على غرار النجاحات التي حققتها الحكومة في الميدان الاجتماعي، أكد رئيس الحكومة عزيز أخنوش، أن المغرب يعيش تحولا إيجابيا على المستوى الاقتصادي بفضل نجاعة التدابير المتخذة، تحت التوجيهات الملكية السامية، لإنعاش الاقتصاد الوطني وتعزيز صموده أمام التحولات الهيكلية الطارئة على المستوى الدولي.
وأبرز أخنوش، خلال تقديمه الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة أمام مجلسي البرلمان، الأربعاء بالرباط، أن الهزات العنيفة التي لحقت الاقتصاد العالمي، لاسيما تلك المرتبطة بتداعيات كوفيد- 19 وتصاعد التوترات الجيوسياسية، أدت إلى زيادة الضغوط التضخمية بشكل غير مسبوق. وفي سبيل السيطرة على موجة التضخم، قيدت الدول سياساتها النقدية، فتفاقمت تكاليف التمويل، وسارت اقتصادات متقدمة على حافة الركود .
ولأن المغرب ليس بمعزل عن هذا السياق الدولي، فإن هذه الوضعية المقلقة أثرت على الاقتصاد الوطني. يقول أخنوش، إلا أنه بلادنا مع ذلك، أظهرت تجاوبا استثنائيا بفضل الرؤية المستنيرة لجلالة الملك حفظه الله، التي جعلت بلادنا محط إشادة دولية واسعة، حيث تعززت ثقة المؤسسات الدولية في قدرة اقتصادنا على الصمود أمام الأزمات من جهة، ومواصلة الإصلاحات الهيكلية من جهة أخرى. فكما هو الحال مع التدبير النموذجي لأزمة كوفيد- 19، اتخذت بلادنا سياسات عمومية فعالة على المستويين الميزانياتي والنقدي للتخفيف من آثار التضخم المستورد، ساهمت بشكل مباشر في الحفاظ على القدرة الشرائية للأسر والقدرة التنافسية للمقاولات، وأتاحت الفرص المناسبة لتعافي الاقتصاد الوطني.
وأبرز أن هذه التدخلات مكَّنت من عكس المنحى التصاعدي لمعدلات التضخم، بوثيرة أسرع مقارنة بدول أخرى. فبعدما بلغت نسبة التضخم ذروتها في فبراير 2023 بنسبة 10.1%، تراجعت عند 4.9 % و3.6 % على التوالي في يوليوز ونونبر 2023، واستقرت في 0.3 % في فبراير 2024، و0.7% في مارس 2024.
وأوضح أن التدخلات الهادفة للحكومة، أدت إلى تراجع أسعار المواد الغذائية بشكل سريع رغم تداعيات الجفاف الحاد. فبعدما سجلت نسبة20.1% في فبراير 2023، تباطأت إلى 11.7 % و 6.7 % على التوالي في يوليوز ودجنبر 2023، وإلى – 0.4 % في فبراير 2024. لتثبت الحكومة جدارتها في مواجهة التحديات، سواء الراهنة منها أو الموروثة، من خلال إرساء برامج سوسيو-اقتصادية طموحة، دعمتها سياسة ميزانياتية إرادية.
وأضاف رئيس الحكومة أن التعاطي مع الانشغالات الأولوية للمغاربة، يقتضي اعتماد آليات تدبيرية متكاملة، تجعل من المقاربة الاقتصادية حافزا للتنمية الاجتماعية ودعامة لها. حيث توفقت الحكومة منذ بداية الولاية في إرساء حزمة منسجمة من الإجراءات الفورية والموجهة، تقليصا لامتدادات الأزمة على المجالات المتضررة، في مقدمتها التشغيل وحماية القدرة الشرائية، وذلك من خلال:
ـ وضع برامج تشغيل فورية لتقليص تداعيات الأزمة الصحية، مكنت من استرجاع نسب مهمة من مناصب الشغل وتعزيز قابلية الشباب للتشغيل، عبر خلق أزيد من 221.000 فرصة عمل على مستوى برنامج ” أوراش “، بغلاف مالي إجمالي قدره 4,5 مليار درهم. علاوة على برنامج ” فرصة ” الذي مكن من دعم 21.000 من الشباب المقاولين حاملي المشاريع، بغلاف إجمالي يقدر ب 2,5 مليار درهم.
