تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، أصدر رئيس الحكومة عزيز أخنوش، منشور تفعيل “عرض المغرب” من أجل تطوير قطاع الهيدروجين الأخضر، الذي يعد عرضا عمليا وتحفيزيا يشمل مجموع سلسلة القيمة للقطاع، ويتماشى مع احتياجات المستثمرين بهدف جعل المملكة فاعلا تنافسيا في هذا القطاع ذي الآفاق الواعدة.
ويقوم عرض المغرب، وفق المنشور الموجه للوزراء والوزراء المنتدبين ومسؤولي المؤسسات والمقاولات العمومية، على تنفيذ مقاربة شاملة وشفافة وعملية كفيلة بمنح المستثمرين رؤية واضحة، حيث يتألف من 6 أجزاء متمثلة في مجال تطبيق عرض المغرب، وتعبئة العقار لتنفيذ عرض المغرب، والبنيات التحتية الضرورية لتطوير قطاع الهدروجين الأخضر والإجراءات والتدابير التحفيزية الواردة في عرض المغرب بالإضافة إلى عملية انتقاء المستثمرين وإبرام عقود مع الدولة وكذا حكامة قطاع الهدروجين الأخضر.
1ـ مجال تطبيق عرض المغرب
يستهدف عرض المغرب المستثمرين أو تجمعات المستثمرين الراغبين في إنتاج الهيدروجن ومشتقاته على نطاق صناعي بالمملكة، سواء كان موجها للسوق الداخلية أو للتصدير أو لكليهما معا.
وينطبق هذا العرض على المشاريع المندمجة بدءا من توليد الكهرباء من الطاقات المتجددة والتحليل الكهربائي، إلى تحويل الهيدروجين الأخضر إلى المونياك والميثانول والوقود الصناعي إلى غير ذلك، فضلا عن الخدمات اللوجيستيكية ذات الصلة.
وبإمكان المستثمرين المتخصصين في حلقة واحدة أو حلقات معينة من سلسلة قيمة الهيدروجين الأخضر، الترشح للاستفادة من البرامج الوطنية التي وضعتها الدولة لتطوير الاقتصاد وجذب الاستثمارات بالمغرب، ولاسيما ميثاق الاستثمار الجديد، شريطة الالتزام بالشروط القانونية والتنظيمية المحددة لهذه الغاية، حيث يمكن لهؤلاء المستثمرين الاتصال مباشرة بالمركز الجهوي للاستثمار الموجود في الجهة المعنية بمشروعهم أو بالوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات إذا لم يحددوا بعد الجهة التي يعتزمون الاستثمار فيها.
2ـ تعبئة العقار لتنفيذ عرض المغرب
بالنظر لما يشكله الوعاء العقاري من رهان أساسي في تنمية قطاع الهيدروجين الأخضر، قامت الدولة بتحديد عقارات عمومية مهمة، تناهز مساحتها مليون هكتار، وهي أوعية عقارية سهلة الولوج ذات مؤهلات عالية في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر.
وأوضح المنشور أن هذه الأراضي مشمولة بالقرارات سارية المفعول للسلطة الحكومية المكلفة بالطاقة، والتي تحدد مناطق استقبال مواقع تطوير مشاريع إنتاج الطاقة الكهربائية باستخدام مصادر الطاقة الشمسية والطاقة الريحية. كما سيتم خلال المرحلة الأولى توفير 300 ألف هكتار موزعة على قطع أرضية تتراوح مساحتها بين 10.000 و30.000 هكتار.
وبالنظر لكون الهيدروجين الأخضر قطاعا ناشئا، قررت الدولة اعتماد نهج تدريجي في تعبئة الوعاء العقاري اللازم، وذلك بغية الحفاظ على المرونة اللازمة للتأقلم مع التطورات التي سيشهدها هذا القطاع، ولاسيما التطورات التكنولوجية، والتشريعية، والتنظيمية وتطورات السوق.
وفيما يخص المستثمرين الذين وقع الاختيار عليهم، وأبدوا اهتمامهم للحصول على مساحة أكبر بالنظر إلى حجم مشاريعهم، توضح الوثيقة أنه سيخصص لهم وعاء عقاري لا يقل عن 30.000 هكتار في مرحلة أولى، مع بيان الوعاء العقاري الإجمالي الذي قد يخصص لهم فيما بعد، والذي سيمنح لهم تدريجيا وبشروط، طبقا لمقتضيات عرض المغرب وضوابطه.
