وضعت الحكومة المغربية خُطة محددة لدعم النشاط الاقتصادي للنساء المغربيات ومحاربة الهشاشة، آخذة بعين الاعتبار تنوع الوضعيات الفردية والأسرية في سائر المراحل العمرية. كما تلتزم بدعم النساء في بحثهن عن التكوين والشغل وتطوير المشاريع بالنسبة للنساء اللاتي أوقفن مسارهن المهني أو الراغبات في تغييره.
وأكد رئيس الحكومة عزيز أخنوش، خلال تقديمه الخطوط العريضة للبرنامج الحكومي في جلسة عمومية مشتركة عقدها مجلسا البرلمان، أن الرفع من معدل مشاركة النساء يعد هدفاً أساسياً في السياسة الوطنية التي تتوخاها الحكومة من أجل التحول الاقتصادي، خدمةً للنمو الاقتصادي القوي والشامل.
رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، سلّط الضوء على التقدم الذي أحرزه المغرب في مجال النهوض بحقوق المرأة، لاسيما خلال العقدين الماضيين، مشيرا إلى أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، ما فتئ، منذ تربع جلالته على العرش، يجري إصلاحات لمنح المرأة المكانة التي تستحقها.
وفي معرض كلمته عبر تقنية التناظر المرئي، خلال افتتاح الدورة الخامسة لمنتدى مغرب اليوم “Morocco Today Forum”، المنعقد تحت شعار “المرأة، فاعل قوي في التنمية بالمغرب”، ذكَّر رئيس الحكومة، بإصلاح مدونة الأسرة سنة 2004، متبوعا بإصلاح الدستور سنة 2011، لافتا إلى أن المرأة أصبحت حاضرة بقوة في المشهد السياسي.
وأشار، أخنوش، إلى أن الحكومة الحالية تضم ست وزيرات، مقابل وزيرة واحدة سنة 2016، مبرزا في ذات السياق، أن تمثيلية المرأة بمجلس النواب، ارتفعت بشكل كبير لتصل إلى 96 نائبة برلمانية سنة 2021، ما يعادل ربع الغرفة الأولى، مقابل 81 نائبة سنة 2016.
وبالعودة إلى الالتزام الحكومي بادرت القطاعات الوصية منذ بداية الولاية الحالية، إلى اتخاذ جملة من التدابير بخصوص تعزيز حضور المرأة في مختلف المجالات العمومية، تمثلت في تحيين البرنامج الوطني المندمج للتمكين الاقتصادي للنساء والفتيات في أفق 2030، لملاءمته مع تقرير النموذج التنموي الجديد في مجال التمكين الاقتصادي للنساء وكذا البرنامج الحكومي، إلى جانب تعبئة خبرة حول إعداد مخطط إجرائي مع تحديد ميزانية التدابير ذات الأولوية للتمكين الاقتصادي للنساء ومخطط للتمويل.
وتنفيذا للتوجيهات السامية للملك محمد السادس من أجل النهوض بوضعية المرأة، حرصت الحكومة على إطلاق “برنامج جسر للتمكين والريادة” لفائدة 36 ألف مستفيدة على الصعيد الوطني، بكلفة إجمالية لهذه المشاريع بلغت 247 مليون درهم، وعلَّق رئيس الحكومة عزيز أخنوش على الخطوة بالقول: “إن التمكين الاقتصادي للنساء مدخلٌ لتحقيق المساواة بين النساء والرجال ورافعة لتحسين المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية لتمكين المرأة، وهو ما من شأنه الرفع من معدلات النمو 1 بالمائة سنويا”.
ويُعد هذا البرنامج لبنة أساسية للاستراتيجية الجديدة “جسر” التي تهدف إلى تسهيل ولوج النساء لسوق الشغل، وتطوير المقاولة النسائية عبر مواكبتهن وتكوينهن على المستوى الترابي من أجل تحسين خبرتهن ومهاراتهن في مجال خلق المقاولة، وتقليص الفوارق المجالية.
كما تدعم الحكومة نشاط النساء في مجالات التكوين وإيجاد شغل يحفظ الكرامة وتطوير المشاريع، عبر دمجهم في الخطة الحكومية لتعميم دور الحضانة وتوفير خدمات المرافقة بالنسبة للمسنين، ما سيمكن من خلق آلاف فرص الشغل للنساء في السنوات المقبلة.
وتسعى الحكومة إلى خلق فرص واعدة للشغل في صفوف النساء خاصة في ضواحي المدن، عبر الاستثمار في برامج تنمية الطفولة المبكرة عبر تطوير إحداث رياض الأطفال دون سن الرابعة بغلاف مالي يصل إلى 250 مليون درهم، فضلا عن دعم الحكومة للنساء الباحثات عن الشغل بسبب توقف مسارهن المهني، عبر دعمهن لتطوير مشاريع جمعوية أو مهنية في إطار برنامج “فرصة”.
في ذات السياق، اعتبرت الحكومة أن النساء، إبان الأزمة الصحية، كنَّ في طليعة من واجهوا التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لإجراءات الحجر الصحي. وأثبتن مرة أخرى أن المجتمع لا يمكن أن يتطور إذا أهمل مساهمة نصف ساكنته، موضحة أنه بذلك سيكون معدل نشاط النساء أحد الانشغالات الكبرى لهذه الحكومة.
وتضع الحكومة خطة محددة لدعم نشاط النساء الاقتصادي ومحاربة الهشاشة، آخذة بعين الاعتبار تنوع الوضعيات الفردية والأسرية في سائر المراحل العمرية، وتلتزم بدعم النساء في بحثهن عن التكوين والشغل وتطوير المشاريع.
وبالنسبة للنساء اللائي أوقفن مسارهن المهني أو الراغبات في تغييره، تتيح الإجراءات المشجعة للنشاط الاقتصادي لآلاف النساء الاستفادة من دعم لتطوير مشاريع جمعوية أو مهنية، ويتخذ شكل مواكبة في إطار برنامج “فرصة”.
أما بالنسبة للنساء العاملات أو الراغبات في العمل، تلتزم الحكومة، ابتداء من سنة 2022 بالتعميم التدريجي لدور حضانة جيدة فضلا عن حلول أخرى لرعاية الأطفال، خاصة في ضواحي المدن، وذلك من أجل استقبال الأطفال دون سن الرابعة.
وبخصوص هذه الأنشطة المتعلقة برعاية الأطفال، ستضع الحكومة دفتر تحملات محدَّدا وستنظم عمليات تفتيش منتظمة لدور الحضانة ضمانا لجودة الخدمات المقدمة. كما ستشجع الحكومة وضع آليات لتقديم خدمات مماثلة في ميادين أخرى تتيح على سبيل المثال تسهيل الحياة بالنسبة للمسنين في البيوت والتي من شأنها خلق آلاف مناصب الشغل في غضون السنوات المقبلة.
وبالنسبة لذوات المسيرات المهنية المتقطعة نظرا لمسؤولياتهن الأسرية، تتعهد الحكومة بفتح مفاوضات مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من أجل التعويض عن فترات المساهمة ونقاط التقاعد وفق سلم يراعي خصوصيات عمل النساء.
أما بخصوص الشابات الراغبات في الالتحاق بسوق العمل، فتتيح فضاءات تشغيل الشباب على الخصوص نشرا أوسع للمعلومات المتعلقة بالفرص المهنية المتاحة، ومن تمَّ خفض كلفة البحث عن الشغل أو التكوين، التي تشكل حاجزا غالبا ما يصعب على الشابات تجاوزه.