ⴰⵏⵙⴰ ⵏ ⵜⵏⴱⴰⴹⵜ ⵜⴰⵎⵖⵔⵉⴱⵉⵜ

تجويد المنظومة القانونية الوطنية لمواكبة تنزيل الإصلاحات والأوراش الكبرى

عملـت الحكومـة، منـذ تنصيبهـا، علـى تجويـد المنظومـة القانونيـة الوطنيـة، لمواكبـة تنزيـل الإصلاحات والأوراش الكبـرى التـي انخرطـت فيهـا، تنفيـذا للتوجيهـات الملكيـة السـامية. كمـا حرصـت علـى تفعيـل المشـاريع المُدرجـة فـي البرنامـج الحكومـي، والوفـاء بالالتزامات الدوليـة للمملكـة. وفـي هـذا الإطار، تداولـت الحكومـة وصادقـت علـى مـا مجموعـه 505 مشـروع نـص قانونـي، موزعـة على 339 مشروع مرسوم تنظيمي، و58 مشروع قانون، و54 اتفاقية دولية و48 مشروع قانون بالموافقة على اتفاقيات دولية، و4 مشاريع قوانين تنظيمية ومشروعَي (2) قانون إطار.

وقد تميزت الحصيلة التشريعية والتنظيمية للحكومة، علــى الخصــوص، باســتكمال الترســانة القانونيــة المؤطــرة للإصلاحــات الكبــرى فــي مجالات الحمايــــة الاجتماعية بـ 65 نصا، والمنظومة الصحية بـ 5 نصوص، والتربيــة والتكويــن بـ 6 نصــوص، وإصـلاح الإدارة وتبسيط المسـاطر الإدارية بـ 8 نصوص، والاستثمار بـ 9 نصوص. كمـا همـت هـذه الحصيلـة المجـال الحقوقي بـ5 نصــوص، والمجــال المالــي بـ 7 نصــوص، والمجــال البيئــي بـ 3 نصــوص.

وتميزت هذه الحصيلة بالاستجابة السـريعة والفعالة لمواجهـة آثـار زلـزال الحـوز، حيـث عملـت الحكومـة فـي هذا الإطار على اعتماد 5 نصوص تشريعية وتنظيمية، همـَّت إحـداث الصــندوق الخــاص بتــدبير الآثار المترتبـة علــى الزلــزال، ومنــح الأطفال ضحايــا الزلــزال صفــة مكفولـي الأمة، وإحـداث وكالـة تنميـة الأطلس الكبيـر، فضـلا عـن تفعيل نظـام التغطيـة ضد عواقـب الوقائع الكارثيـة.

وفــي ســياق تعزيــز مسلســل التقــارب القانونــي بيــن المغـرب والاتحاد الأوروبي، فـي أفـق تيســـير الاندماج الكامــــل والتــــدريجي للمغــــرب فــي الســوق الداخليــة للاتحــاد، تــداول مجلــس الحكومــة بشــأن 9 مشــاريع قوانيـن و18 مشـروع مرسـوم، همـت، علـى الخصـوص، مجالات الفلاحـــة والصيـد البحـري والسلامة الصحيـة للمنتجات الغذائية والطيران المدني والتجارة الخارجية.

وحِرصــاً علــى وفــاء المملكـــة بالتزاماتهــا وتعهـــداتها الدوليـة، تـداول مجلـس الحكومة في شأن 54 مشروع اتفاقيـــــة دوليــة، همــت مجالات الاستثمار والبيئــة والتعـاون القضائي ومحاربة التهرب الضريبي والهجرة والنقــل الجــوي والتعــاون الاقتصادي.

وفـي إطـار التفاعل الإيجابي مع المبـادرات التشـريعية البرلمانيـة، أصـدرت الحكومـة مرسـوما بإحـداث اللجنـة التقنيـة لدراسـة مقترحـات القوانيـن. وقـد عقـدت هـذه الأخيرة مـا مجموعـه 19 اجتماعا تدارسـت خلاله وأبدت رأيهـا بشـأن 285 مقتـرح قانـون. كمـا حرصـت الحكومـة علــى انتظــام انعقــاد الاجتماع الحكومــي المخصــص لدراسة مقترحات القوانين، حيث عقدت ما مجموعه 19 اجتماعـا، حددت خلالها موقفها مـن 275 مقترح قانون، تــم قبــول 24 مقترحــا منها، أي بنسـبة قبول تناهز 9% وهـي نسـبة قريبـة مـن المعاييـر الدوليـة.

وفــي إطــار عقلنــة وتجويــد مسلســل إعــداد مشــاريع النصـوص التشـريعية والتنظيميـة، تـم إعـداد مشـروع دليل عملي لإعداد مشـاريع النصوص القانونية سـواء التشــريعية أو التنظيميــة، باعتبــاره وثيقــة مرجعيــة تتضمــن مختلــف التوجيهــات والإرشادات المتعلقــة بإعداد مشاريع هذه النصوص وهو الدليل الذي سيتم اعتمـاده وتقاسـمه مع كافـة القطاعـات الوزارية قصد الشـروع فـي العمـل بـه مستقبلا.

المجتمع المدني.. بناء مشترك للتنمية

إدراكا منهــا للــدور الأساسي الــذي يلعبــه المجتمــع المدنــي كرافعــة مــن روافــع التنميــة، عملــت الحكومــة علــى اتخــاذ مجموعــة مــن التدابيــر الراميــة إلــى هيكلــة وتنظيــم وتقويــة المجتمــع المدنــي وتمكينــه مــن الاضطـلاع بكافــة أدواره الدســتورية، لاســيما تلــك المتعلقة بالمساهمة في إعداد السياسات العمومية وتتبــع تنفيذهــا وتقييمهــا، وذلــك طبقــا للشــروط والكيفيــات المحــددة فــي القانــون.

وفي هذا الإطار، بادرت الحكومة، وفق مقاربة تشاركية مع كافة الفاعلين الأساسيين، إلى إطلاق استراتيجية “نســيج 2026-2022″، والتــي تتضمــن فــي مجملهــا 11 برنامجــا و23 مشــروعا، وتهــدف أساســا إلــى تدعيــم استقلالية وهيكلــة وتنظيــم المجتمــع المدنــي لتعزيــز مشـاركته فـي التنميـة بشـكل فعـال ومؤثـر.

وفــي هــذا الصــدد، أبرمــت الحكومــة اتفاقيــات شــراكة مـع جمعيـات المجتمـع المدنـي بهـدف تفعيـل برنامـج توسـيع المشـاركة المواطنـة عبـر آليـات الديمقراطيـة التشاركية، والإشراف على تنزيل برنامج تقوية القدرات التنظيميــة والمؤسســاتية للجمعيــات، وكــذا برنامــج تشـجيع تحولهـا الرقمـي.

