منذ توليها المسؤولية، سارعت الحكومة الحالية إلى اعتماد عدة إجراءات تتوخّى تخفيف العبء عن الأسر والتحكم في التضخم ودعم المواد الأساسية، وذلك من أجل مواجهة تداعيات الأزمات العالمية، المتمثلة في الزيادات المتتالية في أسعار المواد الطاقية والمواد الأكثر استهلاكا، إذ تركِّزت جهود الحكومة بهذا الصدد على تخصيص دعم إضافي لبعض المواد الأساسية، والتي تهمّ بالخصوص الدقيق والسكر وغاز البوتان، وكذا الدعم المُخصَّص لمهنيي النقل للحد من آثار ارتفاع أثمنة المحروقات على أسعار المواد والبضائع وتنقل الأشخاص.
ولولا تدخل صندوق المقاصة بدعم قيمته 22 مليار درهم، لكانت قنينة الغاز ستكلف المواطن 137 درهما بدلا من 40 درهما، وبفضل مجهودات الدولة لدعم واردات القمح بميزانية تتجاوز 8,5 ملايير درهم، تم الإبقاء على سعر الخبز عند 1.20 درهم، وبميزانية تناهز 5 ملايير درهم، تم دعم مهنيي النقل، مما حافظ على مصدر عيش هذه الفئة وساهم في استقرار أسعار النقل.
بالإضافة لذلك، وحرصا منها على استقرار تسعيرة استهلاك الكهرباء، تحملت خزينة الدولة جزءا كبيرا من تكلفة فاتورة إنتاج الكهرباء، حيث إن كلفة كل 100 درهم مسجلة في فاتورة كهرباء تبلغ حقيقة 175 درهما، ودعما للقدرة الشرائية، خصصت الحكومة 5 ملايير درهم من الاعتمادات الإضافية التي فتحتها نهاية 2022، لدعم ميزانية المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب.
كما تجاوبت الحكومة مع التحديات الاقتصادية المطروحة جراء الارتفاع العالمي للأسعار وذلك بتعبئة موارد مالية استثنائية، حيث صادقت على مشروع مرسوم يتعلق بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على البذور الزيتية والزيوت الخام، وذلك لمواجهة الزيادات التي عرفتها أسعار زيوت المائدة، التي يستورد المغرب 98 في المائة من موادها الأولية. كما حذفت الحكومة الرسوم الجمركية عند الاستيراد بالنسبة للقمح اللين في الفترة الممتدة من نونبر 2021 إلى غاية أبريل 2022، التي كانت تشكل 550 مليون درهم بالنسبة لخزينة الدولة. هذا إضافة إلى فتح اعتمادات إضافية لفائدة الميزانية العامة، نهاية سنة 2022، تبلغ 12 مليار درهم، لمواجهة تحديات السياق الدولي المضطرب نتيجة استمرار تداعيات جائحة كوفيد-19 وارتفاع الأسعار.
في نفس السياق، عملت الحكومة على ضمان استقرار أثمنة الكتب المدرسية المقررة بمناسبة الدخول المدرسي، حيث لم يطرأ على أسعار الكتب المدرسية أي تغيير خلال الدخول المدرسي 2023- 2022، وذلك بتخصيص آلية لدعم ناشري الكتب المدرسية، تشجيعا للتمدرس ومحاربة للهدر المدرسي وحفاظا على القدرة الشرائية للأسر، وضمانا لتوفر الكتب المدرسية بالعدد الكافي في الدخول المدرسي، إذ تم حصر نسبة الدعم في 25% من السعر المخصص لبيعها، بما قيمته 105 ملايين درهم.
تخفيف آثار الجفاف
واجه المغرب خلال الموسم الفلاحي 2021-2022، موسما جافا لم يشهد مثله منذ ثمانينيات القرن الماضي، حيث أنه منذ شتنبر 2021 وإلى غاية متم شهر غشت 2022، بلغ معدل التساقطات المطرية، ما يناهز 205 ملم، أي بانخفاض قدره 44% مقارنة مع معدل 30 سنة (366 ملم)، و34% مقارنة مع نفس الفترة من الموسم الماضي (309 ملم). بالإضافة إلى تأخرها وضعفها، اتسمت التساقطات المطرية بسوء التوزيع الزمني والمجالي.
وعلى مستوى حقينة السدود الموجهة للفلاحة، لم تتجاوز إلى متم شهر غشت 2022 ما قدره 3,31 ملايير م³ بنسبة ملء تناهز 24% مقابل 37% في نفس الفترة خلال الموسم الفارط. وتميزت كذلك هذه الوضعية المائية بتباين كبير بين الأحواض المائية.
وفي هذا السياق، قامت الحكومة بتتبع دقيق لتطور الوضعية المائية لترشيد موفورات المياه على مستوى الدوائر السقوية مع إعطاء الأولوية لري الأشجار المثمرة والزراعات الدائمة مع تقييد مساحات الزراعات المستهلكة للماء. و للإشارة، بلغ حجم مياه السقي الموزعة خلال الموسم 2021-2022 ما يعادل 1226 مليار م³.
