عقدت اللجنة الوطنية للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، أولى لقاءاتها التشاورية، بإشراف من رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، وعدد من أعضائها، من أجل تدارس سُبل النهوض بحقوق المرأة، وتحسين وضعيتها المجتمعية، مستحضرة الجهود المبذولة من طرف هيئات المجتمع المدني لتمكين المرأة وخدمة قضاياها بكل جد وتفاني.
وتأتي هذه الخطوة تفعيلا لتوجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مبرزا في خطاب بمناسبة عيد العرش 30 يوليوز 2022: “أن بناء مغرب التقدم والكرامة الذي نريده، لن يتم إلا بمشاركة جميع المغاربة، رجالا ونساء، في عملية التنمية”، وتابع: “لذا، نشدد مرة أخرى، على ضرورة المشاركة الكاملة للمرأة المغربية في كل المجالات، وقد حرصنا منذ اعتلائنا العرش، على النهوض بوضعية المرأة، وفسح آفاق الارتقاء أمامها، وإعطائها المكانة التي تستحقها..”.
اللجنة الوطنية للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، هي لجنة مختصة يترأسها رئيس الحكومة ومكونة من عدد من القطاعات الوزارية تعمل على وضع مخطط لتسريع تفعيل المساواة بين الجنسين، بالإضافة إلى عملها على اتخاذ الإجراءات اللازمة للنهوض بحقوق المرأة، وتتبع مدى تطبيق هذه التدابير على أرض الواقع، وتطبيق بنود الاتفاقيات الدولية المصادق عليها في إطار تحسين وضعية النساء وتمكينهن في شتى المجالات.
وتضطلع اللجنة بجملة من المهام، إذ ستعمل على اقتراح وضع مخطط لتسريع تفعيل المساواة بين الجنسين على الحكومة وتتبع تنفيذه، فضلا عن تتبع إعمال الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالمرأة التي صادق عليها المغرب أو انضم إليها، لاسيما اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وكذا اقتراح اتخاذ مختلف التدابير اللازمة لتحقيق المساواة بين الجنسين والسعي إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء.
وسيقوم أعضاء اللجنة باقتراح التدابير اللازمة لتمكين المرأة والرفع من معدل نشاطها، إلى جانب التدابير اللازمة لضمان حسن التنسيق بين مختلف الفاعلين، ودعم عملية التشاور مع هيئات القطاع الخاص وجمعيات المجتمع المدني وتقوية التواصل معها بخصوص التوجهات الضرورية اللازم اعتمادها للنهوض بحقوق المرأة وتمكينها اقتصاديا واجتماعيا، إضافة إلى إعداد تقرير سنوي حول منجزات القطاعات الحكومية في مجال المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة.
أما بخصوص الخطة الحكومية الثالثة للمساواة 2022 ـ2026، التي تطمح إلى تحقيق رؤية فعلية المساواة بين الجنسين في أفق المناصفة في أفق 2035، فترتكز على 3 محاور، تتمثل في “التمكين والريادة”، و”الوقاية والحماية”، و”الحقوق والقيم”.
ويهدف المحور الأول المتعلق بـ “التمكين والريادة”، إلى تعزيز التمكين والمشاركة الاقتصادية للمرأة ومساهمتهن في النمو السوسيو اقتصادي والتنمية المستدامة والتماسك الاجتماعي للمغرب في أفق 2026.
وسيتم العمل وفق هذا المحور على تقليص التفاوتات حسب النوع فيما يخص الولوج ومتابعة المسار الدراسي في مختلف المستويات عبر التعلم غير النظامي ومحو الأمية والتعلم مدى الحياة، وتحسين ولوج النساء إلى العمل اللائق، وتشجيع انتقالهن إلى الاقتصاد المهيكل، مع ضمان استفادتهن من التغطية الاجتماعية، فضلا عن تعزيز ولوج النساء إلى فرص التشغيل المأجور والذاتي، بما في ذلك الخدمات المالية ووسائل الإنتاج والتسويق وولوج الأسواق.
وسيتم العمل على تعزيز ولوج المرأة في الوسط القروي والجبلي، والنساء في وضعية هشاشة إلى منظومات التكوين ومحو الأمية والدعم والمواكبة مع الاستفادة من التغطية الصحية، وتعزيز البيئة التشريعية والسياسية والمالية المحفزة الدامجة والمستدامة للتمكين الاقتصادي للمرأة.
أما المحور الثاني، فيهدف إلى مناهضة العنف ضد النساء والحد من تزويج القاصرات مع دعم وحماية جميع ضحايا العنف وإرساء منظومة عدم إفلات مرتكبي العنف من العقاب، عبر محاربة العنف المبني على النوع الاجتماعي وتعزيز منظومة التبليغ للضحايا، وقدرتهن على طلب الحماية لأنفسهن وأطفالهن، فضلا عن مأسسة مسارات للتكفل تعمل بشكل منسق، مما يسمح بحماية الضحايا ودعمهن ومواكبتهن في مسارهن نحو إعادة بناء الذات وتمكينهن.
عبر هذا المحور كذلك، سيتم العمل على الحد من المخاطر التي تتعرض لها النساء ضحايا العنف من خلال تعزيز أمنهن وردع مرتكبي أعمال العنف، وإعادة تأهيلهم وضمان تعويض الضحايا، وكذا الحد من انتشار وتزويج القاصرات لتمكينهن من عيش حياة أفضل وتحقيق إمكاناتهن الكاملة، وتعزيز الإطار القانوني ومنظومة التنسيق والمساءلة للوقاية من العنف القائم على النوع الاجتماعي.
أما المحور الثالث للخطة فيدور حول “الحقوق والقيم”، ويروم المساهمة في بناء مجتمع خال من جميع أشكال التمييز، ويضمن حقوق المرأة بشكل كامل ومشاركتها في الحياة العامة وفي اتخاذ القرار، عبر إرساء ثقافة المساواة بين النساء والرجال في جميع مجالات الحياة وتغيير التمثلات الاجتماعية ومحاربة الصور النمطية القائمة على النوع وإشراك الأسرة كرافعة لتعزيز القيم، وضمان المزيد من الحقوق للمرأة ودعم تنفيذها الفعلي وضمان ولوجها للعدالة، إلى جانب ضمان ولوج النساء إلى البنيات التحتية والتجهيزات والخدمات الملائمة لخصوصياتهن وتنوعهن، وتعزيز الريادة النسائية وضمان تمثيلية النساء في مختلف الهيئات السياسية والاجتماعية والثقافية ومشاركتهن في هيئات الحكامة واتخاذ القرار.
ومن المنتظر أن تستكمل الخطة الحكومية مراحلها، فبعد الاجتماع الأول للجنة الوطنية للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، سيتم استكمال الإطار الاستراتيجي للخطة الحكومية للمساواة، واستكمال بلورة البرنامجين الثاني والثالث، وبعد ذلك إنهاء إعداد البرامج الثلاثة المكونة للخطة الحكومية الثالثة للمساواة، على أن يتم الانتهاء من إعداد وثيقة الخطة الحكومية للمساواة وخارطة طريق للتنفيذ، ليتم الإعلان عن وثيقة الخطة الحكومية للمساواة 2022ـ 2026 يونيو 2023، مصحوبة بثلاثة برامج وحزمة من المشاريع ومؤشرات النتائج حسب المحاور ووضع نظام الحكامة والقيادة للبرامج الثلاثة.