وتســعى الحكومــة مــن خــلال هــذه التدابيــر إلــى تدعيــم مشـاركة الجمعيـات فـي الشـأن العـام وتثميـن عملهـا والرفـع مـن مسـاهماتها التنموية وتشـجيع التشـغيل الجمعــوي، إضافــة إلــى تعزيــز الولــوج إلــى التمويــل العمومــي والرفــع مــن حكامتــه.

وبهـدف التنزيل الفعلـي لمضامين هذه الاسـتراتيجية، رصدت الحكومة اعتمادات مالية مهمة برسـم سنوات  2022 و 2023 و2024 تتجـاوز 60 مليـون درهـم. هـذا ولئـن كانــت الحكومــة قــد حــددت ســنة 2026 كســقف زمنــي أقصــى لتنزيــل الاســتراتيجية المذكــورة، فــإن نســبة البرامــج والمشــاريع المنجــزة ضمــن الاســتراتيجية تعــادل 40%.

وإيمانـا منهـا بأهميـة تكريـس الديمقراطية التشـاركية وتفعيلها كالتزام دستوري ثابت، حرصت الحكومة على تعزيــز حضــور جمعيــات المجتمــع المدنــي والنهــوض بعملهـا وتسـهيل آليـات المشـاركة المواطنـة، وذلـك مـن خـلال مواصلـة تفعيـل المنظومـة القانونيـة لهـذه الآلية الدســتورية وتعزيــز التكويــن فــي هــذا المجــال، إضافـة إلـى تحييـن محتـوى البوابـة الوطنيـة للمشـاركة المواطنــة ma.eparticipation.www عبــر إدراج التعديلات المتعلقة بشروط وكيفيات تقديم العرائض أو الملتمسـات فـي مجـال التشـريع وإصـدار مجموعـة مـن الدلائل فـي هـذا الإطار.

وحرصــا منهــا علــى تطويــر الشــراكة بيــن الدولــة والجمعيـات، والتـي تهـدف إلـى تعزيـز قـدرات جمعيـات المجتمــع المدنــي ضمانــا لإسهامها بشــكل فعــال وناجــع فــي التنميــة الشــاملة والمســتدامة، فقــد عملــت الحكومــة علــى الرفــع مــن الدعــم الموجــه للجمعيـات إلـى مـا يناهـز 4 مليـون درهـم برسـم سـنتي 2022 و 2023 وتعزيــز الحكامــة والشــفافية فــي الولــوج إلــى المعلومــة وذلــك مــن خــال تطويــر بوابــة  ma.eparticipation.www .

ولأن كل شــراكة فعالــة تقتضــي الوقــوف علــى الوضعيــة الراهنــة والصعوبــات القائمـة، فقـد انكبـت الحكومـة، وفـق مقاربـة تشـاركية، علـى إعـداد تقاريـر سـنوية مواكبـة تخـص الشـراكة بيـن الدولة والجمعيات برسم سنوات 2019 و 2020 و.2021 وبهــذا تكــون الحكومــة قــد خطــت خطــوات مهمــة فــي مسـار تأهيـل ودعـم المجتمـع المدنـي وتحسـين البيئـة القانونيــة والتنظيميــة المؤطــرة لــه.

التزام حكومي.. تنزيل ورش إصلاح منظومة العدالة وتجويد ورقمنة الخدمات القضائية

عملت الحكومة على تنزيل التزامات البرنامج الحكومي المتعلقــة باســتكمال ورش إصــلاح منظومــة العدالــة ودعــم الاستقلال المؤسســاتي الكامــل للســلطة القضائيــة، حيــث تــم، فــي إطــار قانونــي الماليــة لســنتي 2023 و 2024 نقــل المناصــب الماليــة للقضــاة والملحقين القضائيين ونقل تدبير وضعياتهم الإدارية والماليــة إلــى المجلــس الأعلى للســلطة القضائيــة، بالإضافة إلى تحويل رئاسـة المجلـس الإداري للمعهد العالـي للقضـاء مـن وزيـر العـدل إلـى الرئيـس المنتـدب للمجلـس الأعلى للسـلطة القضائيـة بموجـب القانـون رقــم 37.22 المتعلــق بالمعهــد العالــي للقضــاء.

وتفعيلا للتعليمات الملكية السامية بخصوص تعميم وتأهيــل أقســام قضــاء الأسرة بمحاكــم المملكــة، تــم تخصيـص 450 منصبـا ماليـا علـى ثلاث سـنوات ابتـداء مــن ســنة 2023 لتدعيــم وتعميــم هــذه الأقسام علــى جميــع المــدن، وكــذا تخصيــص برنامــج تكويــن خــاص بأطـر وموظفـي هاتـه الأقسام.

وفي إطـار تنزيل الخريطـة القضائية الجديـدة للمملكة، التـي صدر بشـأنها المرسـوم رقـم 2.23.665 ، تـم إحداث محكمــة اســتئناف بالداخلــة لتغطيــة جهــة الداخلــة- واد الذهــب، بالإضافة إلــى 4 محاكــم ابتدائيــة جديــدة بعـد ترقيـة 4 مراكـز قضائيـة. كمـا تـم إحـداث المحاكـم المتخصصة بمعظم جهات المملكة (محكمة ابتدائية إداريــة بطنجــة، ومحكمتيــن ابتدائيتيــن تجاريــة وإداريــة ببنـي مـال ومحكمة اسـتئناف إدارية بفـاس ومحكمتي اسـتئناف تجاريـة وإداريـة بأكاديـر).

وعبــأت الحكومــة مــوارد ماليــة هامــة لتعزيــز البنيــة التحتيـة لمرفـق العدالـة، مـن خـلال اسـتكمال إنجـاز 38 مشروعا لبناء وتهيئة وتوسعة مقار المحاكم والمراكز القضائيـة والمبانـي الإدارية، إضافـة إلـى تأهيـل وتعزيـز البنيـات التحتيـة لمواكبـة التحـول الرقمـي (التجهيـزات، المعـدات، التطبيقـات والبرامـج وغيرهـا).

