أكد شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، أن التعليم من أهم أُسُس بناء المجتمع المغربي المرتكز على الإنصاف وتكافؤ الفرص. لافتا إلى أن الوزارة بلورت “خارطة الطريق 2022-2026، من أجل مدرسة عمومية ذات جودة للجميع”، والتي تهدف إلى إرساء نموذج جديد لتدبير إصلاح التعليم.
وأبرز الوزير متحدثا خلال لقاء “مقهى المواطنة” المنظم من طرف حركة “المواطنون”، بمدينة طنجة، أن الوزارة وضعت خارطة الطريق بعد مشاورات استمرت عدة شهور، وعرفت مشاركة قرابة 100 ألف من الأطراف المعنية، من أولياء التلاميذ وتلاميذ وتلميذات وأساتذة وفعاليات المجتمع المدني وسياسيين ومنتخبين.
الانطلاقة، كانت من تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، يقول وزير التربية الوطنية، والذي كشف تدني مكتسبات التلاميذ في التعلمات الأساس المتعلقة بالكتابة والقراءة والحساب، حيث أن أزيد من ثلث التلاميذ لا يتوفرون على الكفايات اللازمة التي تضمن مواصلتهم تعليمهم الدراسي.
وأكد أن الدولة نجحت في تعميم التعليم ولكن عند تمحيص الجودة نلاحظ الفرق بين ما تطمح له الوزارة وبين واقع التلاميذ ومستواهم، الأمر الذي أدَّى إلى انخفاض شديد في ثقة المواطن المغربي تجاه المدرسة العمومية، ما جعل مواطنين يتوجهون إلى القطاع الخاص اضطرارا لا اختيارا.
واستحضر الوزير الأهداف الاستراتيجية الثلاثة التي اعتمدتها وزارة التربية الوطنية في أفق 2026، وتتمثل في تعزيز اكتساب المعارف والكفايات الأساسية، وتعزيز التفتح وقيم المواطنة، وتقليص الهدر المدرسي.
وبخصوص الهدف الاستراتيجي الأول، أبرز الوزير أنه من الصعب أن يكون التلميذ مُهيئا للمستقبل وهو غير متمكن أصلا من التعلمات الأساس، مع العلم أن المستقبل متحول بدوره من خلال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيات الجديدة ومهارات وكفايات جديدة.
وذكَّر شكيب بنموسى أن الحكومة حددت أهدافا قابلة للقياس، واعتبرت أن مضاعفة نسبة تمكن التلاميذ من التعلمات الأساسية من 30 بالمائة إلى 60 فالمائة، ستؤسس لتحول جذري ومهم.
وبالانتقال إلى الهدف الاستراتيجي الثاني المتعلق بتعزيز التفتح وقيم المواطنة، أكد الوزير أن المدرسة ليست مكانا لتمرير المعرفة فقط، ولكنها ذات جانب تربوي مرتبط بتطوير كفايات ومهارات أخرى، عبر الأنشطة الموازية التي لها علاقة بالرياضة والثقافة والفنون والمواطنة والحقوق والواجبات وغيرها، وشدد على ضرورة مضاعفة أعداد التلاميذ الذين يستفيدون من الأندية داخل المؤسسات التعليمية.
إلى ذلك، أفاد الوزير أن الدولة أخذت على عاتقها أن يكون التعليم إلزاميا ومجانيا من سن 4 سنوات إلى 16 سنة، وشدد على ضرورة خفض الهدر المدرسي، ومواكبة التلاميذ الذين يغادرون المدرسة وينقطعون لعدة أسباب اجتماعية.
وأبرز الوزير أن الوصول للأهداف المذكورة، يستلزم الاشتغال على 3 محاور أساسية، المحور المرتبط بالتلميذ، ومحور الأساتذة باعتبارهم فاعلين أساسيين، ومحور المؤسسة التعليمية.
وأشار شكيب بنموسى، إلى أن وزارة التربية الوطنية وضعت منهجية ترتكز على التجريب عبر لَمس الأثر على التلميذ داخل القسم الدراسي، مؤكدا على أهمية أن تتبنى بلادنا حلولا مغربية صِرفة، مع مسئولين وخبراء وكفاءات وطنية.
واعتبر الوزير أنه من المهم لمس أثر تلك الحلول على التلاميذ، وأنه انطلاقا من النتائج يمكن الاستفادة من الحصيلة وتقييمها وتوسيع التجربة، معتبرا أن التقييم يساعد في تحسين الفعالية وأثر الإصلاح.
وأبرز أن ثقافة العمل مع كل الأطراف المعنية أمر أساسي بالنسبة للوزارة، وتابع: “إذا لم نمنح الثقة للأستاذ ومؤطري عملية التدريس فلا يمكن أن ننجح”، وحين نضع تقييما للوقوف على مكامن الخلل وأسباب عدم الوصول لبعض الأهداف، وجعله وسيلة لتحسين منهجية الاشتغال من أجل الوصول للنتائج المرجوة.
وأكد الوزير على أن المنهجية تساعد على مواكبة هذا التحول داخل القسم والمؤسسة على الصعيد الإقليمي والجهوي والمركزي، في إطار بناء مشترك، من أجل قياس النتائج وتحليل أسبابها سواء كانت سلبية أو إيجابية، ما يُمكِّن من تحسينها وتطويرها نحو الأفضل.