قال رئيس الحكومة عزيز أخنوش، إن نصف الولاية التي قضتها الحكومة شهدت تحقيق ثورة اجتماعية غير مسبوقة، على مستوى تعميم الورش الملكي للتغطية الصحية الإجبارية.
وأبرز أخنوش، متحدثا خلال جلسة عمومية مشتركة مخصصة لتقديم الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، الأربعاء بالرباط، أنه تماشيا مع التوجيهات الملكية السامية الرامية إلى تنزيل التغطية الصحية الشاملة، أعدت الحكومة مباشرة بعد تنصيبها، رؤية استراتيجية مندمجة لضمان التغطية الصحية لكل المواطنات والمواطنين، مهما كانت وضعيتهم الاجتماعية والمادية والمهنية.
وأوضح أن الحكومة كانت على اقتناع تام، بـأن ضمان التنزيل الأمثل لمشروع التغطية الصحية لن يكون ناجعا، دون حكامة تدبيرية تتفادى نواقص البرامج السابقة (كما حدث مع نظام راميد)، حيث نجحت الحكومة ابتداء من فاتح دجنبر 2022، في تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض وفق الأهداف والإطار الزمني المحدد له، حيث تم نقل المستفيدين سابقا من نظام ” راميد “، والبالغ عددهم 4 ملايين أسرة، أي أكثر من 10 ملايين مواطن ومواطنة، إلى نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، بميزانية تتحملها الدولة تبلغ 9,5 مليار درهم سنويا، مع ضمان الاستدامة المالية والاستهداف الناجع للمستفيدين، كالتزام سياسي وتنموي أمام جلالة الملك وكاستجابة لانتظارات المغاربة.
وأكد أخنوش، أن إدماج فئات العمال غير الأجراء في نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض شكل تحديا كبيرا، واستلزم اعتماد مقاربة تشاركية من أجل الإعداد والمصادقة على 28 مرسوما تطبيقيا لقانون نظام التأمين الإجباري عن المرض المتعلق بمختلف هذه الفئات.
وأشار أنه تم تسجيل 2,4 مليون مهني من غير الأجراء، وفتح باب الاستفادة من نظام التأمين الأساسي عن المرض أمام 6 ملايين مستفيد وذوي الحقوق المرتبطين بهم، وبعد وضع الأنظمة الخاصة بفئات العمال غير الأجراء وبالأشخاص غير القادرين على تحمل واجبات الاشتراك، عملت الحكومة على وضع نظام ” أمو الشامل “، وهو نظام إضافي موجه للأشخاص القادرين على أداء واجبات الاشتراكات الذين لا يزاولون أي نشاط مأجور أو غير مأجور.
وأكد رئيس الحكومة، أن لحظة التنزيل الفعلي لورش الدعم الاجتماعي المباشر، وهو ورش مهندسه جلالة الملك بعبقريته المعتادة، تبقى من المحطات التاريخية المتميزة، التي سيتذكرها كل المغاربة، حيث شكل نجاح الحكومة في تنزيل هذا الورش الملكي، منبع اعتزازنا كمواطنين قبل أن نكون رئيسا أو أعضاء في هذه الحكومة، ثم كمسؤولين يستشعرون أهمية هذا الورش الوطني الذي تشرفنا بتنزيل إجراءاته. ذلك أن هذا الورش الوطني النبيل، سيمكن ملايين الأسر المغربية ضعيفة الدخل من الخروج من الهشاشة والتهميش الاجتماعي.
وأبرز أن المغرب اليوم، يؤسس لسياسات اجتماعية تضامنية ومنصفة ومستدامة تعزز منسوب الثقة في المستقبل. ذلك أن قضية محاربة الفقر والهشاشة وحفظ كرامة المواطنين ليست قضية يمين أو يسار أو وسط، وليست شعارات للاستهلاك وتلميع الصورة، بل هي قضية ملك وشعب تطمح إلى ضمان شروط العيش الكريم وتقوي مناعة الأسرة التي هي النواة الصلبة للمجتمع أمام تقلبات الحياة.
