قال رئيس الحكومة عزيز أخنوش، إن نموذج “مغرب المستقبل”، الذي يتصوره جلالة الملك محمد السادس نصره الله، يتجسد في رسم معالم “مغرب جديد” قائم على التكامل العميق بين مكتسباتنا الوطنية والإرادة الجماعية، وهو التصور الملكي الذي يراهن في نفس الوقت، على استثمار كافة المؤهلات والإمكانات التي تزخر بها المملكة، في سبيل تحقيق إقلاع حضاري وتنموي شامل، وتوطيد دعائم نموذج وطني متفرد، مبني على رؤية استراتيجية مستقبلية طموحة.
وأكد رئيس الحكومة، خلال تقديم عرضه بالبرلمان خلال جلسة شهرية حول موضوع “البنيات التحتية الأساسية رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية”، الاثنين 16 دجنبر 2024، على أن موضوع “البنيات التحتية” يشكل أهم الأولويات التي ارتكز عليها المسار التنموي الذي يقوده صاحب الجلالة، نصره الله، منذ اعتلاء عرش أسلافه المنعمين، وذلك في إطار مشروع مجتمعي طموح وبمنظور واضح وشامل يقوم على التوازن بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية، وعلى ضمان العدالة المجالية.
وأبرز أن المشاريع الاستراتيجية الكبرى للبنية التحتية شكلت أحد أبرز أوجه التحديث والتطوير الذي تشهده المملكة، في عهد جلالة الملك، حفظه الله، ورافعة لكل الاستراتيجيات القطاعية والتنموية الطموحة التي وضعتها بلادنا. وهو ما مكن المملكة من بلوغ المكانة الرائدة التي صارت تحظى بها في هذا المجال قاريا وإقليميا، حيث احتلت بلادنا المركز الأول إفريقياً في مجال تطور البنية التحتية، برصيد 85,8% حسب “مؤشر الحكامة الإفريقية لسنة 2024” الذي صدر نهاية أكتوبر الماضي. كما أصبح ميناء طنجة المتوسط يحتل المرتبة الأولى في حوض البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا كأكبر ميناء للحاويات، وغير ذلك من الإنجازات المحققة في مجالات البنيات التحتية الكبرى والمتنوعة التي تحدد معالم مغرب اليوم والغد.
واستحضر أخنوش بالأرقام ما حققته بلادنا خلال 25 سنة على مستوى إنجاز البنيات التحتية وتحديثها، مبرزا أن المملكة انتقلت من 80 كيلومتر من الطرق السيارة سنة 1999 إلى 1.800 كيلومتر حاليا. كما صار المغرب يحتل المركز 16 عالميا على مستوى كثافة وجودة الطرق بما يناهز 58 ألف كيلومتر، منها 2.164 كيلومترا من الطرق السريعة، مع معدل طرق معبدة يبلغ حوالي 80%، فضلا عن بلوغ 2.309 كيلومترات من خطوط السكك الحديدية، منها 200 كيلومتر من الخطوط السريعة و64% من الخطوط المكهربة.
وأشار إلى أن عدد المطارات انتقل من 15 مطارا سنة 1999 إلى 25 مطارا حاليا، منها 19 مطارا دوليا، موزعة على مختلف ربوع المملكة، إضافة إلى انتقال عدد الموانئ من 24 ميناء سنة 1999 إلى 43 ميناء حاليا، منها 14 ميناء تجاريا متعدد الاختصاصات، و22 ميناء للصيد البحري، و7 موانئ خاصة بالترفيه، فيما ارتفع عدد السدود من 95 سدا سنة 1999 إلى 154 سدا كبيرا حاليا بسعة تفوق 20 مليار متر مكعب.
ولأن تنمية المجال الترابي يظل أحد التوجهات الكبرى للرؤية الملكية المتبصرة، يؤكد رئيس الحكومة، عملت بلادنا على تدارك الخصاص في الولوج إلى البنيات التحتية الأساسية في الصحة والتعليم والكهرباء والماء، سواء من خلال استثمارات قطاعية أو عبر استثمارات من خلال برامج خاصة، من قبيل برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية بالعالم القروي الذي خصصت له ميزانية 50 مليار درهم برسم الفترة 2017-2023، إلى جانب برنامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
وأبرز أنه بفضل هذه الرؤية الملكية المتبصرة في المجالات الاجتماعية وجهود تقليص الفوارق المجالية، انتقل عدد المستشفيات من 112 سنة 1999 إلى 177 سنة 2024، بزيادة قدرها %58. كما انتقل عدد مؤسسات الرعاية الصحية الأولية من 2.138 إلى 3.066 خلال نفس الفترة، أي بزيادة قدرها 143%. كما ارتفع عدد المؤسسات التعليمية من 7.455 مؤسسة سنة 1999 إلى 12.133 مؤسسة سنة 2024، أي بإحداث 4.678 مؤسسة خلال هذه الفترة، منها 62% بالوسط القروي، وانتقل عدد المؤسسات الجامعية من 73 مؤسسة برسم السنة الجامعية 1999-2000 إلى 162 مؤسسة برسم السنة الجامعية 2024-2025، في حين ارتفع عدد المؤسسات التابعة لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل من 185 مؤسسة سنة 1999 إلى 474 مؤسسة سنة 2024، كما تم افتتاح 7 مدن للمهن والكفاءات حاليا على مستوى 7 جهات.