وعلــى مســتوى تطويــر وتحييــن الترســانة التشــريعية، وتفعيــلا للتدابيــر والإجراءات المســطرة فــي البرنامــج الحكومــي، عملــت الحكومــة علــى إعــداد مجموعــة مــن مشــاريع القوانيــن، أبرزهــا مشــروع قانــون رقــم 02.23 يتعلق بالمسطرة المدنية، ومشروع قانون رقم 43.22 يتعلـق بالعقوبـات البديلـة ومشـروع قانـون رقـم 10.23، يتعلــق بتنظيــم وتدبيــر المؤسســات الســجنية، وهــي النصـوص التـي توجـد فـي طـور المصادقـة التشـريعية، فضـلا عـن إعـداد مشـروع قانـون المسـطرة الجنائيـة، ومشــروع القانــون الجنائــي فــي أفــق وضعهمــا قريبــا فــي المســطرة التشــريعية.

وفيمـا يتعلـق بتنزيـل ورش التحـول الرقمـي لمنظومـة العدالة، وتبسيط الإجراءات أمام المحاكم، فقد تضمن مشـروع قانـون المسـطرة المدنيـة جملـة مـن التدابيـر الراميــة إلــى رقمنــة المســاطر والإجراءات القضائيــة المدنيــة، لا ســيما عبــر توظيــف التبــادل الإلكتروني للمعطيــات فــي تعامــل المحاكــم مــع المحاميــن والخبــراء والمفوضيــن القضائييــن وباقــي الأطراف، وإحـداث منصـة إلكترونيـة رسـمية للتقاضـي عـن بعـد، واعتمــاد مســطرة التبليــغ الإلكتروني للاســتدعاءات والأحكام، بالإضافة إلى اسـتخدام الوسائل الإلكترونية فــي عمليــات البيــع بالمــزاد العلنــي.

وفــي ذات الســياق، عملــت الحكومــة علــى إحــداث عــدة تطبيقــات ومنصــات إلكترونيــة تــروم تيســير الولــوج إلـى مرفـق العدالــة وتوفيـر المعلومــة والحصــول علـى الوثائــق، ويتعلــق الأمر، علــى الخصــوص، بالتطبيــق الذكـي لطلـب وتسـليم السـجل العدلـي، وبوابـة تقديـم طلبات العفو والإفراج المقيد بشروط والأمر بالإفراج، ومنصـة المرجـع الوطنـي الإلكتروني لمنتسـبي المهـن القانونيــة والقضائيــة، ومنصــة التبــادل البينــي مــع الأبنـاك، وخدمـة الأداء الإلكتروني لغرامـات المخالفات والجنـح المرصـودة عبـر الـرادار الثابـت. كمـا تمـت إعادة تصميــم موقــع محاكــم وتطبيــق الهاتــف المحمــول”Mobile Mahakim” ، وتعزيـز منصـة المحامـي للتبـادل الإلكتروني مـع المحاكـم بخدمـات جديـدة مثـل سـحب نسخ الأحكام وتسـجيل طلبات التبليغ والتنفيذ، وتتبع وضعيــة التحويــلات البنكيــة للمبالــغ المنفــذة.

وبخصــوص تيســير الولــوج إلــى المعلومــة القانونيــة والقضائية للمرأة والطفل والفئات الهشة، تم إحداث منصـة تشـاركية للتشـاور الوطنـي حـول وضعية وآفاق ولــوج المــرأة للعدالــة، تهــدف إلــى إذكاء روح المبــادرة وتعزيــز مشــاركة هــذه الفئــات فــي مسلســل إصـلاح منظومــة العدالــة وكــذا إدمــاج بعــد النــوع الاجتماعي، بالإضافة إلــى تعميــم اســتعمال الخدمــات القانونيــة والقضائيــة الرقميــة.

كمـا أولَـت الحكومـة اهتمامـا خاصـا لموضـوع مكافحـة الاتجار بالبشــر والوقايــة منــه، حيــث تمــت، بتاريــخ 17 مــارس 2023 المصادقــة علــى الخطــة الوطنيــة لمكافحــة الاتجــار بالبشــر والوقايــة منــه 2030-2023، ومخطـط العمل الوطني لتنزيلهـا، بالإضافة إلى تعزيز الآليات الحمائيـة، مـن خـلال وضـع منصـة التبليـغ عـن الضحايــا المحتمليــن وتفعيــل أماكــن الإيواء المؤقــت لضحايــاه، مــع تعزيــز آليــات التواصــل والتحســيس والتوعية عبر إطلاق، خلال شـهر يوليوز 2023، النسـخة التجريبيـة للموقـع الإلكتروني للجنـة الوطنيـة لتنسـيق إجــراءات مكافحــة الاتجــار بالبشــر والوقايــة منــه: cnclt. justice. gov. ma

وفــي إطــار اســتكمال تفعيــل المنظومــة المتعلقــة بمكافحـة غسـل الأموال، عملـت الحكومـة علـى تنزيـل المرســوم رقــم 2.21.670 المتعلــق بتحديــد دوائــر نفــوذ المحاكـم المختصـة فـي جرائـم غسـل الأموال، والـذي رفــع عــدد هــذه المحاكــم إلــى أربعــة عــوض محكمــة واحــدة، وحددهــا فــي محاكــم الربــاط والــدار البيضــاء وفاس ومراكش. كمـا قامت الحكومـة، بتاريخ 05 يناير 2022 بتنصيب أعضاء اللجنة الوطنية المكلفة بتطبيق العقوبات المنصوص عليها في قرارات مجلس الأمن التابــع للأمــم المتحــدة ذات الصلــة بالإرهاب وانتشــار التسـلح وتمويلهما. كما تمت رقمنة عمل هذه اللجنة لتيسـير عمليـة تبـادل المعلومـات بيـن اللجنـة الوطنيـة السـالفة الذكر والأشخاص الخاضعين بشـكل موثوق وآمـن.

علاقة الحكومة بالبرلمان.. تعاون مثمر وتواصل دائم واحترام لفصل السُّلط وتوازنها وتعاونها

حرصــت الحكومــة، منــذ تنصيبهــا، علــى تعزيــز التعــاون البناء والتواصل المسـتمر مع المؤسسة التشريعية، في إطـار الاحترام التـام لمبدأ فصـل السـلط وتعاونها الوثيق والمثمر، من خلال الانفتاح على مختلف مكونات المجلسـين، أغلبيـة ومعارضـة، والتفاعـل الإيجابي مـع المبــادرات التشــريعية والرقابيــة وتقييــم السياســات العموميـة طبقـا لأحـكام الدسـتور. وهـو مـا تـدل عليـه الحصيلة المتميزة لهذا التعاون إلى غاية اختتام الدورة التشريعية الخامسة للولاية التشريعية الحادية عشر (2026-2021) بتاريخ 06 فبراير 2024.

