موقع الحكومة المغربية

الملك محمد السادس: إذا كان الزلزال يُخلّف الدمار فإن إرادتنا هي البناء وإعادة الإعمار

قال صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، إن إرادة الله تعالى شاءت أن يضرب الزلزال المفجع بلادنا، مخلفا آلاف الشهداء، والعديد من الجرحى، شفاهم الله.

وأضاف جلالته خلال خطابه السامي إلى أعضاء البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية الحادية عشرة، مرفوقا بولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن وبصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، اليوم الجمعة، “قد كان المصاب عظيما، والألم شديدا، ومسنا جميعا، ملكا وشعبا، من طنجة إلى الكويرة، ومن شرق البلاد إلى غربها”.

وأكد جلالة الملك محمد السادس، على أنه “إذا كان الزلزال يخلف الدمار، فإن إرادتنا هي البناء وإعادة الإعمار”، وشدَّد “على ضرورة مواصلة تقديم المساعدة للأسر المنكوبة، والإسراع بتأهيل وإعادة بناء المناطق المتضررة، وتوفير الخدمات الأساسية”.

وتابع الملك محمد السادس نصره الله، “ورغم هول الفاجعة، فإن ما يخفف من مشاعر الألم، ويبعث على الاعتزاز، ما أبانت عنه فعاليات المجتمع المدني، وعموم المغاربة، داخل الوطن وخارجه، من مظاهر التكافل الصادق، والتضامن التلقائي، مع إخوانهم المنكوبين. كما نعبر عن إشادتنا بالتضحيات، التي قدمتها القوات المسلحة الملكية، ومختلف القوات الأمنية، والقطاعات الحكومية، والإدارة الترابية، لإنقاذ ومساعدة سكان المناطق المتضررة”.

وجدد الملك محمد السادس، عبارات الشكر، للدول الشقيقة والصديقة، التي عبرت عن تضامنها مع الشعب المغربي، ووقفت إلى جانبنا في هذا الظرف الأليم.

ويؤكد جلالة الملك، أن الفاجعة أظهرت انتصار القيم المغربية الأصيلة، التي مكنت بلادنا من تجاوز المحن والأزمات، والتي تجعلنا دائما أكثر قوة وعزما، على مواصلة مسارنا، بكل ثقة وتفاؤل. تلك هي الروح والقيم النبيلة، التي تسري في عروقنا جميعا، والتي نعتبرها الركيزة الأساسية، لوحدة وتماسك المجتمع المغربي. وهي قيم وطنية جامعة، كرسها دستور المملكة، وتشمل كل مكونات الهوية المغربية الأصيلة، في انفتاح وانسجام مع القيم الكونية.

وخص جلالة الملك، بالذكر القيم المؤسسة للهوية الوطنية الموحدة، متمثلة في “القيم الدينية والروحية: وفي مقدمتها قيم الإسلام السني المالكي، القائم على إمارة المؤمنين، الذي يدعو إلى الوسطية والاعتدال، والانفتاح على الآخر، والتسامح والتعايش مع مختلف الديانات والحضارات. وهو ما يجعل المغرب نموذجا في العيش المشترك، بين المغاربة، المسلمين واليهود، وفي احترام الديانات والثقافات الأخرى”. إلى جانب “القيم الوطنية التي أسست للأمة المغربية، والقائمة على الملكية، التي تحظى بإجماع المغاربة، والتي وحدت بين مكونات الشعب المغربي، وعمادها التلاحم القوي والبيعة المتبادلة، بين العرش والشعب”.

“كما يعد حب الوطن، والإجماع حول الوحدة الوطنية والترابية، من ثوابت المغرب العريقة، التي توحد المغاربة، والتي تشكل الإطار الذي يجمع كل روافد الهوية الوطنية الموحدة، الغنية بتنوعها” يقول جلالة الملك، علاوة على “قيم التضامن والتماسك الاجتماعي، بين الفئات والأجيال والجهات، التي جعلت المجتمع المغربي كالبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضا”.

