في سابقة من نوعها، رفعت الحكومة الحالية برئاسة عزيز أخنوش، الغلاف المالي المخصص للغة الأمازيغية ضمن مشروع قانون المالية برسم سنة 2023 إلى 300 مليون درهم عوض 200 مليون درهم سنة 2022، وذلك في سياق توجهها نحو رفع الاعتمادات المالية المتعلقة بالأمازيغية لتبلغ مليار درهم بحلول سنة 2025.
وأكدت الحكومة المغربية أنها ستعمل على مواصلة تنزيل القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وإدماجها في الحياة العامة، مشيرة إلى أنه تم تكريس هذا التوجه من خلال المنشور رقم 1/2022 الصادر عن وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة بخصوص تسريع آليات إدماج الأمازيغية في الإدارات العمومية.
وعملت الحكومة، وفق مشروع قانون مالية 2023، على تزويد عدد من القطاعات الوزارية بأعوان مكلفين باستقبال وتوجيه المرتفقين الناطقين بالأمازيغية، وإدراج اللغة الأمازيغية في المواقع الرسمية للإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية وضمن مجالات التعليم والتكوين المهني والتواصل السمعي البصري والثقافة والفن والعدالة.
وأكدت أمينة بن الشيخ المكلفة بملف الأمازيغية برئاسة الحكومة، أن الحكومة حريصة على النهوض بورش تفعيل الطابع الرسمي الأمازيغية، من خلال تخصيص 300 مليون درهم في السنة المقبلة بموجب قانون مالية 2023، وذلك من أجل إدراج الأمازيغية في الإدارات العمومية، لتمكين المواطنين من التواصل السَّلس والفعال مع الإداريين.
وقالت بن الشيخ متحدثة لموقع “حكومة”، إن ورش الأمازيغية الذي أخذته الحكومة على عاتقها، جاء بعد دَسترة اللغة الأمازيغية وإخراج القوانين التنظيمية التي تضمنت ضرورة تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، والذي بدوره يصُب في عدد من القطاعات كالتعليم، عبر تعيين 400 من المدرسين بالمؤسسات التعليمية العمومية. كما تم تحديث منهاج تعليم اللغة الأمازيغية بالسلك الابتدائي.
وتابعت المسؤولة قائلة: “نستعد حاليا لإعداد منهاج لتعليم الأمازيغية في التعليم الأولي والسلك الإعدادي. بالإضافة إلى العمل على تعميم الأمازيغية في جميع الجامعات المغربية ومراكز تكوين الأساتذة”.
وعبر ورش إدراج الأمازيغية بالإدارة العمومية، سيتم تقريب الإدارة للمواطنين ومصالحتهم معها، إذ قامت الحكومة بتوظيف 300 من الأعوان الاجتماعيين بقطاعي الصحة والعدل، من أجل تسهيل ولوج المرتفقين للإدارات لقضاء أغراضهم، خاصة منهم من لا يتكلم اللغة العامية الدارجة، وفق المكلفة بملف الأمازيغية. كما تم توظيف 60 مساعدا اجتماعيا على مستوى المحاكم ممن سيقومون بمرافقة المتقاضين في جميع مراحل التقاضي من الاستنطاق إلى التحقيق والمحاكمة.
ولفتت بنشيخ إلى ما تُشكله الهوية البصرية من أهمية كبرى في تعزز انتماء المواطنين للوطن، في هذا الاتجاه، تعمل الحكومة على إبراز علامات التشوير باللغة الأمازيغية خارج المؤسسات والإدارات العمومية وداخلها، وعلى مركبات وعربات الشرطة والدرك الملكي والإسعاف وعلى مستوى الطوابع الإدارية والبطائق الوظيفية.
وتعليقا على هذا الورش المهم، أبرز الباحث في الثقافة الأمازيغية، أحمد عصيد، أن ورش تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، عرف تطورا مهما جدا وحاسما في ظل الحكومة الحالية، عبر تخصيص ميزانية خاصة للأمازيغية، وهو أمر يحدث لأول مرة، إذ لم يسبق لأي حكومة سابقة أن أَجرَأت هذه الخطوة، وهي حكومات كانت تُردد عددا من الشعارات دون أن تخصص اعتمادات مالية لذلك.
ولفت عصيد في حديث لموقع “حكومة”، أن الحكومة عملت على الرفع من المناصب المالية لتدريس اللغة الأمازيغية من 200 إلى 400 مدرس. كما أوضح أن الميزانية التي اعتمدتها الحكومة لتحديث الإدارة وتعميم تدريس اللغة الأمازيغية، ستمكن من الحصول على أطر ذات الكفاءة المطلوبة للعمل في المؤسسات.
ويرى الباحث في الثقافة الأمازيغية أن قطار الأمازيغية وُضِع على السكة، بداية مع التَّرسيم ومع القانون التنظيمي في 2019، مؤكدا أن الحكومة الحالية أعطت انطلاقة السير لهذا القطار الذي كان متوقفا لمدة طويلة وقع خلاله هدر للزمن، خاتما كلامه بالقول: ” بِرَصد اعتمادات مالية وتواجد إرادة واضحة لدى الحكومة الحالية، فيمكن للأمازيغية أن تصبح لغة مؤسسات مستقبلا”.