أبرز رئيس الحكومة عزيز أخنوش، أن الآفاق الواعدة للانتقال الاقتصادي ببلادنا، وتحقيق طموحات “مغرب المستقبل”، لم يكن بالنسبة للحكومة مجرد التزام سياسي ثانوي، بقدر ما اعتبرناه الجواب الضروري والملح الذي فرضته الظرفية الدولية والوطنية.
وقال أخنوش خلال عرض قدمه بجلسة عمومية بمجلس المستشارين، الثلاثاء 04 فبراير، تتناول موضوع “المؤشرات الاقتصادية والمالية وتعزيز المكانة الدولية للمغرب”، إنه كان على هذه الحكومة التوجه نحو بناء “منظومة اقتصادية تضع الإنسان في صلب العملية التنموية”، وهو المعطى الذي ساهم تدريجيا في تحسين عيش الأسر وتحفيز منظومة الشغل لصالح الشباب، مع الاستغلال الجيد للمؤهلات الوطنية وتمويل الحاجيات الاجتماعية.
وأفاد أخنوش، أن الذكاء الاقتصادي جعل من المغرب مرجعا لدى العديد من المؤسسات الدولية، ونموذجا قادرا على إنتاج عوامل إيجابية محفزة للسلوك الاستثماري ببلادنا، ويوفر للمقاولات الوطنية أرضية ملائمة للاستمرارية والابتكار، في أفق تحقيق النمو وتسريع أهدافه.
وتحقيقا لهذا الطموح، عملت الحكومة استنادا للدعوات الملكية السامية، يؤكد أخنوش، على رفع التحديات والعراقيل التي كانت تحول دون تحقيق الفعالية الاقتصادية لبلادنا. كما شكل تحفيز سوق الشغل وتقليص الفوارق المجالية في مجال الاستثمار، مع الاهتمام بالقطاعات الواعدة وتشجيع الإنتاج المحلي، المحركات الرئيسية لليقظة الاقتصادية للحكومة، والطريق المباشر لبلورة أهداف ميثاق الاستثمار.
وفي هذا السياق، تمكنت الحكومة من إعطاء دفعة قوية للاستثمار الخاص وتحسين حكامته، وفق مقاربة مندمجة ومتكاملة، لاسيما عبر وضع أنظمة لدعم الاستثمار تتضمن نظام دعم أساسي يتكون من منح مشتركة ومنح ترابية وقطاعية ومشاريع الاستثمار الاستراتيجي، مع الشروع في استكمال تنزيل أنظمة الدعم الخاصة التي تهم المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، إضافة إلى المقاولات المغربية المتواجدة على الصعيد الدولي.
ولدعم انخراط الجهات في المسلسل الاقتصادي وتعزيز إنتاجيتها المحلية، أكد أخنوش أن الحكومة تواصل رفع جودة خدمات المراكز الجهوية للاستثمار من خلال مراجعة إطارها القانوني، الذي سيشكل لبنة أساسية في تمكينها من التأطير الشامل لحاملي الأفكار والمشاريع والإشراف على عمليات الاستثمار. بشكل سيعطي دفعة قوية لأداء المراكز الجهوية للاستثمار واللجن الجهوية الموحدة للاستثمار، ويجعلها مرجعا على المستوى الجهوي في هذا المجال، وفاعلا محوريا في الترويج للمؤهلات الترابية.
وتكريسا لهذا النموذج الانتقالي في مجال الاستثمار، يضيف أخنوش، تواصل اللجنة الوطنية للاستثمارات ديناميتها غير المسبوقة، حيث عقدت إلى حدود اليوم 14 دورة (في نسختيها السابقة والجديدة) قدمت حصيلة جد إيجابية فيما يتعلق بخلق مناصب الشغل ونوعية المشاريع المصادق عليها، إذ أسفرت حصيلة اجتماعاتها عن المصادقة على 275 اتفاقيات مشاريع استثمارية بقيمة إجمالية تفوق 393 مليار درهم، من بينها 9 مشاريع استراتيجية بقيمة إجمالية تقدر بـ 65 مليار درهم. وستساهم هذه المشاريع إجمالا في خلق ما يناهز 195.000 منصب شغل مباشر وغير مباشر.