 المبـادرة التشـريعية للحكومة

 بلــغ عــدد مشــاريع القوانيــن التــي قامــت الحكومــة بإيداعهــا بغرفتــي البرلمــان مــا مجموعــه 101 مشــروع قانــون، 84 مشــروع قانــون تــم إيداعــه بالأسبقية بمجلس النواب و17 بمجلس المستشارين. كما أبقت علـى 26 مـن مشـاريع القوانيـن التـي كانـت قيـد الـدرس قبـل افتتـاح الولاية التشـريعية الحاليـة.

وبلـغ عـدد مشـاريع القوانيـن المصـادق عليهـا بصفـة نهائيـة مـن طـرف البرلمان 112 قانونا، فيما ظل 15 مشـروع قانون قيــد الــدرس. وبلــغ عــدد اجتماعــات اللجــان البرلمانيــة الدائمـة التـي واكبهـا أعضـاء الحكومة، في إطار دراسـة النصوص التشريعية بالبرلمان بمجلسيه، ما مجموعه 226 اجتماعـا، مـن بينهـا 132 اجتماعـا بمجلـس النـواب و94 اجتماعــا بمجلــس المستشــارين.

تفاعل إيجابي وبناء

حرصت الحكومة على التفاعـل البناء مع مختلف الآليات الرقابية للبرلمان بغرفتيه. وفي هذا الإطار، حرص رئيس الحكومــة علــى الحضــور إلــى البرلمــان بغرفتيــه لتقديــم الأجوبة عــن الأسئلة المتعلقــة بالسياســة العامــة تطبيقــا لأحــكام الفصــل 100 مــن الدســتور، حيــث تــم، منــذ تنصيــب الحكومــة، عقــد 20 جلســة لهــذا الغــرض مــن بينهــا 12 جلســة بمجلــس النــواب و8 جلســات بمجلــس المستشــارين، تــم خلالها تقديــم الأجوبة عــن كافــة الأسئلة المبرمجــة التــي تقدمــت بهـا فــرق ومجموعــات المعارضــة والأغلبية، وعددهــا 156 سؤالا، من بينها 60 سؤالا بمجلس النواب و96 سؤالا بمجلس المستشــارين.

 ومــن أبــرز المحــاور التــي تناولتهــا هــذه الأسئلة، يمكـن ذكـر أوراش السياسـة المائيـة، وتفعيل التغطيــة الصحيــة الإجباريــة والحمايــة الاجتماعية، والمنظومة الصحية، والتربية والتكوين، والتعليم العالي، والحـوار الاجتماعي، والاستثمار ومنـاخ الأعمال، ودعـم المقاولات، والقطاع المالي والبنكـي، والاتمركز الإداري، وتنميــة المناطــق النائيــة، وتمكيــن المــرأة المغربيــة.

وفي إطار تفاعل الحكومة مع أسئلة السيدات والسادة البرلمانيين، بلغ عدد الأسئلة الشفهية، بما فيها الآنية، التــي أجابــت عنهــا الحكومــة 4425 سؤالا. كمــا أجابــت الحكومة عن 13645 سؤالا كتابيا من أصل 19327 سؤالا تم توجيهه من طرف أعضاء غرفتي البرلمان، أي بنسـبة %70.

وعلــى مســتوى طلبــات عقــد اللجــان لدراســة القضايــا الراهنـة، فقـد اسـتجابت الحكومـة لــ 74 طلبـا، ومـن بيـن المواضيـع التـي قـدم أعضـاء الحكومـة عروضـا بشـأنها باللجان المعنية، يمكن ذكر الأمن الغذائي، واستراتيجية النهوض بقطاع الصناعة التقليدية، والسياسة الصناعية الوطنيـة، واسـتراتيجية المناطق اللوجيسـتيكية.

وبخصوص تعهدات الحكومة أمام البرلمان، فقد أجابت الحكومـة عـن 343 تعهـدا التزمـت بـه خـلال أجوبتهـا علـى الأسئلة الشفهية بمجلسي البرلمان، و147 تعهدا أثناء اجتماعات اللجان الدائمـة بمجلس النواب.

ومــن جهــة أخــرى، حرصــت الحكومــة علــى التفاعــل مــع طلبـات لجنـة مراقبـة الماليـة العامـة التـي عقـدت ثلاثـة اجتماعـات، خصصت لتقديم عروض تهم مراقبة تسـيير مؤسسـات التعاون الوطنـي، وتدبير الإعانات الممنوحة للجمعيات من طرف القطاعات الوزارية، ومراقبة تسيير الوكالـة الوطنيـة لإنعاش التشـغيل والكفـاءات.

كمـا تجاوبـت الحكومـة مـع ثمانية طلبـات للقيـام بمهام استطلاعية وزيـارات ميدانيـة، وشـملت قضايـا متعددة منهــا، وضعيــة مصــب نهــر أم الربيــع، والوقــوف علــى الاستعدادات الجاريـة لتنظيم عملية “مرحبـا”، والوقوف على شبكات توزيع وتسويق المنتجات الفلاحية وشروط وظــروف الإقامة بالأحياء الجامعيــة، ومقالــع الرمــال والرخـام، بالإضافة إلـى زيـارة ميدانيـة لمنشـآت رياضيـة بمدينة سلا وزيارة ميدانية لـكل من المنطقة الصناعية الحـرة ومينـاء طنجـة المتوسـط.

تجــاوب مثمــر

فـي إطـار تجـاوب الحكومـة مـع الآلية الرقابيـة المتعلقـة بتقييــم السياســات العموميــة، وفقــا لأحــكام الفقــرة الثانيـة مـن الفصـل 101 مـن الدسـتور، شـاركت الحكومـة في الجلستين السنويتين لمناقشة وتقييم السياسات العموميــة اللتيــن تــم عقدهمــا، علــى التوالــي بمجلســي البرلمــان، بتاريــخ 18 يوليــوز 2023 واللتيــن تمحــورت أشــغالهما بمجلــس النــواب حــول مناقشــة وتقييــم السياسة المائية ببلادنا والخطة الوطنية لإصلاح الإدارة، وبمجلــس المستشــارين حــول السياســة العموميــة المرتبطــة بالتعليــم والتكويــن ورهانــات الإصــلاح، حيــث قـدم أعضاء الحكومـة المعنيون توضيحات مسـتفيضة معززة بأرقام ومؤشـرات حول ما أنجـز والمبرمج إنجازه.

كمـا تفاعلـت الحكومـة إيجابـا مـع الجلسـة العامـة التـي خصصــت لمناقشــة تقريــر المجموعــة الموضوعاتيــة بمجلــس المستشــارين، بتاريــخ 25 يوليــو 2023 حــول “البرامــج المندمجــة الموجهــة للأشخاص فــي وضعيــة إعاقــة”، مــن خــلال الجــواب علــى مختلــف تساؤلات ومقترحــات المستشــارين والتوصيــات المتضمنــة فــي التقريــر.

