انصرفت جهود المغرب، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، نحو ترسيخ ثقافة التحول الرقمي على جميع المستويات، واستثمار الفرص التي يُتيحها لفتح آفاق جديدة للدفع بعجلة التنمية الوطنية، والسَّير قدما نحو إرساء مرتكزات مغرب رقمي.
خلال سنة 2022، شرعت الحكومة في وضع الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي “المغرب الرقمي 2030″، وفق مقاربة واقعية وشاملة من أجل النهوض بالرقمنة، وتيسير المسار الإداري للمرتفقين، مواطنين ومقاولات، من خلال مواصلة تبسيط ورقمنة المساطر والإجراءات الإدارية، وتبسيط مجموعة من القرارات الإدارية المتعلقة بالاستثمار.
وسعياً إلى تطوير الاقتصاد الرقمي، أولت الحكومة اهتماما خاصاً بقطاع ترحيل الخدمات، تجسَّد على أرض الواقع في مواكبة هذا القطاع وتحسين تنافسية الفاعلين به، عبر توقيع أكثر من 5 اتفاقيات مشاريع استثمارية إلى غاية نهاية النصف الأول من عام 2022، ومواكبة 40 مشروعاً استثمارياً. وكذلك الشأن بالنسبة لقطاع تكنولوجيا المعلومات والثقة الرقمية، حيث أطلقت وكالة التنمية الرقمية، بشراكة مع المديرية العامة للأمن الوطني، يوم 25 أبريل 2022 بالرباط، خدمة التعريف الإلكتروني وإثبات الهوية المرتكزة على البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية.
ويندرج إطلاق هذه الخدمة الجديدة، في إطار المجهودات المبذولة والرامية إلى تعزيز الثقة الرقمية وإرساء إطار ملائم قصد تحقيق تنمية رقمية مسؤولة ومندمجة في المغرب.
وترتكز هذه الخدمة الجديدة على منصة وطنية موثوق بها، تم تطويرها من طرف المديرية العامة للأمن الوطني لهذا الغرض، وتتيح هذه الخدمة لمختلف الهيئات والمؤسسات العمومية والخاصة التحقق من هوية الأشخاص الذاتيين الراغبين في الولوج إلى الخدمات الرقمية عن بعد، وذلك من خلال التعريف وإثبات هوية مستعملي الخدمات الرقمية، وتوفير المعطيات الشخصية بشكل دقيق من خلال البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية، والاشتراك والاستفادة من خدمات متنوعة عن بعد.
علاوة على ذلك، تم إثراء وتحيين محتوى البوابة الوطنية للإصدار السادس لبروتوكول الإنترنت IPv6 ، وتطوير بوابة data.gov.ma التي تعرض عددا من البيانات التي تنتجها وتوفرها الإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، مع الحرص على تسريع التحول الرقمي للاقتصاد، من خلال إطلاق مجموعة من المشاريع الهادفة إلى انخراط المقاولات الوطنية في دينامية التنافسية الدولية.
وفي المجال الضريبي والمالية العمومية، وتيسيراً للعلاقات المرفقية وضماناً لخدمات أفضل، جرى العمل على تطوير الأداء الإلكتروني للرسم المهني المسند للمديرية العامة للضرائب مع إضفاء الطابع اللامادي على مسطرة أداء الضريبة على القيمة المضافة المتعلقة بالسكن الاجتماعي، ومواصلة تبسيط وتحيين الاستمارات الضريبية المتعلقة بخدمات التصريح والأداء الضريبي عن بعد (Simpl)، والإشراف على تسريع وتيرة التحول الرقمي لكافة مهن الخزينة العامة للمملكة، إضافة إلى تطوير البرنامج المعلوماتي الخاص بالإقرار والأداء للجبايات الترابية، والاستثمار في تطوير أنظمة تبادل المعلومات.
وتولي الحكومة أهمية كبرى للرَّقْمنة، حيث جرى التأكيد على سعيها إلى تنفيذ المخططات الرقمية، خصوصا في قطاعَي الصحة والتعليم، بغاية تجويدهما كمَرفِقين عموميين أساسيين، إضافة إلى تعميم الرقمنة على باقي القطاعات الأخرى بالتدرج، وفي مقدمتها القطاعات الإدارية ذات الصلة المباشرة مع المواطنين.
