انطلقت أشغال الدورة الأولى لليوم الوطني للصناعة، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بمدينة الدار البيضاء، بمبادرة من وزارة الصناعة والتجارة والاتحاد العام لمقاولات المغرب.
صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أكد في رسالة وجهها إلى المشاركين في الدورة الأولى لـ “اليوم الوطني للصناعة”، أن “المغرب أصبح اليوم وجهة عالمية لا غنى عنها بالنسبة لقطاعات متطورة”.
وأبرز جلالة الملك في هذه الرسالة التي تلاها وزير الصناعة والتجارة رياض مزور، أن هذا التقدم تم تسجيله بفضل اعتماد الصناعة المغربية لمبدأ الانفتاح الاقتصادي العالمي واستنادها إلى استراتيجيات طموحة وواضحة، نابعة من رؤية مجالية شاملة.
وذكر صاحب الجلالة على سبيل المثال صناعة السيارات، التي تتبوأ فيها المملكة مركز الريادة على الصعيد القاري، وصناعات الطيران، حيث توفر منصة ذات جاذبية لإنتاج ما تتطلبه هذه الصناعات من معدات ومكونات وقطع غيار.
وأشار صاحب الجلالة إلى أن المغرب سجل تقدما هاما في القطاع الصناعي على مدى العقدين الأخيرين، موضحا جلالته أن “هذه الاستراتيجيات صُمِّمت لتجعل من الصناعة رافعة محورية للتنمية الاقتصادية في المغرب، ومصدرا رئيسيا لتوفير فرص الشغل، ومحفزا للاستثمار المنتج وللتصدير، وقاطرة للنمو والتنمية في خدمة المواطن”.
وسجل جلالة الملك أنه تمت مواكبة هذه الاستراتيجيات بشبكة من البنيات التحتية الصناعية واللوجستية والطاقية، وبإصلاحات هيكلية، بهدف تحسين مناخ الأعمال، والرقي بتكوين الكفاءات، والرفع من تنافسية الصناعة المغربية.
وأكد جلالة الملك أنه بفضل ذلك، وبما تنعم به المملكة من استقرار سياسي وماكرو-اقتصادي، وخبرة صناعية، “تمكنت الصناعة المغربية، من أن تركز تموقعها على مهن وتخصصات على درجة عالية من التقنية، وتصبح محركا للنمو والإنتاج والتصدير”.
بالموازاة مع ذلك، أبرز صاحب الجلالة أن المملكة عززت موقعها كفاعل رئيسي في مجال الأمن الغذائي العالمي، والإفريقي على وجه الخصوص، من خلال تطوير صناعة الأسمدة، “بحيث صارت توفر للفلاحين منتجات تتميز بجودتها العالية، وأسعارها المناسبة، وتراعي احتياجات التربة والزراعات في كل منطقة”، مضيفا جلالته أن الصناعات الغذائية الوطنية تساهم في تثمين موارد المغرب السمكية والفلاحية، وفي تعزيز السيادة الغذائية.
وأشار جلالة الملك إلى أن قطاع النسيج والجلد استفاد بدوره من التحولات التي طالت سلاسل القيم العالمية، من خلال تركيز تموقعه في قطاعات مستدامة وذات قيمة مضافة عالية، مبرزا جلالته أن القدرة الصناعية للمغرب تعززت على الصمود في وجه التحديات، من خلال الدور الهام الذي قامت به هذه القطاعات، وقطاعات أخرى شهدت دينامية نمو مماثلة، لاسيما على مستوى التصدير.
وقال جلالة الملك إن هذا الصمود مكنها من “الحد من وقع أزمة كوفيد- 19، والاضطلاع بدور حيوي في تعزيز السيادة الصناعية والصحية والغذائية لبلادنا”، داعيا جلالته بهذه المناسبة إلى إدراج هذا اليوم الوطني للصناعة ضمن رزنامة التظاهرات الاقتصادية الكبرى، كموعد سنوي لهذا القطاع والفاعلين فيه.
وأضاف صاحب الجلالة: “كما نوجه لتنظيم دوراته المقبلة على صعيد الجهات، من أجل إبراز القدرات الصناعية المحلية وتدارس التحديات الخاصة المرتبطة بكل جهة”.
ميثاق الاستثمار.. نقطة قوة
من جانبه أبرز الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية، محسن الجزولي، دور ميثاق الاستثمار الجديد في تعزيز التنافسية الصناعية الوطنية.
وأكد الجزولي، في كلمة له خلال ورشة منعقدة في إطار فعاليات الدورة الأولى لليوم الوطني للصناعة، أن ميثاق الاستثمار الجديد الذي يهدف إلى خلق القيمة وفرص الشغل تمت بلورته بتعاون وثيق مع قطاع الصناعة. مُذكِّرا بالمحاور الثلاثة الأكثر أهمية ضمن الميثاق، والمتمثلة في الحكامة، التي ستتيح للجهات الاضطلاع بدور هام والاقتراب من النسيج الصناعي المحلي، سواء المرتبط بمناخ الأعمال أو بمكافآت وحوافز الاستثمار.
من جهته، اعتبر نائب رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب ورئيس لجنة الابتكار والتطوير الصناعي بالاتحاد، محمد بشيري، أن الابتكار يشكل إحدى روافع التنافسية في قطاع الصناعة، موضحا أن من شأن الابتكار الإسهام في حل العديد من المشاكل الراهنة، لاسيما تلك المتعلقة بتدبير العمليات الصناعية، وجودة المنتجات المقدمة للزبناء، وكذا تدبير النجاعة الطاقية.
واقترح، في هذا الإطار، إنشاء تجمعات أو مدينة للابتكار في كل جهة من جهات المملكة، قصد تنسيق أنشطة الفاعلين، في القطاعين العام والخاص، المتصلة بالخصوصيات الصناعية الجهوية.
من جانبه، قال رئيس فيدرالية الصناعات الخشبية وفنون التصميم والتغليف، منير الباري، إن هناك اليوم تحديا لتطوير 13 قطاعا ناضجا بالمغرب يمكن من خلق حوالي 60 ألف فرصة شغل، بحسب دراسة أجرتها وزارة الصناعة والتجارة.
وفي هذه الدراسة، يضيف المتحدث ذاته، هناك بنك للمشاريع الخضراء التي يمكن تنفيذها، وتوفير فرص الشغل، فضلا عن رقم معاملات يناهز 10 ملايير درهم.
علاوة على ذلك، أكد الباري أن الترويج لـ “صنع في المغرب” يتطلب تطوير قطاع عرضاني وهو التغليف بشكل عام، مؤكدا أن هذا القطاع ضروري لتطوير قطاعات مهمة أخرى، بما في ذلك الصناعات الغذائية والصيدلانية، وكذا مواكبة تصدير منتجات “صنع في المغرب”.
ويعد هذا الحدث، الذي يعرف مشاركة الوزارات والمؤسسات المعنية وكذا الفيدراليات المهنية والفاعلين الخواص، منصة لتبادل الرأي حول الرهانات الاستراتيجية لتنمية القطاع، وأولويات الاستراتيجية الصناعية الجديدة.
وسيتم إدراج اليوم الوطني للصناعة، الذي سينظم خلال الدورات المقبلة على مستوى الجهات قصد تثمين الإمكانات الصناعية المحلية ومعالجة التحديات الخاصة المرتبطة بها، ضمن أجندة الأحداث الاقتصادية، باعتباره موعدا سنويا مرجعيا للصناعة بالمغرب.