ودعا جلالته إلى “مواصلة التشبث بهذه القيم، اعتبارا لدورها في ترسيخ الوحدة الوطنية، والتماسك العائلي، وتحصين الكرامة الإنسانية، وتعزيز العدالة الاجتماعية. وخاصة في ظل ما يعرفه اليوم، من تحولات عميقة ومتسارعة، أدت إلى تراجع ملحوظ في منظومة القيم والمرجعيات، والتخلي عنها أحيانا”.

وتابع جلالة الملك، نصره الله، أنه “في إطار هذه القيم الوطنية، التي تقدّس الأسرة والروابط العائلية، تندرج الرسالة التي وجهناها إلى رئيس الحكومة، بخصوص مراجعة مدونة الأسرة. إن الأسرة هي الخلية الأساسية للمجتمع، حسب الدستور، لذا نحرص على توفير أسباب تماسكها”، وتابع جلالته، “فالمجتمع لن يكون صالحا، إلا بصلاحها توازنها. وإذا تفككت الأسرة يفقد المجتمع البوصلة. لذا، ما فتئنا نعمل على تحصينها بالمشاريع والإصلاحات الكبرى. ومن بينها ورش تعميم الحماية الاجتماعية، الذي نعتبره دعامة أساسية، لنموذجنا الاجتماعي والتنموي”.

جلالة الملك يوجه خطابا ساميا بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية الـ11

وجَّه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مرفوقا بولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن وبصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، اليوم الجمعة، خطابا ساميا إلى أعضاء البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية الحادية عشرة .

وفي ما يلي نص الخطاب الملكي السامي :

” الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
حضرات السيدات والسادة البرلمانيين المحترمين،

شاءت إرادة الله تعالى أن يضرب الزلزال المفجع بلادنا، مخلفا آلاف الشهداء، والعديد من الجرحى، شفاهم الله.

وقد كان المصاب عظيما، والألم شديدا، ومسنا جميعا، ملكا وشعبا، من طنجة إلى الكويرة، ومن شرق البلاد إلى غربها.

قال تعالى : “قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا”. صدق الله العظيم.

وإننا ندعوه عز وجل أن يثبت أرضه، رحمة بعباده الضعفاء والمساكين، فهو أرحم الراحمين.

وإذا كان الزلزال يخلف الدمار، فإن إرادتنا هي البناء وإعادة الإعمار.

لذا نشدد على ضرورة مواصلة تقديم المساعدة للأسر المنكوبة، والإسراع بتأهيل وإعادة بناء المناطق المتضررة، وتوفير الخدمات الأساسية.

ورغم هول الفاجعة، فإن ما يخفف من مشاعر الألم، ويبعث على الاعتزاز، ما أبانت عنه فعاليات المجتمع المدني، وعموم المغاربة، داخل الوطن وخارجه، من مظاهر التكافل الصادق، والتضامن التلقائي، مع إخوانهم المنكوبين.

كما نعبر عن إشادتنا بالتضحيات، التي قدمتها القوات المسلحة الملكية، ومختلف القوات الأمنية، والقطاعات الحكومية، والإدارة الترابية، لإنقاذ ومساعدة سكان المناطق المتضررة.

ولا يفوتنا أن نجدد عبارات الشكر، للدول الشقيقة والصديقة، التي عبرت عن تضامنها مع الشعب المغربي، ووقفت إلى جانبنا في هذا الظرف الأليم.
حضرات السيدات والسادة،
لقد أظهرت الفاجعة انتصار القيم المغربية الأصيلة، التي مكنت بلادنا من تجاوز المحن والأزمات، والتي تجعلنا دائما أكثر قوة وعزما، على مواصلة مسارنا، بكل ثقة وتفاؤل.

تلك هي الروح والقيم النبيلة، التي تسري في عروقنا جميعا، والتي نعتبرها الركيزة الأساسية، لوحدة وتماسك المجتمع المغربي.

وهي قيم وطنية جامعة، كرسها دستور المملكة، وتشمل كل مكونات الهوية المغربية الأصيلة، في انفتاح وانسجام مع القيم الكونية.

