كشف رئيس الحكومة عزيز أخنوش، أن رهان معالجة التفاوتات المجالية يشكل الخلفية الصلبة للبرنامج الحكومي، ونقطة الانطلاق لكل الاستراتيجيات القطاعية الترابية، حيث منحته الحكومة المكانة التي يستحقها وحرصت على التمسك بالالتزامات وتثمين المكتسبات في هذا الشأن، للحد من شتى مظاهر الفقر والإقصاء الاجتماعي وتقليص تأثيراتها على مستقبل الأجيال القادمة .
واستحضر رئيس الحكومة، الرؤية الملكية السامية لإطلاق برنامج “تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية”، حيث دعا جلالته بمناسبة عيد العرش المجيد لسنة 2015 إلى: ” وضع مخطط عمل مندمج، يقوم على الشراكة بين مختلف القطاعات الوزارية والمؤسسات المعنية، لتوفير وسائل تمويل المشاريع، وتحديد برمجة مضبوطة لإنجازها “. مضيفا في نفس الخطاب على أن: ” الجهة يجب أن تشكل قطبا للتنمية المندمجة، في إطار التوازن والتكامل بين مناطقها، وبين مدنها وقراها، بما يساهم في الحد من الهجرة إلى المدن”. ( انتهى منطوق خطاب جلالة الملك).
وهي التوجيهات الملكية الرشيدة التي مكنت من تسطير برنامج طموح وبأبعاد متكاملة يغطي الفترة 2017 _ 2023، يورد المتحدث، بهدف تمويل مشاريع البنيات التحتية في الجماعات الترابية والجهات النائية والمناطق ضعيفة التجهيز، وفق رصد دقيق للاختلالات والحاجيات وتشخيص واقعي للتفاوتات والخصاص المجالي بالمغرب، مستهدفا بذلك 29 ألف دوار داخل 1272 جماعة.
وأوضح رئيس الحكومة خلال جلسة عمومية شهرية حول موضوع “حصيلة برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية ودورها في تنمية الوسط القروي والمناطق الجبلية”. أنه بفضل طبيعته متعددة القطاعات، فقد أسس البرنامج لنمط حديث للتدخلات الترابية، تقوم على مبادئ الالتقائية وانسجام السياسات في بعدها الشمولي، بهدف تحسين فعاليته التقنية وحكامة تنزيل مختلف محاوره، المرتبطة أساسا بـ:
أولا: فك العزلة عن سكان المناطق القروية والجبلية عبر بناء الطرق والمسارات والمعابر لتجويد نوعية الحياة.
ثانيا: تعميم حصول الساكنة المحلية على الخدمات الأساسية من الكهرباء والماء الصالح للشرب والصحة والتعليم.
ثالثا: تهيئة الظروف اللازمة لتعزيز وتنويع الإمكانيات الاقتصادية للمناطق القروية والجبلية.
ومن أجل ضمان الترجمة الحقيقية لأهداف البرنامج، فقد تم تزويده برافعات أساسية تهم تعبئة الذكاء الجماعي لكافة الفاعلين المعنيين وتعزيز الهندسة التشاركية للمشاريع الاجتماعية والاقتصادية ورصد تأثيرها على تطور المناطق المستهدفة، فضلا عن ضمان نجاعة التدخلات واندماج الموارد البشرية والمالية للهيئات المعنية.
وكشف أخنوش، تخصيص استثمارات مالية عمومية تناهز 50 مليار درهم لهذا البرنامج، تتوزع على مساهمات كافة الهيئات المتدخلة، بناء على مخططات عمل سنوية للجن الجهوية لتنمية المجال القروي والمناطق الجبلية، التي تسهر على وضع بنك للمشاريع ذات الأولوية بكافة جهات المملكة. وذكَّر أنه عقب المصادقة على الاستراتيجية الوطنية لتنمية المجال القروي والمناطق الجبلية سنة 2015، كان لابد من وضع آلية بين -وزارية تسهر على ضمان الاندماج القطاعي والتقائية التدخلات بالعالم القروي.
واعتبر رئيس الحكومة أن الدور الريادي الذي يقوده قطاع الفلاحة في تنمية المجال القروي، سبب لتخويله صفة الآمر بالصرف لتدبير صندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية بموجب قانون مالية 2016، وهو خيار متين جعل هذا الصندوق دعامة لهذا الطموح الملكي، من خلال اعتباره الوعاء المالي المحوري لتفعيل هذه المقاربة ولتنفيذ مختلف أشطر برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية.
وكشف أن الصندوق خصَّص كل اعتماداته للفترة ما بين 2017 و 2023 لفائدة هذا البرنامج، بمساهمة تقدر بـ % 47 ضمن إجمالي غلافه المالي، من خلال بلورة مقاربة مجالية، تشاركية وتعاقدية، تستفيد منها جميع جهات المملكة التي تساهم ميزانياتها بما يقارب % 40، إلى جانب المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب وباقي القطاعات الوزارية المعنية .