الحلـول وتحقيـق معادلـة التشـغيل والاسـتثمار. فالحـوار ليس مجرد مسـألة إجرائية، بل هو مبدأ أساسـي يحكــم العلاقــة بيــن الحكومــة وشــركائها الاجتماعييــن، ويشـكل فضاء خصبا لبلورة الخيارات الاجتماعية وتحديد السياســات العامــة التــي تلبــي احتياجــات المواطنــات والمواطنيــن.

وبالنظـر إلـى الـدور الحيـوي الـذي يلعبـه الحـوار الاجتماعي، فقـد اتخـذت الحكومـة خطـوات مهمـة نحو إرسـاء أسـس تعاقد اجتماعـي جديد، وذلك من خلال وضع ميثاق وطني للحـوار الاجتماعـي، ملـزم لـكل الأطـراف، والـذي مـن شـأنه إعــادة الاعتبــار للعمــل النقابــي والمنظمــات النقابيــة وتمكينهــا مــن الاضطــلاع بأدوارهــا المتمثلــة فــي الدفــاع عـن الحقـوق والمصالـح الاجتماعيـة والاقتصاديـة للفئـات التـي تمثلهـا والنهـوض بهـا.

 إن الميثــاق الوطنــي للحــوار الاجتماعــي يشــكل ســابقة وطنية ويضـع معالم النموذج المغربـي للحوار الاجتماعي مـن خلال تكريـس مبدأ السـنة الاجتماعية وإرسـاء حكامة مبتكرة للحـوار وهيكلته على المسـتويين الوطني والترابي واتخـاذ آليـات ناجعـة لمواكبته.

 وإن مـن شـأن إقـرار مبـدأ السـنة الاجتماعيـة الـذي تبنـاه الميثاق، القطع مع الطابع الموسـمي الذي كان يكتسيه الحوار الاجتماعي وإضفاء دينامية جديدة ترتكز على مبادئ الانتظـام والاسـتمرارية وتمكـن مـن تتبـع السـير الميداني للاتفاقيـات المبرمـة علـى المسـتويين القطاعـي والترابـي وتتيـح قيـاس التطـورات الحاصلـة فـي المنـاخ الاجتماعـي علـى المسـتوى الوطني.

 وقـد تـوج هـذا المسـار بالتوقيـع فـي 30 أبريـل 2022 علـى اتفاق اجتماعي مع مجموع النقابات الأكثر تمثيلا والاتحاد العــام لمقــاولات المغــرب والــذي تضمــن مجموعــة مــن الالتزامــات المتبادلــة، فضــلا عــن إطــلاق سلســلة مــن الحـوارات الاجتماعية بمختلف القطاعـات، لتعزيز المكانة الدســتورية للنقابــات وحلحلــة العديــد مــن الملفــات التــي ظلــت عالقــة منــذ عــدة ســنوات والاســتجابة لانتظارات عمـَّرت لسـنوات.

وتجـدر الإشـارة إلـى أن الحكومـة أوفـت بالتزامـات الحـوار الاجتماعـي وعـززت مكتسـباته التـي تـروم تحسـين القـدرة الشـرائية لما يفوق 420.184 من الموظفات والموظفين بانعـكاس مالـي سـنوي يصـل إلـى 21.4 مليـار درهـم سـنة 2026 وكـذا لما يقارب 1.6 مليون مسـتفيد مـن القطاعين العــام والخــاص، بتمكينهــم مــن مراجعــة للضريبــة علــى الدخـل بأثـر مالـي سـنوي يناهـز 2,4 مليـار درهـم.

هــذا بالإضافــة إلــى الالتزامــات التــي تهــم القطــاع العــام والتـي تـم تنفيذهـا بخصـوص إقـرار رخصـة الأبـوة وحـذف الســلم 7 بالنســبة للموظفيــن ورفــع حصيــص الترقــي والرفـع مـن قيمـة التعويضـات العائليـة بالنسـبة للأبنـاء الرابـع والخامـس والسـادس مـن 36 إلـى 100 درهـم. كمـا قامــت الحكومــة باتخــاذ الإجــراءات التاليــة:

• الرفـع مـن الحـد الأدنـى للأجـور فـي القطـاع العـام ابتـداء مـن شـتنبر 2022 إلـى 3.500 درهـم، يسـتفيد منـه حوالـي44  ألـف مـن الموظفـات والموظفيـن بميزانيـة تقـدر بـ 191 مليـون درهـم سـنويا.