وأخص بالذكر هنا، القيم المؤسسة للهوية الوطنية الموحدة:

– أولا: القيم الدينية والروحية: وفي مقدمتها قيم الإسلام السني المالكي، القائم على إمارة المؤمنين، الذي يدعو إلى الوسطية والاعتدال، والانفتاح على الآخر، والتسامح والتعايش مع مختلف الديانات والحضارات. وهو ما يجعل المغرب نموذجا في العيش المشترك، بين المغاربة، المسلمين واليهود، وفي احترام الديانات والثقافات الأخرى.
– ثانيا: القيم الوطنية التي أسست للأمة المغربية، والقائمة على الملكية، التي تحظى بإجماع المغاربة، والتي وحدت بين مكونات الشعب المغربي، وعمادها التلاحم القوي والبيعة المتبادلة، بين العرش والشعب.

كما يعد حب الوطن، والإجماع حول الوحدة الوطنية والترابية، من ثوابت المغرب العريقة، التي توحد المغاربة، والتي تشكل الإطار الذي يجمع كل روافد الهوية الوطنية الموحدة، الغنية بتنوعها.

– ثالثا قيم التضامن والتماسك الاجتماعي، بين الفئات والأجيال والجهات، التي جعلت المجتمع المغربي كالبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضا.

وإننا ندعو إلى مواصلة التشبث بهذه القيم، اعتبارا لدورها في ترسيخ الوحدة الوطنية، والتماسك العائلي، وتحصين الكرامة الإنسانية، وتعزيز العدالة الاجتماعية. وخاصة في ظل ما يعرفه اليوم، من تحولات عميقة ومتسارعة، أدت إلى تراجع ملحوظ في منظومة القيم والمرجعيات، والتخلي عنها أحيانا.
حضرات السيدات والسادة،

في إطار هذه القيم الوطنية، التي تقدس الأسرة والروابط العائلية، تندرج الرسالة التي وجهناها إلى رئيس الحكومة، بخصوص مراجعة مدونة الأسرة.

إن الأسرة هي الخلية الأساسية للمجتمع، حسب الدستور، لذا نحرص على توفير أسباب تماسكها.

فالمجتمع لن يكون صالحا، إلا بصلاحها توازنها. وإذا تفككت الأسرة يفقد المجتمع البوصلة.

لذا، ما فتئنا نعمل على تحصينها بالمشاريع والإصلاحات الكبرى. ومن بينها ورش تعميم الحماية الاجتماعية، الذي نعتبره دعامة أساسية، لنموذجنا الاجتماعي والتنموي.

وسنشرع، بعون الله وتوفيقه، في نهاية هذه السنة، في تفعيل برنامج الدعم الاجتماعي المباشر.

وتجسيدا لقيم التضامن الاجتماعي، الراسخة عند المغاربة، فقد قررنا ألا يقتصر هذا البرنامج، على التعويضات العائلية فقط؛ بل حرصنا على أن يشمل أيضا بعض الفئات الاجتماعية، التي تحتاج إلى المساعدة.

ويهم هذا الدعم الأطفال في سن التمدرس، والأطفال في وضعية إعاقة؛ والأطفال حديثي الولادة؛ إضافة إلى الأسر الفقيرة والهشة، بدون أطفال في سن التمدرس، خاصة منها التي تعيل أفرادا مسنين.

وبفضل أثره المباشر، سيساهم هذا البرنامج، في الرفع من المستوى المعيشي للعائلات المستهدفة، وفي محاربة الفقر والهشاشة، وتحسين مؤشرات التنمية الاجتماعية والبشرية. فالمجتمع يكون أكثر إنتاجا وأكثر مبادرة، عندما يكون أكثر تضامنا، وأكثر تحصينا أمام الطوارئ والتقلبات الظرفية.

وقد وجهنا الحكومة لتنزيل هذا البرنامج، وفق تصور شامل، وفي إطار مبادئ القانون – الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية، الذي صادق عليه البرلمان.

ويجب أن يتم تفعيله بطريقة تدريجية، تراعي تطور الاعتمادات المالية المرصودة، وتحدد المستوى الأمثل للتغطية، ومبالغ التحويلات المالية و كيفيات تدبيرها .