تطوير مناخ الأعمال
من أجل توفير بيئة مناسبة للاستثمار والرفع من تدفقات الاستثمار الأجنبي ببلادنا، أوضح رئيس الحكومة عزيز أخنوش، أنه تم السهر على تنفيذ خارطة الطريق الاستراتيجية في أفق 2026، الخاصة بتطوير مناخ الأعمال بالمغرب، وذلك عبر تنزيل 46 مشروعا. كما أن هذه الخارطة الحكومية التي تم إعدادها تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، تشكل عنوانا بارزا للشفافية وتقدم أجوبة واضحة لمحاربة كافة أشكال الفساد في ميدان الأعمال، خاصة عبر العمل على تطوير المجالات التالية:
أولا- تبسيط ورقمنة الإجراءات الإدارية، عبر تقليص 22 وثيقة مطلوبة من المستثمرين بنسبة 45% كمعدل متوسط وتقليص المدة الزمنية لمعالجة ملفات الطلبات وتبسيط مسار المستثمر، خاصة تلك المرتبطة برخص التعمير وتعبئة الوعاء العقاري ورخص الاستغلال، مع اعتماد الإطار القانوني والعملي لإحداث المقاولات بشكل إلكتروني.
ثانيا- تعزيز الشفافية الاقتصادية، من خلال مراجعة القانون المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، فضلا عن تقليص آجال الأداء وإيجاد حلول للإشكالات المرتبطة به باعتبارها عائقا أمام السير العادي للمقاولات الوطنية.
ثالثا: تحسين الولوج إلى العقار والمناطق الصناعية، من خلال اعتماد القانون المتعلق بالمناطق الصناعية الذي تروم مقتضياته تفعيل السياسة الصناعية التي تنهجها المملكة، عبر تطوير البنية التحتية الصناعية، بتوفير عقار صناعي إضافي يقدر ب 3.700 هكتار، ومواكبة الاستثمار الصناعي، إضافة إلى معالجة الإشكالات المرتبطة بتدبير المناطق الصناعية، حيث تم تعزيز عملية الولوج إلى العقار الصناعي عبر إطلاق البوابة الإلكترونية الخاصة بذلك zonesindustrielles.ma لمكافحة ظاهرة المضاربة العقارية والرفع من درجة شفافية المعلومة العقارية بشكل ينسجم مع احتياجات المستثمرين والرهانات الترابية.
رابعا- تطوير أدوات جديدة للحصول على التمويل، عبر إخراج القانون المتعلق بالتمويل التعاوني وقانون مكاتب المعلومات الائتمانية، بهدف تمويل مشاريع الشباب والمبادرات المبتكرة، عبر استخدام المنصات الإلكترونية للربط المباشر والشفاف بين حاملي المشاريع والمساهمين.
خامسا- تحسين الولوج إلى الطلبيات العمومية وجعلها رافعة للتنمية الاقتصادية وتعزيز الابتكار وثقافة ريادة الأعمال، عبر إقرار إصلاحات تهم بالأساس اعتماد نظام موحد للصفقات العمومية، مع توفير رؤية أكثر وضوحا للفاعلين الاقتصاديين وتعزيز آلية الأفضلية الوطنية فضلا عن تعزيز رقمنة مساطر الولوج وتتبع تنفيذ الصفقات العمومية عبر البوابة الإلكترونية marchespublics.ma.
كما أشار أخنوش، إلى أن وتيرة إنجاز مختلف محاور هذه الخارطة الجديدة تعرف تقدما ملموسا، حيث قامت اللجنة الوطنية لمناخ الأعمال بإطلاق 83% من المبادرات والمشاريع المتضمنة في خارطة الطريق منذ 2023، مع الإشارة إلى أن نسبة الإنجاز بلغت 41% من مجموع المشاريع المبرمجة.