وجَّه رئيس الحكومة عزيز أخنوش، مذكرة توجيهية تتعلق بمشروع قانون المالية برسم سنة 2024، إلى باقي المصالح الوزارية، مؤكدا أن مشروع قانون المالية اعتمد أربع أولويات تعكس أُسس البرنامج الحكومي تفعيلا للتوجيهات الملكية السامية المتضمنة في خطاب العرش.
وأبرزت المذكرة أن الأمر يتعلق بتوطيد تدابير مواجهة التأثيرات الظرفية، ومواصلة إرساء أسس الدولة الاجتماعية ومواصلة تنزيل الإصلاحات الهيكلية وتعزيز استدامة المالية العمومية.
واعتبر المصدر ذاته أن “إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2024 يأتي في سياق دولي يطبعه توالي الأزمات وتصاعد التوترات الجيوسياسية التي ألقت بتداعياتها على النمو الاقتصادي وعلى القدرة الشرائية في مختلف أنحاء العالم، نتيجة ارتفاع الضغوط التضخمية التي تفاقمت خلال السنوات الثلاث الأخيرة، لاسيما سنة 2022 التي بلغ معدل التضخم خلالها ما يعادل 8,7 في المئة على الصعيد العالمي و8,4 في المئة بمنطقة اليورو و8 في المئة بالولايات المتحدة الأمريكية”.
4 أولويات
على المستوى الوطني، نجحت الحكومة، تحت القيادة المتبصرة والحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس في مواجهة هذه الضغوط وفي تدبير هذه الأزمات المتلاحقة والحد من تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية، عبر سياسة فعالة تقوم على بعدين متكاملين. أولهما استباقي ينبني على مواجهة الإكراهات الظرفية وتقليص آثارها المباشرة على الاقتصاد الوطني وعلى المستوى المعيشي للمواطنين، وثانيهما هيكلي طويل الأمد يقوم على المضي قدما في تنزيل الإصلاحات الضرورية لتحسن ظروف عيش المواطنين وتحقيق معدل نمو أكبر، لخلق المزيد من فرص الشغل، مع استعادة الهوامش المالية الكفيلة بتوفير التمويل الضروري لهذه الإصلاحات.
وذكرت المذكرة التوجيهية بأنه تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، اتخذت الحكومة مجموعة من القرارات الاستباقية للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين ودعم القطاعات المتضررة جراء توالي الأزمات، وهو ما كلف ميزانية الدولة نفقات إضافية بلغت 40 مليار درهم برسم سنة 2022 وما يزيد عن 10 مليار درهم خلال السنة الحالية.
وأكد المصدر ذاته أن هذه الإجراءات مكنت من الحد من ارتفاع التضخم وحصره في معدل 6,6 في المئة عند نهاية سنة 2022، مضيفة أن التدابير التي تم اتخاذها بداية سنة 2023، لا سيما دعم المواد الأساسية، ودعم الأعلاف المخصصة للمواشي والدواجن، والمواد الأولية الفلاحية المستوردة، قد ساهمت في تراجع معدل التضخم من 10,1 في المئة خلال شهر فبراير إلى 5,5 في المئة نهاية شهر يونيو 2023، ومن المتوقع أن يتم حصر هذا المعدل في حدود 5,6 في المئة مع نهاية هذه السنة.
وإلى جانب الإكراهات المرتبطة بالسياق الدولي، تشكل ندرة المياه، التي تفاقمت نتيجة توالي سنوات الجفاف خلال الفترة الأخيرة، تحديا كبيرا بالنسبة للمغرب.
وفي هذا السياق حرصت الحكومة على تسريع وتيرة تنزيل البرنامج الوطني للتزود بالماء الصالح للشرب ومياه السقي 2020-2027، مع الرفع من الاعتمادات المالية المخصصة لقطاع الماء بـ5 ملايير درهم برسم قانون المالية 2023، وفتح اعتمادات إضافية بـ1,5 مليار درهم خلال نفس السنة، وذلك تنفيذا للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة.
وبالموازاة مع حرصها على مواجهة التداعيات الظرفية على القدرة الشرائية للمواطنين وعلى مجموعة من القطاعات الحيوية، واصلت الحكومة مجهوداتها الرامية لتنزيل مختلف الأوراش الإصلاحية التي التزمت بها، تفعيلا للتعليمات الملكية السامية ولتوصيات النموذج التنموي الجديد.
