إيمانا من الحكومة بضرورة تفعيل مقومات الديمقراطية التشاركية كالتزام دستوري ثابت، عملت طيلة سنتها الأولى على تعزيز حضور جمعيات المجتمع المدني والنهوض بعملها، حيث تم الاشتغال على إعداد استراتيجية جديدة للفترة ما بين 2022 ـ 2026، تروم تقوية قدرات المجتمع المدني وتعزيز موارده ومشاركته في صياغة وتتبع وتقييم مختلف السياسات العمومية، عبر التطوير التنظيمي والهيكلي والقانوني للجمعيات باعتبارها شريكا أساسيا في التنمية، وتعزيز الشراكة بينها وبين الدولة من خلال تنويع وترشيد الدعم العمومي وتشجيع الرقمنة.
وتفعيلا للتوجيهات الملكية السامية الواردة في خطاب جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، بمناسبة عيد العرش 30 يوليوز 2007 الذي جاء فيه: “… ومهما كانت مشروعية الديمقراطية النيابية التقليدية، فإننا نرى من الضروري استكمالها بالديمقراطية التشاركية العصرية. الأمر الذي يمكننا من الاستفادة من كل الخبرات، الوطنية والجهوية، والمجتمع المدني الفاعل، وكافة القوى الحية للأمة..”، قطعت بلادنا أشواطا كبيرة في سبيل توطيد المجتمع الديمقراطي القائم على المشاركة المواطنة والتعددية والحكامة الجيدة، في إطار مسار تراكمي، بدأ مع أول دستور للمملكة المغربية لسنة 1962 الذي أسس للديمقراطية التمثيلية، وصولا إلى دستور 2011 الذي اعتمد الديمقراطية التشاركية وجعل منها مرتكزا أساسيا لنظامنا الدستوري وآلية فعالة لتعزيز الديمقراطية التمثيلية القائمة على الانتخاب.
في هذا الإطار عملت الحكومة على مواصلة تفعيل المنظومة القانونية للديمقراطية التشاركية لتسهيل آليات المشاركة المواطنة، من خلال تعزيز التكوين في هذا المجال، وتحيين محتوى البوابة الوطنية للمشاركة المواطنةEPARTICIPATION.MA. WWW خاصة عبر إدراج التعديلات المتعلقة بشروط وكيفيات تقديم العرائض أو الملتمسات في مجال التشريع وإصدار مجموعة من الدلائل في هذا الإطار.
ولتعزيز الشراكة بين الدولة والجمعيات وتعزيز الدعم العمومي، تم الشروع في إعداد تقارير سنوية فيما يخص الشراكة بين الدولة والجمعيات برسم سنوات 2019 و 2020 و 2021، فضلا عن الرفع من مستوى الحكامة والشفافية في الولوج إلى المعلومة من خلال بوابة الشراكة مع الجمعيات WWW.CHARAKA.ASSOCIATION.MA كما تم بهذا الخصوص عقد شراكات مع بعض الجمعيات.
الوزارة المنتدبة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان، أعدّت استراتيجية في مجال العلاقات مع المجتمع المدني للفترة 2022-2026 بناء على مختلف توصيات ومقترحات المؤسسات والهيئات الوطنية أُطلق عليها اسم “نسيج” تضم محورين أساسيين ومحورا أفقيا داعما، وتشمل أحد عشر برنامجا من بينها “تشجيع المشاركة المكثفة لجمعيات المجتمع المدني في إعداد وتتبع وتقييم السياسات العمومية”، وآخر يروم “النهوض بالمشاركة المواطنة عبر تنزيل آليات الديمقراطية التشاركية المكملة للديمقراطية التمثيلية”.
بناء على ذلك، أعطى الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس انطلاقة برنامج “تأهيل ومواكبة جمعيات المجتمع المدني” بعمالات وأقاليم جهة الرباط سلا القنيطرة، في الـ 25 نونبر 2022، الرامي إلى تمكين الجمعيات من النهوض بالمساهمة المواطنة عبر آليات الديمقراطية التشاركية على المستويين الوطني والمحلي.
وبالنظر لأهمية الأدوار الدستورية الجديدة المنوطة بالجمعيات، وتبعا للتوجيهات الملكية السامية وتوصيات تقرير النموذج التنموي الجديد والبرنامج الحكومي 2021-2026، أكد الوزير أن الحكومة تولي أهمية خاصة للنهوض بالمجتمع المدني ودعم قدراته ومواكبته من أجل تمكينه من الإسهام بشكل فعال في تحقيق التنمية الشاملة.
بايتاس، أكد خلال كلمته الافتتاحية، أن المجتمع المدني أصبح فاعلا وشريكا أساسيا لا مَحيد عنه في عملية صنع السياسات العمومية وإعداد القرارات العمومية، ورافعة محورية في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وعنصرا أساسيا في البناء الديمقراطي، وحلقة مركزية في تكريس الديمقراطية التشاركية.
ويهدف البرنامج، خلال مرحلته الأولى إلى إحداث قطب مُكوِّنين على مستوى الجهة، عبر تعزيز قدرات الجمعيات في المجالات المتعلقة بالديمقراطية التشاركية للاضطلاع بدورها كشريك أساسي يساهم في إعداد السياسات العمومية وتتبعها وتنفيذها وتقييمها.
ويرتكز البرنامج على محورين أساسيين، يُعنى الأول بتكوين المكونين وتطوير قدراتهم من طرف ثلة من الخبراء المختصين والأساتذة الجامعيين، عن طريق 3 وحدات تكوينية تشمل الديمقراطية التشاركية والرقمنة، وتقنيات التواصل، وتقنيات تعلم الكبار، في حين يروم المحور الثاني تنظيم ندوتين لفائدة الجمعيات التي تم انتقاؤها من أجل مناقشة وطرح مواضيع حول المشاركة المواطنة وآفاق تفعيل آليات الديمقراطية التشاركية بالإضافة إلى الانفتاح والتعرف على التجارب المقارنة بشأن الديمقراطية التشاركية وآليات الحوار.
ومن المنتظر أن يستفيد من البرنامج، 26 جمعية على مستوى جهة الرباط سلا القنيطرة، ستوكل لهم مهمة تكوين ونقل الكفايات والمعارف المتحصل عليها من التكوين إلى جمعيات عمالات وأقاليم الجهة، بُغية إحداث دينامية جمعوية على مستوى الجهة من خلال تعزيز قدرات جمعيات المجتمع المدني وتيسير مشاركتها في تدبير الشأن العام.
جدير بالذكر، أن إعداد استراتيجية “نسيج” تمت بناء على التراكم الحاصل في هذا المجال، وعلى مختلف توصيات ومقترحات المؤسسات والهيئات الوطنية. بالإضافة إلى إنجاز دراسة مقارنة شملت أزيد من 20 دولة عبر العالم، بهدف الاستجابة لانتظارات الحركة الجمعوية.