وستتولى السلطات الحكومية المكلفة بالداخلية والاقتصاد والمالية مسؤولية تعبئة الأوعية العقارية المخصصة لعرض المغرب.
3ـ البنيات التحتية الضرورية لتطوير قطاع الهيدروجين الأخضر
تتطلب المشاريع المندمجة للهيدروجين الأخضر، بحكم طبيعتها وحجمها، توفير بنية تحتية إضافية، وفي هذا الإطار فإن عرض المغرب يرتكز أيضا على بنية تحتية تنافسية يتم تخطيطها وتعميمها وصيانتها، وفقا لأفضل المعايير الدولية ولاحتياجات وتطورات صناعة الهيدروجين الأخضر، وعند الاقتضاء، في إطار شراكات بين القطاعين العام والخاص، بمعية مستثمرين وطنيين أو أجانب.
في هذا الإطار، تتولى كل من السلطة الحكومية المكلفة بالتجهيز والوكالة الوطنية للموانئ، بتنسيق مع السلطة الحكومية المكلفة بالميزانية، القيام بدراسات متعلقة بالبنيات التحتية المينائية التي يحتاجها قطاع الهيدروجين الأخضر مع تقييم التكلفة وخطط التمويل.
وستتولى كل من السلطة الحكومية المكلفة بالماء والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، بتنسيق مع السلطة الحكومية المكلفة بالميزانية، مسؤولية تحديد معالم الاندماج من خلال تقييم احتياجات مشاريع الهيدروجين الأخضر، في إطار عرض المغرب، من المياه المحلاة ومحطات تحلية المياه المتوفرة والمستقبلية، وكذا الكلفة وخطط التمويل.
علاوة على ذلك، تتولى كل من السلطة الحكومية المكلفة بالتجهيز والماء والطاقة والمكتب الوطني للهيدروكاربونات والمعادن، بتنسيق مع السلطة الحكومية المكلفة بالميزانية، مسؤولية القيام بالدراسات المتعلقة باستعمال تجاويف الملح الخاصة بتخزين الهيدروجين الأخضر، مع تقييم الكلفة وخطط التمويل. فيما تتولى السلطة الحكومية المكلفة بالصناعة والتجارة مسؤولية تقييم مؤهلات الاندماج الصناعي المحلي في المغرب حول قطاع الهيدروجين الأخضر.
4ـ الإجراءات والتدابير التحفيزية الواردة في عرض المغرب
اعتمدت المملكة المغربية إطارا واضحا لتحفيز الاستثمار من خلال الميثاق الجديد للاستثمار، خصوصا فيما يتعلق بأنظمة دعم الاستثمار، حيث يوفر الميثاق الجديد للاستثمار أرضية مهمة لضمان نجاح تنفيذ عرض المغرب.
ويمكن لحاملي مشاريع الهيدروجين الأخضر المندمجة في إطار عرض المغرب طلب الاستفادة من التحفيزات المنصوص عليها في الميثاق الجديد للاستثمار. كما يمكن لحاملي المشاريع الاستثمارية المنجزة بناء على منطق الاندماج الصناعي المحلي لقطاع الهيدروجين الأخضر في المغرب، سواء تعلق الأمر بالاندماج الأفقي أو الاندماج العمودي الاستفادة من التحفيزات المنصوص عليها في الميثاق الجديد للاستثمار.
وعلاقة بالتحفيزات الضريبية والجمركية، يجوز للمستثمرين الاستفادة من تحفيزات ضريبية وجمركية في إطار عرض المغرب لاسيما الإعفاء من رسوم الاستيراد والإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة للسلع التي يتم اقتناؤها محليا والسلع المستوردة، فضلا عن الاستفادة من التحفيزات المنصوص عليها في الميثاق الجديد للاستثمار.
5ـ عملية انتقاء المستثمرين وإبرام عقود مع الدولة
سيكون على المستثمرين الراغبين في تطوير مشاريع مندمجة للهيدروجين الأخضر فوق تراب المملكة، في إطار عرض المغرب، تقديم عروضهم لدى الوكالة المغربية للطاقة المستدامة بصفتها نقطة ارتكاز لتنسيق عرض المغرب.
وبالنسبة للمستثمرين الذين سبق لهم تقديم مشاريع للسلطات الحكومية المعنية، أو حتى ممن حصلوا على تراخيص لإجراء الدراسات الميدانية، ستقوم الوكالة، بتشاور مع السلطة الحكومية المكلفة بالاستثمار، بالاتصال بهم من أجل إدماجهم ومواكبتهم.
