تعمل الحكومة على وضع سياسة ثقافية مندمجة ترمي إلى المحافظة على الهوية الثقافية الوطنية والتشبث بقيم الوطن والأمة، مع الانفتاح على التعبيرات الفنية العصرية وجعل الثقافة رافعة للتنمية المجالية وإدماج الشباب على وجه الخصوص.
وأكد الملك محمد السادس خلال الخطاب الملكي السامي الذي وجهه إلى الأمة بمناسبة عيد العرش، بتاريخ 30 يوليوز 2013: ” … واعتبارا لما تقتضيه التنمية البشرية، من تكامل بين مقوماتها المادية والمعنوية، فإننا حريصون على إعطاء الثقافة ما تستحقه من عناية واهتمام، إيمانا منا بأنها قوام التلاحم بين أبناء الأمة، ومرآة هويتها وأصالتها”.
وتابع جلالة الملك: ” … ولما كان المغرب غنيا بهويته، المتعددة الروافد اللغوية والإثنية، ويملك رصيداً ثقافيا وفنيا، جديراً بالإعجاب، فإنه يتعين على القطاع الثقافي أن يجسد هذا التنوع، ويشجع كل أصناف التعبير الإبداعي، سواء منها ما يلائم تراثنا العريق، أو الذوق العصري، بمختلف أنماطه وفنونه، في تكامل بين التقاليد الأصيلة، والإبداعات العصرية”.
وعملا بالرؤية الملكية السامية، وفي إطار حمایة وتثمین التراث الثقاﻓﻲ المادي واللامادي للمملکة المغربیة، اعتمدت الحكومة مخططا طموحا یهدف إلی المحافظة ﻋﻠﯽ الهویة الثقافیة الوطنیة وجعلها رافعة للتنمیة المجالیة، من خلال توثیق التراث الوطني ودراسته والمحافظة علیه وتثمینه والتعریف به وطنیا ودولیا.
كما تم إحداث علامة التميز “تراث المغرب” لیکون مَرجعا یؤکد ملکیة المملکة لجمیع عناصر التراث غیر المادي المغربي، ویسهل اتخاذ الإجراءات القانونیة اللازمة ضد کل مَن یسعی إلی السطو علیه. كما تمت المصادقة في غشت 2022 على اتفاقية المعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص (يونيدورا) بهدف حماية التراث الثقافي المغربي واسترجاع المنقولات المهربة للخارج ومحاربة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية.
وعملت الحكومة على تسريع بناء وتجهيز المنشآت والتجهيزات الثقافية لتحفيز الممارسات والأنشطة الثقافية، منها 150 قاعة للسينما، ومعاهد موسيقية، ومسارح ومركبات ثقافية. إلى جانب إطلاق مجموعة من التظاهرات والمهرجانات والمحافل الثقافية بالمملكة بمختلف تجلياتها وتنوعها، فضلا عن تسجيل 26 عنصرا تراثيا وطنيا غير مادي على لائحة التراث الإسلامي لمنظمة “الإيسيسكو”، بالإضافة إلى تسريع البرامج والأوراش الخاصة بإعادة تأهيل وتثمين المدن العتيقة، وتمكين التلميذات والتلاميذ والأسرة التعليمية من مجانية الولوج إلى المتاحف الوطنية مرتين في الأسبوع.
الحكومة حرصت كذلك على إحداث مشاريع مهيكلة في القطاع الثقافي، من أجل تقريب الخدمات والفضاءات الثقافية من المواطن المغربي بمختلف جهات المملكة، وتشجيع الإنتاج الثقافي الوطني في ضوء ترسيخ قيم التعدد اللغوي والإبداعي واتخذت في هذا السياق عددا من الإجراءات، لاسيما تعزيز البنية التحتية عبر إحداث معاهد للموسيقى بأيت ملول والدشيرة الجهادية والداخلة والحسيمة وتازة والرباط، وإحداث المعهد الوطني العالي للموسيقى والفن الكوريغرافي بالرباط والمقر الجديد للمعهد الوطني للموسيقى والفن الكوريغرافي بالرباط.
ومن بين ما تم إنجازه بهذا الخصوص، إحداث نقط قراءة بجماعات توبقال وأولاد برحيل وأيت ايمور، ودعم وتقوية خمس مكتبات بكل من أقاليم طاطا وتارودانت وتيط مليل، وإحداث قصر الثقافة والفنون بطنجة ومسرح الحسيمة، إلى جانب إطلاق عروض تجهيز 150 قاعة سينمائية بالمراكز الثقافية التابعة لوزارة الشباب والثقافة والتواصل بغلاف مالي قدره 138 مليون درهم.
أما على مستوى التظاهرات الثقافية والفنية، فتم إطلاق برنامج سنوي لدعم المشاريع الثقافية والفنية في مجالات الفنون والكتاب ودعم الجمعيات بغلاف مالي قدره 51 مليون درهم، فضلا عن إطلاق تظاهرة “المسرح يتحرك” والتي تهم تصوير 60 عملا مسرحيا واقتناء حقوق بثها عبر قنوات الشركة الوطنية والمنصة الرقمية لقطاع الثقافة، وتنظيم جائزة “المغرب للكتاب”. دون إغفال تقديم دعم للصحافة المكتوبة الورقية والإلكترونية قدره 90 مليون درهم، ودعم الإنتاج السينمائي الوطني إلى متم غشت 2022 بميزانية 46 مليون درهم، ودعم القاعات السينمائية خلال سنة 2022 بميزانية 11 مليون درهم، ودعم المهرجانات السينمائية خلال سنة 2022 بميزانية 18 مليون درهم.
أما بخصوص تثمين التراث المادي واللامادي للمملكة، فسيتم استكمال المشاريع والبنيات التحتية الثقافية المدرجة ضمن الاتفاقيات الموقعة بين يدي صاحب الجلالة محمد السادس، وذلك من خلال المساهمة في إعادة تأهيل وتطوير المدينة القديمة بتطوان، والتنمية المندمجة والمتوازنة لطنجة الكبرى، والتنمية الحضرية لمدينة أكادير، وإعادة تأهيل وتعزيز المدينة القديمة بالصويرة، وإعادة تأهيل وتعزيز المدينة القديمة بفاس، وحماية وتثمين تراث الدار البيضاء الكبرى. إلى جانب استكمال أوراش الترميم والتهيئة الخاصة بمشروع المحافظة على التراث الأثري في إطار الاتفاقية المبرمة مع الحكومة الإيطالية، وإطلاق برنامج ترميم مجموعة من اللوحات الفسيفسائية بموقع وليلي، بالإضافة إلى استرجاع مستحثة لجمجمة تمساح استخرجت من رواسب الفوسفاط ناحية خريبكة تؤرخ بـ 56 مليون سنة.