أفاد رئيس الحكومة عزيز أخنوش، أن الحكومة أولت اهتماما بالغا لدعم الاستثمار العمومي وتحفيز الاستثمار الخاص، وفقا لقناعتها الراسخة بدور هذا المكون كرافعة أساسية للخروج من الأزمة، وترسيخ دعائم اقتصاد وطني فعال.
وقال رئيس الحكومة، الاثنين، خلال جلسة عمومية حول موضوع “تحفيز الاستثمار ودينامية التشغيل”. إن منجزات بلادنا في موضوع تشجيع الاستثمار بشقيه العمومي والخاص، أحرزت تقدما غير مسبوق، بل تجاوزت ما كان منتظرا. واعتبر أنه في ظل سياق عالمي مطبوع باللايقين الاقتصادي، عرف مستوى الاستثمار العمومي ببلادنا تطورا ملموسا، حيث كان لزاما على الحكومة أن تتدخل لتعبئة موارد مالية إضافية والتعاطي مع ما تفرضه الظرفية.
وإلى جانب دوره في مواصلة الجهود للإبقاء على وتيرة تنزيل الاوراش الاجتماعية، أكد أخنوش أن الاستثمار العمومي شكل رافعة كبرى لمواكبة الرؤية الحكومية في مجال الاستثمار الخاص، حيث عملت الحكومة على مضاعفة مخصصات الاستثمار العمومي إلى معدلات قياسية لم يشهدها تاريخ الاقتصاد الوطني من قبل، والتي بلغت سنة 2024 ما يناهز 335 مليار درهم بزيادة أكثر من 100 مليار درهم مقارنة بسنة 2021.
وتابع رئيس الحكومة أن قيمتها الإجمالية تتوزع بين حصة ميزانية الدولة التي ستصل إلى 103 مليار درهم وميزانية المؤسسات والمقاولات العمومية بـ 152 مليار درهم، وميزانية صندوق محمد السادس للاستثمار التي ستناهز 45 مليار درهم والجماعات الترابية بـ 20 مليار درهم، فضلا عن ميزانية الصندوق الخاص بتدبير الآثار المترتبة على زلزال الحوز والتي تقدر بـ 15 مليار درهم.
وأعرب أخنوش عن الفخر بما تم تحقيقه في هذا الشأن، بعدما تأكد للجميع وبالملموس على أن قناعتنا والتزاماتنا الحكومية، آخذة في طريقها للتفعيل بشكل واقعي يحترم ثقة المغاربة ويمنحهم مزيدا من الأمل والتشبث بالمستقبل. وأكد أن “هذا هو الاستثمار الاجتماعي الحقيقي الذي نريده، مستندين في ذلك بتوجيهات جلالة الملك أيده الله”. وأشار إلى أن هذه الانعطافة الإرادية والتاريخية للاستثمار العمومي، أهَّلته لتعزيز تمويل الاستراتيجيات القطاعية الواعدة، وتسريع اندماجها ضمن سلاسل القيمة العالمية، مع تجنب كل ما من شأنه أن يعيق الفعالية الاقتصادية لبلادنا.
ميثاق الاستثمار.. نهضة اقتصادية
وأفاد رئيس الحكومة أن المجهود الحكومي لتقوية الاستثمار العمومي بهذا الشكل الاستثنائي، لا يعكس لوحده الغايات الحكومية في هذا المجال، والتي لا تقف عند هذا الحد، بل تمتد إلى أعمق من ذلك بكثير. وذلك من خلال نهج سياسة استباقية تروم خلق التوازن بين الاستثمار العام والخاص، ومنح هذا الأخير نفس المجهود ونفس الاهتمام، قصد عكس التوزيع الحالي، في أفق جعل الاستثمار الخاص يبلغ نصف مجموع الاستثمارات الوطنية عند متم سنة 2026، والثلثين في أفق سنة 2030.
وأضاف أن الحكومة نجحت في تفعيل التوجيهات الملكية السامية الهادفة إلى تمكين بلادنا من ميثاق تنافسي جديد للاستثمار، قادر على خلق فرص الشغل وتحقيق قيمة مضافة عالية وتقليص الفوارق المجالية فيما يتعلق بجلب الاستثمارات، مع مواكبته بخطة طموحة لتحسين مناخ الأعمال. متابعا أن المغرب يمتلك، اليوم، منظومة متكاملة للاستثمار الخاص، بعد التمكن من إخراج ميثاق جديد للاستثمار في ظرف قياسي، مزود بمنظومة متكاملة من المبادئ المتعلقة بإصلاح سياسة الدولة في هذا المجال.
وأبرز رئيس الحكومة أن الأهداف الأساسية لميثاق الاستثمار الجديد تشكل نهضة وطنية في الميدان الاقتصادي، وقفزة نوعية أمام المغرب للتموقع في محيطه القاري والعالمي بالنظر لما يتيحه هذا الورش الملكي الكبير من إمكانات مهمة أمام المقاولات المغربية والأجنبية، من أنظمة مبتكرة للدعم موجهة لكل المستثمرين، وشاملة لكل فئات الاستثمار، وآليات مهمة للحكامة ومواكبة عمليات الاستثمار.
