قال رئيس الحكومة عزيز أخنوش، إن ما حققته التجربة المغربية من تطورات دستورية وديمقراطية وتنموية ودبلوماسية ورياضية وغيرها من مظاهر الإشعاع الحضاري، لم تكن ممكنة لولا عمق الرؤية الملكية المتبصرة، التي طالما شكلت الدعامة المحورية لتكريس مقومات الدولة العصرية، ففي إطار هذه الرؤية الملكية الحكيمة، حقَّقت الدبلوماسية المغربية عدة مكاسب في قضية الصحراء المغربية، وهو ما يعكسه توالي الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء، كتتويج لوجاهة المقاربة الملكية في تدبير هذا النزاع المفتعل.
وأبرز أخنوش، متحدثا خلال جلسة عمومية مشتركة مخصصة لتقديم الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، الأربعاء 24 أبريل، أن هذه المقاربة الرصينة تسعى إلى جعل أقاليمنا الجنوبية فضاء جيو-سياسيا مرجعيا، حاملا للسلام والاستقرار والازدهار للمنطقة الأورو-إفريقية. وهو ما مكَّن من حشد المزيد من الدعم الدولي لقضيتنا الوطنية الأولى ومبادرة الحكم الذاتي.
وأفاد أن جدية ومتانة الموقف المغربي في إطار المسلسل الأممي، تتيح إمكانيات واعدة لجعل صحرائنا المغربية مدخلا للعالم نحو إفريقيا، والمعبر الأساسي للتدفقات الاقتصادية والإنسانية تجاه دول جنوب الصحراء، اعتمادا على الرصيد التاريخي الغني الذي يطبع العلاقات والروابط بين المملكة وباقي شعوب إفريقيا. وبالتالي تعزيز التموقع الاستراتيجي للمملكة في محيطها القاري، وخلق شروط أوسع وأقوى لجذب الاستثمارات العالمية الكبرى.
وأورد أخنوش، أن بلادنا انخرطت تحت القيادة الملكية السامية، في جيل جديد من الشراكات مع عدد من الدول الصديقة والشقيقة، جسدها على سبيل المثال، نجاح بلادنا رفقة كل من إسبانيا والبرتغال في نيل شرف التنظيم المشترك لكأس العالم 2030، والذي يشكل فرصة متجددة لتعزيز التعاون والشراكة مع البلدين على كافة الأصعدة الرياضية والاقتصادية والحضارية. في حين شكل إبرام اتفاقيات تفاهم وإعلان “شراكة مبتكرة ومتجددة وراسخة” لبلادنا مع دولة الإمارات العربية المتحدة، مناسبة لتطوير مختلف مجالات التعاون الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين البلدين.
هذه الدينامية، توجت بإعلان جلالة الملك نصره الله، عن مبادرة دولية لتسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، يقول أخنوش، والتي من المنتظر أن تساهم في تكريس البعد الإفريقي للمغرب، كأحد روافده الدستورية.
وأكد أن الحكومة تشيد بعمق هذه المشاريع الملكية، وتعرب عن استعدادها الكامل والتزامها بتعبئة إمكاناتها للمواكبة الفعلية لهذه الأوراش الكبرى، سواء من حيث تعزيز جودة البنيات التحتية، أو من خلال مد جسور التعاون مع الدول الشريكة الصديقة والشقيقة.
ولفت رئيس الحكومة إلى أنه لابد من الوقوف وقفة إجلال أمام مبادرات جلالة الملك، أيده الله، تجاه القضية الفلسطينية، تلك المواقف التي تعتبر دليلا على أن المغرب -ملكا وشعبا- ملتزم بجعل هاته القضية قضية وطنية. فما يقوم به رئيس لجنة القدس من مواقف وأعمال جليلة، لا تمليه الظروف والحسابات، بل هو قناعة ثابتة ودائمة.
على صعيد آخر، استحضر رئيس الحكومة عزيز أخنوش بكثير من الفخر والاعتزاز، المكانة الهامة التي أضحت تحتلها بلادنا على الصعيد الدولي في المجال الحقوقي، وأبرز أن نجاح المغرب في نيل رئاسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ما هو إلا تكريس للمسار الحقوقي للمملكة، وتعبير صريح من المنتظم الدولي عن الثقة والمصداقية التي يحظى بها المغرب في هذا المجال . واعتبر أن إقرار جلالة الملك، نصره الله، ترسيم رأس السنة الأمازيغية كيوم وطني وعطلة رسمية مؤدى عنها، لحظة تاريخية فارقة من شأنها أن تعزز المكتسبات الهامة التي حققتها الأمازيغية في بلادنا.
وتجسيدا للعناية الكريمة التي ما فتئ يوليها جلالة الملك أعزه الله، للنهوض بقضايا المرأة والأسرة بشكل عام، وحرصه الدائم على الحفاظ على تماسك الأسرة، ذكَّر أخنوش بتسلمه الرسالة الملكية بتاريخ 26 شتنبر 2023، حيث دعا جلالته لإعادة النظر في مدونة الأسرة، وأسند للهيئة المكلفة بمراجعة المدونة الإشراف العملي على إعداد هذا الإصلاح الهام، من خلال إجرائها لمشاورات واسعة، تنصت فيها إلى مقترحات الفاعلين المؤسساتيين وفعاليات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل والقضاة والخبراء والممارسين .
وقال أخنوش، إن الرسالة الملكية السامية حددت أجل ستة أشهر لوضع نتائج جلسات الاستماع ورفع مقترحات التعديل المنبثقة عن المشاورات التشاركية الواسعة، إلى النظر السامي لأمير المؤمنين، والضامن لحقوق وحريات المواطنين، وذلك قبل إعداد الحكومة لمشروع قانون في هذا الشأن، وعرضه على مصادقة البرلمان.
وأخذا بالتكليف الملكي السامي الذي تَشرَّف به رئيس الحكومة، رفع عزيز أخنوش إلى المقام العالي لأمير المؤمنين، مقترحات تعديلات الهيئة التي توصلت بها، وفقا للموعد الذي حدده جلالة الملك، رمز إجماع الأمة والمعبر الأسمى عن الإرادة العامة.
وشدد على ” أننا مدينون لجلالته حفظه الله، بما أنجزته بلادنا من نهضة وطنية على كافة الأصعدة، وتتشرف الحكومة بأن تتحمل أمانة المسؤولية في تنفيذ التوجيهات الملكية السامية والقيام بها على الوجه الأكمل”.