وعكفت الحكومة خلال نصف ولايتها الأولى على إعداد وتحصين الإطار العملي والزمني والميزانياتي لهذا الورش، يقول أخنوش، وكذا تحديد كيفيات وشروط تنزيله، مع استكمال منظومة استهداف المستفيدين منه وتأمين الاعتمادات المالية المستدامة، وذلك وفق مقاربة تشاركية وتنسيق محكم بين جميع القطاعات الوزارية المعنية، حيث تم في ظرف وجيز إعداد وإخراج جميع النصوص القانونية والتنظيمية المؤطرة له، في إشارة إلى القانون المتعلق بنظام الدعم الاجتماعي المباشر، ثم القانون الخاص بإحداث الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي، بالإضافة إلى عدد من المراسيم التطبيقية والقرارات الوزارية، إلى جانب التسريع بإخراج السجل الاجتماعي الموحد، سنة 2023 عوض 2025 المسطرة سابقا.
في ذات السياق، أبرز رئيس الحكومة أن هذه الأخيرة نهَجَت مقاربة جديدة في تنزيل نظام الدعم الاجتماعي المباشر، وفق مقاربة تنبني على تقديم الدعم المباشر للأسر الراغبة في ذلك، من غير المشمولة حاليا بأنظمة الضمان الاجتماعي، والمستوفية لشروط الاستهداف بعد تسجيلها في السجل الاجتماعي الموحد.
وأفاد عزيز أخنوش أن الدعم الذي ستعرف قيمته تطورا بشكل سنوي لتستقر بحلول سنة 2026 اشتمل على:
– إعانات موجهة للأطفال، تقوم على تقديم دعم مباشر للأسر التي لها أبناء بما في ذلك المتكفل بهم، ويشتمل هذا الصنف على منحة شهرية ودعم تكميلي ومنحة للولادة؛
– إعانة جزافية تقوم على تقديم دعم مباشر للأسر، لاسيما تلك التي توجد في وضعية فقر أو هشاشة أو تعيل أفرادا مسنين؛
– إعانة خاصة تقوم على تقديم دعم للأطفال اليتامى والأطفال المهملين نزلاء مؤسسات الرعاية الاجتماعية.
وذكّر أن الحكومة قد حدَّدت، تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، قيمة دنيا للدعم بالنسبة لكل أسرة مستهدفة، كيفما كانت تركيبتها، لا تقل عن 500 درهم شهريا.
ويهدف هذا الورش إلى تكريس مبادئ التضامن الاجتماعي والعدالة الاجتماعية وتحسين مؤشرات التنمية الاجتماعية والبشرية من خلال تقليص نسب الفقر والهشاشة والحد من الفوارق الاجتماعية، والاستثمار في الطفولة المبكرة، وتحسين الولوج للصحة والتعليم من خلال الحث على تمدرس الأطفال وتشجيع النساء الحوامل على متابعة الفحوصات الطبية خلال فترة الحمل وبعد الولادة. وتوفير الرعاية للفئات الهشة، خصوصا منها الأطفال في وضعية إعاقة، والأسر التي تعيل الأشخاص المسنين.
وكشف رئيس الحكومة، أن تفعيل هذا الورش الوطني الاجتماعي، يكلف ميزانية 25 مليار درهم برسم سنة 2024، ثم 26,5 مليار درهم برسم سنة 2025، ليبلغ 29 مليار درهم بحلول سنة 2026. حيث نجحت الحكومة في توفير الكلفة المالية لهذا الورش الاستراتيجي، ولم تتذرع بالأزمة المركبة والمعقدة التي فرضت على الحكومة تعبئة مجهودات استثنائية للخروج من آثارها.
