يشكل المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب (سيام)، موعدا دوليا فريدا، ما فتئ يؤكد على امتداد دوراته على موقع المغرب كرائد إقليمي، وتنافسيته داخل أهم أسواق الصناعة الفلاحية.
هذا الحدث الدولي، الذي ترأس صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، الاثنين 22 أبريل، حفل افتتاح دورته الـ 16، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، من 22 إلى 28 أبريل الجاري، تحت شعار “المناخ والفلاحة.. من أجل نظم إنتاج مستدامة وقادرة على الصمود”، يساهم بشكل كبير منذ إحداثه في مختلف التحولات والإنجازات التي تحققها الفلاحة المغربية.
وفي بداية حفل افتتاح الدورة ال 16 لهذا المعرض، الذي تشارك فيه مملكة اسبانيا كضيفة شرف، أشرف صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن على تسليم ثلاث شهادات اعتراف بالعلامات المميزة للمنشأ والجودة لرؤساء مجموعات منتجي المنتوجات المحلية المرمزة خلال موسم 2023 – 2024.
إرادة ملكية راسخة لتحديث الفلاحة الوطنية
وفضلا عن حمولته التاريخية، يعتبر هذا الحدث إشارة قوية من جانب صاحب الجلالة الملك محمد السادس للنهوض بالقطاع الفلاحي وعصرنته. كما يروم هذا الموعد الهام، الذي ينظم تحت الرعاية السامية لجلالة الملك، إعطاء دينامية قوية لدور الجهات في النهوض بمؤهلاتها لاستقطاب الاستثمارات الضرورية للتنمية.
وتتطلب التحديات التي يتعين على المغرب رفعها والرهانات التي يفرضها سياق العولمة، بذل جهود إضافية لتحديث القطاع الفلاحي وإدماجه في محيطه الاقتصادي الوطني والدولي.
ويشكل المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب، الذي ينسجم مع الرؤية الملكية السامية من أجل فلاحة مندمجة ومرنة في سياق يتسم بندرة التساقطات وشح المياه والتغيرات المناخية، منصة ملائمة للتبادل والتتبع المكيف مع مواكبة شركاء المملكة في التنمية المشتركة للمشاريع المرتبطة بالأعمال التجارية الفلاحية، وفق مقاربة مستدامة ومحترمة للإنسان والتربة، والتنوع البيولوجي.
موعد هام للفلاحة المغربية والإفريقية
وعلى مر السنين، تمكن المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب من الابتكار والتطور وتعزيز سمعته لدى المهنيين في مجال الصناعة الغذائية، معززا بذلك مكانته كموعد لا محيد عنه لدى العموم والجهات الفاعلة في سلسلة القيمة الفلاحية.
ويوفر هذا الحدث، الذي ترسخ بشكل كامل في الأجندة الوطنية، اليوم للفاعلين في القطاع، منصة للتواصل واللقاء والتبادل.
وسبق لوزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي أن أكد، أن الدورة الـ16 للمعرض الدولي للفلاحة بالمغرب ستشكل منصة للتبادل والعمل من أجل نظم إنتاج مستدامة ومرنة في سياق يتسم بالتغيرات المناخية.
وأبرز في تصريحات أدلى بها مؤخرا، أن المعرض يُعدّ منصة فريدة للتبادل والتواصل حول رؤية واستراتيجية التنمية الفلاحية بالمملكة، ويشكل مناسبة سانحة للالتقاء مع مختلف الشركاء الوطنيين والدوليين.
وبخصوص الجانب التنظيمي، تؤكد الأرقام المحققة على مدار 16 سنة الأثر الإيجابي جدا للمعرض بالإضافة إلى الانخراط الحقيقي للعارضين والعموم، الذي يتزايد عددهم تدريجيا سنة تلو الأخرى.
وبمعدل وفاء معبر للغاية من طرف العارضين، وارتفاع مهم لمشاركة القطب الدولي، مع حضور قرابة 70 دولة وأكثر من 1500 عارض، يساهم المعرض في إشعاع الفلاحة والصناعة الغذائية الوطنية سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي.
وبات يساهم المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب في نسخته السادسة عشرة، باعتباره مرجعا افريقيا ودوليا في مجاله، في إنشاء محور صناعي واقتصادي حقيقي بين أوروبا وأفريقيا.
ويشكل هذا الحدث، بالنسبة للمنظمين، فرصة لخلق فضاء واعد يمكن أن يشكل منصة من أجل سياسة فلاحية فعالة تقوم على تشجيع الاستثمارات في المجال الفلاحي، والتعبئة الرشيدة للإمكانات وعوامل الإنتاج من أجل مواجهة تحدي النمو الديمغرافي الذي يعرفه المغرب والتحديات التي فرضتها العولمة.
ويظل الهدف من هذا الملتقى، دعم سياسة فلاحية قادرة على الحفاظ على مكتسبات المغرب من حيث الإنجازات والتجهيزات، تقوم على الاستغلال الأمثل لخصائص التربة بكل منطقة من أجل تحسين الإنتاجية في قطاعات الفلاحة والصناعة الغذائية الأكثر تكيفا مع إمكانياتها ومواردها الطبيعية
من مخطط المغرب الأخضر إلى “الجيل الأخضر”
حققت الفلاحة المغربية باعتبارها العمود الفقري للاقتصاد الوطني، خلال ستين سنة، تقدما ملحوظا شمل بشكل عملي كل الإنتاجات الحيوانية والنباتية، وكذا هيكلة القطاعات.
ومنذ إطلاق أول استراتيجية فلاحية بالمغرب، “مخطط المغرب الأخضر (2008-2018)”، تضاعف كل من الناتج المحلي الإجمالي الفلاحي والصادرات الفلاحية، مما أحدث أثرا إيجابيا على مداخيل الفلاحين واستثماراتهم وميزانهم التجاري.
كما ساهمت هذه الدينامية في النمو الاقتصادي الوطني حيث ارتفعت مساهمة الفلاحة في نقاط نمو الناتج الداخلي الخام من7 بالمائة خلال العقد 1998-2008 إلى 17 بالمائة خلال العقد 2008-2018، وهكذا نجح القطاع الفلاحي في مواجهة التحدي المتمثل في الاضطلاع بدور محرك في الدينامية الوطنية.
بعد ذلك تم إطلاق استراتيجية “الجيل الأخضر 2020-2030” من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في 13 فبراير 2020، من أجل تطوير القطاع الفلاحي بهدف إدماجه في دينامية التجديد المبنية على رؤية طموحة ومشتركة قادرة على المساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي يريدها جلالة الملك.
وتعتمد هذه الاستراتيجية الطموحة على ركيزتين، أولهما إعطاء “الأولوية للعنصر البشري” وتنطلق من مبدأ أن تنمية العنصر البشري شرط لا محيد عنه لمواصلة عصرنة القطاع وتعزيز مكتسباته، فيما تهم الركيزة الثانية “استدامة التنمية الفلاحية”، عبر تدعيم مكتسبات مخطط المغرب الأخضر، مع إجراء خطوة هامة فيما يتعلق بالجودة والتقنية.