ⴰⵏⵙⴰ ⵏ ⵜⵏⴱⴰⴹⵜ ⵜⴰⵎⵖⵔⵉⴱⵉⵜ

الدولة الاجتماعية.. إدماج أُسري متواصل ورافعة لنموذج مجتمعي وتنموي واعد

وضعت الحكومة هدف تدعيم ركائز الدولة الاجتماعية في صدارة أولويات البرنامج الحكومي، وفق رؤية تجمع بين ترصيد المكتسبات التي راكمتها بلادنا في المجال الاجتماعي، تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك نصره الله، وتقديم حلول هيكلية لمعالجة مكامن الهشاشة التي تشوب بعض السياسات العمومية المرتبطة بتنمية الرأسمال البشري، وضمان فعلية الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للمواطنات والمواطنين.

وتنفيذا لهذه الرؤية الملكية السديدة، قطعت الحكومة، خلال النصف الأول من ولايتها، أشواطا متقدمة على درب التنزيل الفعلي لمختلف الأوراش الاجتماعية، وفي مقدمتها مشروع تعميم التغطية الصحية الإجبارية، وورش الدعم الاجتماعي المباشر، وبرنامج دعم السكن، فضلا عن مأسسة الحوار الاجتماعي، وهي أوراش تشكل في مجملها آليات أساسية لتمكين المواطنات والمواطنين من شروط العيش الكريم ومدخلا رئيسيا لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.

وفيما يلي أهم الأوراش الحكومية في المجال الاجتماعي:

تعميم منظومة “AMO” ..واقع ملموس

تجسيدا للإرادة الملكية السامية الرامية إلى تعزيز ركائز الدولة الاجتماعية، وفق نموذج وطني يضع المواطن في قلب الأوراش التنموية  الكبرى، شرعت الحكومة، منذ تنصيبها، في تنزيل مشروع تعميم الحماية الاجتماعية بدءا بورش تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض(AMO) قبل متم سنة 2022، وذلك في احترام تام للأجندة الملكية، وبتنفيذ محكم لمقتضيات القانون الإطار 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية، حيث اتخذت الحكومة كافة التدابير التشريعية والتنظيمية والمالية والمؤسساتية اللازمة للإطلاق الفعلي للورش. وقد مكنت هذه التدابير من استفادة 4 ملايين أسرة في وضعية هشاشة من تغطية صحية تضمن لهم خدمات صحية وعلاجية (AMO تضامن)، على غرار أجراء القطاع الخاص وموظفي القطاع العام، وكذا تعميم هذه التغطية الصحية لفائدة ملايين الأشخاص من المهنيين والعمال المستقلين. والأشخاص غير الأجراء، وإرساء نظام خاص للتأمين الإجباري الأساسي عن المرض للأشخاص القادرين على تحمل واجبات الاشتراك، الذين لا يزاولون أي نشاط مأجور أو غير مأجور.

إصلاح هيكلي للمنظومة الصحية الوطنية

تجسيدا للإرادة الملكية السامية الرامية إلى تعزيز ركائز الدولة الاجتماعية وفق نموذج وطني يضع العنصر البشري في صلب اهتماماته، بادرت الحكومة منذ تنصيبها إلى إعداد رؤية استراتيجية مندمجة للنهوض بقطاع الصحة، في إطار إصلاح هيكلي يهدف إلى مواكبة الورش الملكي لتعميم التغطية الصحية الإجبارية، من خلال ضمان خدمات صحية ذات جودة وفعالية، كفيلة بتحقيق ولوج عادل للعلاج. ومن أجل تفعيل هذه الرؤية الاستراتيجية التي تهدف إلى تعزيز المنظومة الصحية والرفع من قدرتها على الاستجابة للتحديات المستقبلية، خاصة على إثر التداعيات التي عانى منها العالم وبلادنا خلال جائحة “كوفيد- 19″، كان من اللازم إعداد ترسانة قانونية جديدة تستجيب للإصلاح الهيكلي المنشود.

وتمكنت الحكومة، بفضل الانخراط الجماعي لجميع الفاعلين المؤسساتيين، لاسيما البرلمان بمجلسيه، من إصدار الإطار القانوني اللازم لمواكبة الإصلاح الشامل لقطاع الصحة قبل متم نصف ولايتها. وفي هذا الإطار، صدر القانون الإطار رقم 06.22 الذي يشكل الإطار القانوني العام لإصلاح المنظومة الصحية الوطنية وإعادة هيكلتها، والذي انبثقت عنه عدة قوانين وإجراءات باشرت الحكومة تنزيلها على أرض الواقع، في أفق تحقيق كافة الأهداف المتوخاة من هذا المسار الإصلاحي الطموح.