كما ينبغي أن يشكل نموذجا ناجحا في تنزيله، على أساس نظام الاستهداف الخاص بالـسجل الاجتماعي الموحد، وأن يستفيد من الفعالية التي توفرها التكنولوجيات الحديثة.

وفي هذا الإطار، نؤكد على ضرورة احترام مبادئ التضامن والشفافية والإنصاف، ومنح الدعم لمن يستحقه.

وندعو الحكومة، للعمل على إعطاء الأسبقية، لعقلنة و نجاعة برامج الدعم الاجتماعي الموجودة حاليا، وتأمين استدامة وسائل التمويل.

كما نؤكد على ضرورة اعتماد حكامة جيدة لهذا المشروع، في كل أبعاده، وأن يتم وضع آلية خاصة للتتبع والتقييم، بما يضمن له أسباب التطور والتقويم المستمر.

ولا يخفى عليكم ، حضرات السيدات والسادة، دور البرلمان، في إشاعة وتجسيد هذه القيم العريقة وتنزيل المشاريع والإصلاحات الكبرى، ومواصلة التعبئة واليقظة، للدفاع عن قضايا الوطن ومصالحه العليا.

وخير الختام قوله تعالى : “و قالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن، إن ربنا لغفور شكور “. صدق العظيم.

و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته”.

رئيس الحكومة يتباحث مع نائب الرئيس التنفيذي للمفوضية الأوروبية

أجرى رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، اليوم الجمعة بمراكش، مباحثات مع نائب الرئيس التنفيذي للمفوضية الأوروبية، فالديس دومبروفسكيس، وذلك على هامش أشغال الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين.

حضر هذه المباحثات عن الجانب الأوروبي، المفوض الأوروبي للاقتصاد المكلف بالسياسة الاقتصادية والنقدية وبالمجال الجبائي والاتحاد الجمركي، باولو جنتيلوني، وعن الجانب المغربي، وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، والوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع.

وخلال هذا اللقاء، أشاد المسؤولان الأوروبيان بتدبير المملكة النموذجي لتداعيات زلزال الحوز، منوهين بالتنظيم الجيد للاجتماعات السنوية للبنك وصندوق النقد الدوليين بمراكش. كما عبرا عن تهانئهما للمملكة إثر ظفرها بشرف تنظيم كأس العالم 2030 إلى جانب كل من إسبانيا والبرتغال.

وأكد دومبروفسكيس، في تصريح للصحافة عقب هذا اللقاء، أن الاتحاد الأوروبي يعتبر المغرب شريكا “موثوقا وملتزما”، مؤكدا رغبة الاتحاد في مواصلة تعميق التعاون الثنائي في شتى مجالات الشراكة.

وقال إن هذا اللقاء شكل أيضا مناسبة للتداول بشأن تكامل اقتصادات الجانبين، لاسيما  في مجالات الطاقة والتجارة، لافتا إلى أن “الاتحاد الأوروبي يعد الشريك التجاري الرئيس للمغرب”.

من جهته، أكد المفوض الأوروبي للاقتصاد، المكلف بالسياسة الاقتصادية والنقدية، وبالمجال الجبائي والاتحاد الجمركي، باولو جنتيلوني، في تصريح مماثل، أن التعاون بين المغرب والاتحاد الأوروبي من شأنه تعزيز التنمية الاقتصادية والثقافية، وتطوير الأجندة الخضراء بين الطرفين، مشيرا إلى أن هذا الاجتماع شكل مناسبة للتأكيد على أهمية العلاقات الاستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب وتسليط الضوء على علاقات الثقة والتعاون المتينة بين أوروبا والمغرب.

وقال إن إحتضان المغرب للاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين، يأتي في مرحلة صعبة على المستوى الجيوسياسي، وعلى بعد أسابيع من زلزال الحوز، مؤكدا أنه “ينبغي على المغرب أن يفخر بتنظيمه الناجح لهذا الحدث في سياق صعب”.

وشكل هذا اللقاء مناسبة لبحث تطوير الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وسبل تقوية التعاون الاقتصادي خصوصا في مجال الطاقات المتجددة، إضافة إلى تطوير المبادلات التجارية.

