واجه المغرب خلال الموسم الفلاحي 2021-2022، موسما جافا لم يشهد مثله منذ ثمانينيات القرن الماضي، فمنذ شتنبر 2021 وإلى غاية متم شهر غشت 2022، بلغ معدل التساقطات المطرية، ما يناهز 205 ملم، بانخفاض قدره 44 بالمائة مقارنة مع معدل 30 سنة (366 ملم)، و 34 بالمائة مقارنة مع نفس الفترة من الموسم الماضي (309 ملم). بالإضافة إلى تأخرها وضعفها، اتسمت التساقطات المطرية بسوء التوزيع الزمني والمجالي.
وتبعا للتوجيهات الملكية السامية، وضعت الحكومة برنامجا استثنائيا للتخفيف من آثار نقص التساقطات المطرية على القطاع الفلاحي بقيمة 10 ملايير درهم ــ على أن يساهم صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، بناء على أمر جلالة الملك، بمبلغ ثلاثة ملايير درهم في هذا البرنامج، من أجل تقديم المساعدة اللازمة للفلاحين ومربي الماشية المعنيين، حيث ارتكز البرنامج على 3 محاور رئيسية، يتعلق الأول بحماية الرصيد الحيواني والنباتي وتدبير ندرة المياه، ويستهدف المحور الثاني التأمين الفلاحي، في حين يهم المحور الثالث تخفيف الأعباء المالية على الفلاحين والمهنيين.
وخصصت الحكومة 6 ملايير درهم لإعادة هيكلة مديونية الفلاحين، خاصة الصغار منهم، حيث يلجؤون عند كل بداية موسم فلاحي إلى قروض بنكية لتمويل نشاطهم الفلاحي. كما خصصت مليار درهم من الغلاف الإجمالي المرصود للبرنامج الاستعجالي لمواجهة آثار شح التساقطات المطرية، للتأمين على الموسم الفلاحي، بينما خصصت 3 ملايير درهم لدعم الأنشطة الفلاحية المتضررة، كتربية المواشي، عبر توفير الأعلاف بأثمان مناسبة.
محمد الصديقي، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أكد أن البرنامج يتضمن توزيع 7 ملايين قنطار من الشعير المدعم لفائدة مربي الماشية، و400 ألف طن من الأعلاف المركبة لفائدة مربي الأبقار الحلوب للحد من آثار ارتفاع أسعار المواد العلفية وتراجع موفورات الكلأ بكلفة إجمالية تصل إلى2.1 مليار درهم، بالإضافة إلى تلقيح ومعالجة 27 مليون رأس من الأغنام والماعز و200 ألف رأس من الإبل ومعالجة النحل ضد داء الفارواز بميزانية قدرها 300 مليون درهم.
وأبرز المسؤول الحكومي، ضمن تصريحات صحافية، أن البرنامج سيعرف إعادة تأهيل مدارات الري الصغير والمتوسط بهدف صيانة المعدات وخلق فرص عمل من خلال تطوير وتأهيل السواقي ومآخذ المياه التقليدية والخطارات بميزانية تصل إلى 255 مليون درهم، وتوريد الماشية عبر تهيئة وتجهيز نقط مائية، مع اقتناء صهاريج وشاحنات صهريجية، وتهيئة المراعي على مساحة 10 آلاف هكتار بميزانية قدرها 224 مليون درهم، ناهيك عن الري التكميلي لاستدامة البساتين حديثة الزراعة (من 2 إلى 5 سنوات) التي تم غرسها في إطار الفلاحة التضامنية على مساحة 55 ألف هكتار بميزانية إجمالية تبلغ 121 مليون درهم.
وإلى ذلك، همَّ المحور الثاني من البرنامج، المتعلق بالتأمين المتعدد المخاطر للموسم الفلاحي الحالي، العمل على تسريع أجرأة التأمين ضد الجفاف بالنسبة للفلاحين، برأس مال مؤمن عليه من قبل الفلاحين يصل إلى 1.12 مليار درهم على مساحة مليون هكتار.
أما المحور الثالث المتعلق بتخفيف الأعباء المالية على الفلاحين والمهنيين، فقد خصص له مبلغ مالي بقيمة 6 مليارات درهم، ويروم إعادة جدولة مديونية الفلاحين، وتمويل عمليات تزويد السوق الوطنية بالقمح وعلف الماشية، علاوة على تمويل الاستثمارات المبتكرة في مجال السقي.
واعتبارا لمستوى حقينة السدود الموجهة للفلاحة، التي لم تتجاوز إلى متم شهر غشت 2022 ما قدره 3,31 ملايير م³ (متر مكعب) بنسبة ملء تناهز 24 بالمائة مقابل 37 بالمائة في نفس الفترة خلال الموسم الفارط، إلى جانب التباين الكبير بين الأحواض المائية. قامت الحكومة بتتبع دقيق لتطور الوضعية المائية لترشيد موفورات المياه على مستوى الدوائر السقوية مع إعطاء الأولوية لري الأشجار المثمرة والزراعات الدائمة مع تقييد مساحات الزراعات المستهلكة للماء. إذ بلغ حجم مياه السقي الموزعة خلال الموسم 2021-2022 ما يعادل 1226 مليار م³ (متر مكعب).
وعملت الحكومة، بتعاون مع جميع الفاعلين، على تنزيل هذا البرنامج وتهم الحصيلة أساسا اقتناء 5 ملايين قنطار من الشعير المدعم لفائدة 1,23 مليون مربي ماشية، بالإضافة إلى 1,62 مليون قنطار من الأعلاف المركبة المدعمة لفائدة 195 ألف مربي أبقار حلوبة. مع إطلاق شطر آخر من هذا البرنامج نهاية شهر أكتوبر لكل من الشعير (665 ألف قنطار) والأعلاف المركبة (477 ألف قنطار) وفقا للموارد الرعوية لكل جهة.
ومن الإجراءات الأخرى، تهيئة وتجهيز 315 نقطة مائية واقتناء 3204 صهاريج بلاستيكية، خاصة بتوريد الماشية، فضلا على تعزيز السلامة الصحية للقطيع، بفضل إطلاق عملية تلقيح الأغنام والماعز ضد التسممات المعوية ومعالجتها ضد الأمراض الطفيلية الباطنية والخارجية والتي مكَّنت إلى غاية أكتوبر 2022 من تلقيح ومعالجة حوالي 12.3 مليون رأس والعملية ما زالت مستمرة. هذا بالإضافة لإطلاق عملية معالجة الإبل ضد الأمراض الطفيلية الباطنية والخارجية، حيث مكنت إلى غاية أكتوبر من معالجة حوالي 42000 رأس ولازالت العملية كذلك مستمرة.