أكد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش أن الرهان الذي ظل يقود العمل الحكومي في مختلف محطات الولاية الحالية يتمثل في مواصلة تعميق الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد الوطني، عبر تعبئة منظومة الاستثمار المنتج وتحفيز مناخ الأعمال.
وسجل أخنوش، في إطار جلسة المساءلة الشهرية حول موضوع “تحفيز الاستثمار ودينامية التشغيل”، أن هذه الإصلاحات تعد بوابة أساسية لخلق دينامية متجددة للمقاولة والقطاعات الواعدة ذات الأثر المباشر على سوق الشغل الوطني، وتنويع مصادر تمويل السياسات الاجتماعية.
وأبرز أن التجربة المغربية حققت العديد من المكتسبات خلال العقدين الأخيرين، مدعومة بمسلسل الإصلاحات الكبرى على مستوى تحديث المؤسسات والتقدم النوعي في العديد من المجالات، مما عزز مكانة المغرب كوجهة إقليمية لجلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وكقطب للأمن والاستقرار.
وشدد على أن المغرب، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، يتحلى بقدر كبير من الإرادة للحفاظ على هذا المسار التحولي، ما ساهم في تعزيز صموده في وجه التقلبات الدولية المتتالية، عاكسا بذلك نقاط القوة والسمعة الخارجية التي تزخر بها المملكة، مبرزا أن هذا التقدم الملموس “لم يأت من فراغ، بل تم تحقيقه بفضل تحسين مجموعة من المؤشرات المتعلقة أساسا بالرفع من مستوى التنمية والجودة المؤسساتية وتكريس مبادئ الحكامة والمسؤولية”.
واستحضر الدعوة الملكية السامية بمناسبة افتتاح البرلمان في 14 أكتوبر 2022، عندما أبرز جلالته على أننا: “نراهن اليوم، على الاستثمار المنتج، كرافعة أساسية لإنعاش الاقتصاد الوطني، وتحقيق انخراط المغرب في القطاعات الواعدة، لأنها توفر فرص الشغل للشباب، وموارد التمويل لمختلف البرامج الاجتماعية والتنموية”. مؤكدا جلالته في نفس الخطاب على أن بلادنا تراهن على: “أن يعطي الميثاق الوطني للاستثمار، دفعة ملموسة، على مستوى جاذبية المغرب للاستثمارات الخاصة، الوطنية والأجنبية”. مشيرا إلى أن التوجيهات الملكية السديدة، تشكل عمق العمل الحكومي في هذا المجال، والدعامة المحورية لدعم بيئة الأعمال الوطنية وخلق الشروط الملائمة للمقاولة وتشجيع دينامية الاستثمار.
ولفت أخنوش إلى أن رهان جعل المغرب بلدا للإصلاحات الكبرى يفرض تحديدا واضحا للأولويات التي يتعين رفعها، وتأسيس لوحة قيادة واضحة للتدخلات العمومية، تأخذ بعين الاعتبار الإرادة الحكومية لإحداث تحولات انتقالية في منظومة الاستثمار ومواكبة الرهانات الوطنية والدولية في هذا المجال، للمساهمة في تقديم الحلول الناجعة للتحديات المرحلية، لاسيما إشكالية التشغيل بالمملكة.
وأضاف أنه تمت ترجمة هذا الطموح الوطني من خلال جعل التجربة الحكومية الحالية منصة لجيل جديد من السياسات والبرامج العمومية المبتكرة، مشيرا إلى أن الحكومة حرصت منذ بداية الولاية على التوفيق بين تزايد حجم النفقات المالية وتعزيز نجاعة الأداء العمومي، من خلال تعميق إصلاح الميزانية العمومية، ومواصلة اعتماد مقاربة شمولية ومندمجة ترتكز على النتائج، للتجاوب الفعلي مع التحديات المطروحة بتخصيص موارد مالية استثنائية ووضع خيارات إرادية واستباقية.
ولترسيخ هذه الخيارات، يضيف أخنوش، عملت الحكومة على تكثيف الجهود لترشيد النفقات ومضاعفة الموارد وتوجيهها نحو المجالات ذات الوقع الاقتصادي والاجتماعي الأكبر، لاسيما من خلال تنزيل الإصلاح الشامل والاستراتيجي لقطاع المؤسسات والمقاولات العمومية، مؤكدا في هذا الإطار أن الحكومة تعمل على تحسين الحكامة والأهمية الحيوية لقطاع المؤسسات والمقاولات العمومية ضمن المنظومة التدبيرية بالمملكة، عبر الرفع من فعالية تدخلاتها ومعالجة اختلالاتها الهيكلية.
وسجل أن تحسين أداء السياسة المساهماتية للدولة التي قدمت الحكومة توجهاتها الاستراتيجية خلال أشغال المجلس الوزاري أمام جلالة الملك مؤخرا، تبرز الأولوية الهيكلية التي يحظى بها هذا الورش في عمل الحكومة منذ بداية هذه الولاية.
وأبرز رئيس الحكومة أن هذا التوجه يسعى إلى مراجعة النماذج الاقتصادية للمقاولات والمؤسسات العمومية، من خلال تفعيل دور الوكالة الوطنية للتدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة، وتعزيز مساهمتها الإيجابية من حيث خلق الثروة ومردودية الاستثمارات وإنتاج خدمات عمومية ذات جودة، بما يضمن المصالح العليا للمملكة مستقبلا، لاسيما تلك المرتبطة بقضايا السيادة الوطنية، وتعميق الاندماج القاري والدولي ومواجهة التحديات المناخية والمجالية، بشكل يتلاءم مع أهداف التنمية المستدامة.
وأكد أن هذه الرؤية تتعزز بتنزيل محاور القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الضريبي، باعتباره القناة الأساسية لتحقيق العدالة الضريبية، ومنح المستثمرين والمقاولة شروطا ضريبية مبسطة وشفافة ومحفزة للأنشطة الإنتاجية والمقاولاتية، لاسيما الإصلاحات المتعلقة بالضريبة على القيمة المضافة وإدماج القطاع غير المهيكل.
ولفت أخنوش إلى أن الحكومة نجحت في وضع اللبنات الأساسية لتحقيق العدالة الجبائية، من خلال توسيع الوعاء الضريبي دون الرفع من الضغط الجبائي على النسيج المقاولاتي الوطني، مشيرا في هذا الإطار إلى أنه تم تخفيف العبء الضريبي على المقاولات، عبر توحيد سعر الضريبة على الشركات في نسبة 20 في المائة في أفق سنة 2026 عوض سعر 31في المائة، مع الرفع من نسب تضريب الشركات الكبرى تدريجيا، لتبلغ 35 في المائة بالنسبة للشركات التي تفوق أرباحها الصافية 100 مليون درهم، وفي 40 في المائة بالنسبة لمؤسسات الائتمان والتأمين والهيئات المعتبرة في حكمها.