ويأتي على رأس هذه الإصلاحات تعميم الحماية الاجتماعية، وإصلاح المنظومتين الصحية والتعليمية، إلى جانب تنزيل ميثاق الاستثمار، وتنزيل الاستراتيجية السياحية والاستراتيجية الطاقية.
وأوردت المذكرة التوجيهية أنه “إذا كانت الحكومة قد تمكنت من تخصيص الاعتمادات الضرورية للحد من تبعات الظرفية الحالية، ولمواصلة تنزيل الإصلاحات الهيكلية والاستراتيجيات القطاعية، فإنها قد حرصت في الوقت نفسه على تعبئة الموارد الضرورية لتمويل هذه الاعتمادات، وذلك بالموازاة مع عملها على تقليص عجز الميزانية حفاظا على استدامة المالية العمومية”.
وعليه، فقد تم تقليص عجز الميزانية من 7,1 في المئة سنة 2020 إلى 5,9 في المئة سنة 2021، ثم إلى 5,1 في المئة سنة 2022. كما عرف النصف الأول من سنة 2023 مواصلة الدينامية الإيجابية للموارد، حيث ارتفعت الموارد الضريبية بـ4 في المئة أي بما يعادل 5,3 مليار درهم.
وقد عرف الاقتصاد الوطني نفس الدينامية، منذ بداية سنة 2023، حيث أنه وبعد أن تم تسجيل معدل نمو بـ3,5 في المئة خلال الفصل الأول من هذه السنة، تشير التقديرات الأولية إلى تحقيق معدل نمو بـ3,2 في المئة خلال الفصل الثاني و3,4 في المئة خلال الفصل الثالث، مقابل 2 في المئة و1,9 في المئة المسجلين خلال هذين الفصلين على التوالي من سنة 2022.
إرساء ورش تعميم الحماية الاجتماعية
إلى ذلك، أفادت المذكرة التوجيهية المتعلقة بمشروع قانون المالية برسم السنة المالية 2024، التي وجهها رئيس الحكومة إلى المصالح الوزارية، بأن الحكومة ستواصل إرساء ورش الحماية الاجتماعية.
وأوضحت المذكرة أن “الحكومة ستواصل تنزيل الورش الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية، حيث مكنت الجهود التي بذلتها، في ظرف وجيز، من وضع الترسانة القانونية والتنظيمية اللازمة لتعميم التأمين الأساسي الإجباري عن المرض، وذلك من خلال المصادقة على كافة النصوص ذات الصلة بأنظمة التأمين الإجباري عن المرض الخاصة بالأشخاص غير القادرين على تحمل واجبات الاشتراك، وبفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون أي نشاط مـأجور أو غير مأجور”.
وذكَّرت الوثيقة بأن الحكومة وضعت هدف إرساء أسس الدولة الاجتماعية على رأس أولويات البرنامج الحكومي، وذلك وفق رؤية تجمع بين ترصيد المكتسبات التي راكمتها بلادنا بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس في المجال الاجتماعي، وتقديم حلول هيكلية لمعالجة مكامن الهشاشة التي تشوب بعض السياسات العمومية المرتبطة بتنمية الرأسمال البشري.
ونتيجة لذلك، تمكنت الحكومة من تعميم التأمين الإجباري عن المرض وفق الأهداف والإطار الزمني المحدد له، من خلال انتقال المستفيدين سابقا من نظام “راميد” إلى نظام التأمين الإجباري عن المرض، وذلك ابتداء من فاتح دجنبر 2022، الأمر الذي خول لما يناهز 4 ملايين أسرة فقيرة الولوج إلى العلاج بالمستشفيات العمومية والخاصة، مع تحمل الدولة لاشتراكاتهم في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وذلك بغلاف مالي سنوي يعادل 9,5 ملايير درهم.
وتنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، ستعمل الحكومة على إطلاق برنامج التعويضات العائلية قبل متم سنة 2023، وذلك وفق رؤية جديدة، تقوم على تحسين استهداف الفئات الاجتماعية المستحقة للدعم.