وأشار إلى أنه تم الانتهاء من تنزيل جزء مهم من النصوص التنظيمية المؤطرة لعمليات الاستثمار، والتي تشكل في مجملها خطوة جوهرية فيما يتعلق بتوجيه وتحسين الاستثمارات ببلادنا. كما أنها تؤسس للانخراط الفعلي للمملكة في مهن المستقبل والقطاعات ذات الطابع الاستراتيجي، فضلا عن دعم انخراط الجهات في المسلسل الاقتصادي وتعزيز الإنتاج المحلي وتحقيق التنمية المستدامة.
وتفعيلا لهذه المقتضيات، أكد أخنوش أن الحكومة باشرت حزمة من المبادرات النوعية بهدف مواكبة المستثمرين على المستوى الوطني، والتعريف بالمغرب كوجهة استثمارية متميزة لجذب شركات عالمية جديدة، مشيدا بالأدوار التي أضحت تلعبها الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات، كفاعل رئيسي في تنزيل الرؤية الحكومية في مجال جلب الاستثمارات وتوطينها لاسيما من خلال مواصلة تنزيل الاستراتيجية الوطنية لتنمية الاستثمارات الخاصة، على المستويين الجهوي والقطاعي، والرفع من جودة خدمات المراكز الجهوية للاستثمار في التأطير الشامل لحاملي الأفكار والمشاريع. وهو نفس المسعى الذي نعتزم مواصلته سنة 2024، عبر استكمال إصدار النصوص التطبيقية لتفعيل الميثاق الجديد، وأخص بالذكر النظام الخاص الموجه للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة.
وأبرز عزيز أخنوش، إلى أن الحكومة تسعى إلى مواصلة تفعيل آليات الحكامة التي ينص عليها ميثاق الاستثمار، من خلال عزمها التوقيع على عقود قطاعية وجهوية لتعبئة كافة الفاعلين المعنيين، واستكمال الترتيبات التقنية لإحداث مرصد الاستثمار، ومواصلة تنظيم جولات لاستقطاب وتنويع المستثمرين على الصعيدين الوطني والدولي.
وذكَّر بأن الاهتمامات البالغة للحكومة بقضايا الاستثمار، تلتقي في مجملها مع مضامين البرنامج الحكومي، التي أكدت على ضرورة اعتماد نمط جديد للنمو الاقتصادي يلائم رفع مستويات النمو والتشغيل، وأن يكون مبنيا بشكل أكبر، على الرفع من الإنتاجية مع توزيع أمثل للاستثمار.
ولأجل هذا المبتغى، يقول أخنوش، ظلت كل من لجنة الاستثمارات في نسختها السابقة واللجنة الوطنية للاستثمارات حاليا، بمثابة الرافعة المحورية التي مكنتنا من إعطاء دفعة قوية للاستثمار الخاص وتحسين حكامته، نطمح من خلالها إلى الاضطلاع الإيجابي بمهام تنزيل محاور الميثاق الجديد للاستثمار وبناء نموذج اقتصادي تنافسي، وتوفير بيئة مناسبة للمستثمرين، وخلصت الاجتماعات المنعقدة في إطار هذه اللجن، إلى بلوغ حصيلة جد مشرفة، محققة نتائج غير مسبوقة، تمثلت في عقد 12 دورة للجنة الاستثمارات تمت خلالها المصادقة على 199 مشروع اتفاقية وملاحق اتفاقيات، بقيمة مالية إجمالية تجاوزت 241 مليار درهم، تطمح لخلق ما يقارب 140.000 منصب شغل مباشر وغير مباشر. منها 5 دورات في إطار اللجنة الوطنية للاستثمارات المنبثقة عن ميثاق الاستثمار الجديد، مكنت من المصادقة على 115 مشروعا، بقيمة إجمالية بلغت 173 مليار درهم، ستمكن من إحداث أزيد من 96.000 منصب شغل مباشر وغير مباشر.
وشدد على أن النتائج المذكورة توضح بجلاء أن الميثاق الجديد جاء مصحوبا بحزمة إجراءات مندمجة، منحت للاستثمار الخاص فعاليته الميدانية المنتظرة، امتدت آثارها بشكل فوري على دينامية التشغيل، وأعطت للمقاولة المغربية نفسا جديدا، حيث يغطي الرأسمال الوطني 69% من الكتلة الاستثمارية للاتفاقيات المصادق عليها خلال الاجتماعات 5 الأخيرة. كما يبرز التوزيع القطاعي للمشاريع الاستثمارية التي تمت الموافقة عليها تنوعا ملحوظا في المجالات المستهدفة، وهي مجالات أولوية ذات قيمة مضافة عالية يسعى المغرب لتعزيزها مستقبلا، ويتعلق الأمر بقطاعات الصناعة والتجارة والنقل واللوجيستيك والطاقات المتجددة والمناجم والاتصالات، فضلا عن القطاعات ذات البعد الاجتماعي كالتعليم والصحة والسياحة.