أكد رئيس الحكومة عزيز أخنوش أن الحكومة أَولَت عناية خاصة للانفتاح الاقتصادي باعتباره خيارا استراتيجيا لا رجعة فيه، ومواكبته بكل آليات الدعم التي تستهدف إرساء بيئة ملائمة قادرة على دعم النمو وتحفيز الاستثمارات.
وقال رئيس الحكومة، متحدثا خلال جلسة عمومية بالبرلمان، الاثنين 4 نونبر 2024، حول موضوع “محورية قطاع التجارة الخارجية في تطور الاقتصاد الوطني”، إن بلادنا وعلى غرار باقي دول العالم عانَت من الصدمات الاقتصادية المتتالية، إلا أن المملكة أظهرت قدرة كبيرة على الصمود في وجه التقلبات الظرفية، ما مكنها من تحقيق نسبة نمو مهمة بلغت 3.4% سنة 2023، مع تسجيل متوسط معدل نمو خلال الثلاث سنوات الأخيرة يقارب %4,4. كما تم تسجيل انخفاض ملحوظ في معدلات التضخم حيث بلغت 1.1% خلال التسعة أشهر الأولى من سنة 2024، مقابل 6.1% في متم سنة 2023، وهو معدل منخفض بالمقارنة مع معظم الدول المجاورة.
وأبرز أخنوش أنه وعلى الرغم من كل التحديات التي تواجهها الحكومة، فإنها قادت بكل حزم وإرادة، مسيرة استثنائية للتّكيف مع المتغيرات المتسارعة في السوق الدولية، وهو ما ساهم في تعزيز السيادة الوطنية في مجموعة من القطاعات الاستراتيجية استجابة للتوجيهات الملكية السامية، حيث تمكّنت الصادرات المغربية من مواصلة مسارها التصاعدي بقيمة إجمالية تقدر بـ 331 مليار درهم إلى متم شتنبر 2024 بزيادة % 5.3، أي +16 مليار درهم مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2023.
وعزا رئيس الحكومة الأمر إلى ارتفاع الطلب على المنتجات المغربية في الأسواق الدولية، مما يعكس جهود المملكة لتعزيز صادراتها والذهاب بعيدا نحو تحقيق التوازن في الميزان التجاري، وكذلك بفعل الإمكانات الهائلة التي بات يوفرها قطاع صناعة السيارات وقطاع صناعة الطيران ببلادنا.
ولفَتَ إلى أن سنة 2023 كانت سنة استثنائية بالنسبة لقطاع السيارات بالمغرب، حيث استعاد مكانته الريادية كأول قطاع تصديري، وذلك من خلال تحقيق ارتفاع مهم في صادراته سنة 2023 تجاوزت 28%، بزيادة تقارب 33 مليار درهم مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2022. كما تم تسجيل ارتفاع مهم في نسبة صادرات السيارات خلال الـ 9 أشهر الأولى من سنة 2024 بنسبة 7% تقريبا لتصل إلى 115.4 مليار درهم.
وأمام هذا التفوق المغربي في مجال صناعة السيارات، سجل رئيس الحكومة باعتزاز كبير، الطّفرة النوعية التي يعرفها قطاع الطيران ببلادنا والذي استفاد خلال السنوات الماضية من الإمكانات التي توفرها المملكة، خاصة وأن عددا مهما من الشركات العالمية منخرطة في هذا المسار الاستراتيجي الذي يقوده صاحب الجلالة في هذا القطاع الحيوي.
وأشار أخنوش إلى تحقيق صادرات صناعة الطيران نتائج مرجعية تبعث على الارتياح، بعدما سجّلت زيادة مهمة بلغت نسبة 3.8% بقيمة 841 مليون درهم سنة 2023. كما واصلت صادرات القطاع مسارا تصاعديا بزيادة قدرها 20% مع نهاية شهر شتنبر 2024، ويُعزى هذا التطور الإيجابي إلى ارتفاع مبيعات فئة التجميع بـ 31%، لتصل إلى 12.9 مليار درهم، وكذا مبيعات نظام ربط الأسلاك الكهربائية.
كما لفت إلى أن صادرات الفوسفاط ومشتقاته سجلت انتعاشا ملموسا بلغ 60 مليار درهم خلال الفترة الممتدة ما بين (يناير- شتنبر 2024) بزيادة 11.3% مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية. وأضاف أن التطور الذي تعرفه سلة الصادرات يظهر أن الاقتصاد المغربي يتجه نحو مزيد من التنوع والتركيب (complexité)، وهو ما يعد محركا قويا للتنمية على المدى الطويل. وبالإضافة إلى ذلك، فإن التركيز على تصدير المنتجات التحويلية التي يصعب استبدالها، مثل السيارات أو الطيران أو المنتجات المشتقة من الفوسفاط، يعزز استدامة وقوة الصادرات المغربية.
وسجل أخنوش أن تمكُّن قطاع النسيج والألبسة من تحقيق ارتفاع مُهم فاق 5% بزيادة 2.2 مليار درهم لتبلغ قيمته الإجمالية أزيد من 46 مليار درهم سنة 2023. كما شهد قطاع الإلكترونيك نُموا في صادراته بلغت نسبة +21% بحوالي 3.2 مليار درهم، وهو تطور يرجع بالأساس إلى ارتفاع مبيعات المكونات الإلكترونية.
وفيما يرتبط بالصادرات الفلاحية والصناعة الغذائية، أوضح رئيس الحكومة أنه بالرغم من توالي سنوات الجفاف وقلة التساقطات المطرية التي تسبّبت في تراجع حجم الصادرات بنسبة 15% سنة 2023، إلا أن قيمَتها حافظت على مستوياتها القياسية متجاوزة عتبة 80 مليار درهم، المسجلة لأول مرة سنة 2022، لتستقر عند 83.2 مليار درهم سنة 2023. وقد بلغت قيمة هذه الصادرات 62.2 مليار درهم عند متم شتنبر 2024، مما يجعل هذا القطاع يحتل الرتبة الثانية للقطاعات المصدرة بالمغرب.
وأفاد عزيز أخنوش أنه سيتم تعزيز هذه الصادرات في المستقبل من خلال إنشاء وحدات جديدة لتحلية المياه، ولاسيما مشروع الداخلة المزمع إنجازه في نهاية عام 2025، والذي سيمكن من زراعة 5.000 هكتار من الأراضي السقوية الجديدة.كما أن التطور المهم الذي عرفته قيمة الصادرات الفلاحية يرجع بالأساس إلى الارتفاع الكبير لأسعار المواد الفلاحية داخل الأسواق الأجنبية، إضافة إلى المجهودات المبذولة في تنويع الأسواق الدولية، وتحسين الجودة التجارية والصحية للمنتوج المغربي بفضل الجهود التي يبذلها الفلاحون المغاربة في هذا المجال.