وفضلا عن ذلك، ستتم تعبئة الموارد الضرورية لتمويل هذا البرنامج، طبقا لمقتضيات القانون رقم 21.09 المتعلق بالحماية الاجتماعية القائمة، والتي شهدت اختلالات على مستوى الاستهداف، وذلك تفعيلا للتوجيهات الملكية السامية المتضمنة في خطاب العرش المجيد لسنة 2018.
وفي هذا الإطار، ستعمل الحكومة على الرفع من وتيرة تنزيل منظومة الاستهداف عبر تسخير جميع الإمكانيات المالية واللوجيستية لتعزيز عملية التقييد في السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد، باعتباره الآلية الأساسية والوحيدة لمنح الدعم وضمان نجاعته.
ونظرا للدور الذي يلعبه قطاع الصحة في إرساء أسس الدولة الاجتماعية، وفي إنجاح ورش تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض على وجه الخصوص، وبعد استكمال الإطار القانوني لتأهيل المنظومة الصحية الوطنية، ستعمل الحكومة على مواصلة إصلاح هذه المنظومة، خاصة فيما يتعلق بتأهيل العرض الصحي، عبر مواصلة بناء وتجهيز المستشفيات الجامعية الجديدة بالرباط وأكادير والعيون، وإطلاق أشغال بناء وتجهيز مستشفيات جامعية جديدة أخرى بكل من الرشيدية وبني ملال وكلميم.
هذا إلى جانب مواصلة إنجاز برنامج تأهيل ما يقارب 1.400 مؤسسة للرعاية الصحية الأولية، ومواصلة تطوير النظام المعلوماتي المندمج، مع العمل على تنزيل قانون الوظيفة الصحية، وإحداث المجموعات الصحية الترابية.
تحسين ظروف عيش المواطنين
تواصل الحكومة مجهوداتها الرامية إلى تحسين ظروف عيش المواطنين، لا سيما من خلال محاربة مظاهر الإقصاء الاجتماعي والمجالي، وذلك في إطار الاهتمام المتواصل الذي توليه لتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية.
وأبرزت المذكرة التوجيهية المتعلقة بمشروع قانون المالية برسم السنة المالية 2024، التي وجهها رئيس الحكومة إلى باقي المصالح الوزارية، أن الحكومة اعتمدت مقاربة جديدة تقوم على دعم طلب السكن، من خلال إحداث إعانات مالية مباشرة لدعم السكن لفائدة الراغبين في اقتناء مساكن مخصصة للسكن الرئيسي.
كما تعتزم الحكومة إيجاد حلول لمشاكل السكن غير اللائق، ومواصلة برنامج “مدن بدون صفيح”، فضلا عن المشاريع الرامية إلى تأهيل المباني الآيلة للسقوط. وكذا تحسين الولوج إلى مرافق وتجهيزات القرب في إطار برامج سياسة المدينة.
وستعتني الحكومة، كذلك، بالجانب المتعلق بالمحافظة على المباني التقليدية والتراث المعماري بصفة عامة، وإعادة تثمين المدن العتيقة بصفة خاصة، لما لذلك من أبعاد اجتماعية وثقافية واقتصادية من شأنها تحفيز وتحسين تنافسية وجاذبية هذه المجالات.
ووفق المنظور ذاته، ستواصل الحكومة تنزيل برنامج تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، الذي يحظى بالعناية الملكية السامية، نظرا لإسهامه الفعال في تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، خصوصا في ما يتعلق بمؤشرات الولوجية وتمدرس الفتيات بالعالم القروي، وتنمية الأنشطة الاقتصادية غير الفلاحية، وفك العزلة عن المواقع السياحية، وكذا تحسين ظروف التزود بالماء الشروب.
وعلاوة على ذلك، ستواصل الحكومة تنزيل المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، حيث ستعمل على مواصلة تنزيل مختلف البرامج المسطرة لهذه المرحلة.
ويتعلق الأمر خاصة بمواكبة الأشخاص في وضعية هشاشة، وتحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب، إضافة إلى الدفع بالرأسمال البشري للأجيال الصاعدة، لا سيما على مستوى الصحة والتعليم.
