في إطار تنفيذ رؤية جلالة الملك الرامية إلى جعل المملكة قطبا بيوتكنولوجيا لا محيد عنه على صعيد إفريقيا والعالم، قادرا على تأمين الاحتياجات الصحية للقارة على المَديين القصير والطويل، من خلال إدماج البحث الصيدلاني والتطوير السريري، وتصنيع وتسويق المنتوجات البيو صيدلية ذات الضرورة الكبرى، عرفت سنة 2022 ببنسليمان إطلاق أشغال إنجاز مصنع لتصنيع اللقاح المضاد لكوفيد 19 ولقاحات أخرى، وهو مشروع هيكلي، سيُساهم عند الانتهاء من إنجازه في تأمين السيادة اللقاحية للمملكة ولمجموع القارة الافريقية، وتحتوي هذه الوحدة الصناعية على ثلاثة خطوط صناعية تبلغ قدرتها المشتركة لإنتاج 116 مليون وحدة. وستُخصص هذه الخطوط لإنتاج محاقن معبأة مسبقا، وقارورات للسوائل وأخرى مجففة بالتجميد.
وسيمكن هذا المشروع الذي يعد ثمرة شراكة بين القطاعين العام والخاص، من ضمان الاكتفاء الذاتي للمملكة من اللقاحات وجعل المغرب منصة رائدة للبيوتكنولوجيا على مستوى القارة الافريقية والعالم في مجال صناعة “التعبئة والتغليف”.
وحرصت الحكومة على تعزيز السيادة الدوائية عبر إطلاق إصلاح جذري للمنظومة الصحية، يعزز العرض الصحي الوطني ويضمن السيادة الدوائية للمغرب، وذلك وفق دينامية متسارعة قوامها تأمين الوصول إلى المنتجات الصحية والأدوية وتوافرها، عبر إخراج ترسانة قانونية منظمة، وإعداد سياسة صيدلانية وطنية مندمجة، قادرة على ضمان السيادة الدوائية المنشودة خاصة لمواجهة الأزمات الصحية.
كما باشرت الحكومة إصلاحا جذريا يهم حكامة قطاع الأدوية، حيث أولت اهتماما خاصا لتنفيذ السياسة الصيدلانية بمختلف مكوناتها الاستراتيجية، وتوفير المناخ اللازم من أجل ضمان نجاح تحقيق أهدافها، لاسيما على مستوى وفرة الأدوية والمنتجات الصحية بالسوق الوطني، وضمان جودتها وسلامتها، لمواكبة الورش الملكي لتعميم التغطية الصحية لفائدة جميع المغاربة.
وفي هذا الإطار، تم تحويل مديرية الأدوية والصيدلة، إلى الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية بموجب القانون رقم 10.22، حيث ستلعب هذه الهيئة بشكل شفاف ومستقل دورا هاما في ضمان الاستمرارية الحقيقية للسياسات الوطنية في مجال المنتجات الصحية، وتحقيق استدامة وفرتها، وفق رهانات المخططات والأوراش الكبرى التي أطلقها جلالة الملك نصره الله.
وحرصا منها على التخفيف من مصاريف العلاج على المواطن، فعلت الحكومة، من خلال قانون المالية لسنة 2024، توسيع الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة الداخلية وعند الاستيراد، ليشمل جميع الأدوية والمواد الأولية التي تدخل في تركيبها.
وضمانا لسلامة صحة المواطن المغربي، عززت الحكومة، مراقبة جودة الأدوية، بالقيام بحملات تفتيش للمؤسسات الصناعية الصيدلية الموزعة بالجملة، والصيدليات العمومية والخاصة، وذلك من أجل تطويق شامل لجودة الأدوية واللقاحات المقدمة.
وانطلاقا من إيمانها الراسخ بكون تشجيع الصناعة الدوائية ببلادنا يعد مدخلا أساسيا لتحقيق السيادة الدوائية، لجعل المغرب رائدا قاريا في هذا المجال، قامت الحكومة بتقديم تحفيزات مهمة للمستثمرين، حيث يتوفر المغرب اليوم على 53 وحدة صناعية متخصصة في صناعة الأجهزة الطبية بالإضافة إلى مصنع لإنتاج اللقاحات، حيث مكنت هذه الوحدات من تغطية حوالي 70 بالمائة من الحاجيات الوطنية، وتشجيع صناعة الأدوية الجنيسة التي يقدر استعمالها اليوم بـ 40 بالمائة من الاستهلاك الوطني للأدوية.
كما بادرت الحكومة، في نفس السياق، إلى عقد اتفاقيات مع مجموعة من الشركاء في هذا المجال، على مستوى القطاعين الخاص والعام، تسعى من خلالها إلى تقوية القدرات الإنتاجية وقدرة بلادنا على التصدي للأزمات الصحية المستقبلية، وذلك في انسجام تام مع الرؤية الملكية القائمة على تشجيع التصنيع المغربي وتعزيز سيادته في هذا المجال.