موقع الحكومة المغربية

الحكومة المغربية.. أغلبية منسجمة بخارطة طريق متجددة تساير الأولويات وتواجه التحديات

أقـرَّت الحكومـة فـي بدايـة ولايتهـا برنامـج عمـل طمـوح يسـتجيب لتطلعـات المواطنـات والمواطنيـن، ويتوخى امتصــاص تداعيــات الأزمة الوبائيــة العالميــة علــى الظــروف الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا، وتعهــدت بتفعيله على أرض الواقع وتحمل تكاليفه، في إطار من الانسجام والتنسـيق بيـن مكونـات الأغلبية الحكومية.

وشــكَّل ميثــاق الأغلبية الحكوميــة الموقــع عليــه فــي 6 دجنبــر 2021 المنطلــق مــن مرجعيــة وطنيــة ومبــادئ أساسـية مشـتركة وأهـداف اسـتراتيجية متفـق عليهـا، أحــد الآليات المعتمــدة لمصاحبــة تنز يــل البرنامــج الحكومـي وتتبـع تنفيـذه وتقييمـه. كمـا شـكل التفاعـل الإيجابي للحكومــة مــع مختلــف توصيــات مؤسســات وهيئات الحكامة، ذات الطابع الاستشاري أو التقريري، أحــد المرجعيــات التــي اعتمدتهــا الحكومــة مــن أجــل الترسـيخ التدريجـي لمبـادئ الحكامـة الجيـدة وفقـا لمـا نـص عليـه دسـتور المملكـة، ولتجويـد العمـل الحكومي فــي تنزيــل الأوراش التنمويــة الكبــرى التــي انخرطــت فيهــا بلادنا.

وطبعت إكراهات دولية وداخلية حادة النصف الأول من هـذه الولايـة، كان مـن المفتـرض أن تحـد مـن طموحات البرنامـج الحكومـي، أو علـى الأقل أن تبطـئ مـن وتيـرة تنزيـل الحكومـة لالتزاماتها. إلا أن الحكومـة لـم تتـوانَ عــن تنزيــل برنامجهــا الحكومــي علــى الوجــه المطلــوب، وأبانــت عــن قــوة انســجامها وإرادتهــا لمواجهــة الإشكاليات، سـواء الظرفيـة الراهنة منهـا أو الهيكلية الموروثة، واعتمدت مقاربات جديدة لتدبير السياسات العموميـة، تحمـل فـي طياتها حلولا بنـاءة وموضوعية لخدمـة المواطنيـن.

انسجام مكونات الأغلبية

منـذ بدايـة الولايـة الحكوميـة الحاليـة، أسسـت مكونات الأغلبية لتعاقــد سياســي وأخلاقي، مــن أجــل بلــوغ الأهداف المســطرة فــي البرنامــج الحكومــي، الــذي يعكـس الالتزامات الانتخابية للأغلبية، والتـي تتحمـل بإنصـاف وتضامـن تكاليفـه المحتملـة كمـا مكتسـباته المنتظــرة.

وضمانــا للتنزيــل الأمثل للبرنامــج الحكومــي، تعاهــدت مكونــات الأغلبية علــى خــوض تجربــة سياســية جديــدة بثقافـة تدبيريـة مغايرة، وفـق أولويات واضحـة، وأجندة زمنيــة محــددة، وبمنهجيــة جديــدة تقــوم علــى التعــاون البنــاء والاحتــرام المتبــادل بيــن مكونــات التحالــف، وتقطـع مـع أسـاليب الماضـي التـي حالـت دون الارتقاء بمؤسســات التحالــف إلــى هيئــات لصناعــة الحلــول.

كمــا تحلــت كافــة مكونــات الأغلبية الحكوميــة، بقيــم التضامـن الجماعـي والتنسـيق المسـتمر والتكامـل في المهــام والمنجــزات؛ وقــد تجلــت معالــم هاتــه القيــم الإيجابية فـي العديـد مـن المواقـف، مـن قبيـل قضيـة إصلاح منظومــة التعليــم، والتنســيق والتــآزر بيــن الحكومة وأغلبيتها أثناء التصويت على مشاريع قوانين الماليــة، ومشــاريع القوانيــن المتعلقــة بالمنظومــة الصحيــة وبمنظومــة الدعــم الاجتماعي، وغيرهــا مــن المحطـات التـي أثبتـت تماسـك الأغلبية وانسـجامها.