أما في ما يتعلق بالمرأة، وفي إطار مجهوداتها الرامية إلى الارتقاء بوضعيتها وتوطيد الإدماج الاجتماعي للأسر، فإن الحكومة ستعمل على تنزيل استراتيجية “جسر” التي تهدف، على الخصوص، إلى رفع نسبة مشاركة النساء في تنمية الاقتصاد الوطني، وتقليص نسبة تفشي العنف ضد النساء، وتحسين وضعية الأشخاص في وضعية إعاقة، وكذا التكفل بالأشخاص المسنين.
إصلاح المنظومة التعليمية 2022 ـ 2026
أفادت المذكرة التوجيهية المتعلقة بمشروع قانون المالية برسم السنة المالية 2024، التي وجهها رئيس الحكومة إلى باقي المصالح الوزارية، بأن الحكومة ستواصل تنزيل خارطة الطريق لإصلاح المنظومة التعليمية 2022-2026.
وقالت المذكرة إنه “وعيا بأهمية إصلاح منظومة التربية والتكوين كإحدى ركائز الدولة الاجتماعية، ستعمل الحكومة على مواصلة تنزيل خارطة الطريق لإصلاح المنظومة التعليمية 2022-2026، التي ترتكز على 12 التزاما عمليا تتمحور حول التلميذ والأستاذ والمؤسسة التعليمية”.
وتروم هذه الالتزامات تمكين التلاميذ من التعلمات الأساسية، ومواكبتهم من أجل استكمال تعليمهم الإلزامي، إلى جانب الارتقاء بمهنة التدريس وجعلها أكثر جاذبية، لا سيما من خلال تمكين الأساتذة من تكوين أساسي ومستمر ذي جودة، وتجديد المقاربات البيداغوجية وتعزيز الأدوات الرقمية لتسهيل عمل الأساتذة وتعزيز أثره على المتعلمين، داخل مؤسسات حديثة تساهم في خلق مناخ وبيئة تعليمية محفزة.
وبالموازاة مع ذلك، أكد المصدر ذاته أن الحكومة ستواصل تنزيل خارطة الطريق لتعميم التعليم الأولي في أفق سنة 2028، من خلال إحداث حوالي 4 آلاف وحدة تعليمية سنويا، مع تمكين المربيات والمربيين من التكوين الجيد، وذلك لفائدة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و6 سنوات، في العالم القروي على وجه الخصوص.
كما ستعمل الحكومة على تفعيل مضامين المخطط الوطني لتسريع تحول منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار (PACTE ESRI)، الذي يهدف إلى إرساء نموذج جديد للجامعة المغربية، ويكرس التميز الأكاديمي والعلمي ويدعم الإدماج الاجتماعي والاقتصادي.
وينبني هذا النموذج على منظومة ناجعة للحكامة المؤسساتية للقطاع، وعلى إصلاح بيداغوجي شامل ومندمج يهدف إلى الارتقاء بنظام (LMD) المتعلق بالإجازة والماستر والدكتوراه، وذلك من خلال تعزيز مسارات التعلم بمهارات ذاتية وكفاءات أفقية لتعزيز الارتباط بالهوية المغربية وتقوية الرابط الاجتماعي، مع إدماج إشهادات في المهارات اللغوية والرقمية، وتطوير إمكانية التدريس بالتناوب بين الجامعة والمحيط الاقتصادي والاجتماعي.
كما سيتم العمل على تطوير البحث العلمي، عبر العمل على تخريج جيل جديد من طلبة الدكتوراه بمعايير دولية، قادرين على إنجاز أبحاث مبتكرة في المجالات ذات الأولوية الوطنية، حيث سيتم في مرحلة أولى إطلاق برنامج لتكوين ألف طالب دكتور ـ مدرب سنويا، وهو ما سيمكن من توفير مشتل للكفاءات القادرة على تجديد هيئة الأساتذة الباحثين، الذين ستتم إحالة أعداد مهمة منهم على التقاعد خلال السنوات القادمة.
ⴰⵎⵙⴰⵡⴰⵍ ⴰⵏⴰⵎⵓⵏ
وأوردت المذكرة التوجيهية المتعلقة بمشروع قانون المالية برسم السنة المالية 2024 بأن الحكومة ستواصل الحوار مع مختلف الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين، وفقا لمضامين الميثاق الوطني لمأسسة الحوار الاجتماعي، الذي تم التوقيع عليه في 30 أبريل 2022.