وبذلك تبرز مؤشرات حصيلة الإنتاج التشريعي والرقابي وتقييم السياسـات العمومية، بشكل جلي، حجم الجهد المبـذول من قبل الحكومة ومؤسسـة البرلمان لإرساء تعاون فعال وإيجابي في مسار تعزيز البناء المؤسساتي والديمقراطي لبلادنا.

تعزيز فعلية حقوق الإنسان.. خيار ثابت لصون كرامة المواطن

جعلــت الحكومــة مــن مواصلــة إصلاح المســار السياســي والديمقراطــي الــذي انخرطــت فيــه بلادنا، تحــت القيــادة الرشــيدة لجلالة الملــك نصــره الله، التزامــا أساســيا لهــا فــي البرنامــج الحكومــي، باعتبــاره مدخلا لتحقيـق مجموعة مـن الإصلاحات فـي المجالات الاجتماعية والسياســية والثقافيــة وغيرهــا.

وفــي هــذا الإطار، عملــت الحكومــة علــى تعزيــز فعليــة حقــوق الإنسان كخيــار ثابــت لصــون كرامــة المواطــن، مـن خـلال الانفتاح والتفاعـل المسـتمرين مـع الآليات الأممية لحقــوق الإنسان، والانخراط المتواصــل فــي المنظومــة الحقوقيــة الدوليــة، مــع الارتقاء بالحقــوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافيـة والبيئيـة والحقـوق الفئوية، بما يكفل الإنصاف والمساواة وتكافؤ الفرص ومقومــات العيــش الكريــم للمواطنــات والمواطنيــن.

وعلــى مســتوى العلاقــة مــع المؤسســة التشــريعية، عملـت الحكومـة على إرسـاء أسـس تعاون مثمـر وبناء فـي إطـار الاحترام التـام لمبـدأ فصـل السـلط وتوازنهـا وتعاونها. وفي هذا الإطار، تميزت الفترة التي تغطيها هـذه الحصيلـة بإنتـاج تشـريعي نوعـي يعكـس التفاعـل المثمــر للبرلمــان بغرفتيــه مــع المبــادرة التشــريعية للحكومــة، كمــا تميــزت بالتجــاوب البنــاء للحكومــة مــع الوظيفــة الرقابيــة للبرلمــان مــن خــال التفاعــل مــع الأسئلة البرلمانيـة وغيرهـا مـن الآليات الرقابية، فضلا عــن الإسهام الفاعــل للحكومــة فــي تعزيــز آليــة تقييــم السياســات العموميــة.

واعتبارا لأهمية ورش إصلاح منظومة العدالة في بناء دولـة الحـق والقانـون، عملـت الحكومـة علـى اسـتكمال مسلســل استقلال الســلطة القضائيــة، كمــا حرصــت علـى تقريـب مرفـق القضـاء مـن المواطنيـن مـن خـلال إحــداث محاكــم جديــدة، فضــلا عــن تبســيط المســاطر وتعزيــز التحــول الرقمــي لمنظومــة العدالــة، لا ســيما عبــر رقمنــة الإجراءات والخدمــات القضائيــة وإرســاء دعائــم المحكمــة الرقميــة. كمــا بــادرت الحكومــة إلــى فتــح ورش المراجعــة الشــمولية للنصــوص القانونيــة المرجعية، ولا سيما قانون المسطرة المدنية وقانون المســطرة الجنائيــة.

وعلى مستوى تعزيز المنظومة القانونية الوطنية، فقد تميـزت الحصيلة المرحليـة للحكومة بإنتـاج قانوني غني ونوعـي وفعـال يوفـر الأساس التشـريعي والتنظيمـي للإصلاحات والأوراش الكبــرى والتزامــات البرنامــج الحكومــي. وفــي نفــس الإطار، حرصــت الحكومــة علــى ملاءمـة المنظومـة القانونيـة الوطنيـة مـع الالتزامات الدوليـة للمملكـة. كمـا حرصـت علـى التفاعـل الإيجابي مـع المبـادرات التشـريعية البرلمانيـة.

وإدراكا منهــا بالــدور الأساسي الــذي يلعبــه المجتمــع المدنــي باعتبــاره شــريكا رئيســيا فــي التنميــة، عملــت الحكومــة علــى إرســاء اســتراتيجية لدعــم استقلالية وهيكلــة وتنظيــم المجتمــع المدنــي ورصــد اعتمــادات ماليـة مهمـة لتنزيلهـا. كما حرصـت على تسـهيل آليات المشـاركة المواطنـة، مـع تطويـر الشـراكة بيـن الدولـة والجمعيــات مــن خــلال الرفــع مــن الدعــم العمومــي، وتعزيـز الحكامة والشـفافية في الولوج إلـى المعلومة.

تعزيز فعلية حقوق الإنسان

انطلاقـا مـن قناعـة الحكومـة بـأن تعزيـز فعليـة حقـوق الإنسان يعــد خيــارا ثابتــا لا رجعــة فيــه، يجســد رؤيــة وتوجــه جلالة الملــك نصــره الله، فقــد عــرف التفاعــل مــع الآليــات الأممية لحقــوق الإنسان، خاصــة منهــا الاستعراض الــدوري الشــامل وهيئــات المعاهــدات، زخمـا هامـا تمثـل فـي فحـص أربعـة تقاريـر وطنيـة فـي أقــل مــن ســنتين.

وفـي ظـل هـذا التفاعـل الإيجابي مـع الآليات الأممية، حظيــت الأوراش الإصلاحيــة التــي تباشــرها المملكــة المغربيــة فــي مجــال حقــوق الإنســان باهتمــام وتثميــن الــدول التــي تفاعلــت مــع بلادنا فــي إطــار آليــة الاستعراض الدوري الشامل، وكذا هيئات المعاهدات.

كمـا وجهـت مختلـف الآليات توصيـات دعت مـن خلالها إلــى مواصلــة الجهــود لإعمال الحقــوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية والفئوية.

فعلــى ســبيل المثــال، شــهدت جلســة فحــص التقريــر الوطنـي في إطـار الجولـة الرابعة من آلية الاستعراض الدوري الشامل تدخل 120 دولة أبدت اهتمامها بمسار بلادنا فـي مجال حقوق الإنسان، ووجهـت 306 توصية، حظيـت 87% منهـا بالقبـول الكلـي أو الجزئـي مـن طـرف بلادنا، التــي اســتند موقفهــا مــن هــذه التوصيــات إلــى قاعدتيــن جوهريتيــن، همــا الاحترام التــام للالتزامات كمــا صادقــت عليهــا المملكــة، والعمــل فــي نطـاق أحـكام الدسـتور.

