أكثر من أي وقت مضى، فرَضَ الورش المجتمعي الضخم لتعميم الحماية الاجتماعية بالمغرب، إصلاحا شاملا وعميقا للمنظومة الصحية مواكبة للتعليمات السامية للملك محمد السادس، نصره الله، عبر إعداد الحكومة المغربية مشروع القانون الإطار المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية وتأهيلها لتكون في مستوى تطلعات المغاربة وتستجيب لانتظاراتهم.
وبتاريخ 13 يوليوز 2022 صادق المجلس الوزاري برئاسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس على مشروع القانون 06 ـــ 22 الذي يتضمن جُملة من الإجراءات تستهدف تقوية المنظومة الصحية وتعزيزها لتستجيب لمختلف التحديات وضمان نجاح الأوراش الكبرى التي انخرط فيها المغرب.
في هذا الصدد، قال خالد أيت الطالب، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، إن مشروع القانون الإطار المتعلق بإصلاح المنظومة الصحية الوطنية يرتكز على دعامات تتمثل أُولاها في تثمين الموارد البشرية خاصة وأن القطاع الصحي بالمغرب يعيش على وقع نقصٍ كبير على مستوى الموارد البشرية سواء تعلق الأمر بالأطباء أو الممرضين.
وزير الصحة أفاد في تصريح لـموقع “الحكومة”، أن الرفع من الأطر الصحية إلى 32 ألف طبيب و65 ألف ممرض ليست بالأمر الهيِّن، لاسيما وأننا مطالبون بمواكبة الحماية الاجتماعية التي يجب تعميمها على المواطنين والمواطنات المغاربة الذين نُريد لهم أن يستفيدوا من خدمات جليلة تعتمد بالأساس على سياسة القُرب.
بالإضافة إلى ذلك، يعتمد القانون الإطار كذلك على دعامة الحكامة الجيدة علاقة بتدبير القطاع سواء استراتيجيا أو على المُستوَيين المركزي والجهوي، يقول أيت الطالب، لافتا إلى أن مجموع الإجراءات الموازية التي تُجسِّد الاتفاقية، وتتعلق بكيفية تكوين عدد مُهم من الأطباء والممرضين في أفق عام 2025، وفق المعايير الموصى بها من طرف منظمة الصحة العالمية (OMS) متمثلة في 25 طبيب لكل 10 آلاف نسمة، إلى جانب إحداث مراكزَ استشفائية جهوية، وإعداد وتنفيذ البرنامج الطبي الجهوي، وتقوية آليات التعاون والشراكة بين القطاعين العام والخاص وغيرها.
وبالعودة إلى الدعامات الأساسية التي يرتكز عليها المشروع الإصلاحي الواعد للقطاع الصحي بالمغرب، فتتعلق باعتماد حكامة جيدة تتوخى تقوية آليات التقنين وضبط عمل الفاعلين وتعزيز الحكامة الاستشفائية والتخطيط الترابي للعرض الصحي، على كافة المستويات الاستراتيجية والمركزية والترابية من خلال إحداث “الهيئة العليا للصحة” و”وكالة الأدوية والمنتجات الصحية” و”وكالة الدم ومشتقّاته”، إلى جانب إحداث المجموعات الصحية الترابية، التي ستتولى على الخصوص، إعداد وتنفيذ البرنامج الطبي الجهوي، وتقوية آليات التعاون والشراكة بين القطاعين العام والخاص.
أما الدعامة الثانية فتتجلى في تثمين الموارد البشرية من خلال إحداث قانون الوظيفة الصحية لتحفيز الرأسمال البشري بالقطاع العام، وتقليص الخصاص الحالي في الموارد البشرية وإصلاح نظام التكوين والانفتاح على الكفاءات الطبية الأجنبية وتحفيز الأطر الطبية المغربية المقيمة بالخارج وحثها على العودة إلى أرض الوطن.
وتتمثل ثالث الدعامات في تأهيل العرض الصحي بما يستجيب لانتظارات المغاربة في تيسير الولوج للخدمات الطبية وتعزيز جاذبية المؤسّسات الاستشفائية والرفع من جودتها، من خلال إصلاح مؤسسات الرعاية الصحية الأولية وتأهيل المستشفيات والتأسيس لإلزامية احترام مسلك العلاجات وإحداث نظام لاعتماد المؤسسات الصحية.
وبخصوص الدعامة الرابعة والأخيرة، فتتجلى في رقمنة المنظومة الصحية عبر إحداث منظومة معلوماتية مندمجة لتجميع ومعالجة واستغلال كافة المعلومات الأساسية الخاصة بالمنظومة الصحية.