وأوضحت المذكرة، التي وجهها رئيس الحكومة إلى باقي المصالح الوزارية، بأن الحكومة ستعمل على تنزيل الاتفاقات الموقعة بهدف تحسين مداخيل أجراء مجموعة من القطاعات، وهو ما سيكلف الميزانية العامة للدولة نفقات إضافية تقدر بـ 4 مليارات درهم في سنة 2023.
وأبرز المصدر ذاته أن مجموع الاعتمادات المخصصة لتنزيل التزامات الحوار الاجتماعي سيبلغ حوالي 10 مليارات درهم سنة 2023.
تعزيز دينامية الاقتصاد الوطني
المذكرة التوجيهية المتعلقة بمشروع قانون المالية برسم سنة 2024، أبرز أن الحكومة عازمة في سنة 2024 على تعزيز الدينامية المسجلة في الاقتصاد الوطني خلال سنة 2023.
وأشارت المذكرة الموجهة من طرف رئيس الحكومة إلى المصالح الوزارية إلى أن هذا التعزيز يمر عبر مواصلة العمل بكل جدية وتفان من أجل تنزيل التوجيهات الملكية السامية، ومختلف مرتكزات البرنامج الحكومي، وذلك للارتقاء بمسار البلاد التنموي إلى مرحلة جديدة وفتح آفاق أوسع من الإصلاحات والمشاريع الكبرى التي يستحقها المغاربة.
من جهة أخرى، أضافت المذكرة أنه وبعد أن تم تسجيل معدل نمو بـ3,5 في المئة خلال الفصل الأول من هذه السنة، تشير التقديرات الأولية إلى تحقيق معدل نمو بـ3,2 في المئة خلال الفصل الثاني و3,4 في المئة خلال الفصل الثالث، مقابل 2 في المئة و1,9 في المئة المسجلين خلال هذين الفصلين على التوالي من سنة 2022.
وتأتي هذه المؤشرات الإيجابية نتيجة لاستعادة مجموعة من القطاعات الاقتصادية لنشاطها، حيث يقدر ارتفاع القيمة المضافة الفلاحية بـ6,3 في المئة خلال الفصل الثاني من السنة الحالية بعد انخفاض يقدر بـ13,5 في المئة خلال نفس الفترة من السنة الماضية.
ويقدر نمو القيمة المضافة للقطاعات غير الفلاحية بـ3 في المئة، مدفوعة بتحسن الطلب الخارجي، حيث ارتفع حجم الصادرات من السلع والخدمات بنسبة 12,4 في المئة، وذلك بفضل ارتفاع صادرات صناعة السيارات بنسبة 34,4 في المئة، وصادرات الصناعات الالكترونية والكهربائية بـ33,3 في المئة، وصادرات صناعات النسيج والصناعات الجلدية بـ13,6 في المئة.
إضافة إلى ذلك، يشهد القطاع السياحي دينامية جد إيجابية منذ سنة 2022، حيث بلغ عدد السياح الوافدين 11 مليون سائح وهو ما يعادل استرجاع السياح بنسبة 84 في المئة مقارنة مع سنة 2019، في الوقت الذي لم يتجاوز فيه المتوسط العالمي 63 في المئة.
وقد ترتب عن هذا الانتعاش تحصيل مداخيل سياحية قياسية بالعملة الصعبة ناهزت 94 مليار درهم، مسجلة بذلك ارتفاعا بنسبة 19 في المئة مقارنة مع سنة 2019. وقد تسارعت هذه الدينامية الإيجابية منذ مطلع سنة 2023، حيث استقبل المغرب ما يزيد عن 6,5 مليون سائح خلال الفترة الممتدة من شهر يناير إلى نهاية شهر يونيو 2023، محققة بذلك حوالي 47,9 مليار درهم من المداخيل بالعملة الصعبة، أي بزيادة تناهز 68,9 في المئة مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2022.
وأضافت المذكرة أنه من المتوقع أن تتعزز هذه الدينامية خلال المرحلة المقبلة عبر التدابير التي جاءت بها خارطة الطريق 2023-2026 للقطاع السياحي.
وبدورها سجلت تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج ارتفاعا ملموسا خلال الفترة الممتدة من شهر يناير إلى متم يونيو 2023 لتبلغ 55,3 مليار درهم، مقابل 48,6 مليار درهم المسجلة خلال نفس الفترة من سنة 2022، وهو ما يشكل زيادة تقدر بـ13,9 في المئة.