وتأكيـدا علـى انخراطهـا المتيـن فـي المنظومـة الأممية لحقــوق الإنسان، التزمــت بلادنا عقــب تفاعلهــا مــع هـذه الآليات الأممية بإعـداد تقاريـر مرحليـة عـن تنفيـذ التوصيــات الصــادرة فــي هــذا الإطار. ولهــذه الغايــة، انخرطـت الحكومـة في إعـداد برنامـج عمل وطنـي لتتبع إعمـال مختلـف هـذه التوصيـات بتنسـيق مـع الفاعليـن المعنييـن، مع الحرص على تقويـة البعد الجهوي لهذه التوصيات، من خلال مواكبة الفاعل الترابي بما يضمن مسـاهمته الفعليـة فـي إعمالهـا.

كمــا حرصــت الحكومــة علــى التفاعــل المنتظــم مــع الآليات الأممية التعاقديــة وغيــر التعاقديــة المعنيــة علـى مسـتوى البلاغـات الفرديـة والمشـتركة والنداءات العاجلــة والرســائل الخاصــة، مــن خــلال إعــداد وتقديــم الأجوبة اللازمة بشـأنها فـي الآجال المحددة، بإشـراك مكونـات التنسـيق المؤسسـاتي، فضـلا عـن تتبـع كافـة الحالات موضــوع هــذه البلاغــات أو الشــكايات.

ولتمكيــن الأفراد مــن الولــوج إلــى ســبل الانتصاف الدوليــة، انضمــت بلادنا خــال ســنة 2022 إلــى كل مــن البروتوكــول الاختياري الأول الملحــق بالعهــد الدولــي الخــاص بالحقــوق المدنيــة والسياســية والبروتوكــول الاختياري الملحـق باتفاقية القضاء على جميع أشـكال التمييـز ضـد المـرأة، واللذيـن دخـلا حيـز النفـاذ بتاريخ 22 يوليــوز 2022.

علاوة علـى ذلـك، تولـي الحكومـة اهتمامـا بالغـا لتنفيـذ التوصيــات الصــادرة عــن هيئــة الإنصاف والمصالحــة المتعلقــة بجبــر الضــرر الفــردي، حيــث تعمــل علــى اسـتكمال معالجـة ملفـات الحالات المتبقيـة المحالـة مــن قبــل المجلــس الوطنــي لحقــوق الإنسان، وذلــك وفــق قناعــة الحكومــة الراســخة بالإسراع فــي إيصــال الحقـوق إلى أصحابهـا، حيث اسـتفاد 466 ضحية وذوي الحقــوق مــن التعويــض المالــي والإدماج الاجتماعي، بمبلــغ إجمالــي بلــغ قرابــة 50 مليــون درهــم.

ومـن أجـل تعزيـز فعليـة حقـوق الإنسان بـكل أجيالهـا، عملــت الحكومــة علــى الارتقاء بالحقــوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافيـة والبيئيـة والحقـوق الفئويـة بمـا يكفـل الإنصاف والمسـاواة وتكافؤ الفـرص ومقومات العيــش الكريــم، وهــو مــا تعــزز باعتمــاد اســتراتيجيات وبرامـج متكاملـة ومندمجـة وفاعلـة تسـتحضر مقاربـة حقــوق الإنسان لضمــان الولــوج الفعلــي للحــق فــي التعليـم والصحـة والشـغل والبيئـة والثقافـة وغيرهـا.

الحكومة المغربية.. أغلبية منسجمة بخارطة طريق متجددة تساير الأولويات وتواجه التحديات

أقـرَّت الحكومـة فـي بدايـة ولايتهـا برنامـج عمـل طمـوح يسـتجيب لتطلعـات المواطنـات والمواطنيـن، ويتوخى امتصــاص تداعيــات الأزمة الوبائيــة العالميــة علــى الظــروف الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا، وتعهــدت بتفعيله على أرض الواقع وتحمل تكاليفه، في إطار من الانسجام والتنسـيق بيـن مكونـات الأغلبية الحكومية.

وشــكَّل ميثــاق الأغلبية الحكوميــة الموقــع عليــه فــي 6 دجنبــر 2021 المنطلــق مــن مرجعيــة وطنيــة ومبــادئ أساسـية مشـتركة وأهـداف اسـتراتيجية متفـق عليهـا، أحــد الآليات المعتمــدة لمصاحبــة تنز يــل البرنامــج الحكومـي وتتبـع تنفيـذه وتقييمـه. كمـا شـكل التفاعـل الإيجابي للحكومــة مــع مختلــف توصيــات مؤسســات وهيئات الحكامة، ذات الطابع الاستشاري أو التقريري، أحــد المرجعيــات التــي اعتمدتهــا الحكومــة مــن أجــل الترسـيخ التدريجـي لمبـادئ الحكامـة الجيـدة وفقـا لمـا نـص عليـه دسـتور المملكـة، ولتجويـد العمـل الحكومي فــي تنزيــل الأوراش التنمويــة الكبــرى التــي انخرطــت فيهــا بلادنا.

وطبعت إكراهات دولية وداخلية حادة النصف الأول من هـذه الولايـة، كان مـن المفتـرض أن تحـد مـن طموحات البرنامـج الحكومـي، أو علـى الأقل أن تبطـئ مـن وتيـرة تنزيـل الحكومـة لالتزاماتها. إلا أن الحكومـة لـم تتـوانَ عــن تنزيــل برنامجهــا الحكومــي علــى الوجــه المطلــوب، وأبانــت عــن قــوة انســجامها وإرادتهــا لمواجهــة الإشكاليات، سـواء الظرفيـة الراهنة منهـا أو الهيكلية الموروثة، واعتمدت مقاربات جديدة لتدبير السياسات العموميـة، تحمـل فـي طياتها حلولا بنـاءة وموضوعية لخدمـة المواطنيـن.

انسجام مكونات الأغلبية

منـذ بدايـة الولايـة الحكوميـة الحاليـة، أسسـت مكونات الأغلبية لتعاقــد سياســي وأخلاقي، مــن أجــل بلــوغ الأهداف المســطرة فــي البرنامــج الحكومــي، الــذي يعكـس الالتزامات الانتخابية للأغلبية، والتـي تتحمـل بإنصـاف وتضامـن تكاليفـه المحتملـة كمـا مكتسـباته المنتظــرة.

