موقع الحكومة المغربية

محمد ومراد شابان يحلمان بحياة جديدة عقب استفادتهما من الإدماج المهني لذوي الإعاقة الذهنية

يجلُب صناديق الخضراوات على اختلافها، ويُرتب كل نوع في الجهة المخصصة له، انشغالُه في العمل لا يمنعه من رسم ابتسامة عريضة على وجهه وتبادل التحايا مع زملائه داخل المركز التجاري.

 لم يُخفِ محمد، وهو شاب في وضعية إعاقة، فرحَهُ بفرصة العمل التي بدأها في إطار الإدماج السوسيو اقتصادي لفئة الأشخاص في وضعية إعاقة، وهي مبادرة أطلقتها الحكومة المغربية لمواكبة الأشخاص في وضعية إعاقة ذهنية، من أجل إدماجهم بالوسط المهني على الصعيد الوطني، على المدى المتوسط والبعيد، وتعزيز إدماج فئة ذوي الإعاقة الذهنية بالمغرب.

بكثير من الارتياح يتحدث محمد لموقع “حكومة” قائلا: “اندمجت داخل الجمعية واستفدت من التكوين، ساندوني إلى أن حصلت على منصب شغل، أنا أعمل حاليا وأطمح أن أستمر بالعمل وأن أوفر مبلغا من المال يُمكّنني من الزواج وتأسيس أسرة وأن أحظى بأطفال، وأن أساعد والديَّ”.

 أما زميله مراد، وهو شاب في وضعية إعاقة، فأكد أنه خضع لتكوين جيد على مستوى الجمعية واجتهد ودرس، مؤكدا لموقع “حكومة” أن حلمه يتمثل في تقديم المساعدة لوالديه وتكوين أسرته الصغيرة، وفق تعبيره.

 محمد ومراد، شابان من عدد من الشباب المغاربة في وضعية إعاقة، ممن استفادوا من فرصة شغل تفعيلا لاتفاقية شراكة من أجل الإدماج السوسيو اقتصادي للأشخاص في وضعية إعاقة ذهنية، في قطاع التجارة والتوزيع، تم توقيعها في الثامن من يوليوز 2021، من قبل وزير الصناعة والتجارة رياض مزور، ووزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة عواطف حيار، ورئيسة الاتحاد الوطني للجمعيات العاملة في مجال الإعاقة الذهنية نادية عطية، والمديرين التنفيذيين للموارد البشرية في اثنين من كبريات الشركات التجارية.

 وتندرج هذه المبادرة في إطار التوجيهات الملكية السامية لجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، المتعلقة بتحسين ظروف عيش وحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، وتنزيل أهداف النموذج التنموي الجديد، التي تسعى إلى الحد من عدم المساواة الاجتماعية والمجالية ولضمان الحماية الاجتماعية للأشخاص الذين يعانون من الهشاشة.

وزير الصناعة والتجارة رياض مزور، أوضح أن “هذه العملية النموذجية تعكس الرغبة في توفير فرص عمل شاملة ومستدامة للأشخاص من ذوي الإعاقات الذهنية في قطاع التجارة والتوزيع”، وتابع الوزير، “من واجبنا بشكل جماعي، قطاع خاص وقطاع عام، العمل على تأهيل، والإدماج السوسيو مهني ومواكبة الأشخاص في وضعية الإعاقة الذهنية، لإحداث التغيير الإيجابي للتوجيهات الاجتماعية المرتبطة بالإعاقة الذهنية في المغرب”.

وبالإضافة للمجهود الذي تقوم به الحكومة المتعلق بإدماج 7 بالمئة من الأشخاص في وضعية إعاقة في القطاع العمومي، يقوم القطاع الخاص بدوره كذلك، من جهتها، تقول عواطف حيار، وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، متابعة أن دور هذه الأخيرة يتمثل في تقديم جميع التسهيلات من أجل إدماج الأشخاص في وضعية إعاقة بطريقة سلسلة وسهلة كتوفير الولوجيات في حال الحاجة إليها في المحلات التجارية على سبيل المثال.

وأوضحت الوزيرة متحدثة لموقع “حكومة”، أن الحكومة المغربية نظَّمت عن طريق قطاعين هما الوظيفة العمومية وقطاع التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، المباراة الموحدة الخاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة، ووفَّرت 200 منصب والتي تعبر عن 7 بالمائة من المناصب التي توفرت بالقطاع العمومي، مؤكدة أن المباراة مرّت في أحسن الظروف، وأن اللجنة المكلفة بالمباراة تشتغل في المراحل النهائية من أجل توزيع المناصب والناجحين على القطاعات الحكومية.

وأبرزت الوزيرة حيار، أن الحكومة خصَّصت ضمن الميزانية العامة لهذه السنة، 500 مليون درهم، وفاءً بالتزامها في البرنامج الحكومي، ما يشكل ضعف الميزانية المرصودة سابقا للأشخاص في وضعية إعاقة، تم توزيعه على 340 مليون درهم لفائدة الأطفال في وضعية إعاقة للتمكن من التمدرس، وتمويل الجمعيات المشتغلة في المجال.

 “فتحنا بوابة رقمية تسجلت فيها أزيد من 400 جمعية، وحاليا يتمدرس قرابة 23.000 طفل في جميع أنحاء المملكة. كما تم تخصيص 50 مليون درهم للأنشطة المدرة للدخل حيث تم إطلاق منصة رقمية كذلك، وكانت أطر وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة ووكالة التعاون الوطني يشتغلون يدا في يد من أجل تسجيل الأشخاص في وضعية إعاقة ممن يملكون مشاريع، بالإضافة إلى 50 مليون درهم تم تخصيصها للمعينات التقنية،  كالكراسي المتحركة وقواقع الأذن وغيرها”، وفق ما أكدته الوزيرة خلال حوار مع موقع “حكومة”.

من جانبها، قالت مريم رامي يحياوي، مستشارة وزير الصناعة والتجارة، متحدثة لموقع “حكومة” إنه في إطار ولاية الحكومة الحالية، قامت وزارة الصناعة والتجارة، بإطلاق مشروع إدماج مهني للأشخاص في وضعية إعاقة ذهنية، وتم توقيع اتفاقيتين مع شركتين للأسواق الممتازة ووزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة. 

محمد طه بنزكري، مدير الرأسمال البشري بشركة تجارية طرف في الاتفاقية المذكورة، أكد، بدوره، لموقع “حكومة”، أن الاشتغال جِدي من أجل إدماج هؤلاء الشباب في وضعية إعاقة مع المؤسسات المعنية من أجل تفعيل البرنامج، والعمل على إنجاحه حيث تم استقبالهم بكل حفاوة من طرف زملائهم والعمل على تكوينهم وإدماجهم بطريقة فعالة.

وأعرب بنزكري عن أمله في أن تشكل هذه المبادرة قدوة لباقي المقاولات للانخراط في هذا المشروع السوسيو اقتصادي بمنح الشباب في وضعية إعاقة فرصة للشغل.

 بالنسبة للفاعلة الجمعوية صباح زمامة، فإن المبادرة ليست مجرد مشروع للإدماج المهني للشباب فقط، وإنما تروم إذْكاء الوعي لدى المجتمع ولدى الفاعلين الاقتصاديين والسياسيين، وهي الخطوة التي يجب أن يشتغل عليها الجميع حتى يتم تمكين هؤلاء الشباب ومنحهم بعضا من حقوقهم، تختم المتحدثة كلامها.

أخبار ذات صلة