وأفاد رئيس الحكومة أن برنامج “مدن بدون صفيح” مكّن من تحسين ظروف عيش ما يناهز 347.277 أسرة، ومن إعلان 61 مدينة بدون صفيح من أصل 85 مدينة.
أما على صعيد البنيات التحتية المجالية، يقول أخنوش، فمَكّنت تدخلات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من تأهيل 8.200 كيلومتر من المسالك والطرق، واستفادة 230.000 أسرة من الماء الصالح للشرب مع ربط 60.000 مسكن بشبكة الكهرباء، وتأهيل 519 مركز صحي.
وأشار أخنوش إلى أن برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية الموجه أساسا لتنمية المناطق القروية والجبلية ساهم في إحداث وتهيئة 20.864 كيلومتر من الطرق والمسالك، و222 منشأة فنية، و 3.940 عملية تشييد وإعادة بناء وتوسعة للبنيات التحتية التعليمية، و 713 عملية صيانة وتأهيل للبنيات التحتية التعليمية، و 194 عملية تجهيز للمؤسسات التعليمية، و 921 عملية بناء وإعادة بناء وتوسعة وصيانة للبنيات التحتية الصحية، و867 عملية تجهيز للمؤسسات الصحية، إلى جانب إطلاق 734 منظومة للتزويد بالماء الشروب، تم إنجاز 683 منها، وإطلاق 38.403 عملية للربط الفردي والمختلط وعبر النافورات، أُنجزت منها 30.722، وتوسيع شبكة الماء الصالح للشرب بحوالي 1.092 كيلومتر، وكهربة 1.135 قرية، وتمديد الشبكة الكهربائية على طول 1.070 كلم.
وأكد رئيس الحكومة عزيز أخنوش، أن تزامن الولاية الحكومية الراهنة مع الرؤية الملكية السامية لبناء “مغرب المستقبل”، جعل منها ولاية تأسيسية بامتياز على المستوى الإصلاحي، وهو ما يَعدُ بعشرية تنموية فارقة في تاريخ بلادنا، تقوم على ترسيخ أسس الدولة الاجتماعية ونهضة اقتصادية قادرة على خلق القيمة المضافة العالية وإتاحة المجال للمبادرة المقاولاتية وتحفيز الاستثمار.
وأبرز رئيس الحكومة، أن هذه الاستراتيجية التنموية بعيدة المدى، تراهن الحكومة على أن تستكمل أهدافها الكبرى في أفق 2030، باعتبارها فرصة تاريخية للتسريع بتحقيق هذا التحول النوعي في نموذجنا الاقتصادي. وهو ما باشرت الحكومة بتنفيذه بكامل المسؤولية، عبر التحديد الدقيق للأولويات الاستراتيجية، وإحداث قطيعة مع كل الاختلالات وسوء الحكامة التي شابت تدبير قطاعات عديدة.
وأكد أخنوش أنه منذ تولي الحكومة المسؤولية، كانت الضرورة ملحة، لمراجعة ضعف المقاربات والحلول الكلاسيكية المعتمدة في فترات تدبيرية سابقة، والتي غاب عنها الوضوح وافتقدت للرؤية اللازمة، ولم تعطي النتائج المرجوة منها، في ملفات عديدة، كإشكالية الإجهاد المائي والاستثمار وتأهيل الرأسمال البشري.
ولهذه الغاية، يؤكد عزيز أخنوش، أن الحكومة عملت على تحفيز الاستثمار الخاص لاسيما عبر إخراج ميثاق الاستثمار الذي من شأنه أن يُعطي دفعة ملموسة على مستوى جاذبية بلادنا للاستثمارات الخاصة الوطنية والأجنبية، عبر مختلف التحفيزات التي يقدمها، موازاة مع الإصلاحات التي اتخذَتها فيما يخص مناخ الأعمال.
من جانب آخر، أشار أخنوش أنه بالرغم من تحدي استعادة التوازنات المالية التي تفاقمت نتيجة أزمة “كوفيد”، فإن الحكومة كانت مصرة على رفع مجهود الاستثمار العمومي بشكل غير مسبوق، حيث ارتفع من 230 مليار درهم سنة 2021، إلى 335 مليار درهم سنة 2024 (و340 مليار درهم برسم مشروع قانون المالية لسنة 2025).
وأبرز أن الحكومة حرصت من خلال هذا المجهود الاستثماري على مواكبة مختلف الاستراتيجيات القطاعية، وعلى سبيل المثال:
- استراتيجية الجيل الأخضر: حيث تم الرفع من الميزانية المخصصة للقطاع الفلاحي من 15,3 مليار درهم سنة 2021، إلى 19,5 مليار درهم سنة 2024 (و20,2 مليار درهم برسم مشروع قانون المالية لسنة 2025)؛
– الاستراتيجية السياحية: عبر الرفع من الميزانية المخصصة للقطاع السياحي من 1,3 مليار درهم سنة 2021 إلى 1,6 مليار درهم سنة 2024 (و2,6 مليار درهم برسم مشروع قانون المالية لسنة 2025)؛
– المغرب الرقمي: حيث ارتفعت الميزانية المخصصة للقطاع من 91 مليون درهم سنة 2021 إلى أزيد من 2 مليار درهم سنة 2024 (وأزيد من 2 مليار درهم برسم مشروع قانون المالية لسنة 2025).