تنفيذا للتعليمات الملكية السامية القاضية بتمكين المغرب من “ميثاق تنافسي جديد للاستثمار”، استطاعت حكومة السيد عزيز أخنوش، في أقل من سنة على تعيينها، إخراج الميثاق الجديد للاستثمار وتفعيل هذا الالتزام الحكومي، وذلك بعد مرور27 سنة على صدور الميثاق الحالي والجمود الذي عرفه مشروع الميثاق الجديد للاستثمار، منذ أكثر من عشر سنوات، تم خلالها إعداد أكثر من 65 صيغة.
وتمت المصادقة على الميثاق الجديد للاستثمار، الذي يندرج في إطار روح وطموح النموذج التنموي الجديد، في المجلس الوزاري الذي ترأسه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، يوم 13 يوليوز بالقصر الملكي بالرباط.
وجدد صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، في خطابه السامي بمناسبة الذكرى الـ 69 لـ “ثورة الملك والشعب” “الدعوة للشباب وحاملي المشاريع المغاربة، المقيمين بالخارج، للاستفادة من فرص الاستثمار الكثيرة بأرض الوطن، ومن التحفيزات والضمانات التي يمنحها ميثاق الاستثمار الجديد”.
وبالعودة إلى خطاب جلالة الملك، نصره الله، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة، أكتوبر 2022، والتي أورد خلالها: “وبما أن الاستثمار هو شأن كل المؤسسات والقطاع الخاص، فإننا نؤكد على ضرورة تعبئة الجميع، والتَّحلّي بروح المسؤولية، للنهوض بهذا القطاع المصيري لتقدم البلاد”.
بناء عليه، عملت الحكومة على إعداد الميثاق وفق مقاربة تشاركية مع مختلف الجهات المعنية، حتى يستجيب لمختلف المتطلبات الضامنة لإنجاح هذا الورش الإصلاحي الكبير.
محسن الجزولي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية، أكد أن ميثاق الاستثمار الجديد، يروم ملاءمة سياسة الدولة في مجال تنمية الاستثمار مع التحولات المؤسساتية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والتكنولوجية العميقة على الصعيدين الوطني والدولي.
وقال الجزولي، خلال تقديمه في اجتماع للجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، خُصص لمناقشة مشروع قانون-إطار رقم 03.22 بمثابة ميثاق الاستثمار، أن هذا النص الجديد مكَّن من تجاوز الجمود الذي عرفه مشروع الميثاق الجديد للاستثمار منذ أكثر من عشر سنوات، تم خلالها إعداد أكثر من 65 صيغة، مبرزا أنه نتيجة عمل مشترك لكل مكونات الحكومة، في إطار الحكامة الجيدة التي تدعو لها منذ تعيينها.
وأضاف المسؤول الحكومي، أن الميثاق الجديد للاستثمار الذي تمت المصادقة عليه في المجلس الوزاري الذي ترأسه صاحب الجلالة، شامل للجميع وواضح ويطرح إطارا موحدا ومتماسكا، فضلا عن كونه يوجه الاستثمار نحو الأولويات الاستراتيجية للدولة ويقترح تدابير تحفيزية قوية، منوها إلى أن الطموح الأكبر يتمثل في تحرير الإمكانات الكاملة للاستثمار الخاص على الصعيد الوطني، في سياق دولي متميز بمنافسة حادة من أجل جذب الاستثمارات.
وسجل الوزير أن الميثاق الجديد يشمل كل الاستثمارات، كبيرة كانت أو صغيرة، فضلا عن كونه مُوجَّها لجميع المستثمرين المغاربة والأجانب، وفي جميع جهات المملكة بلا استثناء، موضحا أن أحكام هذا القانون الإطار لا تطبق على مشاريع الاستثمار المنجزة في القطاع الفلاحي التي تبقى خاضعة للنصوص التشريعية والتنظيمية السارية عليها.
ويقدم الميثاق الجديد للاستثمار آفاقا جديدة أمام المستثمرين والمقاولين، لتحفيز الاستثمار بالقطاعات الواعدة بالمغرب على غرار الطاقات المتجددة، والصناعات، والتكنولوجيات الجديدة للاتصال. كما سيساهم في تنمية الاقتصاد الوطني، وسيسعى إلى توسيع دائرة الاستثمارات المحلية وجذب الاستثمارات الأجنبية من أجل خلق القيمة المضافة وتعزيز فرص الشغل، وتقليص الفوارق بين الأقاليم والعمالات في جلب الاستثمارات.
ويهدف الميثاق الجديد للاستثمار إلى خلق التوازن بين الاستثمار العام والخاص (حاليا يقدر بحوالي 100 مليار درهم، مع تسجيل الاستثمارات الأجنبية المباشرة نسبة 40 بالمائة)، من أجل بلوغ الثلثين (65 بالمائة) من الاستثمار الخاص وثلث الاستثمار العمومي في أفق سنة 2035، و إحداث مناصب شغل قارة، وتقليص الفوارق بين أقاليم وعمالات المملكة في جذب الاستثمارات، وتوجيه الاستثمار نحو القطاعات ذات الأولوية ومهن المستقبل، وتحسين مناخ الأعمال وتسهيل عملية الاستثمار، وتعزيز جاذبية المملكة من أجل جعلها قطبا قاريا ودوليا للاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتشجيع الصادرات وحضور المقاولات المغربية على الصعيد الدولي، وتشجيع وتعويض الواردات بالإنتاج المحلي.
ويضم مشروع الميثاق الجديد على الخصوص تدابير رئيسية للدعم، وتعويضات مشتركة لدعم الاستثمارات انسجاما مع التوجيهات الملكية السامية، وأهداف النموذج التنموي الجديد وكذا الأولويات التي حددتها الحكومة، وتعويضا مجاليا إضافيا يروم تشجيع الاستثمار في الأقاليم الأكثر هشاشة، وتعويضا قطاعيا إضافيا يمنح تحفيزات بهدف إنعاش القطاعات الواعدة.
كما ينُصُّ مشروع الميثاق الجديد للاستثمار على اتخاذ إجراءات للدعم خاصة بالمشاريع ذات الطابع الاستراتيجي من قبيل صناعات الدفاع، أو الصناعة الصيدلانية في إطار اللجنة الوطنية للاستثمارات، إضافة إلى تدابير خاصة للدعم موجهة إلى المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، إلى جانب تدابير أخرى للنهوض بالاستثمارات المغربية بالخارج.
إن هذا الميثاق الجديد، يطرح إطارا شفافا ومحفزا للمستثمرين يرتكز على ثلاثة محاور متمثلة في خلق أربعة أنظمة لدعم الاستثمار، واتخاذ التدابير الشاملة لتحسين مناخ الأعمال، وتعزيز حكامة موحدة ولامركزية حول اللجنة الوطنية للاستثمارات.
وتتمتع اللجنة الوطنية للاستثمارات باختصاصات موسعة مقارنة بالهيئة السابقة، وستكون تحت رئاسة رئيس الحكومة، وستكون هذه اللجنة مسؤولة على الموافقة على اتفاقيات الاستثمار، وتقييم فعالية أنظمة الدعم، والبت في الطابع الاستراتيجي لمشاريع الاستثمار، وتتبع تفعيل أحكام هذا القانون-الإطار والنصوص المتخذة لتطبيقه، ورصد تنفيذ أحكامه، واقتراح أي تدبير من شأنه تشجيع الاستثمار وتعزيز جاذبية المملكة.