افتتاح الجلسة العامة للاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي بمراكش

افتتحت، اليوم الجمعة بمراكش، أشغال الجلسة العامة للاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، بحضور المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا، ورئيس البنك الدولي أجاي بانغا.

حضر هذه الجلسة العامة، على الخصوص، رئيس الحكومة عزيز أخنوش، ووزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح، ووالي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري، وعدد من أعضاء الحكومة، وممثلو الوفود المشاركة في هذه التظاهرة العالمية الكبرى.

وتميزت هذه الجلسة العامة، بالرسالة السامية التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس للمشاركين في هذه الاجتماعات، التي تنعقد خلال الفترة ما بين  9 و 15 أكتوبر الجاري، والتي تلاها السيد عمر القباج مستشار جلالة الملك.

ويعرف هذا الحدث البارز، الذي يعود إلى القارة الإفريقية بعد 50 سنة، مشاركة ممثلين عن عالم المال والاقتصاد والبنوك من 190 دولة.

جلالة الملك: احتضان المغرب لاجتماعات البنك وصندوق النقد الدوليين شهادة على التزام المملكة بتعزيز العلاقات الدولية

وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، رسالة إلى المشاركين في الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، التي تنعقد بمراكش خلال الفترة ما بين  9 و15 أكتوبر الجاري.

وفي ما يلي نص الرسالة الملكية السامية التي تلاها السيد عمر القباج مستشار جلالة الملك:

“الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.

أصحاب المعالي والسعادة،

حضرات السيدات والسادة،

إنه لمن دواعي سرورنا أن نرحب بكم في المملكة المغربية، وفي مدينة مراكش العريقة الغنية بتاريخها وتراثها الثقافي والحضاري ؛ مما جعل منها قبلة سياحية عالمية، وملتقى أثيرا لاحتضان التظاهرات الدولية الكبرى التي طبع بعضها تاريخنا الحديث.

ونخص بالذكر هنا قمة “الغات” لسنة 1994 التي شهدت ميلاد منظمة التجارة العالمية، ثم مؤخرا مؤتمر الأطراف (كوب 22) في العام 2016.

ولا يخامرنا أدنى شك بأن النجاح ذاته سيحالف الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

ولا يفوتنا أن نعرب عن تقديرنا لكم لما أبنتم عنه من مشاعر الصداقة والثقة في بلادنا، من خلال حضوركم اليوم بمراكش، بعيد الزلزال المؤلم الذي ضرب بلادنا، وكذا للدول والهيئات التي عبرت عن استعدادها لدعم المغرب لاسيما في مرحلة إعادة الإعمار.

أصحاب المعالي والسعادة،

حضرات السيدات والسادة،

يسعدنا اليوم، بعد سنتين من التأجيل بسبب الجائحة، أن نشهد انعقاد هذا المنتدى المرموق مرة أخرى في القارة الإفريقية بعد نصف قرن، وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعد عشرين سنة من دورة دبي 2003.

ومن الطبيعي أن تُعقد آمال كبيرة على هذه الاجتماعات السنوية، بالنظر إلى السياق الاستثنائي الذي يمر به العالم، واعتبارا للتحديات الجيو-سياسية والاقتصادية والبيئية التي ما فتئنا نواجهها منذ سنوات.

ففي الوقت الذي يواجه فيه كوكبنا تقلبات مناخية فرضت واقعا جديدا، ما فتئت تؤكده المعطيات يوما بعد يوم، لا يزال العالم غارقا في مشكلات كنا، إلى عهد قريب، نحسب أن جزءا كبيرا منها قد وجد طريقه إلى الحل، بفضل القواعد والمؤسسات متعددة الأطراف التي تم إرساؤها غداة الحرب العالمية الثانية.

فما نشهده اليوم من تشرذم جيو-اقتصادي وتنامٍ للنزعات السيادية، التي يُعزى جزء منها إلى الرغبة في إعادة ضبط موازين القوى الاقتصادية والسياسية على الصعيد العالمي، بات يشكل تهديدا للتقدم الكبير الذي تم إحرازه خلال العقود الأخيرة في ظل تعددية الأطراف.

