“تقصَّحنا بزَّاف، وتأثر الجميع بإغلاق الحدود وتداعياته من أصغر مستخدم في الرياض وصولا إلى مالكيه” يقول يوسف، وهو مسير رياض “القاضي” بقلب المدينة العتيقة لمدينة مراكش، متابعا حديثه لموقع “حكومة: “يعمل في الرياض 22 مستخدما، إنهم 22 عائلة، بعضهم تجاوزت مدة عمله معنا 20 عاما، ولن نفرط فيهم بهذه السهولة، ونحمد الله على مُبادرة سيدنا، الله ينصرو، بتخصيص دعم للمستخدمين بقيمة 2000 درهم لكل منهم”.
في ظل تداعيات سنتين من الأزمة الصحية التي عاشها المغرب والعالم أجمع، والتأثر الشديد لقطاع السياحة جراءها، سَعت الحكومة في يناير 2022 إلى دعم القطاع السياحي بهدف الحفاظ على مناصب الشغل في هذا القطاع الحيوي الذي يشغل عددا كبيرا من اليد العاملة، وتمكين المقاولات السياحية من مواجهة الإكراهات المالية ومساعدتها على التحضير لمرحلة استئناف النشاط السياحي. بناء على ذلك، أقرَّت الحكومة مخططا استِعجاليا مهما بقيمة مِليارَيْ درهم لفائدة القطاع السياحي باعتباره قطاعا حيويا لاقتصاد المملكة، والذي يوليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، عناية واهتماما خاصين.
رئيس الحكومة عزيز أخنوش، وصف المخطط الاستعجالي بـالمهم، موضحا أنه يشمل خمسة إجراءات عملية تتمثل في تمديد صرف التعويض الجزافي المحدد في 2000 درهم شهريا خلال الربع الأول من سنة 2022 لفائدة مستخدمي مؤسسات الإيواء السياحي المصنفة ووكالات الأسفار والمرشدين السياحيين والنقل السياحي وكذا المطاعم السياحية المصنفة، فضلا عن تأجيل أداء الاشتراكات المستحقة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لمدة 6 أشهر.
بالنسبة لخديجة مراي، مسؤولة الاستقبال برياض “القاضي”، فـ “قطاعات كثيرة تضررت بسبب جائحة “كورونا”، وعلى رأسها قطاع السياحة لاعتماده على المطارات والرحلات وسفر الناس وولوجهم إلى البلاد قادمين من أماكن وبلدان أخرى.
“تفهمنا أن الأمر واقع يجب تقبُّله والتعامل معه، ومن الجيد أن الحكومة اتخذت جملة من التدابير للتخفيف من الوضع، ونتمنى ألا تعود تلك المحنة” تقول خديجة لموقع “حكومة”. أما يوسف، مسير الرياض، فعاد بذاكرته إلى عام 2019 حيث كان النشاط السياحي في أوجِه بالمدينة الحمراء، يقول: “بحلول شهر مارس 2020، بدأت تصلنا الأخبار حول الجائحة التي انطلقت من الصين وبدأت تجتاج أوروبا، حيث ساوَرَنا الشك بدورنا حول مآل الوضع، وحين تم إغلاق الحدود، علمنا أن المشكل كبير وأن الوضع بات يطل على المجهول قبل أن تنقشع الغمامة وتعود الأمور إلى سابق عهدها، و”لِّي جاتْ تْفُوت” وفق تعبيره.
علاوة على ذلك، استفاد أصحاب الفنادق وشركات النقل السياحي من تأجيل آجال استحقاق القروض البنكية لمدة قد تصل إلى سنة، حيث قامت الدولة بدفع الفائدة المرحلية لمدة تعادل عدد أشهر التوقف عن النشاط خلال سنة 2021، وكذلك خلال الربع الأول من سنة 2022، مع إعفاء أصحاب الفنادق من الضريبة المهنية المستحقة خلال سنتي 2020 و2021، والتي ستقوم الدولة بدفعها.
كما منحت الدولة دعما لفائدة القطاع الفندقي بمبلغ 1 مليار درهم، وذلك لمواكبة الفنادق في إعادة فتح أبوابها لاستقبال الزبناء المغاربة والأجانب في أحسن الظروف، وهو الدعم الذي ستستفيد منه كل الفنادق الراغبة في استئناف نشاطها بسرعة بمجرد إعادة فتح الحدود، وإعفاء أصحاب الفنادق من الضريبة المهنية المستحقة خلال سنتي 2020 و2021، والتي ستقوم الدولة بدفعها.
وبفضل الجهود المبذولة للارتقاء بالعرض السياحي ببلادنا، والترويج للمغرب كوجهة سياحية عالمية، تم بلوغ الطموح المتمثل في العودة إلى المستويات المعهودة للسياحة المغربية قبل الجائحة، حيث بلغ عدد السياح المتوافدين خلال الأشهر الستة الأولى من سنة 2021، 3.4 ملايين سائح، مما مكَّن من تحقيق مداخيل مهمة من العملة الصعبة بلغت 20 مليار درهم.
وعملت الحكومة على وضع خارطة طريق جديدة للقطاع، تماشيا مع التغيرات المهمة للطلب العالمي. وتتجلى محاور المخطط في تعزيز النقل الجوي والرفع من عدد الرحلات وكذا تحفيز الاستثمار العام والخاص، خاصة في مجال التنشيط السياحي، بالإضافة إلى تطوير عرض ذي جودة يتلاءم مع الطلب الداخلي والدولي، بغية مضاعفة عدد السائحين بحلول عام 2030. كما اتخذت سلسلة من الإجراءات الترويجية للتعريف بالمؤهلات السياحية المغربية ودعم الفاعلين في قطاع السياحة، خاصة من خلال الحملة الترويجية “نتلاقو في بلادنا”.
وواصلت الحكومة جهودها لتأهيل العرض السياحي وملاءمته مع المتطلبات الجديدة للسياح، من خلال المساهمة في برامج تثمين 8 مدن عتيقة (مراكش، الصويرة، فاس، مكناس، الرباط، سلا، تطوان، طنجة)، بالإضافة إلى مواصلة العمل على برنامج تحويل القصور والقصبات إلى فنادق ذات طابع أصيل وبرنامج تنويع العروض السياحية لمدينة ورزازات.
وفيما يخص سياحة المؤتمرات والأعمال، قامت الحكومة بعقد شراكة مع جهة مراكش-آسفي لإنجاز مشروع مركز المؤتمرات والمعارض بمراكش باستثمار إجمالي يصل إلى 930 مليون درهم، ما من شأنه تعزيز تموقع مراكش من بين الوجهات العالمية لعقد المؤتمرات والعروض. كما عملت الحكومة على عقد شراكات على مستوى النقل الجوي والتوزيع، حيث تم خلال النصف الأول لسنة 2022 التعاقد مع 14 وكالة أسفار رقمية لتحقيق هدف يقارب 2.5 مليون ليلة مبيت، كما تم التعاقد مع 34 شريكًا في أوروبا بهدف الوصول إلى 400 ألف سائح وعقد شراكة بين المكتب الوطني المغربي للسياحة والخطوط الملكية المغربية بهدف الرفع من عدد المقاعد وتنفيذ إجراءات ترويجية مشتركة.