إلى ذلك، مضى أخنوش إلى التأكيد على أن حكامة منظومة الاستهداف الاجتماعي شكلت إحدى دعامات إصلاح نظام الحماية الاجتماعية، وآلية مبتكرة تروم تحقيق النجاعة والفعالية في استهداف الأسر وتبسيط المساطر وتعزيز عملية الإدماج للولوج إلى برامج الدعم الاجتماعي. وهي المنظومة التي تعتمد على السجل الاجتماعي الموحد ( RSU ) كآلية رئيسية لتحديد المستفيدين من الدعم، حيث بلغ عدد المستفيدين منذ إطلاق منصة التسجيل الإلكترونية www . asd . ma ابتداء من 2 دجنبر 2023 إلى حدود نهاية شهر مارس 2024 ما مجموعه 3,5 مليون أسرة، تضم أكثر من 12 مليون شخص بينهم:
– ما يقارب 5 ملايين طفل، (منهم مليون و200 ألف طفل عمرهم أقل من 5 سنوات)؛
– مليون و400 ألف أسرة ليس لها أطفال تستفيد من المنحة الشهرية الجزافية (500 درهم)؛
– مليون و200 ألف مستفيد تفوق أعمارهم 60 سنة.
وخلُص عزيز أخنوش، إلى أن المغرب أمام ثورة اجتماعية حقيقية، قوامها التضامن والتكافل ودعم الترقي الاجتماعي لفئات واسعة من أبناء وطننا.
دعم السكن.. منظومة مستدامة لضمان الولوج إلى سكن لائق
وفي نفس هذا السياق الاجتماعي الهادف إلى النهوض بوضعية الفئات الهشة والمتوسطة ودعم قدرتها الشرائية وصون كرامتها الإنسانية، فعَّلت الحكومة مطلع السنة الجارية البرنامج الملكي للدعم المباشر لاقتناء السكن الرئيسي.
وأوضح أخنوش أن هذا الدعم يشمل الفئات الاجتماعية ذات الدخل المنخفض والطبقة المتوسطة، لتيسير ولوجها إلى سكن رئيسي يستجيب لتطلعاتها، وهو ما سيمكن من تحسين ظروف عيش حوالي 110.000 أسرة سنويا، بغلاف مالي سنوي قدره 9,5 مليار درهم لمدة السنوات الخمس المقبلة. حيث تم تخصيص مساعدة مالية مباشرة تبلغ 100.000 درهم من أجل اقتناء مسكن يقل ثمن بيعه أو يعادل 300.000 درهم و70.000 درهم لاقتناء مسكن يتراوح ثمنه ما بين 300.000 درهم و700.000 درهم. ويستهدف هذا البرنامج المواطنين المغاربة القاطنين داخل أو خارج أرض الوطن، والذين لم يسبق لهم الاستفادة من أي دعم موجه للسكن.
وأضاف أنه قصد ضمان حكامة تدبير عملية منح الإعانة المالية وشفافية البرنامج وتبسيط الإجراءات والمساطر الخاصة بالاستفادة منه، أطلقت الحكومة منصة رقمية تمكن المستفيدين من التسجيل إلكترونيا ومتابعة ملفاتهم عن بعد. حيث تم إلى غاية 19 فبراير 2024 تسجيل 60 ألفا و 561 طلب، تم قبول % 89 منها في التصفية الأولية، مما يدل على الإقبال المهم للفئات المستهدفة.
وأبرز أنه كان بالإمكان أن تقف الحصيلة المرحلية عند ما حققته الحكومة من إنجازات في مجال الدعم المباشر والتغطية الصحية ودعم السكن، وهي إنجازات كافية للتأكيد على أن هاته الحكومة نجحت في أداء مهامها في فترة زمنية لا تتعدى سنتين ونصف، وخلص إلى “أن ما حصده المواطنات والمواطنون من ثمار لأوراش ملكية بتفعيل حكومي جاد وناجع كاف لكي يكون حصيلة مشرفة لولاية بكاملها وليس لحصيلة مرحلية”، متابعا “ولأنها حكومة بنَفَس إصلاحي متقدم، فإنها لم تقف عند هذا الحد، بل فتحت أوراشا إصلاحية أخرى، سواء في مجال التعليم أو الصحة أو الإدارة أو التشغيل أو العدالة، وغيرها من مجالات النشاط الحكومي”.