يحوز المغرب، وِفقا للتَّوجيهات الملكية السامية، تجربة متميزة في مجال إصلاح نظام العدالة، وانطبعت هذه التجربة بتكريس الاستقلالية المؤسساتية للسلطة القضائية، واعتماد القوانين التنظيمية المتعلقة بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وتنصيب جلالة الملك محمد السادس نصره الله لهذا الجهاز الدستوري.
من هذا المنطلق، تعمل الحكومة على استكمال ورش إصلاح منظومة العدالة، من خلال ترصيد المكتسبات في مجال العدالة؛ وتعزيز هذا الورش بمشاريع أخرى موازية وتوطيد دولة القانون وضمان مؤسسات قضائية مستقلة وعادلة، واعتماد تعديلات في قانون المسطرة المدنية وقانون المسطرة الجنائية وكذا القانون الجنائي، وهي التدابير التي تروم ضمان مناخ أعمال إيجابي قادر على جذب مزيد من الاستثمارات الجديدة وتعزيز وجهة المملكة كمنصة أكثر استقرارا في ميدان الأمن القانوني والقضائي.
وبما أن الإصلاح الشامل لمنظومة العدالة، لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال تجويد وتخليق عمل مواردها البشرية، عملت الحكومة على تثمين هذه الموارد عبر تحديث الترسانة القانونية الخاصة بها من خلال الإعداد لمشاريع القوانين التنظيمية المتعلقة بكل من المجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة، والتي تمت المصادقة عليهما في المجلس الوزاري المنعقد يوم 18 أكتوبر 2022.
ومن أجل تجويد العمل داخل المحاكم في شقه المتعلق بالموارد البشرية، عملت الحكومة، على توظيف 252 شخصا، من بينهم 100 مساعدا ومساعدة اجتماعية. كما تم الإعلان عن فتح مباراة لتوظيف 250 ملحقا قضائيا، وهي التدابير التي من شأنها تقليص آجال البت في القضايا والاستجابة بشكل أمثل لحاجيات المواطنين. وفي نفس السياق، بادرت الحكومة إلى تسوية الوضعية الإدارية والمالية لما يفوق 6 آلاف موظف و600 قاضٍ.
كما عملت الحكومة، في إطار الاختصاصات الموكولة لها في مجال الإدارة القضائية وفي احترام تام لاختصاصات السلطة القضائية، إلى اتخاذ مجموعة من التدابير التي من شأنها تقريب العدالة للمواطن وتعزيز بنياتها التحتية وذلك من خلال المصادقة على قانوني التنظيم القضائي والتحكيم والوساطة، إلى جانب مراسيم بإحداث محكمة استئناف جديدة بالداخلة ومحكمتين إداريتين وتجاريتين بكل من العيون والداخلة. وفي نفس الإطار، بادرت الحكومة خلال السنة الأولى من هذه الولاية التشريعية إلى تدشين أزيد من 10 محاكم وتهيئة وتوسعة ما يفوق 27 منها.
ووعيا منها بضرورة إرساء رؤية استراتيجية جديدة للتحول الرقمي لمنظومة العدالة، عملت الحكومة على تدعيم وتجويد منصات تواصل الإدارة القضائية مع المتقاضين والمهنيين، وذلك من خلال إطلاق خدمة الأداء الإلكتروني لغرامات المخالفات والجنح المرصودة عبر الرادار الثابت، وإطلاق نسخة جديدة من خدمة السجل العدلي والتي مكنت من تسليم ما يفوق 31300 بطاقة سجل عدلي عن بعد، إضافة إلى تجويد منصة التبادل مع المحامين. كما عملت الحكومة على ربط المؤسسات السجنية بشبكة انترنيت عالي الصبيب وتجهيز المحاكم بكاميرات وشاشات عالية الجودة قصد تجويد ظروف المحاكمات عن بعد، وإعداد المرجع الوطني الإلكتروني لمنتسبي المهن القانونية والقضائية وإحداث مركز النداء لفائدة وزارة العدل.
وفي المجال الدولي، احتضن المغرب مؤتمر وزراء العدل العرب بمدينة إفران خلال شهر أكتوبر 2022 ووقع اتفاقيات تعاون في المجال القضائي مع كل من إسرائيل واليمن. كما تم عقد جولة مفاوضات مع العراق حول مشروع اتفاقية في المسائل الجزائية وكذلك جولة مفاوضات مع السعودية حول مشروع 3 اتفاقيات في المسائل الجزائية، تهم تسليم المجرمين.
وفي إطار تنزيل الطابع الرسمي للأمازيغية داخل مرفق العدالة، حرصت الحكومة، أثناء إعدادها للقانون المتعلق بالتنظيم القضائي، على التنصيص على ضرورة تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية خلال المحاكمات، كما خصصت 60% من المناصب المتبارى عليها بمناسبة تنظيم مباراة التوظيف المساعدين الاجتماعيين للمترشحين باللغة الامازيغية واللهجة الحسانية وذلك قصد تسهيل ولوج المتقاضين والمرتفقين الناطقين بها إلى خدمات المساعدة الاجتماعية وخدمات المحاكم.
بالإضافة إلى كل ما سبق، عملت الحكومة، خلال السنة المالية الحالية، على تخصيص ميزانية مهمة تتجاوز 1.2 مليار درهم عن التعويضات الممنوحة للنساء الأرامل والمطلقات وأطفالهم في إطار صندوق التكافل العائلي.