وتستند عملية تقييم العروض على مجموعة من المعايير المتعلقة بالقدرة المالية للمستثمرين وخبرتهم في مختلف حلقات سلسلة قيمة الهيدروجين الأخضر والطاقة، وتصور مشاريعهم في المغرب وآثارها الإيجابية على المملكة وغيرها. قبل إجراء الدولة مفاوضات أولية مع المستثمرين المنتقين، وفي حال اتفق الطرفان سيتم إبرام عقد ابتدائي لحجز العقار الذي سيحدد التزامات كل طرف.
وأوضحت معطيات المنشور أنه من اللازم أن يقدم العقد الابتدائي لحجز العقار رؤية واضحة للمستثمرين ليتمكنوا من إجراء جمع الدراسات الضرورية، وذلك حتى الانتهاء من دراسات التصميم والهندسة الأولية القبلية مع تأمين مصالح الدولة.
إلى ذلك تحدد الاتفاقية الخاصة بالدراسات المتقدمة التزامات كل طرف خلال مرحلة الدراسات المتقدمة، لاسيما تخصيص الدولة للبقعة الأرضية وتوفير بياناتها، إلى جانب الشروط التي يتعين على المستثمر الامتثال لها من أجل الإسناد النهائي للعقار في حالة الموافقة على “قرار استثمار نهائي”.
أما بالنسبة للمستثمر فيجب عليه تقديم برنامج للدراسات المتقدمة “التصميم والهندسة الأولية”، زيادة على كيفيات شغل البقع الأرضية والآثار الإيجابية لمشروعه الاستثماري على مستوى خلق فرص الشغل وقيمته المضافة للمملكة.
6ـ حكامة قطاع الهيدروجين الأخضر
إن نجاح عرض المغرب رهين بوضع مسار مبسط للمستثمرين، من أجل ضمان منهجية واضحة لهم ومنحهم رؤية متكاملة وشاملة في سبيل تنفيذ مشاريعهم، حيث تم منح الوكالة المغربية للطاقة المستدامة دور نقطة ارتكاز ومُحاوِر أساسي للمستثمرين.
وتتولى الوكالة مهام التواصل مع المستثمرين بخصوص عرض المغرب، واستقبال الشركات الراغبة في الاستثمار في الهيدروجين الأخضر وإطلاعها على المعلومات وتوجيهها، وربط الاتصال بين المستثمرين والقطاعات الوزارية والمؤسسات والمقاولات العمومية المعنية، إلى جانب ضمان التنسيق مع الولاة والعمال بشأن تخصيص القطع الأرضية.
كما تضطلع الوكالة بمواكبة المستثمرين بمعية السلطة الحكومية المكلفة بالطاقة والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، وإحالة ملفات المستثمرين على لجنة الاستثمار المكلفة بالهيدروجين الأخضر، فضلا عن تتبع المستجدات التنافسية والتكنولوجية للقطاع لدعم التنافسية التقنية للمشاريع وتقديم اقتراحات بخصوص الإطار التشريعي والتنظيمي بناء على درايتها بمشاريع المستثمرين والأسواق والمؤسسات على الصعيد الدولي وغيرها.
بالإضافة إلى ذلك، سيتم تتبع تنفيذ عرض المغرب من قبل الدولة من خلال لجنة القيادة المكلفة بالهيدروجين الأخضر، وتساعد هذه اللجنة في عملها لجنة الاستثمار المكلفة بالهيدروجين الأخضر، وتتحمل لجنة القيادة المكلفة بالهيدروجين الأخضر التي يترأسها رئيس الحكومة مسؤولية إدارة وتتبع تنفيذ الإجراءات والتدابير الواردة في المنشور.
كما تترأس السلطة الحكومية المكلفة بالاستثمار لجنة الاستثمار المكلفة بالهيدروجين الأخضر التي تتولى اقتراح توصية متعلقة بعرض المغرب على لجنة القيادة ومد هذه الأخيرة بمقترح انتقاء أولي للمستثمرين الذين يمكنهم الاستفادة من الإجراءات الواردة في إطار عرض المغرب، زيادة على تتبع التقدم المحرز في مختلف أوراش تنفيذ عرض المغرب، وضمان تتبع مختلف الأوراش الفرعية، وقيادة المفاوضات مع المستثمرين وكذا اقتراح أي توصية أو إجراء كفيل بتعديل عرض المغرب.