ـ سداد متأخرات الضريبة على القيمة المضافة بقيمة 20 مليار درهم لفائدة المقاولات، خاصة منها الصغيرة والمتوسطة، المتضررة جراء الأزمة الصحية.
ـ وضع برامج استثنائية، بتوجيهات ملكية سامية، بقيمة 20 مليار درهم لمواجهة آثار الجفاف وتأمين تزويد السوق الوطني بالمواد الغذائية ذات الأصل الفلاحي، وضبط تكلفتها الإنتاجية.
ـ ضخ 2 مليار درهم للقطاع السياحي لدعم قرابة 800 منشأة فندقية على مستوى المملكة، مع صرف تعويض شهري صاف قدره 2000 درهم لفائدة 40.000 من العاملين في القطاع السياحي.
ـ دعم المواد الأساسية الأكثر استهلاكا لدى الأسر، عبر رفع نفقات المقاصة لتبلغ قرابة 42 مليار درهم خلال 2022 ثم 30 مليار درهم خلال 2023، عوض 22 مليار درهم خلال 2021.
ـ دعم مهنيي النقل، عبر تخصيص حوالي 8 مليار درهم بين 2022 و 2023، بغية تقليل الضغوط على تكاليف المواد الأولية في مختلف القطاعات.
ـ الحفاظ على استقرار أسعار الكهرباء لمواجهة ارتفاع الأسعار العالمية، بغلاف مالي بلغ 9 مليار درهم خلال سنتين.
ـ تخفيض الضريبة على القيمة المضافة من 20 % إلى 10 % على المنتجات الاستهلاكية والدوائية الأساسية، وتعليق الرسوم الجمركية على القمح لمواجهة ارتفاع أسعارها عالميا، وعلى رؤوس الأغنام لإعادة تشكيل القطيع الوطني.
وأضاف رئيس الحكومة أن الأوراش والاستراتيجيات التي تم إطلاقها خلال المنتصف الأول من هذه الولاية، مطالبة بتحسين صورة المغرب كوجهة إقليمية صاعدة، وتقديم الأجوبة الضرورية لتحديات وأهداف المرحلة، لنكون عند مستوى تطلعات جلالة الملك والمغاربة.
وأبرز أن صادرات السيارات عرفت ارتفاعا مهما بين 2018 و 2023 بنسبة 90 % محققة عائدات بقيمة إجمالية تقدر بـ 142 مليار درهم سنة 2023، مرتفعة بنسبة % 27,4 مقارنة بسنة 2022. وتواصل الحكومة التطلع إلى الرفع من مستوى الإدماج المحلي إلى 80 % ومن الطاقة الإنتاجية إلى مليون سيارة سنويا بحلول 2025.
وأضاف رئيس الحكومة، أن صادرات الصناعات الإلكترونية والكهربائية حققت حصة 24 مليار درهم سنة 2023، بارتفاع بلغ % 78 مقارنة مع سنة 2021. في حين تمكَّنت صادرات صناعة الطيران من بلوغ 22 مليار درهم بزيادة تناهز % 38 مقارنة بسنة 2021. فضلا عن بلوغ الصناعات الكلاسيكية، لاسيما صناعة النسيج والجلد، نسبة صادرات قاربت 46 مليار درهم سنة 2023، بزيادة 27 % عن 2021، حيث ساهم الأداء الجيد لهذه القطاعات في تحسين قيمة الصادرات الصناعية بالثلث في الفترة ما بين 2021 و2023.
في نفس السياق، عرف قطاع السياحة دينامية غير مسبوقة، بفضل المجهود الاستثماري الحثيث للحكومة، يؤكد أخنوش، حيث أن هذا القطاع الذي يمثل 7 % من الناتج المحلي الإجمالي و 40 % من صادرات الخدمات، استفاد من الدعم الاستباقي للدولة لاسترجاع جاذبيته بعد زوال الأزمة الصحية، وتنزيل خارطة طريق جديدة للفترة 2023-2026 لتطوير العلامة السياحية للمغرب، وخاصة عبر إطلاق أزيد من 30 خط جوي جديد والرفع من عدد المقاعد بنسبة %22 مقارنة بسنة 2022، مع تنسيق جهود كافة المتدخلين، للتموقع ضمن أفضل 15 وجهة سياحية عالمية في أفق 2030.