ولقد كانت العولمة، التي بدأ مدها منذ ثمانينيات القرن الماضي وساهمت في خفض تكاليف الإنتاج وتشجيع التجارة العالمية، من بين العوامل المساهمة في تخفيف حدة التضخم الذي ينهك اليوم القدرة الشرائية للأسر في جميع أنحاء العالم، وذلك رغم السياسات النقدية المتشددة التي، وإن كان جلها قد طُبق بشكل متزامن، لم تخل من تداعيات على النشاط الاقتصادي.

فقد مكنت من تحقيق بعض التقدم الملموس من خلال تحسين مستويات العيش، مما أسهم في تخليص فئات عريضة من سكان العالم من وطأة الفقر، بالرغم مما رافقها من آثار جانبية، خاصة ما تعلق منها باتساع هوة الفوارق والتفاوتات.

أصحاب المعالي والسعادة،

حضرات السيدات والسادة،

صحيح أن التطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي شهدتها السنوات الأخيرة تستدعي إصلاح المؤسسات والقواعد التي تحكم نظام تعددية الأطراف، لكن هذا الأمر يقتضي كذلك توطيد المبادئ الأساسية التي يقوم عليها هذا النظام وإذكاء الروح التي تلهمه. ذلك أنها ما تزال ضرورية لحفظ الاستقرار والسلم العالميين، والدفع قدما بتضافر الجهود للتغلب على التحديات المشتركة التي تواجه كوكبنا وشعوبنا.

لكن التصدي للتحديات العالمية يتطلب، كما نعلم جميعا، حلولا عالمية لا تتيسر إلا في إطار الوحدة والاحترام المتبادل بين الأمم، لاسيما عبر إدماج التنوع وتثمينه، باعتباره قيمة مضافة لا مصدرا للنزاع والفرقة مع مراعاة خصوصيات كل دولة ومنطقة.

كما يتعين إعادة النظر في المنظومة المالية العالمية والعمل على تحسينها لتصبح أكثر إنصافا واستيعابا لمصلحة الجميع. ولعل هذه الاجتماعات السنوية تشكل، من هذه الناحية، أنسب فضاء لاحتضان حوار ونقاش بناء بشأن هذا الإصلاح.

فلئن كان قدرنا أن نحيا جميعاً في هذا الكوكب، فلا سبيل لأي بلد ليبني مستقبله بمعزل عن مراعاة مصائر بقية البلدان.

أصحاب المعالي والسعادة،

حضرات السيدات والسادة،

ذلكم هو المنظور الذي تقوم عليه رؤيتنا للتنمية في المغرب، مستندة إلى مؤهلاتنا التي هي تاريخنا العريق، ووضع بلدنا باعتباره مهدا للسلام وتلاقح الحضارات وتعايش الديانات والثقافات؛ ثم الموقع الجغرافي لبلدنا كصلة وصل بين إفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا.

فمقاربتنا لهذا الموضوع ترجح كفة الانفتاح الاقتصادي والتعاون، حيث انخرطنا في مختلف الخطط والبرامج العالمية، سواء فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية، أو بالتصدي للتغيرات المناخية، أو بمكافحة الإرهاب وتبييض الأموال وتنامي انعدام الأمن السيبراني الذي أفرزته الثورة الرقمية.

وفي هذا السياق، عمدنا، على الخصوص، إلى جعل التعاون جنوب-جنوب منطلقا أساسيا لانفتاحنا، معتمدين في ذلك نهجا يروم تحقيق التنمية المشتركة مع البلدان الشقيقة والصديقة في القارة الإفريقية.

أما على الصعيد الداخلي، فقد أطلقنا، منذ مطلع القرن الحالي، مجموعة من الإصلاحات المجتمعية والاجتماعية والاقتصادية الكبرى، فضلا عن برنامج ضخم للبنيات التحتية. وبموازاة ذلك، نظل حريصين على المحافظة على التوازنات الماكرو اقتصادية التي نعتبرها ضمانة للسيادة والمرونة الاقتصاديتين.