ولــم يكــن مــن اليســير أبــدا، بلــوغ هاتــه الأهداف السياسـية والدسـتورية في هـذا الحيـز الزمنـي القصير، لولا حس المسؤولية الوطنية وروح التشاور والتعاون ونكـران الـذات؛ التـي أبداهـا أعضـاء الحكومـة ومكونـات الأغلبية ومؤسسـاتها التقريرية، قصد تذليل الصعاب وتمهيـد الطريـق نحـو تحالـف حكومـي يخـدم الوطـن.

واليــوم، تؤســس الحصيلــة المرحليــة لهــذا التحالــف لشـرعية إنجازاتـه المحققـة لفائـدة المواطنين والأسر المغربيـة، ضمـن ديناميـة يقودهـا جلالة الملـك نصـره الله، تبتغـي تحقيـق انتظـارات المواطنـات والمواطنين في العيش الكريم ومواجهة مختلف التحديات المركبة التي تواجهها بلادنا، سواء منها الصحية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو التنموية.

إن الحصيلـة المرحليـة للحكومـة تؤكـد بما لا يـدع مجالا للشــك، أن الحكومــة اســتطاعت النجــاح فــي ترســيخ أسـس الدولـة الاجتماعية، إضافـة إلـى ربـح التحديـات والرهانــات التــي واجهتهــا، مــن خـلال الانخراط الكلــي لمختلــف مكوناتهــا فــي كل المبــادرات التنمويــة، دون الارتكان إلـى تدبيـر الأزمات الظرفيـة فقـط، مـا مكنهـا مـن رفع التحدي التنموي، في ظرفيـة اقتصادية صعبة وغيــر مســتقرة.

ولا شـك فـي أن تكامـل القـدرات والأدوار بيـن مكونـات التحالــف الحكومــي، الــذي تتوفــر فيــه عوامــل النجــاح وصناعــة التغييــر المنشــود، تحــت القيــادة الملكيــة الســامية، ســيضاعف مــن منســوب النتائــج الإيجابية لهاتـه الحكومـة، خاصـة وأن كل مكوناتهـا تشـعر بثقـل الأمانة والمســؤولية الملقــاة علــى عاتقهــا فــي هاتــه اللحظــة السياســية المفصليــة، وتــدرك أن الثقــة التــي وضعــت فيهــا مــن طــرف جلالة الملــك ومــن طــرف الشـعب المغربـي، تسـتوجب العمل الجماعـي لتحقيق مــا ورد فــي البرنامــج الحكومــي كامــلا.

التقائية البرنامج الحكومي

تجمــع بيــن مكونــات الحكومــة مســؤولية سياســية تهــدف اســترجاع ثقــة المواطنــات والمواطنيــن، مــن خــلال التزامهــا بمشــروع سياســي وتنمــوي مشــترك، يعكســه البرنامــج الحكومــي، وتحركــه رغبــة جماعيــة تبتغــي الدفــع بالعمــل الحكومــي إلــى تحقيــق الفعاليــة والمردوديــة والجــدوى.

ولعـل أبـرز تجليـات الانسجام والتنسـيق بيـن مكونـات الحكومة تتمثـل فيما تم تحقيقه على أرض الواقع، في ظـرف سـنتين ونصـف مـن الاشتغال مـن مكتسـبات، تتوافـق وأولويـات البرنامـج الحكومـي بمـا يخـدم الأسر المغربيـة.

ومــا كان لهــذه المنجــزات الحكوميــة أن تتحقــق لولا أن الحكومــة أسســت لفلســفة مبتكــرة فــي تدخلاتها، تعتمــد علــى مبــادئ الالتقائية وانســجام السياســات فــي بعدهــا الشــمولي.