ويُعد تقليص الفجوة الرقمية مكونا رئيسيا ضمن سياسة الإدماج الاجتماعي التي تقودها الحكومة الحالية، مما سيُمكّن من تعميم الوصول للخدمات العمومية ذات جودة. حيث تشكل لتغطية بشبكة الأنترنت لجميع المناطق السكنية ببلادنا أولوية ضمن مقتضيات البرنامج الحكومي، وكآلية من شأنها تسريع التحول الرقمي. كما أن تحديث البنيات الرقمية، والتكوين حول الاستعمالات الرقمية، ورقمنة الإدارة واعتماد الحلول الرقمية المبتكرة للإدماج المالي، هي أمثلة على التدابير الملموسة التي ستحدثها الحكومة في خدمة الإدماج الاجتماعي لكافة المواطنات والمواطنين.
ويرتكز برنامج تعميق وتسريع وتيرة التحول الرقمي الذي تتبنّاه الحكومة على أربعة محاور كبرى أساسية، وهي المحاور التي تؤسس لاستراتيجية طموحة سيتم تنفيذها بتنسيق تام تحت إشراف رئاسة الحكومة، لتأكيد العزم على السير نحو انتقال رقمي سلس، يسهل حياة المواطنين ويجعل المغرب في مصافِّ الدول الرائدة في هذا المجال.
ويتعلق المحور الأول بتنفيذ المخططات الرقمية لقطاعَي الصحة والتعليم، حيث تهدف الحكومة إلى تحسين جودة هذين المرفقين العموميين الأساسيين، عبر تقليص التفاوتات الجهوية فيما يتعلق بوُلوجهما، مع ضمان رعاية صحية تصون كرامة الجميع، وبناء مدرسة تكافؤ الفرص.
بناء عليه، ستعمل الحكومة على مستوى الصحة، على إحداث السجل الطبي الرقمي، وتطوير الطب عن بُعد وتطوير عرض وجَوْدة العلاجات، أما على مستوى التعليم فسيتم العمل على خُطّة للتعليم الرقمي وتوسيع نطاق التعلم الإلكتروني؛ مع تجديد تكوين الأساتذة.
وبخصوص المحور الثاني، فيتضمن اللجوء للدفع بواسطة الهاتف المحمول، حيث ستعمل الحكومة على تشجيع الدفع بواسطة الهاتف المحمول من أجل توزيع المساعدات الاجتماعية، في أفق تعزيز الإدماج المالي عبر توظيف برامج المساعدة الاجتماعية لتشجيع استعمال الدفع الإلكتروني على أوسع نطاق، وإحداث التحويلات إلكتروني، مما سيجعل البرامج الاجتماعية مُحرِّكا للتحول الرقمي.
أما المحور الثالث، فيتعلق بتعميم رَقمَنة الإدارة العمومية في سبيل تكريس مبادئ القرب والنجاعة، وستحرص الحكومة في إطار تعميم رقمنة الإدارة على المساواة بين المرتفقين من خلال تقديم مواكبة مجانية للمواطنين الذين لا يملكون أجهزة مناسبة أو مستوى كافيا من المعرفة الرقمية، واقتراح خدمات مواكبة في فروع القرب فيما يتعلق بالمعاملات البنكية عبر الهاتف المحمول؛ فضلا عن عقد شراكات مع وكالات تحويل الأموال من أجل القيام بمعاملات إدارية.
في حين يتعلق المحور الرابع والأخير بتوفير خدمات رقمية ذات صبيب عال، حيث تعتزم الحكومة توفير خدمات رقمية عالية الجودة من أجل تقليص الفجوة الرقمية بين السكان وتحسين إنتاجية المقاولات المغربية، وتغطية جميع المناطق السكنية بشبكة الإنترنت باعتبارها أولوية، وحث الشركات العاملة في القطاع على وضع أسلاك الصبيب العالي جدا للإنترنت في الإقامات السكنية.