كما أشارت المذكرة التوجيهية حول مشروع قانون المالية 2024، إلى أنه وتنفيذا للقرار الحكيم لجلالة الملك، بتقديم ملف ترشيح مشترك مع إسبانيا والبرتغال لاحتضان نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2030، فإن الحكومة ستعبئ كل الإمكانيات وتهيئ كل الظروف لضمان إعداد ملف متكامل يرقى لطموحات جلالته بأن تكون هذه الكأس تاريخية على جميع المستويات.
“أوراش” و”فرصة”
وقالت المذكرة التوجيهية المتعلقة بمشروع قانون المالية برسم السنة المالية المقبلة، إن الحكومة تعتزم مواصلة تنزيل برنامجي “أوراش” و”فرصة” سنة 2024.
وأوضحت المذكرة أنه، منذ إطلاقها خلال شهر مارس 2023، شهدت النسخة الثانية من برنامج “أوراش” عددا من المستجدات الرامية إلى تعزيز الإدماج الاقتصادي للشباب، لا سيما في الشق المتعلق بأوراش دعم الإدماج المستدام.
وتم فتح باب الاستفادة في هذا الشق لفائدة المقاولات الصغرى التي لا يتعدى رقم معاملاتها السنوي 10 ملايين درهم خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
وعلاوة على ذلك، تم تمكين غير حاملي الشواهد، من الاستفادة من تكوينات تأهيلية ممولة من طرف الدولة لتعزيز قدراتهم وملاءمتها مع خصوصيات مناصب الشغل.
أما بالنسبة لبرنامج “فرصة”، فإن سنة 2024 ستشهد إنجاز تقييم شامل لهذا البرنامج قصد استصدار دليل مرجعي للممارسات الجيدة في مجال مواكبة وتأطير حاملي المشاريع، من أجل انطلاقة واعدة في هذا المجال.
وتجدر الإشارة إلى أن برنامج “فرصة”، الذي يهدف إلى مواكبة وتمويل 10 آلاف من حاملي المشاريع خلال سنة 2023، حقق تقدما ملموسا في نسبة الإنجاز، حيث تم قبول أزيد من 30 ألف مشروع في مختلف القطاعات الاقتصادية، موزعة على مختلف العمالات والأقاليم، منها 23 ألف مشروع تتم مواكبة حامليها في إطار الحاضنات المحدثة لذلك، وألف و400 مشروع استفادت من التمويل.
وتحرص الحكومة على التتبع والمواكبة البعدية لحاملي المشاريع، مع مراعاة مبادئ العدالة المجالية ومقاربة النوع التي تهدف من خلالها إلى رفع نسبة استفادة النساء من 20 في المائة إلى 30 في المائة خلال النسخة الثانية لهذا البرنامج.
رأس السنة الأمازيغية
إلى ذلك، أوردت المذكرة التوجيهية المتعلقة بمشروع قانون المالية برسم السنة المالية 2024، التي وجهها رئيس الحكومة إلى المصالح الوزارية، أنه تم اعتماد رأس السنة الأمازيغية، الذي يوافق 14 يناير من كل سنة، عطلة وطنية رسمية مدفوعة الأجر.
ويأتي هذا القرار تنفيذا للقرار الملكي بهذا الخصوص، وتكريسا للطابع الدستوري للأمازيغية كلغة رسمية للبلاد إلى جانب اللغة العربية، وباعتبارها مكونا رئيسيا للثقافة وللهوية المغربية الأصيلة والغنية بتعدد روافدها. مؤكدا التزام الحكومة الثابت بالمضي قدما في تفعيل طابعها الرسمي في مختلف مناحي الحياة العمومية.
كما ستعمل الحكومة، وفق المذكرة التوجيهية المتعلقة بإعداد مشروع قانون المالية للسنة المالية 2024، على الرفع من وتيرة تنزيل خارطة الطريق التي أعدتها لهذه الغاية، والتي تتضمن 25 إجراءً تشمل إدماج اللغة الأمازيغية في الإدارات والخدمات العمومية، وفي التعليم والصحة والعدل والإعلام السمعي البصري، والتواصل، والثقافة.