ولفت إلى أن السياحة سجلت سنة قياسية في 2023 بدخول 14,5 مليون سائح، بزيادة 34 % مقارنة بـ 2022. وبذلك تمكن القطاع من تحقيق عائدات مهمة تقدر بـ 105 مليار درهم، بارتفاع يناهز % 12 مقارنة بسنة 2022، وفي سنة 2024، واصل القطاع السياحي مساره التصاعدي، مسجلا في الفترة بين يناير وفبراير دخول 2,1 مليون سائح، بارتفاع قدره % 14 مقارنة بالسنة الفارطة.
وقال إن سقف صادرات الصناعة التقليدية، تجاوز لأول مرة، عتبة المليار درهم سنة 2022، في أفق تحقيق 2 مليار درهم من الصادرات بحلول 2026، مسنودة بالمجهود الحكومي لتعزيز تنافسية القطاع ودعم الحرفيين، لاسيما عبر إحداث السجل الوطني للصناع التقليديين، الذي يضم حاليا 392.000 صانع وتعميم نظام التغطية الصحية الإجبارية AMO على أزيد من 641.000 صانع تقليدي وأسرهم .
وأبرز أخنوش أن الحكومة دأَبت على تعزيز الهيكلة القانونية للقطاع من خلال إعداد الصيغة الأولية لمشروع القانون الإطار للاقتصاد الاجتماعي والتضامني. وعملت على إطلاق مجموعة من البرامج الطموحة لدعم الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، والنهوض به تحفيزا للمقاولة وريادة الأعمال في صفوف الشباب والنساء.
وعلى الرغم من الاضطرابات المناخية والدولية الصعبة التي واجهها القطاع الفلاحي، يوضح رئيس الحكومة، أن استراتيجية ” الجيل الأخضر ” سجلت تحولات انتقالية للفلاحة الوطنية تروم إدماج 350.000 أسرة في الطبقة المتوسطة الفلاحية، وتحقيق الاستقرار لحوالي 690.000 أسرة في أفق 2030. وتدعم الحكومة هذا المجهود من خلال تعميم AMO على 1.4 مليون مستفيد نهاية 2023، مع رفع الحد الأدنى للأجر الفلاحي SMAG بنسبة % 15 خلال سنتي 2022 و2023، ومواصلة تحفيز التشغيل الفلاحي لتحقيق هدف 350.000 منصب شغل جديد في أفق 2030.
وأخذت الحكومة على عاتقها مسؤولية الحفاظ على المكتسبات الكبرى التي أنجزت في إطار مخطط المغرب الأخضر وتحسينها، ويبقى أهمها الرفع من الناتج الداخلي الخام الفلاحي ليبلغ % 13 من الناتج الداخلي الخام، وتحسين نسبة التغطية الوطنية للحاجيات الاستهلاكية، حيث بلغت % 100 بالنسبة للخضراوات والفواكه والدواجن، و % 99 بالنسبة للحوم الحمراء، و 98 % بالنسبة للحليب، إضافة إلى تحسين النجاعة المائية عبر الحفاظ وتثمين 2 مليار مكعب من المياه.
وبذلك، تعمل الحكومة على واجهتين متكاملتين، تتمثل الأولى في التصدي للتداعيات والإكراهات الآنية عن طريق اتخاذ إجراءات استعجالية، للحد من تأثير الاضطرابات المناخية والاقتصادية على المنظومة الغذائية الوطنية. من خلال اتخاذ تدابير استثنائية وجمركية للحفاظ على استقرار الأسعار وتموين السوق الوطني. فيما تهم الثانية رسم المسارات الانتقالية للفلاحة المغربية لضمان السيادة الغذائية في أفق سنة 2030، عبر تنزيل الاختيارات الكبرى لاستراتيجية الجيل الأخضر.
وتثمينا لقطاع الصيد البحري، أفاد أخنوش أن الحكومة أطلقت عدة تدابير لمواكبته، ما مكَّنه من تحقيق إنتاجية قدرها 1.42 مليون طن سنة 2023 بارتفاع نسبته 11% مقارنة مع سنة 2022، وبقيمة إجمالية تقدر ب 15,3 مليار درهم.
وزاد أن الأنشطة غير الفلاحية مكنت من خلق فرص شغل صافية بلغت 116.000 منصب، كمتوسط سنوي خلال سنتي 2022 و2023، على الرغم من القيود الاقتصادية المسجلة، وهو معدل يبقى أعلى من متوسط صافي المناصب المحدثة في الفترة 2010-2015 التي لم تتجاوز 58.000 منصب، في حين استقرت عند 66.000 بين سنتي 2016-2021.