 الدعم الاجتماعي المباشر.. استثمار الدولة في مستقبل أفرادها

 عملت الحكومة على إطلاق ورش “الدعم الاجتماعي المباشر” خلال شهر دجنبر 2023 في احترام تام للآجال والتوجيهات الملكية السامية الواردة في مضامين الخطاب الملكي السامي،  بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية الحادية عشرة، الذي أكد، من خلاله، جلالته نصره الله، على أن هذا البرنامج “لا يجب أن يقتصر على التعويضات العائلية فقط، بل يجب أن يتجاوزها ليشمل أيضا بعض الفئات الاجتماعية التي تحتاج إلى المساعدة”.

ويهم هذا الدعم الاجتماعي المباشر الأطفال في سن التمدرس، والأطفال في وضعية إعاقة، والأطفال حديثي الولادة، إضافة إلى الأسر الفقيرة والهشة بدون أطفال، خاصة منها التي تعيل أفرادا مسنين.

وقد عكفت الحكومة على إعداد وتحصين الإطار العملي والزمني والميزانياتي لهذا الورش بالغ الأهمية، وتحديد كيفيات وشروط تنزيله، مع استكمال منظومة استهداف المستفيدين منه وتأمين الاعتمادات المالية لاستدامته، وفق مقاربة تشاركية وتنسيق محكم بين جميع القطاعات الوزارية المعنية.

 كما يعتمد نظام الدعم الاجتماعي المباشر على مقاربة جديدة في معالجة القضايا الاجتماعية المرتبطة بمحاربة الفقر والهشاشة ودعم الطبقة المتوسطة، من خلال تقديم دعم مالي مباشر لا يقل عن 500 درهم شهريا، لملايين الأسر المستوفية لشروط الاستهداف بعد تسجيلها في السجل الاجتماعي الموحد.

في هذا الإطار، سيكلف تفعيل هذا الورش ميزانية تقدر بـ 25 مليار درهم برسم سنة 2024، ومن المرتقب أن تصل إلى  26,5 مليار درهم برسم سنة 2025 ، و 29 مليار درهم بحلول سنة 2026.

وبخصوص مساهمته في تحسين مؤشرات التنمية الاجتماعية والبشرية، يهدف برنامج “الدعم الاجتماعي المباشر” إلى تقليص نسب الفقر والهشاشة والحد من الفوارق الاجتماعية، إلى جانب الاستثمار في العنصر البشري من خلال الاستثمار في الطفولة المبكرة، وكذا تحسين الولوج للصحة والتعليم من خلال الحث على تمدرس الأطفال وتشجيع النساء الحوامل على متابعة الفحوصات الطبية خلال فترة الحمل وبعد الولادة، وتوفير الرعاية للفئات الهشة، خصوصا منها الأطفال في وضعية إعاقة، والأسر التي تعيل الأشخاص المسنين، مع تكريس مبادئ التضامن الاجتماعي والعدالة الاجتماعية.

الاستهداف الاجتماعي..ولوج منصف لبرامج الدعم

تعتبر منظومة الاستهداف الاجتماعي إحدى دعائم إصلاح نظام الحماية الاجتماعية، وآلية مبتكرة تروم تحقيق النجاعة والفعالية في استهداف الأسر وتبسيط المساطر وتعزيز عملية الإدماج للولوج إلى برامج الدعم الاجتماعي. وقد أحدثت هذه الآلية بمقتضى القانون رقم 72.18 المتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي وإحداث الوكالة الوطنية للسجلات.

وتقوم هذه المنظومة على السجل الوطني للسكان (RNP) الذي يتم في إطاره معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، المتعلقة بالأشخاص الذاتيين المغاربة والأجانب المقيمين بالتراب الوطني بطريقة إلكترونية، من خلال تجميعها وتسجيلها وحفظها وتحيينها وتغييرها عند الاقتضاء، ويهدف هذا السجل، على الخصوص، إلى إتاحة إمكانية التعرف على الأشخاص الراغبين في التقييد في السجل الاجتماعي الموحد من أجل الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي، التي تشرف عليها الإدارات العمومية والجماعات الترابية والهيئات العمومية، بما في ذلك التأكد من هويتهم والتثبت من مصداقية المعلومات والمعطيات المتعلقة بهم.

كما تقوم هذه المنظومة كذلك على السجل الاجتماعي الموحد (RSU)، الذي يتم في إطاره تسجيل الأسر قصد الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي، وذلك بناء على طلب يقدمه الشخص المصرح بإسم الأسرة، حيث يمنح لهذه الأخيرة مؤشرا بناء على المعطيات المرتبطة بظروفها الاجتماعية وفق صيغة حسابية محددة بالمرسوم المتعلق بالسجل الاجتماعي الموحد.