ومع تفاقم أزمة شح التساقطات المطرية، وتنفيذا للتعليمات الملكية السامية لصاحب الجلالة نصره الله، تم وضع برنامج استثنائي للحد من آثار قلة التساقطات على النشاط الفلاحي وتقديم المساعدة لمربي الماشية، بتكلفة إجمالية وصلت 10 ملايير درهم، ساهم في تمويلها صندوق الحسن الثاني ﻟﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ بحصة 3 ملايير درهم.
وقد عملت الحكومة، بتعاون مع جميع الفاعلين، على تنزيل هذا البرنامج الاستثنائي وهمت الحصيلة اقتناء 5 ملايين قنطار من الشعير المدعم لفائدة 1,23 مليون مربي ماشية، بالإضافة إلى 1,62 مليون قنطار من الأعلاف المركبة المدعمة لفائدة 195 ألف مربي أبقار حلوبة. وتم إطلاق شطر آخر من هذا البرنامج نهاية شهر أكتوبر 2022 لكل من الشعير (665 ألف قنطار) والأعلاف المركبة (477 ألف قنطار) وفقا للموارد الرعوية لكل جهة، وتهيئة وتجهيز 315 نقطة مائية واقتناء 3204 صهاريج بلاستيكية، خاصة بتوريد الماشية.
وتعزيزا للسلامة الصحية للقطيع، تم إطلاق عملية تلقيح الأغنام والماعز ضد التسممات المعوية ومعالجتها ضد الأمراض الطفيلية الباطنية والخارجية والتي مكنت إلى غاية 11 أكتوبر 2022 من تلقيح ومعالجة حوالي 12.3 مليون رأس والعملية ما زالت مستمرة. هذا بالإضافة لإطلاق عملية معالجة الإبل ضد الأمراض الطفيلية الباطنية والخارجية، حيث مكنت هذه العملية إلى غاية 11 أكتوبر من معالجة حوالي 42 ألف رأس ولازالت العملية متواصلة لاستكمال باقي التدابير.
مواجهة حرائق الغابات
تفعيلا للتوجيهات الملكية، تم تعزيز أسطول القوات الملكية الجوية بثلاث طائرات من نوع “كنادير”، حيث رصدت الحكومة غلافا ماليا مهما بلغ 290 مليون درهم لمواجهة حرائق الغابات، بشراكة مع السلطات العمومية والترابية بجهة طنجة تطوان الحسيمة، همت بالأساس تأهيل وترميم المنازل المتضررة، فضلا عن إعادة تشجير حوالي 9.330 هكتارا، مع خلق 1000 فرصة عمل إضافية، في إطار برنامج أوراش، لإعادة تأهيل المناطق المتضررة، والتصدي لآثار الحرائق على مربي الماشية والنحل بالمناطق المعنية، وكذا تنفيذ مشاريع متكاملة للتنمية الاقتصادية في المناطق المتضررة، مع تعزيز وسائل الوقاية من الحرائق الجديدة.
كما تهدف الاتفاقية إلى تعزيز وسائل الوقاية من الحرائق الجديدة ومكافحتها، والتخفيف من الآثار الضارة للحرائق على النشاط الفلاحي وعلى فئة الفلاحين، واعادة تنشيط الحياة الاقتصادية والاجتماعية بهذه المناطق.
إنقاذ خلايا النحل
تفاعلت الحكومة مع تداعيات اختفاء النحل في مناطق متفرقة من المملكة، حيث أعلنت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أواخر يناير 2022، عن إطلاق برنامج خاص لفائدة مربي النحل.
وكشفت الوزارة عن تخصيص مبلغ يناهز 130 مليون درهم من أجل اتخاذ الإجراءات الضرورية الرامية إلى دعم مربي النحل المتضررين من ظاهرة “انهيار طوائف النحل”، وأكد وزير الفلاحة محمد الصديقي، أن عدد مربي النحل الذين سيستفيدون من التعويضات عن الخسائر التي لحقتهم بفعل اختفاء خلايا النحل يبلغ 500 مربي.
وفي أكتوبر 2022، أكد الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، أن الحكومة تعتزم إطلاق حملة وطنية لمكافحة داء “الفارواز” لحماية خلايا النحل تشمل حوالي 900 ألف خلية نحل، وذلك بكلفة مالية تقدر بـ30 مليون درهم.
وأشار المسؤول الحكومي، إلى أنه عند الانتهاء من هذه العملية التي ستشرف عليها وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات بتعاون مع المكتب الوطني للسلامة الصحية والمنتجات الغذائية (أونسا)، سيتم المرور إلى المستوى الثاني المتعلق بإعمار خلايا النحل لفائدة المربين، خاصة التي تضررت من مشكل الاختفاء.
وعلاوة على ذلك، أضاف المسؤول الحكومي، أنه سيتم وضع برنامج بغلاف مالي يبلغ 150 مليون درهم لفائدة مربي النحل في مجال التأطير والتكوين، مؤكدا أن هذا البرنامج سيتم تفعيله في جدوله الزمني المحدد وفي ظل احترام دقيق للآجال.