هــذه الفلســفة المبتكــرة فــي الاشتغال ظهــرت جليــا علـى سـبيل المثـال، فـي تدبيـر الحكومـة، انسـجاما مـع التعليمــات الســامية لصاحــب الجلالة، لفاجعــة زلــزال الحــوز، حيــث خلقــت لجنــة بين- وزاريــة مكلفــة ببرنامــج إعـادة البنـاء والتأهيـل العـام للمناطـق المتضـررة مـن زلــزال الحــوز، والتــي عقــدت إلــى حــدود اليــوم تســعة اجتماعــا بحضــور مختلــف القطاعــات ا لوزاريــة المتدخلــة، مــن أجــل المواكبــة الحثيثــة لأوراش إعــادة بنــاء وتأهيــل المناطــق المتضــررة.

وتجلــت نفــس المقاربــة التــي تعتمــد التنســيق والالتقائية، فـي برامـج أخـرى علـى غـرار تدبيـر إشـكالية الماء، وبرنامج تقليص الفـوارق الاجتماعية والمجالية، الــذي حققــت مــن خلاله بلادنا نتائــج إيجابيــة بفضــل وضــع آليــة بين-وزاريــة تســهر علــى ضمــان الاندماج القطاعـي والتقائيـة التدخلات بالعالـم القـروي، إضافـة إلـى تنزيـل ورش تعميـم الحمايـة الاجتماعية مـن خـلال إحـداث لجنـة قيـادة مركزيـة يعهـد إليهـا التنسـيق بيـن مختلــف القطاعــات الوزاريــة والمؤسســات المتدخلــة فــي تدبيــر ورش الحمايــة الاجتماعية.

كمـا ظهرت نفس المقاربة في تدبيـر الحكومة لملفات أخرى على غرار التشغيل، والتعليم، والحوار الاجتماعي، والتــي أكــدت فيهــم الحكومــة وفاءهــا لفلســفتها فــي الاشتغال، المبنيــة علــى التنســيق والالتقائية فــي تنزيلهـا لمختلـف السياسـات العموميـة.

ولعـل مـا حققتـه هـذه التجربـة الحكوميـة، مـن تدخلات اســتثنائية لمواجهــة الظرفيــة الصعبــة، وأخــرى ذات طابع هيكلي مستدام، لم تكن لترى النور، لولا تماسك الأغلبية وانســجام مكوناتهــا. وهــو مــا أهلهــا لقيــادة مشــروع مجتمعــي ناجــع يتلاءم مــع انتظــارات الأسر ويهدف إلى توسـيع دائـرة الكرامة والسـلم الاجتماعي.

الحكومة ومؤسسات الحكامة

تحـرص الحكومـة علـى خلـق تفاعـل إيجابـي مـع مختلـف مؤسسـات وهيئـات الحكامة ذات الطابع الاستشاري أو التقريــري، وعيــا منهــا بــأن التكامــل فــي الأدوار فــي إطـار النسـق المؤسسـي العـام للدولـة، يشـكل مدخلا أساسـيا لترسـيخ مبـادئ الحكامـة الجيـدة التـي كرسـها دسـتور المملكـة.

وفـي هـذا الصـدد، تسـهر الحكومـة علـى التفاعـل إيجابـا مــع الملاحظات المضمنــة فــي التقاريــر التــي تصدرهــا مؤسسـات وهيئات الحكامة، والتعقيب عليها وتقديم المعطيات والتوضيحات الضرورية بشأنها. كما تعمل علـى تنفيـذ التوصيـات التـي تصدرهـا والتـي تـروم تجويـد العمـل الحكومـي فـي مختلـف المجالات، لاسـيما فيما يتعلـق بتنزيـل الأوراش التنمويـة الكبرى التـي انخرطت فيهـا الحكومـة. كما تعمل علـى مواكبتها قصد تيسـير إنجازهــا لمهامهــا علــى أكمــل وجــه وفــي احتــرام تــام لاستقلاليتها، وقـد أثبتـت الممارسـة العمليـة أهميـة التجـاوب الفعـال بيــن الحكومــة ومختلــف هــذه المؤسســات والهيئــات.