 دعم السكن.. تيسير الولوج للسكن الجيد

تفعيلا للتوجيهات الملكية السامية، وتنزيلا لالتزام الحكومة في برنامجها للولاية التشريعية 2021 ‑ 2026 القاضي بتحفيز قطاع السكن وتوفير سكن لائق للمواطنات والمواطنين، تم إطلاق برنامج جديد للدعم المباشر لاقتناء السكن الرئيسي، يهدف إلى الرفع من القدرة الشرائية للمقتنين، خاصة للفئات الاجتماعية ذات الدخل المنخفض والمتوسط، وتيسير الولوج إلى سكن جيد يستجيب لتطلعاتهم، وذلك على مدى 5 سنوات من أجل تحسين مستوى عيش حوالي 110 ألف أسرة سنويا، بغلاف مالي قدره 9,5 مليار سنويا للفترة 2024 – 2028.

وفي هذا الصدد، تم تخصيص مساعدة مالية مباشرة تبلغ 100 ألف درهم من أجل اقتناء مسكن يقل ثمن بيعه أو يعادل 300 ألف درهم مع احتساب الرسوم، و 70 ألف درهم لاقتناء مسكن يتراوح ثمنه ما بين 300 ألف درهم و 700 ألف درهم مع احتساب الرسوم.

 مدرسة الجودة لأجيال الغد

استنادا للبرنامج الحكومي، تمثل مدرسة تكافؤ الفرص مدخلا مهما لتنمية الرأسمال البشري وتدعيم ركائز الدولة الاجتماعية ببلادنا، ومن ثم، فقد شكّل الإصلاح العميق والشمولي للتعليم الأولي والتربية الوطنية والتعليم العالي والتكوين المهني أحد أهم الأوراش التي باشرتها الحكومة حال انطلاق ولايتها.

وجعلت الحكومة من إصلاح التعليم أولوية ثابتة من خلال خارطة طريق واضحة مبنية على ثلاثة محاور استراتيجية: التلميذ والأستاذ والمؤسسة. وذلك بهدف خلق مدرسة عمومية ذات جودة للجميع. مدرسة تكافؤ الفرص والجودة والنجاح لأجيال الغد.

وبعد سنتين ونصف من العمل الحكومي في قطاع التربية الوطنية والتعليم الأولي، نجحت الحكومة في تنزيل التزاماتها وتحقيق خمسة من المكتسبات المرتبطة بإصلاحات هيكلية تهم التلميذ والأستاذ والمؤسسة، بداية بتنزيل نموذج مبتكر وفعال للتعليم الأولي، ثم إرساء مؤسسات الريادة كمقاربة تربط بين المبادئ التدبيرية لمشروع المؤسسة المندمج وتمكين التلاميذ من اكتساب المعارف الأساسية، إلى جانب المصادقة على النظام الأساسي الخاص بموظفي الوزارة المكلفة بالتربية الوطنية، علاوة على توفير شروط المواكبة الاجتماعية والتربوية للحد من الهدر المدرسي، وكذا الارتقاء بالرياضة المدرسية.

 منظومة جامعية مبتكرة

تمثل المنجزات الحكومية المتعلقة بإصلاح منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، إحدى أركان تصور حكومي متكامل لتنمية الرأسمال البشري، فكما نص على ذلك مشروع البرنامج الحكومي، سيمكن تجويد التكوين الجامعي من تزويد القطاعين العام والخاص بموارد بشرية مؤهلة، قادرة على تلبية متطلبات اقتصاد متنوع وموجه نحو الابتكار، ولتحقيق هذا الهدف، قادت الحكومة إصلاحا شاملا وعميقا يتَّسق مع أهداف البرنامج الحكومي وتقرير لجنة النموذج التنموي الجديد.

وبعد سنتين ونصف من التدبير الحكومي، يمكن القول أن القطاع يعرف زخما ملموسا ينسجم مع التوجهات الاستراتيجية المرسومة في المخطط الوطني لتسريع تحول منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار 2030.

 التكوين المهني والمستمر.. رافعة للإدماج الاجتماعي والمهني للشباب

يمثل التكوين المهني والمستمر ركنا أساسيا في البرنامج الحكومي المتعلق بتدعيم ركائز الدولة الاجتماعية من خلال تنمية الرأسمال البشري، وفي هذا الإطار، التزمت الحكومة بتطوير عرض جيد للتكوين المهني يتماشى مع حاجيات المقاولات، ويستجيب لحاجيات الطلبة الراغبين في الارتقاء بمسارهم المهني، من خلال خلق جسور بين التكوين المهني والجامعات والمدارس الكبرى.

في هذا الإطار، أطلقت الحكومة مجموعة من الأوراش الهيكلية الرامية لتطوير القطاع، نذكر من بينها الإشراف على تنفيذ الخارطة الملكية للتكوين المهني، عبر استكمال إنجاز مدن المهن والكفاءات، وإعادة النظر في جل شعب التكوين وتطوير وسائله، وإرساء إصلاحات هيكلية لتحسين حكامة القطاع وفعاليته.

أخبار ذات صلة