وضمانــا للتنزيــل الأمثل للبرنامــج الحكومــي، تعاهــدت مكونــات الأغلبية علــى خــوض تجربــة سياســية جديــدة بثقافـة تدبيريـة مغايرة، وفـق أولويات واضحـة، وأجندة زمنيــة محــددة، وبمنهجيــة جديــدة تقــوم علــى التعــاون البنــاء والاحتــرام المتبــادل بيــن مكونــات التحالــف، وتقطـع مـع أسـاليب الماضـي التـي حالـت دون الارتقاء بمؤسســات التحالــف إلــى هيئــات لصناعــة الحلــول.

كمــا تحلــت كافــة مكونــات الأغلبية الحكوميــة، بقيــم التضامـن الجماعـي والتنسـيق المسـتمر والتكامـل في المهــام والمنجــزات؛ وقــد تجلــت معالــم هاتــه القيــم الإيجابية فـي العديـد مـن المواقـف، مـن قبيـل قضيـة إصلاح منظومــة التعليــم، والتنســيق والتــآزر بيــن الحكومة وأغلبيتها أثناء التصويت على مشاريع قوانين الماليــة، ومشــاريع القوانيــن المتعلقــة بالمنظومــة الصحيــة وبمنظومــة الدعــم الاجتماعي، وغيرهــا مــن المحطـات التـي أثبتـت تماسـك الأغلبية وانسـجامها.

ولــم يكــن مــن اليســير أبــدا، بلــوغ هاتــه الأهداف السياسـية والدسـتورية في هـذا الحيـز الزمنـي القصير، لولا حس المسؤولية الوطنية وروح التشاور والتعاون ونكـران الـذات؛ التـي أبداهـا أعضـاء الحكومـة ومكونـات الأغلبية ومؤسسـاتها التقريرية، قصد تذليل الصعاب وتمهيـد الطريـق نحـو تحالـف حكومـي يخـدم الوطـن.

واليــوم، تؤســس الحصيلــة المرحليــة لهــذا التحالــف لشـرعية إنجازاتـه المحققـة لفائـدة المواطنين والأسر المغربيـة، ضمـن ديناميـة يقودهـا جلالة الملـك نصـره الله، تبتغـي تحقيـق انتظـارات المواطنـات والمواطنين في العيش الكريم ومواجهة مختلف التحديات المركبة التي تواجهها بلادنا، سواء منها الصحية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو التنموية.

إن الحصيلـة المرحليـة للحكومـة تؤكـد بما لا يـدع مجالا للشــك، أن الحكومــة اســتطاعت النجــاح فــي ترســيخ أسـس الدولـة الاجتماعية، إضافـة إلـى ربـح التحديـات والرهانــات التــي واجهتهــا، مــن خـلال الانخراط الكلــي لمختلــف مكوناتهــا فــي كل المبــادرات التنمويــة، دون الارتكان إلـى تدبيـر الأزمات الظرفيـة فقـط، مـا مكنهـا مـن رفع التحدي التنموي، في ظرفيـة اقتصادية صعبة وغيــر مســتقرة.

ولا شـك فـي أن تكامـل القـدرات والأدوار بيـن مكونـات التحالــف الحكومــي، الــذي تتوفــر فيــه عوامــل النجــاح وصناعــة التغييــر المنشــود، تحــت القيــادة الملكيــة الســامية، ســيضاعف مــن منســوب النتائــج الإيجابية لهاتـه الحكومـة، خاصـة وأن كل مكوناتهـا تشـعر بثقـل الأمانة والمســؤولية الملقــاة علــى عاتقهــا فــي هاتــه اللحظــة السياســية المفصليــة، وتــدرك أن الثقــة التــي وضعــت فيهــا مــن طــرف جلالة الملــك ومــن طــرف الشـعب المغربـي، تسـتوجب العمل الجماعـي لتحقيق مــا ورد فــي البرنامــج الحكومــي كامــلا.

التقائية البرنامج الحكومي

تجمــع بيــن مكونــات الحكومــة مســؤولية سياســية تهــدف اســترجاع ثقــة المواطنــات والمواطنيــن، مــن خــلال التزامهــا بمشــروع سياســي وتنمــوي مشــترك، يعكســه البرنامــج الحكومــي، وتحركــه رغبــة جماعيــة تبتغــي الدفــع بالعمــل الحكومــي إلــى تحقيــق الفعاليــة والمردوديــة والجــدوى.

ولعـل أبـرز تجليـات الانسجام والتنسـيق بيـن مكونـات الحكومة تتمثـل فيما تم تحقيقه على أرض الواقع، في ظـرف سـنتين ونصـف مـن الاشتغال مـن مكتسـبات، تتوافـق وأولويـات البرنامـج الحكومـي بمـا يخـدم الأسر المغربيـة.

ومــا كان لهــذه المنجــزات الحكوميــة أن تتحقــق لولا أن الحكومــة أسســت لفلســفة مبتكــرة فــي تدخلاتها، تعتمــد علــى مبــادئ الالتقائية وانســجام السياســات فــي بعدهــا الشــمولي.

هــذه الفلســفة المبتكــرة فــي الاشتغال ظهــرت جليــا علـى سـبيل المثـال، فـي تدبيـر الحكومـة، انسـجاما مـع التعليمــات الســامية لصاحــب الجلالة، لفاجعــة زلــزال الحــوز، حيــث خلقــت لجنــة بين- وزاريــة مكلفــة ببرنامــج إعـادة البنـاء والتأهيـل العـام للمناطـق المتضـررة مـن زلــزال الحــوز، والتــي عقــدت إلــى حــدود اليــوم تســعة اجتماعــا بحضــور مختلــف القطاعــات ا لوزاريــة المتدخلــة، مــن أجــل المواكبــة الحثيثــة لأوراش إعــادة بنــاء وتأهيــل المناطــق المتضــررة.

وتجلــت نفــس المقاربــة التــي تعتمــد التنســيق والالتقائية، فـي برامـج أخـرى علـى غـرار تدبيـر إشـكالية الماء، وبرنامج تقليص الفـوارق الاجتماعية والمجالية، الــذي حققــت مــن خلاله بلادنا نتائــج إيجابيــة بفضــل وضــع آليــة بين-وزاريــة تســهر علــى ضمــان الاندماج القطاعـي والتقائيـة التدخلات بالعالـم القـروي، إضافـة إلـى تنزيـل ورش تعميـم الحمايـة الاجتماعية مـن خـلال إحـداث لجنـة قيـادة مركزيـة يعهـد إليهـا التنسـيق بيـن مختلــف القطاعــات الوزاريــة والمؤسســات المتدخلــة فــي تدبيــر ورش الحمايــة الاجتماعية.