ففيمــا يخــص المجلــس الأعلى للحســابات، تعمــل الحكومـة علـى تتبـع توصياته فـي مختلـف المجالات، وقد تم في هـذا الإطار إحـداث وحـدة متخصصة على مسـتوى رئاسـة الحكومـة، مـن أجـل التتبـع المنتظـم والمتواصـل للإجراءات المتخــذة لتنفيــذ توصيــات المجلــس مــن طـرف القطاعـات الوزاريـة المعنيـة والأجهزة العموميـة الخاضعـة لوصايتهـا، عبـر إدخالهـا فـي المنصـة الرقميـة التــي أحدثهــا المجلــس الأعلى للحســابات لهــذا الغــرض والتــي تضمنــت 389 توصيــة نفــذت منهــا، كليــا أو جزئيــا، 253، أي بنســبة 65%، ويبقــى تنفيــذ 35% منهــا محفوفــا ببعــض الصعوبــات القانونيــة أو التقنيــة أو الزمنيــة.

كمـا تحـرص الحكومة علـى تعزيـز التواصـل والتعـاون مع الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وتجدر الإشارة فـي هـذا الصـدد إلـى الجهـود الحثيثـة التي تبذلهــا الحكومــة مــن أجــل إرســاء الأسس التشــريعية والمؤسسية للوقاية من الفساد ومكافحته. وقد مكنت هــذه الجهــود مــن تحقيــق العديــد مــن المكاســب، علــى مســتوى تعزيــز فعاليــة الإدارة والرفــع مــن نجاعتهــا، لاسيما مــن خـلال تبســيط المســاطر الإدارية وتســريع التحـول الرقمـي.

وحرصــا مــن الحكومــة علــى تكريــس البعــد الأخلاقي فــي ممارســة الأعمال وخلــق بيئــة مواتيــة للاستثمار ودعــم التنافســية، تــم إدراج قيــم النزاهــة والشــفافية والوقايــة مــن الفســاد كدعامــة أفقيــة ضمــن خارطــة طريــق الاســتراتيجية الجديــدة لتحســين منــاخ الأعمال في أفق سـنة 2026 والتي تم إطلاق 70% مـن المبادرات والمشـاريع التـي تضمنتهـا سـنة 2023 مـع بلـوغ نسـبة إنجازهــا أزيــد مــن 40%.

أما فيمـا يتعلـق بمكافحة غسـل الأموال، فـإن الحكومة، وتنفيــذا للتوجيهــات الملكيــة الســامية، تبــذل جهــودا متواصلة من أجـل الرفع مـن فعالية المنظومـة الوطنية لمكافحـة غسـل الأموال وتمويـل الإرهاب، لاسيما مـن خلال الهيئـة الوطنيـة للمعلومـات الماليـة المحدثـة لـدى رئاســة الحكومــة. وقــد تــم فــي هــذا الإطار، وبتنســيق  تــام مــع جميــع الفاعليــن المعنييــن، إجــراء العديــد مــن الإصلاحات التشـريعية والمؤسسـاتية والتنظيميـة التي تـروم الرفـع مـن مسـتوى التـزام بلادنا بالمعاييـر الدوليـة ذات الصلـة، وتوجـت هـذه المجهـودات بخـروج بلادنا مـن مسلســل المتابعــة المعــززة، أو مــا يعــرف بـ”اللائحة الرماديـة” لمجموعـة العمـل المالـي (GAFI)، وذلـك خـلال أشــغال الاجتماع العــام للمجموعــة المنعقــد بباريــس مـن 20 إلـى 24 فبرايـر 2023. وفيمــا يخــص مؤسســة الوســيط، تتواصــل الحكومــة بشــكل منتظــم مــع هــذه المؤسســة، حيــث تتلقــى التوصيــات المتعلقــة بالشــكايات والتــي بلــغ عددهــا 168 توصيــة ســنة 2022، تــم التفاعــل بشــكل إيجابــي مــع 115 منهــا وتبقــى 53 منهــا محاطــة ببعــض الصعوبــات علــى مســتوى التنفيــذ.

أخبار ذات صلة