إنها مقاربة متوازنة تسخِّر السياسة الاقتصادية لخدمة التنمية البشرية التي جعلناها أولوية مطلقة منذ اعتلائنا العرش، وهو اختيار ما فتئنا نعززه منذ جائحة كوفيد-19. كما أطلقنا، في هذا المضمار، ورشاً غير مسبوق يستهدف تعميم الحماية الاجتماعية في بلدنا.

وقد بدأنا نستشعر نتائج هذه الرؤية بشكل ملموس، حيث أبان اقتصادنا عن قدرة مهمة على الصمود في ظل هذا السياق الدولي المعقد وغير المستقر، والذي شهد خلال السنوات الأخيرة صدمات متتالية خارجة عن إطار المتوقع والمألوف.

ومن ناحية أخرى، تمكنت بلادنا من توطيد تموقعها باعتبارها أرضا للسلام والأمن والاستقرار، وبوصفها شريكا ذا مصداقية، وقطبا اقتصاديا وماليا على الصعيدين الإقليمي والقاري.

ولذلك، فإننا نعتبر احتضان بلادنا لهذه الاجتماعات ثمرة لشراكة انطلقت منذ أمد بعيد بمعية مؤسسات بريتون وودز، وهو كذلك شهادة على الثقة في قوة إطارنا المؤسساتي وبنياتنا التحتية والتزامنا بدورنا في تعزيز العلاقات الدولية.

أصحاب المعالي والسعادة،

حضرات السيدات والسادة،

إن المغرب يتطلع، من منطلق انتمائه الإفريقي، إلى تمكين القارة الإفريقية من المكانة اللائقة بها ضمن بقية الهيئات الدولية، بما يمكنها من النهوض بخططها الاقتصادية والاجتماعية، بعد أن صار صوتها ممثلا بالاتحاد الإفريقي، مسموعا في مجموعة العشرين.

وكما لا يخفى عليكم، فإن دول القارة من أكثر بلدان العالم تضررا من آثار التغيرات المناخية، رغم تصنيفها ضمن البلدان الأقل مساهمة في الأنشطة المسببة لارتفاع درجة حرارة الأرض.

وبالتالي، ينبغي إعادة ضبط القواعد والأطر المنظِّمة لمعالجة إشكالية المديونية، بما يجعلها تراعي بشكل أفضل ما تعانيه الفئة الأكثر مديونية من الدول ذات الدخل المنخفض من إكراهات تحد من قدرتها على المبادرة ومواجهة التقلبات.

لذلك، يحق لإفريقيا، التي يرتقب أن تأوي ربع سكان العالم في سنة 2050، أن تستفيد اليوم من الشروط الكفيلة بتمكينها من تعزيز هوامش المناورة التي تمتلكها، واستثمار مؤهلاتها في الاستجابة لاحتياجات سكانها، في عالم تخيم عليه أجواء الاضطراب واللا يقين، وتطبعه تحولات عميقة طالت النماذج والمنظومات القائمة.

حضرات السيدات والسادة،

لقد أبان صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ومعهما كافة الوكالات والهيئات الدولية التي تشكل أركان النظام العالمي متعدد الأطراف، عن مستوى عال من الأداء وسرعة الاستجابة، خلال جائحة كوفيد-19، إذ كان دعمها لجهود العديد من الدول الأعضاء عاملا حاسما في تخفيف الآثار الاقتصادية والاجتماعية للجائحة.

وإننا لعلى يقين بأن هاتين المؤسستين لن تدخرا جهداً في سبيل إنجاح هذه الاجتماعات، بما يجعلها تحرز تقدما فعليا وملموسا في تحقيق أهدافها. ونأمل أن يتم تذويب الخلافات بين الاقتصادات الكبرى، وحشد مزيد من الجهود والمساعي المتضافرة في سبيل السلام والرخاء العالميين، وذلك في إطار من روح التضامن إزاء البلدان الأكثر هشاشة.

فبالحوار الصريح والبناء والمتوازن وحده نستطيع التوفيق بين التحديات الاقتصادية والمالية، من جهة؛ والبشرية، من جهة أخرى، لكي نضمن لكوكبنا المستقبل المشترك الذي يتوخاه كل منا لأبنائه.

وختاماً، نسأل الله تعالى أن يسدد خطاكم ويكلل بالتوفيق أعمالكم.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”.