كمـا ظهرت نفس المقاربة في تدبيـر الحكومة لملفات أخرى على غرار التشغيل، والتعليم، والحوار الاجتماعي، والتــي أكــدت فيهــم الحكومــة وفاءهــا لفلســفتها فــي الاشتغال، المبنيــة علــى التنســيق والالتقائية فــي تنزيلهـا لمختلـف السياسـات العموميـة.

ولعـل مـا حققتـه هـذه التجربـة الحكوميـة، مـن تدخلات اســتثنائية لمواجهــة الظرفيــة الصعبــة، وأخــرى ذات طابع هيكلي مستدام، لم تكن لترى النور، لولا تماسك الأغلبية وانســجام مكوناتهــا. وهــو مــا أهلهــا لقيــادة مشــروع مجتمعــي ناجــع يتلاءم مــع انتظــارات الأسر ويهدف إلى توسـيع دائـرة الكرامة والسـلم الاجتماعي.

الحكومة ومؤسسات الحكامة

تحـرص الحكومـة علـى خلـق تفاعـل إيجابـي مـع مختلـف مؤسسـات وهيئـات الحكامة ذات الطابع الاستشاري أو التقريــري، وعيــا منهــا بــأن التكامــل فــي الأدوار فــي إطـار النسـق المؤسسـي العـام للدولـة، يشـكل مدخلا أساسـيا لترسـيخ مبـادئ الحكامـة الجيـدة التـي كرسـها دسـتور المملكـة.

وفـي هـذا الصـدد، تسـهر الحكومـة علـى التفاعـل إيجابـا مــع الملاحظات المضمنــة فــي التقاريــر التــي تصدرهــا مؤسسـات وهيئات الحكامة، والتعقيب عليها وتقديم المعطيات والتوضيحات الضرورية بشأنها. كما تعمل علـى تنفيـذ التوصيـات التـي تصدرهـا والتـي تـروم تجويـد العمـل الحكومـي فـي مختلـف المجالات، لاسـيما فيما يتعلـق بتنزيـل الأوراش التنمويـة الكبرى التـي انخرطت فيهـا الحكومـة. كما تعمل علـى مواكبتها قصد تيسـير إنجازهــا لمهامهــا علــى أكمــل وجــه وفــي احتــرام تــام لاستقلاليتها، وقـد أثبتـت الممارسـة العمليـة أهميـة التجـاوب الفعـال بيــن الحكومــة ومختلــف هــذه المؤسســات والهيئــات.

ففيمــا يخــص المجلــس الأعلى للحســابات، تعمــل الحكومـة علـى تتبـع توصياته فـي مختلـف المجالات، وقد تم في هـذا الإطار إحـداث وحـدة متخصصة على مسـتوى رئاسـة الحكومـة، مـن أجـل التتبـع المنتظـم والمتواصـل للإجراءات المتخــذة لتنفيــذ توصيــات المجلــس مــن طـرف القطاعـات الوزاريـة المعنيـة والأجهزة العموميـة الخاضعـة لوصايتهـا، عبـر إدخالهـا فـي المنصـة الرقميـة التــي أحدثهــا المجلــس الأعلى للحســابات لهــذا الغــرض والتــي تضمنــت 389 توصيــة نفــذت منهــا، كليــا أو جزئيــا، 253، أي بنســبة 65%، ويبقــى تنفيــذ 35% منهــا محفوفــا ببعــض الصعوبــات القانونيــة أو التقنيــة أو الزمنيــة.

كمـا تحـرص الحكومة علـى تعزيـز التواصـل والتعـاون مع الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وتجدر الإشارة فـي هـذا الصـدد إلـى الجهـود الحثيثـة التي تبذلهــا الحكومــة مــن أجــل إرســاء الأسس التشــريعية والمؤسسية للوقاية من الفساد ومكافحته. وقد مكنت هــذه الجهــود مــن تحقيــق العديــد مــن المكاســب، علــى مســتوى تعزيــز فعاليــة الإدارة والرفــع مــن نجاعتهــا، لاسيما مــن خـلال تبســيط المســاطر الإدارية وتســريع التحـول الرقمـي.

وحرصــا مــن الحكومــة علــى تكريــس البعــد الأخلاقي فــي ممارســة الأعمال وخلــق بيئــة مواتيــة للاستثمار ودعــم التنافســية، تــم إدراج قيــم النزاهــة والشــفافية والوقايــة مــن الفســاد كدعامــة أفقيــة ضمــن خارطــة طريــق الاســتراتيجية الجديــدة لتحســين منــاخ الأعمال في أفق سـنة 2026 والتي تم إطلاق 70% مـن المبادرات والمشـاريع التـي تضمنتهـا سـنة 2023 مـع بلـوغ نسـبة إنجازهــا أزيــد مــن 40%.

أما فيمـا يتعلـق بمكافحة غسـل الأموال، فـإن الحكومة، وتنفيــذا للتوجيهــات الملكيــة الســامية، تبــذل جهــودا متواصلة من أجـل الرفع مـن فعالية المنظومـة الوطنية لمكافحـة غسـل الأموال وتمويـل الإرهاب، لاسيما مـن خلال الهيئـة الوطنيـة للمعلومـات الماليـة المحدثـة لـدى رئاســة الحكومــة. وقــد تــم فــي هــذا الإطار، وبتنســيق  تــام مــع جميــع الفاعليــن المعنييــن، إجــراء العديــد مــن الإصلاحات التشـريعية والمؤسسـاتية والتنظيميـة التي تـروم الرفـع مـن مسـتوى التـزام بلادنا بالمعاييـر الدوليـة ذات الصلـة، وتوجـت هـذه المجهـودات بخـروج بلادنا مـن مسلســل المتابعــة المعــززة، أو مــا يعــرف بـ”اللائحة الرماديـة” لمجموعـة العمـل المالـي (GAFI)، وذلـك خـلال أشــغال الاجتماع العــام للمجموعــة المنعقــد بباريــس مـن 20 إلـى 24 فبرايـر 2023. وفيمــا يخــص مؤسســة الوســيط، تتواصــل الحكومــة بشــكل منتظــم مــع هــذه المؤسســة، حيــث تتلقــى التوصيــات المتعلقــة بالشــكايات والتــي بلــغ عددهــا 168 توصيــة ســنة 2022، تــم التفاعــل بشــكل إيجابــي مــع 115 منهــا وتبقــى 53 منهــا محاطــة ببعــض الصعوبــات علــى مســتوى التنفيــذ.