• إصــلاح المدرســة العموميــة مــن حال تثميــن وإرســاء نظــام جديــد موحــد يهــدف إلــى تحفيــز المــوارد البشــرية، حيـث يسـتفيد مـن هـذا الإجـراء 335.977 موظـف بقطـاع التربيـة الوطنيـة، بميزانية إجمالية تقدر بـ 17 مليار درهم فــي أفــق ســنة 2026، منهــا 12 مليــار درهــم كزيــادة فــي الأجور و5 مليار درهم لتمويل إجراءات فئوية، وسيتراوح مقـدار الزيـادة فـي الأجور بيـن 1500 و 4290 درهم شـهريا.

• تسـوية وضعيـة المتصرفيـن التربوييـن والمستشـارين فــي التوجيــه التربــوي والمستشــارين فــي التخطيــط التربوي وأسـاتذة التعليم الابتدائي والإعدادي المكلفين بالتدريــس خــارج ســلكهم الأصلي. ويهــم هــذاالإجراء 556 أســتاذا، بميزانيــة إجماليــة تقــارب 700 مليــون درهــم ســنويا، حيــث تمــت برمجــة هــذه الاعتمــادات فــي قانــون الماليــة لســنة 2023.

• تحسـين وضعيـة الأطباء من خلال تغيير شـبكة الأرقام الاسـتدلالية واعتمـاد الرقـم 509 فـي بدايـة المسـار، مـع نظـام التعويضـات، وذلك على شـطرين ابتـداء من فاتح يناير 2023. ويستفيد من هذا الإجراء ما مجموعه 15.534 شــخصا بمبلــغ مالــي يقــدر بـ 1,4 مليــار درهــم ســنويا، حيـث تـم إدراج الشـطرين الأول والثانـي مـن هـذا الإجراء بقانــون الماليــة لســنة 2023 ومشــروع قانــون الماليــة لسـنة 2024 علـى التوالـي.

• تحسـين الوضعيـة الماديـة للأسـاتذة الباحثيـن بالتعليـم العالــي ومؤسســات التكويــن، مــن خــلال وضــع نظــام أساســي خــاص لتحفيــز هــذه الهيئــة وذلــك علــى ثلاثــة أشـطر، ويسـتفيد مـن هـذا الإجـراء 19.050 أسـتاذا باحثـا بميزانيــة إجماليــة قدرهــا 2 مليــار درهــم.

• مراجعـة الوضعيـة الماديـة لأعـوان السـلطة علـى ثلاثـة أشـطر ابتداء من سنة 2023 ويسـتفيد مـن هذا الإجراء حوالـي 46.553 شـخصا بمبلـغ إجمالـي سـنوي يناهـز 592 مليــون درهــم. وقــد تــم إدراج الشــطرين الأول والثانــي مـن هـذا الإجـراء بقانـون الماليـة لسـنة 2023 ومشـروع قانـون الماليـة لسـنة 2024 علـى التوالـي.

أمــا فيمــا يخــص القطــاع الخــاص، فــإن مخرجــات الحــوار الاجتماعي قد ارتكزت بالأساس على دعم القدرة الشرائية للأجـراء، من خـلال إجـراءات تحفيزية ومبتكـرة تهم خاصة:

• الرفــع مــن الحــد الأدنى للأجور فــي قطاعــات الصناعــة والتجــارة والمهــن الحــرة بنســبة 10% علــى دفعتيــن، وفـي النشـاطات الفلاحيـة بنسـبة 15% فـي أفـق التوحيـد التدريجــي للأجر ســنة 2028.

• توســيع هامــش الاستفادة مــن معــاش الشــيخوخة لفائدة الأجراء المحالين على التقاعد، من خلال تخفيض شـرط الاستفادة مـن 3240 يـوم اشـتراك إلى 1320 يومـا.

• الرفــع مــن قيمــة المعاشــات فــي القطــاع الخــاص بنســبة 5% بأثــر رجعــي ابتــداء مــن ينايــر 2020 بمبلــغ أقلـه 100 درهـم يهـم حوالي 600 ألـف متقاعـد ومتقاعدة منخرطيــن فــي الصنــدوق الوطنــي للضمــان الاجتماعــي.

• الرفـع مـن قيمـة التعويضـات العائليـة بالنسـبة للأبناء الرابـع والخامـس والسـادس مـن 36 إلى 100 درهـم. فضــلا عــن ذلــك، فــإن الحكومــة منفتحــة علــى النقــاش، مــع الفرقــاء الاجتماعيين، فــي إطــار الحــوار الاجتماعــي، وفـق مقاربة تروم تحسـين وضعيـة الشـغيلة، موازاة مع مباشرة الإصلاحات القطاعية وكذا الانكباب على مراجعة تشـريعات العمـل والشـروع في مناقشـة إصلاح أنظمة التقاعـد، كمـا تـم التـداول بشـأنه خلال جولـة أبريـل 2024.